رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 29 نوفمبر 2006
العدد 1752

حزب الله "أطهر" سلاحاً من الجيش الإسرائيلي

                                        

 

·         الانحدار الأخلاقي في الجيش الإسرائيلي بدأ مع عمليات الاغتيال المستهدف

·         قتلنا من المدنيين ثلاثة أضعاف عناصر حزب الله والحزب قتل من العسكريين الإسرائيليين ثلاثة أضعاف المدنيين

·         هناك عشرات الآلاف  من المسلحين في غزة فهل من حقنا إعدامهم جميعا بلا محاكمة؟

 

بقلم جدعون ليفي:

ما يجري في قطاع غزة على يد الجيش الإسرائيلي هو حمام دم فقد قتل العشرات من المدنيين الفلسطينيين خلال أيام دون أن يلقي ذلك أي اهتمام من الرأي العام الإسرائيلي·

وتحدث قائد عسكري لجنوده الذين قتلوا اثني عشر شخصا في بيت حانون في يوم واحد قائلاً لهم: لقد حققتم الفوز بنتيجة 12-صفر هذا الأمر يعتبر مؤشراً على الدرك الأخلاقي الذي انحدر إليه الإسرائيليون حيث أ صبحت حياة الإنسان رخيصة في نظرهم الى هذه الدرجة·

وقد جاء الدليل على ذلك على لسان الميجور جنرال اليعازر شتيرن رئيس إدارة شؤون الموظفين في الجيش الإسرائيلي الذي عادة ما ينطق بالصواب، يقول شتيرن ان حساسية الجيش الإسرائيلي المفرطة تجاه حياة المدنيين قادت الى بعض الإخفاقات في حرب لبنان ويجب ألا يحدث ذلك·

وينبغي أن نوجه الشكر إليه على هذه الصراحة فهؤلاء الذين يشنون مثل هذه الحروب العبثية يجب ألا يسمحوا لأنفسهم ترف إظهار الحساسية تجاه حياة جنودهم ففي الحروب لا يقتل الجنود فقط بل يقتلون أيضا·

ولكن تصريحات الجنرال تنطوي علي بعض النفاق أيضا فهؤلاء الذين قتلوا على مدى عدة أشهر أكثر من ألف لبناني وثلاثمائة فلسطيني لا يمكنهم الحديث عن الحساسية تجاه الحياة الإنسانية وتظهر حقيقة أن الرأي العام لم يخرج في مظاهرات احتجاجية ضد الحرب، إننا وبعد أن فقدنا أية حساسية تجاه حياة الآخرين  بدأنا نفقد تدريجيا الحساسية تجاه حياة أطفالنا الذين قتلوا دون طائل فالازدراء لحياة الإنسان يبدأ بحياة العرب وينتهي بحياة اليهود·

 

انحدار أخلاقي

 

لقد أصبح حديثنا عن "طهر السلاح" مجرد نفاق لقد ألغينا هذا المصطلح من قاموسنا تماماً وذهبت الأيام التي كنا نفخر فيها بالجهود الكبيرة التي نبذلها على العكس من العرب لتفادي قتل المدنيين الأبرياء لقد ذهبت هذه الأيام الى غير رجعة وأصبحنا اليوم نعيش في حقيقة تبعث على الصدمة خاصة بعد حرب لبنان الأخيرة فعلى سبيل المثال، عدد الناس الذي قتلتهم إسرائيل يساوي عشرة أضعاف الناس الذين قتلهم حزب الله ولكن عدد الجنود الذين قتلهم حزب الله يساوي ثلاثة أضعاف المدنيين الإسرائيليين الذين قتلهم حزب الله·

بينما يزيد عدد المدنيين الذين قتلهم الإسرائيليون بأكثر من ثلاثة أضعاف عدد القتلى في صفوف "حزب الله" فأي السلاحين أكثر طهراً؟ لقد أصيب صحافي في جريدة الغارديان اللندنية بالصدمة حين سمع بهذه الأرقام ورأى أنها لم تعرض للنقاش العام·

