رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 29 نوفمبر 2006
العدد 1752

مشكلات الشرق الأوسط مترابطة ولا حلول منفردة لها

                                            

 

·         يجب التفاوض مع إيران وسورية بالرغم من صعوبة تحقيق مصالح واشنطن وتل أبيب من هذه المفاوضات

·         السياسات الأمريكية عززت موقع طهران الإقليمي

·         إدارة بوش لم تعد تعرف ما الذي تريد تحقيقه في العراق

 

بقلم: أناتول ليفين

الآن، وبعد أن أصبح الديمقراطيون يسيطرون على الكونغرس، لم يعد كافيا أن يقوموا بمهاجمة إدارة بوش لعجزها وتهورها في العراق·

وعليهم أن يأتوا باستراتيجيات جدية ومقنعة من لدنهم، وقد فشلوا في أن يأتوا بها حتى الآن·

فمع موت أي أمل حقيقي في قيام حكومة ديمقراطية أو حتى مركزية فعالة في العراق، لم تعد إدارة بوش تعرف ما الأهداف التي تريد تحقيقها في هذه البلاد، ومن ناحية أخرى، فإن الانسحاب الأمريكي المفاجيء وترك البلاد تغرق في بحر حرب أهلية وفوضى عارمة هو أمر مشين أخلاقيا ويمثل ضربة قاصمة لهيبة الولايات المتحدة في جميع أنحاء العالم·

فالسبيل الوحيد لخروج أمريكي بقليل من الكرامة من العراق دون تصعيد الصراع هناك، هو في طلب المساعدة من دول الجوار·

فهذه الدول لديها القدرة على ضبط المجموعات المتصارعة ولديها مصلحة حيوية في الحيلولة دون الانهيار الكامل للعراق وتشرذمه·

وهذا يعني القيام بخطوات طالما صدرت أصوات فردية من الحزبين الجمهوري والديمقراطي تطالب باتخاذها، ولكن لا تزال كل من إدارة بوش وزعامة الحزب الديمقراطي ترفضانها، ألا وهي فتح مفاوضات مباشرة، ودون شروط مسبقة، مع الإيرانيين والسوريين·

فهم - إضافة الى السعوديين والأتراك - يشكلون حجر الزاوية لتجمع إقليمي يمكنه ممارسة شكل من أشكال الضبط للوضع في العراق بعد انسحاب القوات الأمريكية·

وهذا يعني على الأرجح، القبول بعراق كونفيدرالي كأمر واقع ومقسَّم الى أقاليم مختلفة على أساس إثني وطائفي·

وهو الأمر القائم حاليا، على أية حال·

إن كل الدول المجاورة للعراق تعارض، تقسيمه أو السماح بقيام كيانات كاملة الاستقلال على انقاضه، وعليه، فربما تكون لديها الرغبة والقدرة على تقديم القوات التي تمنع انزلاق العراق الى حرب أهلية شاملة، والإبقاء على بغداد كعاصمة محايدة للبلاد·

فال أحد من جيران العراق يريد حرباً أهلية تهدّد بجرهم اليها، الأمر الذي يهدد السلم والاستقرار الإقليمي· وللولاياتالمتحدة - كذلك - مصلحة حيوية في منع حدوث ذلك، لاسيما بالنظر الى انعكاسات اندلاع مثل هذا الصراع على أسعار النفط وانتشار التطرف الإسلامي·

 

مقايضة كبرى

 

ومن أجل سحب إيران وسورية الى مفاوضات إقليمية، فعلى الولايات المتحدة البدء بعملية مشتركة لبناء الثقة تقود أيضا، الى تقدم في مسائل أخرى بالغة الأهمية، بما فيها برنامج إيران النووي والعلاقات مع حزب الله وإسرائيل وعملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية ومستقبل أفغانستان·

ومن الضروري لأية استراتيجية أمريكية مستقبلية أن تعالج مثل هذه القضايا كقضايا مترابطة وعدم الاستمرار في المهمة العبثية المتمثلة بمحاولة إيجاد حلول لها بصورة منفصلة·

وكما قال الملك عبدالله الثاني مؤخرا، فإنه لا أمل بنجاح طويل الأمد لمشاكل عدم الاستقرار والتطرف الإسلامي دون بحث جدي وحازم عن تسوية عادلة للصراع الإسرائيلي - الفلسطيني·

وهذا لايعني البحث عن "مقايضة كبرى" فورية مع إيران، الأمر الذي يبدو مُستبعدا طالما كان محمود أحمدي نجاد رئيسا لإيران·

بل يعني أن يتحلى الجمهوريون والديمقراطيون بالشجاعة الأدبية لمواجهة بعض الحقائق الواضحة، ومنها أن بعض التصرفات الأمريكية جعلت إيران في موقع إقليمي أقوى من ذي قبل بكثير، وأن محاولات منع إيران من ممارسة نفوذ قوي في كل من العراق وأفغانستان أصبحت الآن، ضربا من المستحيل· وأنه مهما كانت الحقيقة مرّة بالنسبة لنا، إلاّ أن معظم المسلمين يؤيدون سياسة إيران الداعمة "لحزب الله في صراعه مع إسرائيل"·

إن مواصلة الولايات المتحدة - في ظل هذه الظروف - رفض التفاوض المباشر مع إيران يلحق ضررا بالولايات المتحدة أكبر من الضرر الواقع على إيران·

والأهم، أنه يُلحق ضرراً أكبر بكل من العراق وأفغانستان، الدولتان اللتان تقع مسؤوليتهما على كاهل واشنطن، واللتان يعتمد مسار الأحداث فيهما، بشكل كبير، على النوايا الحسنة لطهران·

إن التفاوض مع إيران وسورية يبيح ماء وجه الولايات المتحدة الى حدّ كبير، كما أن أية تسوية نهائية مع هاتين الدولتين لن يلبي طموحات واشنطن أو تل أبيب·

ولكن المسؤولين الأمريكيين المنتخبين بحاجة الى امتلاك الشجاعة ليسألوا أنفسهم الأسئلة الصعبة التالية والتصرف بناء على الإجابات: في ظل ما حدث في العراق، هل لدى الولايات المتحدة أية فرصة لتحقيق أهدافها المعلنة حاليا في ما يتعلق بإيران وسورية؟

إذا كانت الإجابة بـ "لا" فمتى سيكون من الأفضل البحث عن تسوية وسط، اليوم أو خلال عامين، حين يكون آلاف آخرون من الجنود الأمريكيين قد لقوا مصرعهم أو أصبحوا معوّقين جراء الحرب في العراق؟

عن: إنترناشيونال هيرالدتربيون

طباعة  

حزب الله "أطهر" سلاحاً من الجيش الإسرائيلي
 
أي عراق سيتركه بوش وراءه؟