رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 29 نوفمبر 2006
العدد 1752

أي عراق سيتركه بوش وراءه؟

                                      

 

·        "مواصلة النهج الراهن" و"استراتيجية الخروج" يقودان الى الفشل

·         لجوء العراقيين الى الميليشيات الطائفية لحمايتهم يدفع البلاد نحو الحرب الأهلية

 

بقلم: روبرت كيغان ووليام كريستول*

السؤال المركزي الذي سيواجه الرئيس جورج دبليو بوش لدى مغادرته البيت الأبيض بعد عامين هو، أي عراق تركه للرئيس الذي سيتولى المسؤولية من بعده؟ هل هو عراق غارق في الفوضى أم عراق يسير على طريق الاستقرار؟ الجواب عن هذا السؤال هو الذي سيحدد كيف ستنظر الأجيال المقبلة للرئيس بوش·

هناك - بالطبع - مسائل خطيرة أخرى ستشغل إدارة بوش على مدى العامين المقبلين كاستمرار الحاجة للدفاع عن الأمريكيين من التهديدات الإرهابية ومحاولات إيران امتلاك الأسلحة النووية واحتواء وإضعاف كورية الشمالية التي تمتلك السلاح النووي والتعامل مع روسيا الآخذة بالتمرد شيئا فشيئا، والتحديات المتعددة التي تمثلها الصين، ولكن تبقى حقيقة أن الرئيس بوش أدخل الأمة في حرب (نعتقد أنه كان مصيبا في ذلك) لإسقاط صدام حسين، وأن النجاح أو الفشل في هذه الحرب سيكون محوريا بالنسبة لإرثه·

ويبدو أن الأمور تسير باتجاه الفشل، وفي الواقع، هذا هو الحال منذ ثلاث سنوات حين قرر مسؤولو البنتاغون غزو العراق بعدد قليل جدا من القوات التي عجزت عن ضمان الاستقرار بعد إقصاء صدام عن السلطة، فتدهور الأوضاع الأمنية في العراق فكانت لذلك انعاكسات سياسية كارثية على كل من العراق والولايات المتحدة·

في العراق، أدت السياسات الأمريكية الى إضعاف ثقة الجمهور العراقي بشكل مضطرد بإرادة أو قدرة الولايات المتحدة على توفير الأمن الذي يحتاجه المواطن العراقي· ولذلك، لجأ العراقيون الى المجموعات الطائفية المسلحة من أجل حمايتهم، وهذا الذي وضع العراق على شفا الحرب الأهلية، وليس الحتمية التاريخية أو الإخفاقات المزعومة للشعب العراقي·

 

إنقاذ ماء الوجه

 

وكان لهذه السياسات أضرارها أيضا في الداخل الأمريكي، لقد كان الرأي العام الأمريكي محقا في الحكم على تعثر خطوات إدارة بوش في العراق، والأسوأ من ذلك اعتقاده أنها ليست ملتزمة بعمل ما هو ضروري من أجل تحقيق النجاح، وما من شك في أن هذا التصوّر لعب دورا كبيرا في هزيمة الجمهوريين في انتخابات التجديد النصفية للكونغرس، والآن، يتطلع الكثير من الأمريكيين الى لجنة تقييم الوضع في العراق برئاسة جيمس بيكر ولي هاملتون باعتبارها فرصة لإنقاذ ماء الوجه وتحقيق الانسحاب من العراق بأسرع وقت ممكن، ولكن هناك من يعتقد أن لجنة بيكر - هاملتون لن تأتي بجديد، وبالتالي ستلقى مصير الكثير من المحاولات السابقة المماثلة لها·

هناك نظرية شعبية تذهب الى أن  احتمال انسحاب القوات الأمريكية سيُجبر العراقيين على التوصل الى التفاهم في ما بينهم، وربما كان ذلك ممكنا قبل ثلاث سنوات حيث لم تصل التجربة الى هذه الدرجة من التصعيد·

وبدلا من السعي لإنقاذ ماء الوجه من الخسارة في العراق، يمكن للرئيس بوش أن يطلب من كبار مستشاريه إعداد استراتيجية للنجاح مثل زيادة عدد القوات الى المستوى الضروري لتحقيق، ولو الحد الأدنى، من الأهداف السياسية·

