رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 4 اكتوبر 2006
العدد 1745

الجانب الآخر عن الجدار..

                                       

 

·         هل يكتفي الأمريكيون بمنظور ضيق تجاه هجرات الشعوب الفقيرة؟

·        الهجرة مشكلة تنمية وحقوق  إنسانية.. وتعاون دولي

 

ماري روبنسون*:

أمضى أعضاء من الكونغرس الأمريكي الصيف متجولين في الولايات المتحدة في ما أطلقوا عليه محاولة لإيجاد أرضية مشتركة لخيارات متعددة تدور حول حل مشكلات نظام الهجرة الأمريكي الذي يعاني من الثغرات، وجاءت هذه الجولة من منطلق أن الحديث مع الأمريكيين قد يساعد المشرعين على جس نبض الناخبين حول قضية انتخابية يثور حولها خلاف حاد· ولكن هذه الجولة لم تضف إلا القليل الى فهم الكونغرس والرأي العام الأميركي، للقوى الأوسع التي تقف وراء الهجرة المعاصرة، وللنقاشات التي تدور حولها في أنحاء العالم والدروس المستفادة منها·

ومن جانبها لم تقدم وسائط الإعلام وأخبارها الكثير أيضا من المساعدة في رفع مستوى النقاش·

وقد كشفت مراجعة مساهمات التحرير في 150 صحيفة طيلة الأشهر الثمانية الأولى من العام 2006 حول موضوع إصلاح نظام الهجرة أن 9 صحف منها فقط منحت أهمية جادة للعوامل الاقتصادية والاجتماعية المتعددة التي تفعل فعلها اليوم في موضوع الهجرة، ولم تطالب سوى 4 صحف بزيادة جهود الولايات المتحدة الأمريكية في مضمار العمل مع جيرانها الجنوبيين على تعزيز النمو الاقتصادي والاجتماعي في المنطقة·

ومع ذلك فإن غالبية الخبراء والأمريكيين يتفقون على أن زيادة التعاون يكتسب معنى سياسي واقتصادي على المدى الطويل أفضل من صرف بلايين الدولارات على جدار "أمني" على طول الحدود المكسيكية - الأمريكية للسيطرة على تدفق الأمواج البشرية الباحثة عن عمل·

فهل سيواصل القادة السياسيون الأمريكيون ووسائط الإعلام وأوساط الرأي العام، في الطريق الى الانتخابات النصفية في نوفمبر، نقاشهم المحصور داخليا حول إصلاح نظام الهجرة؟ أم أنهم بدلا من ذلك سيبدأون بالنظر الى حركة الناس المتزايدة عبر الحدود الوطنية كجزء من تحد أوسع للتطور في عالم مترابط؟ في هذا الأسبوع ستكون لدى الولايات المتحدة الأمريكية والبلدان الأخرى فرصة للتعرف على تحدي الهجرة عبر عدسات عالمية، فالأمم المتحدة ستعقد للمرة الأولى دورة خاصة موضوعها الهجرة والتنمية على صعيد دولي، وستنظر في توصيات تم تقديمها في السنة الماضية من قبل اللجنة العالمية الخاصة بالهجرة الدولية، وفي تقرير أخير للأمين العام للأمم المتحدة كوفي آنان·

الحقيقة هي أن الأمريكيين لن يكون في مقدورهم تناول موضوع الهجرة تناولا فعالا في العقود القادمة، من دون حوار وتعاون مع البلدان الأخرى· هناك حاجة لجهود متناسقة وإحساس أكبر بالمسؤولية المشتركة للتعامل مع عناصر الدفع والجذب التي تجعل الناس يتخذون قرارا صعبا بمغادرة أوطانهم بحثا عن حياة أفضل، وقد بدأ هذا الفهم يتخذ حيزا في تفكير القادة الأوروبيين، فبعد سنوات من معارضة لسياسة مشتركة تجاه الهجرة، وشهور من تنامي القلق من ارتفاع أعداد الإفريقيين الساعين الى دخول البلدان الأوروبية هربا من الجوع والنزاعات في بلدانهم، بدأ مؤتمر وزاري أوروبي - إفريقي حول الهجرة والتنمية في الرباط (المغرب) بمعالجة موضوع الهجرة بأسلوب متسق ومتلاحم·