فالحقبة الراهنة من الانحدار الأخلاقي بدأت بعمليات الاغتيال المستهدف في الأراضي المحتلة فحين بدأت ثار جدل حول مدى قانونية وعدالة هذه العمليات ومع ذلك كانت تلك العمليات محدودة وتقتصر على من كانت تصنفهم أجهزة الأمن الإسرائيلية بأنهم "قنابل موقوتة" لقد تفادت المحكمة العليا في إسرائيل على نحو يتصف  بالجبن اتخاذ موقف من عشرات الالتماسات المقدمة لها بهذا الشأن ومع مرور الزمن ودون أية احتجاجات من الداخل أو الخارج نما مشروع الاغتيالات وتوسع ليصل الى مستويات كارثية·

فخلال الأشهر القليلة الماضية لم يمر يوم واحد تقريبا دون أن يقتل فلسطيني أو أكثر في الضفة الغربية أو قطاع غزة اغتيالا بواسطة الصواريخ التي تطلقها الطائرات الإسرائيلية بطيار أو من دون طيار وبدلا من التساؤل عن أسباب مثل هذه الجرائم يقف رئيس الوزراء الإسرائيلي أمام لجنة الخارجية والأمن التابعة للكنيست ليتفاخر بتصفية "300 إرهابي" خلال أربعة أشهر، وكأن القتل بحد ذاته يمثل إنجازا كبيراً·

 

إعدام بلا محاكمة

 

ولم يسأل أحد عمن يكون هؤلاء القتلى أو ما إذا كانوا يستحقون الموت أم لا، وما الفائدة التي تجنيها إسرائيل من هذا القتل المجاني بالجملة، وبالإضافة الى العدد المخيف من القتلى في صفوف المدنيين ومنهم النساء والأطفال علينا أن نسأل ما إذا كان كل مسلح في غزة - وهناك عشرات الآلاف منهم - يستحق عقوبة الإعدام ودون محاكمة؟ لقد فقدنا حساسيتنا تجاه الحياة الإنسانية منذ اليوم الأول الذي بدأ فيه جيش الدفاع سياسة الاغتيال المستهدف·

لقد ارتكب الجيش الإسرائيلي عمليات قتل وتدمير واسعة في بلدية بيت حانون شمال قطاع غزة بهدف وقف إطلاق صواريخ القسام ولكن زاد عدد الصواريخ التي تطلق على بلدة سيدروت أثناء وجود الدبابات الإسرائيلية في البلدة·

والسؤال المهم الذي يجب طرحه هو كيف غطت الصحافة الإسرائيلية عملية "غيوم الخريف" في غزة وخاصة المجزرة التي وقعت في بيت حانون؟ في صحيفة "معاريف" قد تحتاج الى عدسة مكبرة لترى الخبر·

وينطبق الشيء ذاته على صحيفة "يديعوت أحرونوت" فهاتان الصحيفتان الأوسع انتشارا في إسرائيل تظهران مستوى يثير الاشمئزاز من الاستهتار بالحياة الإنسانية·

والغريب إن عمليات القتل اليومية في غزة لا تسترعي الكثير من الاهتمام لدى الرأى العام الإسرائيلي فعمليات عبثية تستهدف استعادة كرامة الجيش الإسرائيلي المفقودة لا تثير أى جدل حول أهدافها وأخلاقيتها أو فرص نجاحها فلا أحد يتساءل عن مدى الدمار الذي خلقه صاروخ القسام مقارنة بمدى القتل والتدمير الذي يلحق بالمدنيين في غزة·

هذه العمليات العبثية لن توقف صواريخ القسام والتي تهدف الى أن تكون تذكيراً مؤلما لنا ولبقية العالم بالوضع المأساوي الذي يعيشه سكان غزة حيث الحصار والمقاطعة والتجويع وهذا هو الوضع الذي لا يسترعي انتباه أحد لولا صواريخ القسام· إن السبيل لمحاربة صواريخ القسام هو في إنهاء المقاطعة وبدء المفاوضات من أجل التوصل الى اتفاق سلام وإلا فإننا سنواصل انحدارنا الأخلاقي وعدم اكتراثنا بحياتهم الإنسانية الأمر الذي سيتفاقم ليصبح عدم اكتراثا حتى بحياة البشر من الإسرائيليين أيضا وإذا لم تصدقوا اسألوا الجنرال شتيرن!

عن هآرتس

طباعة  

مشكلات الشرق الأوسط مترابطة ولا حلول منفردة لها
 
أي عراق سيتركه بوش وراءه؟