ويمكن أن يبدأ ذلك بزيادة القوات الأمريكية بمعدل 50 ألف جندي على الأقل، من أجل تنظيف العاصمة بغداد من المسلحين وبسط السيطرة عليها، دون الحاجة الى نقل قوات من أجزاء أخرى من العراق، ويمكن توسيع هذه العمليات لتشمل مناطق التمرد، هذه الاستراتيجية لن تحقق الاستقرار فوراً، لكن يمكنها ضمان الأمن في مناطق وسط العراق ذات الأهمية الحيوية وتوفير أمل حقيقي بإحراز تقدم·

وأما الذين يزعمون أنه لا يوجد مثل هذا العدد من القوات ( 50 ألف جندي) لإرسالها الى العراق، فإنهم مخطئون، ولكن لا بد من الاعتراف أن القوات البرية الأمريكية منتشرة في أماكن كثيرة من العالم وأن هناك حاجة ماسة لزيادة عدد هذه القوات·

 

هراء

 

وإذا اتخذ الرئيس قرارا بزيادة عدد القوات، فإن كثيرا من توصيات بيكر - هاملتون سيكون لها معنى ويمكن أن تلقى دعما شعبيا، ونشاطر اللجنة اعتقادها بضرورة أن تسعى إدارة بوش بشكل فاعل لتبني نهج في العراق يحظى بدعم الجزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، ويتعين على الديمقراطيين الطامحين لخوض السباق على انتخابات الرئاسة عام 2008 أن يرحبوا بأي جهد يُبعد عنهم شبح التعامل مع عراق منهار، إذا فاز في انتخابات الرئاسة، ولكن كثر الحديث بعد انتصار الديمقراطيين في انتخابات الكونغرس الأخيرة، حول استحالة تحقيق النصر في العراق، ولكن هذا مجرد هراء، فالنصر في العراق - هو قبل كل شيء - يمثل أولوية قومية والتخلي عن النصر بسبب فقدان عدد من مقاعد مجلس الشيوخ أو مجلس النواب، هو سلوك غير مسؤول، فالهزيمة التي مُني بها الجمهوريون، تعود بالدرجة الأولى الى غياب الثقة بأن للرئيس بوش استراتيجية لتحقيق النصر في العراق، وليس الى الاعتقاد بأنه لا يخرج من العراق بالسرعة المطلوبة، ولو أوضح الرئيس بوش أن لديه استراتيجية للنجاح، فسوف يحصل على التأييد الشعبي للقيام بما هو ضروري·

وبالنسبة لتوصية اللجنة بإشراك سورية وإيران في البحث عن حلول في العراق، فإن الشكوك تساورنا بأن هاتين الدولتين تريدان المساعدة، كما أن البحث عن مساعدتهما في وقت تخسر فيه الولايات المتحدة الحرب وموقفها التفاوضي في أضعف حالاته، هو شيء، ومحاولة إشراكهما في الجهود الدبلوماسية في وقت نرفع فيه عدد قواتنا في العراق لمحاولة تحسين الوضع الأمني، هو شيء آخر تماما·

وأخيرا، إذا اختار العراقيون لبلادهم نظاما "أقل وحدوية" وأكثر فيدرالية، فلا بأس في ذلك، طالما أن البلاد سادها الاستقرار والسلام، ومع ذلك، فإن عراقا فيدراليا يسوده السلم والاستقرار يتطلب ذات القدر من الالتزام من القوات الأمريكية لحفظ الأمن في عراق موحد·

وأمام الرئيس بوش عامان لقلب الأمور في العراق نحو وضع قابل للحياة ولا يسبب المتاعب للرئيس المقبل، ويجب أن يكون واضحا أن "مواصلة النهج" هو وصفه للفشل، وكذا استراتيجيات الخروج ذات الدوافع السياسية، وهكذا لا يبقى أمام الرئيس سوى خيارين فإما الانسحاب أو عمل ما هو ضروري من أجل النجاح، ونحن على ثقة بأنه يدرك أن المهمة الملقاة على عاتقه هي إيجاد استراتيجية للنجاح·

 

 *روبرت كيغان هو مؤلف كتاب "أمة خطيرة" ووليام كريستول هو رئيس تحرير مجلة ويكلي ستاندارد

 

"عن الفايننشال تايمز"

طباعة  

مشكلات الشرق الأوسط مترابطة ولا حلول منفردة لها
 
حزب الله "أطهر" سلاحاً من الجيش الإسرائيلي