وجاء المؤتمر مؤشرا على أنه لأول مرة يناقش فيها الاتحاد الأوروبي جماعيا مسألة الهجرة والقضايا المتعلقة بها مع حكومات وسط وغربي إفريقيا·

وقد اتفقت الحكومات المشاركة على تعزيز التعاون في إدارة الهجرة الاقتصادية الشرعية، وتسهيل حركة العمال الموسميين، وتعزيز التنمية الإفريقية وتنسيق السيطرة على الحدود الوطنية، ومساعدة ضحايا عمليات تهريب المهاجرين·

ومع أن الوقت لا زال مبكرا لمعرفة ما إذا كان مؤتمرا واحدا سيأتي بنتائج ملموسة، إلا أن الواضح من هذا المؤتمر أن القادة السياسيين الأوروبيين يتزايد شعورهم بأن الواقع القائم لا يمكن الدفاع عنه، وقد حان الوقت، بالنسبة للولايات المتحدة الأمريكية، للقيام بمبادرة مماثلة مع جيرانها في أمريكا الوسطى، مبادرة تعترف بأن الهجرة مرتبطة بالتنمية وإقرار حقوق الإنسان الأساسية، وفي هذه الحالة فإن الولايات المتحدة لن تكون قد بدأت من فراغ·

فالرئيس جورج بوش يمكن أن يبدأ بإحياء التعاون على قاعدة واسعة مع المكسيك، ذلك التعاون الذي تعهد به قبل أن تحول أحداث 11 سبتمبر المأساوية تركيز السياسة الخارجية الأمريكية الى محاربة الإرهاب·

إن اقتراحا بحوار إقليمي من هذا النوع مطروح سلفا بفضل لقاء أخير نظمته الحكومة المكسيكية بالتعاون مع "عملية هلسنكي حول العولمة والديمقراطية"، وفي هذا اللقاء انضم ممثلون حكوميون من جوايتمالا والسلفادور والإكوادور وجمهورية الدومينكان الى نظرائهم الأوروبيين والأفارقة في العاصمة المكسيكية لاستكشاف كيف يمكن أن تفيد الشراكة الثنائية والإقليمية البلدان والمهاجرين على حد سواء، ومن سوء الحظ أن الحكومة الأمريكية لم ترسل حتى ممثلين الى المؤتمر ربما لا ينتج عن اجتماع الأمم المتحدة في هذا الأسبوع شيئا يتجاوز بيانا عاما بدعم الجهود المتزايدة لمعالجة مسائل الهجرة والتنمية بأسلوب أكثر تماسكا· إلا أن هذا الاجتماع يقدم للولايات المتحدة الأمريكية والبلدان الرئيسية الأخرى فرصة لتبدأ الحديث عن واقع الهجرة، الهجرة كظاهرة إقليمية وعالمية، والهجرة كتحد لمسؤولية مشتركة ومصالح مشتركة بين حكومات الشمال والجنوب، والهجرة كعنصر جوهري في معالجة الأمن الإنساني، والتنمية الإنسانية وحقوق الإنسان في القرن الحادي والعشرين·

 

* ماري روبنسون رئيسة سابقة لإيرلندا، ورئيسية سابقة لهىئة حقوق الإنسان العليا التابعة للأمم المتحدة، وترأس حاليا "تطبيق الحقوق: البادرة العالمية الأخلاقية"·

(عن الهيرالدتريبيون)

طباعة  

أظهرت أن لديها بدائل وأن عواقب فشلها ستطال الجميع..
دعوا "حماس" تحكم أو راقبوها تقاتل!

 
في تقرير لـ 16 جهاز مخابرات أمريكياً..
الحرب على العراق غذت الإرهاب الأصولي