رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 4 اكتوبر 2006
العدد 1745

أظهرت أن لديها بدائل وأن عواقب فشلها ستطال الجميع..
دعوا "حماس" تحكم أو راقبوها تقاتل!

                                        

 

بقلم غاريث إيفانز وروبرت مالي:

منذ قيام مجموعة من المتشددين الفلسطينيين يخطف الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليت في غزة قبل أكثر من شهرين، وكل أطراف هذه الدراما تتصرف وفق نص معد سلفا·

ولأن هذه الأطراف لا تعرف ماذا تفعل، فإنها تتصرف بما تعرف، بالنسبة لحركة حماس، فإن هذا يعني العنف· وبالنسبة لإسرائيل فرض العقوبات الجماعية، وبالنسبة للمجتمع الدولي، عدم تحريك أي ساكن ولا شيء من كل هذا سيقود الى شيء، أو بالأحرى لن يؤدي الى نتيجة إيجابية، فهناك حاجة ماسة كي تعيد كل هذه الأطراف النظر في مواقفها على نحو براغماتي·

والخطوة الأولى هي أن نتوصل الى فهم حول ما له علاقة بهذه الأزمة وماليس له علاقة بها، لقد سارع المحللون الإسرائيليون والغربيون الى الاستنتاج بأن قرار "حماس" استئناف الكفاح المسّلح يعكس انقساما داخليا عميقا، وبأن هذا القرار فرضته قيادة الحركة المتشددة في المنفى والراغبة بالمواجهة من أجل إحراج حكومة "حماس" البراغماتية والحريصة على ضبط النفس، وإذا كانت التوترات داخل حركة حماس هي التي دفعتها الى العنف، فالسبيل الى إنهاء هذا العنف هو - بالتأكيد - عزل الجناح المتطرف في الخارج وممارسة الضغط على قيادات الحركة في الداخل كي ينفصلوا عن قيادات "الخارج"·

هذه التحليلات والسياسات التي بنيت عليها، تُظهر جهلاً يثير الحزن، في كيفية عمل حركة حماس وفي طبيعة قيادتها الحالية· فالخلافات في وجهات النظر قائمة ولكنها أعقد بكثير من مسألة "الداخل" و"الخارج"·

فنشطاء "مجموعة الأزمات الدولية" التي تعمل على منع نشوب الأزمات، يعقدون لقاءات مستمرة مع قادة حماس في الأراضي المحتلة والخارج· ونحن لا نتفق مع إيديولوجيتهم، كما نعارض تكتيكاتهم الإرهابية، ولكننا نستمع إليهم، فعلى مدى الأسابيع القليلة الماضية، سمعنا منهم الكثير من الطروحات التي يمكن تلخيصها في النهاية بالتالي "دعوا حماس تحكم أو راقبوها تقاتل"·

فبعد ثمانية أشهر على فوزها في الانتخابات التشريعية، مازال غير مسموح لحركة حماس أن تحكم· لقد اتخذت الأطراف الفلسطينية، ولاسيما حركة فتح العلمانية الطابع والعربية وإسرائيل والغرب استراتيجية واحدة تجاه الحركة تتمثل في الضغط على حكومة حماس وعزلها وتجفيف مصادرها المالية واللعب على حالة الاستياء الشعبي من ضعف أداء حكومة "حماس"، وبالتالي ضمان انتهاء تجربة الحركة في الحكم بسرعة، وفي هذا السياق، فإن الهجوم على قاعدة "كارين شالوم" العسكرية وخطف الجندي الإسرائيلي، لم يكن ناجما عن فراغ ولا عن انقسامات داخل حركة حماس· بل جاء - بشكل أساسي - من حسابات الإسلاميين بأن عليهم إظهار أن لديهم خيارات أخرى غير السياسات الانتخابية، وأن عواقب فشل حكومتهم ستقع على الجميع·

 

