رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 مايو 2006
العدد 1726

اللوبي الأمريكي المؤيد لإسرائيل يمنع الأمريكيين من سماع صوت راكيل كوري(3-3)
مسرحية أكثر سخونة من أن تطيقها نيويورك

فيليب رايس:*

 

اليمين يشوش الوقائع

 

مع مرور الوقت قمت بزيارة ورشة نيويورك، في غمار أسبوع من النقاشات الخلافية، فوجدتها مؤسسة مجروحة، قالت لي "ليندا تشابمان" مساعد المدير الفني التي وقعت على عريضة "جروت" أنها لا تستطيع الحديث معي عن القضية، لأن أي تصريح أصبح "رمالا متحركة" فالورشة وضعت على موقعها على شبكة الإنترنت بيانا غامضا استهدف شرح موقفهاو ثم عادت وأزالته· وكان أكثر عشاق المسرح طالب بأن يتقدم خصوم المسرحية ويطلبوا تصريحاً من "توني كوشنر" الذي أخرج مسرحيات في وشة نيويورك، واضعاً صورته كما لو كان مجرم حرب في موقعه على الإنترنت·

في لقاء مع صحيفة "ذي نيشن" (الأمة) قال "كوشنر" إنه كان ملتزما بالهدوء بسبب استنفاد طاقته في الجدل المحيط بفيلم "ميونخ" الذي كتب له السيناريو، ولأنه ظل يأمل اتخاذ قرار صائب· وقال إن "نيقولا" شخصية عظيمة في المسرح الأمريكي: "إن مسرحه هو واحد من مسرح أو اثنين من أكثر المسارح أهمية في هذه المنطقة·· منخرط في السياسة، لا يساوم ولا يخاف، وهو ذو مهنية عالية"· وفي ظل عدم توصله الى جواب واضح على سؤال لماذا ألغى نيقولا عرض المسرحية، نسب الأمر الى الهلع· فنيقولا لم يعرف ما الذي هو في سبيله الى الانغمار فيه، ولم يع ربما لاحقا حجم المعارضة لكوري هنا، وحجم التشويش الذي خلقه اليمين حول الوقائع، وشعر "نيقولا" أنه مأخوذ الى "شجار مروع كبير بالفعل وليس الى مسرحية"·

ومع ذلك، فإن قرار المسرح كما قال "كوشنر" خلق وضعية "شنيعة" لأن حظر مسرحية بسبب تناولها لقضايا فلسطينية - إسرائيلية ليس صائبا في كل الأحوال"،·

وفي وسط كل هذا ظهر المسرح اللندني، البلاط الملكي، مثل وردة تنشر أريجها· فقد أعلن بلهجة منتصرة أنه سينقل عرض المملثة "ميجان دودس" الى حي ويست ايند، وهو الحي اللندني المسرحي الذي يكافىء برودواي، وأن المسرحية لن تصل الى نيويورك إلا في الخريف القادم·

الذي وقعوا على عريضة "جروت" (حوالي 519) يريدون أن يقام العرض في ورشة نيويورك، التي خرجت ببيان آخر حول هذه القضية، أصدرته بمناسبة ذكرى موت "راكيل كوري"، وقال نيقولا في هذا البيان: "لا يمكنني القول إلا إننا حاولنا فعل ما نستطيع لجعل صوت "راكيل" مسموعا" ربما كان الجرح أعمق من أن يشفيه هذا المرهم، وكما قال "جورج هونكا" أحد أصحاب المواقع المسرحية على الإنترنت، "فهذه قضية أكثر أهمية من أن يجعلها أيا كان قضية ورق صحف مرة أخرى··· إنها صورة نادرة استثنائية للطرق التي تتخذ فيها مؤسسات نيويورك الثقافية قراراتها حول ما يجب إنتاجه وعرضه"·

ولم يستخدم "هونكا" كلمة "يهودي" ولكن "جين مارلو" فعلت· تقول هذه الناشطة اليهودية العاملة مع مؤسسة "سيوف راكيل" (Rachelsuords.org) التي قدمت في عرض مسرحي قراءات لكلمات كوري في 22 مارس بحضور أسرة كوري، "لا أريد القول إن الأوساط اليهودية متناغمة كليا· ليس كذلك· ولكن بين الكثير من الأمريكيين اليهود التقدميين جدا، والذي يقاتلون بشدة دفاعا عن القضايا الاجتماعية العادلة، هناك رد فعل انعكاسي يرج  ركبهم يحدث حول القضايا ذات الصلة بإسرائيل"·

 

ابحثوا عن المال

 

