رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 21 مارس 2007
العدد 1766

سورية وإيران حالتان مختلفتان وعلينا التمييز بالتعامل معهما
تقسيم العراق فتح الباب لصراع إقليمي واسع

 

 

·         الانسحاب الأمريكي المبكر ستكون انعكاساته كارثية على المنطقة

·        أفعال أمريكا هي التي خلقت الراديكالية وعليها  عدم التخلي عن حلفائها العرب في  مواجهتها

 

بقلم: برينت سكوكروفت:

صدر تقرير مجموعة دراسة العراق وسط بحر من التوقعات غير المتوقعة ومن المؤكد أنه احبط الآمال برسم نهج واضح للتعامل مع المأزق العراقي وذلك لأنه لا يوجد حل "الرصاصة الفضية" للصعوبات التي تواجهنا في العراق·

ولكن التقرير أنجز الكثير فقد كانت حصيلة أفضل العقول الأمريكية من الحزبين وحدد وبوضوح ودقة العناصر الرئيسية لمعالجة الوضع العراقي، وقد ساعد التقرير بذلك في تصحيح الحوار الدائر حول السياسة الأمريكية في العراق وتوضيح الخيارات المتاحة أمامنا·

وفوق كل ذلك يؤكد التقرير على أهمية التركيز على  المصالح القومية للولايات المتحدة ليس في العراق فحسب بل في المنطقة كلها ومع ذلك فإن التقرير الذي يصف الوضع في العراق بأنه خطير وآخذ في التدهور لا يركز على النتائج المحتملة لهذا التحليل ويلمح التقرير الى أنه إذا لم يبد العراقيون القدرة أو الرغبة للاضطلاع بالدور المطلوب منهم فلن يبقى أمامنا من خيار سوى الانسحاب وإلقاء اللائمة عن ذلك على إخفاقات العراقيين ويتوقف التقرير عند هذا الحد·

إن أي انسحاب أمريكي قبل أن يتمكن العراق من حكم نفسه والدفاع عن نفسه على حد تعبير الرئيس بوش سيمثل هزيمة استراتيجية للمصالح الأمريكية وهو ما ستكون له انعكاسات كارثية على المنطقة وأبعد منها وهذا سيؤدي الى تعزيز موقع خصوم وإضعاف أصدقائنا بشكل كبير·

 

حياد

 

وسوف تستغل إيران انسحابنا بتوسيع نفوذها من خلال "حزب الله" و"حماس" في سورية ولبنان والمناطق الفلسطينية والأردن وسيشعر أصدقاؤنا العرب وهم محقون في ذلك أننا تخلينا عنهم وتركناهم يواجهون وحدهم الراديكالية التي اججتها الأفعال الأمريكية في المنطقة والتي قد تشكل تهديداً خطيراً لحكوماتهم·

ولن تقتصر الآثار على العراق والشرق الأوسط فمصادر الطاقة وطرق نقلها التي تشكل أهمية حيوية للاقتصاد العالمي ستتعرض لخطر متزايد، وسوف تقوى شوكة الإرهابيين والمتطرفين وسيسود الاعتقاد في جميع أنحاء العالم بأن الولايات المتحدة فقدت تصميمها ولم تعد تعتبر حليفا أو صديقا يمكن الاعتماد عليه أو ضامنا موثوقاً به للسلام والاستقرار في هذه المنطقة الحيوية من العالم·

ومن أجل تفادي مثل هذه الانعكاسات الخطيرة ُفإننا بحاجة الي تأمين تأييد دول المنطقة ذاتها إي من مصلحة هذه الدول أن تقدم مثل هذا التأييد تماما كما فعلت في حرب الخليج عام 1991 ولكن لسوء الحظ أخذت الكثير من الدول في السنوات الأخير تجد أن من الخطر التحالف مع الولايات المتحدة واتخذ معظمها قراراً بالوقوف على الحياد·

إن العمل الجاد من أجل استئناف الجهود لحل الصراع الإسرئيلي الفلسطيني سيغير بشكل جوهري ديناميات المنطقة والحسابات الاستراتيجية لزعماء رئيسيين فيها·

فإحراز تقدم حقيقي في هذا الميدان سيضع إيران في موقع دفاعي، وسيفقد "حزب الله" و"حماس" المبدأ الأساسي الذي يجندان الأنصار من أجله، وسوف يصبح حلفاء الولايات المتحدة مثل مصر والممكلة العربية السعودية ودول الخليج أكثر حرية في المساعدة في العمل من أجل استتباب الاستقرار في العراق، وسوف ترى دول المنطقة في العراق أخيراً حجر الأساس في ضبط استقرار المنطقة·

ويتوق القادة العرب الآن الى حل الصراع العربي الإسرائيلي الذي مضى عليه أكثر من خمسين عاما، وقد يشاركهم رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود اولمرت هذه الرغبة، إذا لا يمكن ضمان استقرار بلاده، في المدى الطويل الا بحل هذا الصراع مرة واحدة والى الأبد، ولكن الرئيس الأمريكي هو الوحيد القادر على جمع الطرفين على طاولة المفاوضات·