صورة جميلة

وأنه لأمر مفهوم أن تعتقد إسرائيل، في ظل هذه الأجواء المشحونة، أن معاقبة الشعب الفلسطيني بصورة تنتهك القانون الدولي، هو كل ما يمكنها أن تفعله للحفاظ على مصداقيتها في مجال الردع ولدعم تشجيع الفلسطينيين على محاولة خطف جنود آخرين مستقبلاً· ولكن في ما يتعلق بالسبيل لإطلاق الجندي الإسرائيلي المخطوف سالما وتعزيز قوة البراغماتيين الفلسطينيين وعودة وقف إطلاق النار، فإن المرء يأمل، في ظل التجربة وسلسلة الأخطاء، لو كان لدى القادة الإسرائيليين دراية أفضل لما يدور حولهم، ففي المواجهة الراهنة، يتنامى التأييد لحركة حماس وأصبحت الحركة أكثر توحدا وأسكتت الأصوات المنتقدة لها·

إن شيئا من ذلك لا يرسم صورة جميلة، لكنه قد يشير الى السبيل للخروج من الأزمة الراهنة· وإذا كان سيتم التوصل الى أية صفقة، فإن خطوطها العريضة متوقعة، فإسرائيل تريد الهدوء و"حماس" تريد تمكينها من الحكم· ويجب على "حماس" إطلاق الجندي المخطوف وإعادة العمل بالهدنة ووقف كل الميليشيات عن إطلاق الصواريخ، ويجب على إسرائيل إنهاء عمليات مداهمة واقتحام غزة، والتوقف عن الاستخدام المفرط للقوة في الأراضي المحتلة وإطلاق الوزراء والبرلمانيين الذين اعتقلتهم إسرائيل مؤخرا، فضلا عن السجناء الفلسطينيين الذين لم تصدر بحقهم أحكام إدانة، والتوصل الى مثل هذا الاتفاق سوف يتطلب وساطة فاعلة وقوية من طرف ثالث، وهو الأمر الذي لم يحدث حتى الآن·

ولكن لن يصمد الهدوء بين إسرائيل والفلسطينيين إذا استمرت المقاطعة الدولية للحكومة الفلسطينية، بل إن هذه المقاطعة قد تؤدي الى تدهور شامل في الأوضاع·

فالاتفاق الذي تم التوصل إليه مؤخرا بين حركتي "فتح" و"حماس" والقاضي بتشكيل حكومة وحدة وطنية وتفويض الرئيس الفلسطيني محمود عباس كمسؤول عن المفاوضات مع إسرائيل، لا يضيف الكثير بالنسبة للشروط التي وضعتها اللجنة الرباعية للسلام في الشرق الأوسط في معاملة الحكومة الحالية كما عاملت الحكومة السابقة، ولكن مع أنها غير كافية، إلاّ أن مثل هذه التطورات تمثل "حركة" ما، وبالنظر الى الطبيعة الملحّة للوضع الراهن، فإن هذه "الحركة" يجب أن تدفع الأوروبيين، على الأقل، لإعادة النظر في مواقفهم، ودراسة توسيع آلية التمويل الخاصة بهم لتشمل تغطية رواتب موظفي السلطة الفلسطينية وقطاع الأمن ذي الأهمية البالغة·

لقد ساد إجماع غربي منذ الانتخابات الفلسطينية في شهر يناير 2006 على مقاطعة حكومة حركة حماس مالم تغير إيديولوجيتها بشكل جذري، وهذا موقف مفهوم ويمكن الدفاع عنه حتى تجد نفسك في وضع تطالب فيه الحركة بإنهاء العنف أو إطلاق الجندي الإسرائيلي المختطف، فحينذاك لابد من التفاوض معها·

إن التوصل الى مثل هذه التسوية ليس بالأمر المؤكد، لكن نتائج الفشل معروفة ومؤكدة، وسبق لنا أن رأيناها· وأقل ما يقال فيها أنها مثبطة للهمم ومثيرة للإحباط·

عن: فيننشال تايمز

طباعة  

الجانب الآخر عن الجدار..
 
في تقرير لـ 16 جهاز مخابرات أمريكياً..
الحرب على العراق غذت الإرهاب الأصولي