التساؤلات حول ضغط من القادة اليهود تشكلت فوراً وتحولت الى أسئلة عن التمويل، وتخمن "إيلين ستيوارت" المديرة الأسطورية لجماعة مسرحية لا يبعد مقرها كثيرا عن موقع ورشة نيويورك "بأن المتاعب بدأت مع مجلس الإدارة "الثري جدا"· وطالب والد راكيل، "كريج كوري" على وقع هذا التخمين بالتحقيق: "أجروا تحقيقا، اذهبوا الى مصدر المال"·

وهاتفتُ ستة من أعضاء مجلس الإدارة ولم اتلق جوابا (وظهر أن ثلثهم يهود مثلما أنني يهودي)· هذه بالطبع تهمة· وحذرت الكاتبة "إليسا سولمون، التي روعها تأجيل العرض، قائلة: "هنالك شيء ذو صلة بالمألوف تماما حول صورة اليهود كأشخاص يحركون الدمى بالخيوط من وراء الستار"·

ربما هذا صحيح، ولكن بيان نيقولا حول قناة خلفية للقادة اليهود يوحي بوجود لوبي ثقافي يماثل اللوبي المتبجح المؤيد لإسرائيل في مراكز البحث والكونغرس· وأشك إن كنا سنعرف ما إذا جاء قرار الورش من داخلها كما هي قناعة "كوشنر"، أو أنه قرار موجه من الخارج كما أعتقد·

إن ما تظهر هذه الحادثة هو مناخ من الخوف· ليس الخوف من أذى جسدي، بل هو الخوف من فقدان الفرص· تقول والدة كوري "سندي كوري": "الصمت ناتج عن الخوف والترهيب· ولا أرى أن هناك شيئا آخر· وهو صمت لا يؤذي الفلسطينيين فقط، بل وأعتقد من أعماقي، أنه يؤذي الإسرائيليين ويؤذينا"·

"كرشنر" يوافقها على هذا· يقول، بعد أن قضى خمسة أشهر مدافعاً عن فيلم "ميونخ" إن للخوف مصدرين: "هناك آلة هجوم منظمة تنظيما عاليا ستطاردك إذا عبرت عن أي نوع من رفض للسياسات الإسرائيلية، والمصدر الثاني أنه ليس أمرا سارا أن تدخل في مماحكات لفظية، هذه ليست مجرد قضية صراخ احتجاج  على بعض الشواذ، بل هي كتاب أعمدة صحف لهم وزنهم، "هؤلاء المهاجمون يفرضون عليك امتحانا في الأبجدية: قبل أن تدلي بصوت أخلاقي حول حقوق الفلسطينيين، يجب أن تكون قادرا على ترديد ملايين الوقائع المزعزعة، مثل، كم كانت نسبة الإرهابين خارج الخط الأخضر في العام 1949، ثم هناك الخوف النابع من الذات من أنك تساند المعادين للسامية، أو أولئك الذين سيدمرون إسرائيل"·

إجمالاً، كما يقول "كوشنر": "وهذا يمكن أن يترك الإنسان مغلوبا على أمره ومحبطاً، فتشعر كما لو أن عليك فقط أن لا تقول شيئا"·

من سيخبر الأمريكيين بقصة الشرق الأوسط؟ لقد ظلت هذه القصة طيلة أجيال هي قصة واحدة عن الإسرائيليين بوصفهم ضحايا، وكان أمرا حاسما بالنسبة للسياسة الإسرائيلية، أن تظل إسرائيل قادرة على تحدي آراء جيرانها، بالاعتماد على قوة عظمى متعاطفة· لقد خشي أنصار إسرائيل دائما أن نصبح أكثر حيادية وإنصافا في مقاربتنا للشرق الأوسط، لو بدأ الأمريكيون بإدارة النقاش الصريح للقضايا مثلما يحدث في تل أبيب· إن الضغط هو ذلك الذي خنق مسرحية تصور الفلسطينيين كضحايا (وتسدل الستار على فيلم (ميونخ) الذي يصور كلا الجانبين كضحايا·

لم يسبق لي أن كتبت هذا من قبل أبدا· فكم هو مؤثر أن توفر لنا هذه الحرية الشابة ذات الثلاثة والعشرين ربيعاً ذات المواهب الأدبية التي لم تُمنح فرصة التعبير عنها بتمامها·

 

* عن "ذي نيشن" (الامة) الأمريكية، 3 أبريل 2006

طباعة  

قراءة
 
إصدار
 
هذا المساء
 
زلزلها رحيله المفاجئ
حركة "شعراء العالم" في الشيلي تؤبن الشاعر كمال سبتي