إن استئناف عملية السلام الإسرائيلية - الفلسطينية لا يعني بالضرورة فرض تقديم تنازلات من إسرائيل أو حمل الفلسطينيين على الاستسلام فمعظم عناصر التسوية تم الاتفاق عليها بين الجانبين بالفعل نتيجة لمفاوضات عام 2000 وخطة "خارطة الطريق" لعام 2002 والمطلوب الآن استدعاء إدارة القادة العرب والإسرائيليين مع أخذ رئيس أمريكي حازم زمام المبادرة·

وبالنسبة لسورية وإيران يجب ألا نخشى فتح قنوات الاتصال معهما ولكن علينا عدم التسرع في إشراكهما في المفاوضات، وبالإضافة الى ذلك فإن هاتين الدولتين لهما مصالح مختلفة وكذا توقعات ونقاط تأثير وعلينا عدم التعامل معهما كحالة واحدة فسورية لا يمكنها الشعور بالارتياح إذا حشرت في الزاوية وحيدة مع إيران وبالتالي من الممكن إبعادها عن المواقف الإيرانية·

ولدى سورية أيضا الكثير لتجنيه من التسوية مع إسرائيل ولديها الكثير من المشكلات الداخلية التي قد تصبح أكثر قدرة على التغلب عليها في حال توصلت الى سلام مع الدولة العبرية، فإذا تمكنا من إحراز تقدم على المسار الفلسطيني قبل إشراك سورية في عملية السلام فإن ذلك يخفف من أعباء المفاوضات على إسرائيل ويشكل حافز لدمشق للدخول في مفاوضات جدية·

 

صراع إقليمي

 

أما إيران فهي حالة مختلفة فقد يكون من غير الحكمة أن ندمج إيران في الاستراتيجية الإقليمية منذ البداية وينبغي التعاطي مع المسألة النووية كمسار منفصل ففي خضم مشاعر النشوة التي تعيشها طهران حاليا ليس لها مصلحة الآن في تسهيل الأمور علينا ومع ذلك فإذا أظهرنا تصميما وإذا أصبحت دول المنطقة الأخرى أكثر انخراطا في جهود استتاب الاستقرار في العراق، فقد تتولد لدى الإيرانيين الرغبة في التفاوض الجدي·

وفي حال بدأت المفاوضات العربية - الإسرائيلية علينا اتخاذ بعض المبادرات السياسية في العراق التي تشجع جهود المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية ومن الخيارات الأخرى المقترحة مثل "حل الـ 80 في المائة" الذي يستثني السنة أو تقسيم البلاد الى ثلاثة أجزاء فهي ليست منسجمة مع جهود المصالحة فحسب بل إنها على الأرجح ستمهد الطريق لصراع إقليمي أوسع ولذا علينا تفاديها·

 

زيادة عشوائية

 

يجب البدء تدريجياً في إعادة نشر القوات الأمريكية بشكل يجعلها بعيدة عن التدخل في الصراع الطائفي، فهذه مهمة منوطة بالقوات العراقية بصرف النظر عن مدى ضعف استعداداتها ويجب حصر مهمة قواتنا على تدريب الجيش العراقي وتوفير الدعم والإسناد له ومحاربة المتمردين ومنع التدخلات الأجنبية والمساعدة في حماية مشاريع البنية التحتية الرئيسية·

وهذا لا يعني أن علنيا تخفيض عدد القوات الأمريكية في العراق، بل في الواقع يجب زيادة هذه القوات في الأمد الطويل، على أن أية زيادة يجب أن تكون موجهة نحو تحقيق مهام محددة أما الزيادة العشوائية في عدد القوات فإنها لن تغير الوضع القائم وبالتالي،  قد تؤدي الى زيادة المطالب بسحب هذه القوات، ولكن النقطة المركزية هي أن سحب القوات المقاتلة يجب ألا يكون هدفا سياسياً بل على العكس يجب أن يكون نتيجة للتغيرات في استراتيجيتنا ولنجاح جهودنا·

وعلينا ونحن نتعامل مع هذه المشكلة المعقدة في العراق علينا أن نتذكر دائما أن هذه ليست مسألة مثيرة للمتاعب يمكننا نفض أيدينا منها ببساطة إذا بدا لنا أن ثمن البقاء سيكون باهظا، فالخطر لا يتوقف على العراق أو استقرار منطقة الشرق الأوسط فقط بل يشمل نظرة العالم الى الولايات المتحدة كشريك في هذا العالم المضطرب·

ولا يسع الولايات المتحدة أبداً أن تفشل في الاختبار·

 

* مستشار الأمن القومي في عهد الرئيس جيرالد فورد وجورج بوش الأب ويشغل الآن منصب رئيس منتدى السياسات الدولية في واشنطن·

عن نيويورك تايمز

طباعة  

خمسة جنرالات يهددون بالاستقالة إذا أمر بوش بمهاجمة إيران