رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 7 مارس 2007
العدد 1764

نعاني وضعاً صعباً وننفق على النشر من مدخولاتنا الخاصة
الربيعان: تخالجني دمعة حين أرى كتبي تباع في بسطات سوق الجمعة

                                                               

 

·       توالت الحروب على المنطقة فبدأت مأساة الكتاب

·         زادت مصروفات الدفاع والعسكر فتقلصت ميزانية الثقافة

·         المكتبة خدمت الثقافة ودعمت النظام الديمقراطي في الكويت

·       تنتعش صناعة الكتاب إذا عادت الحياة الى طبيعتها في العراق

 

حاوره آدم يوسف:

تناقلت صحافتنا المحلية مؤخراً خبراً عن إغلاق مكتبة الربيعان وتصفية جميع محتوياتها من الكتب والمؤلفات في تحرك أشبه بالمزاد العلني·

وقد شكل الخبر صدمة لكثير من محبي الكتاب ومتابعي حركة النشر، مما حدا بالكاتب الزميل أحمد الديين أن يطلق عبارة "جرس الإنذار" وهو جرس ينبه جميع النائمين والغافلين فمن يدرك تاريخ مكتبة الربيعان الذي يمتد لأكثر من ثلاثين عاما وعطاءاتها المتنوعة في الثقافة والفكر والفلسفة·

لا يتوقع لها هذه النهاية التي أقل ما يقال عنها أنها مؤسفة ومؤلمة في ذات الوقت·

التقينا في هذه المساحة صاحب دار النشر ومديرها يحيى الربيعان الذي تحدث إلينا عن أسباب إغلاق المكتبة والصعوبات التي تواجه صناعة الكتاب في الكويت وقال: لقد بدأت المأساة منذ حرب الخليج الأولى والثانية وحين قلصت الحكومة من الميزانية المخصصة للثقافة لصالح وزارة الدفاع مما اضطر الناشرين الى أن ينفقوا على النشر من مدخولاتهم الخاصة وهي عملية مرهقة ومضنية لافتا الى أن دور النشر الأخرى التي لا تزال صامدة مثل مكتبة دار العروبة ودار قرطاس تعانيان الظروف القاسية ذاتها  وفيمايلي تفاصيل الحوار:

 

·    بعد سنوات طويلة من العمل في مجال الفكر ونشر الثقافة والكتاب أليس هذا القرار الصعب مفاجئاً للكثير من الناس؟

- هذا القرار ليس جديداً ولا مفاجئا كان الأمر يلج في نفسي منذ عشرة أعوام تقريبا،والمأساة بدأت منذ السبعينات حين رأينا الأبواب تقفل وآبار الثقافة تُطمر في جميع دول مجلس التعاون وتحديدا دولة الكويت، وكانت قمة المأساة تتمثل في عدوان العراق على الكويت وما تبعها من حروب وتوترات في لبنان والعراق وهذا الأمر بطبيعة الحال جعل الحكومة تحد وتقلل من الميزانية المخصصة للثقافة لصالح مصروفات وزارة الدفاع، وحين نذكر الميزانية المخصصة للثقافة لا نقصد الكتاب فقط وإنما الأمر ينطبق على فنون الثقافة الأخرى مثل الفن التشكيلي والموسيقى وبعض الفنون الإنسانية الأخرى·

وإهمال الحكومة أو تخليها عن نشر الكتاب ودعمه يؤثر سلباً على صناعة النشر بوجه عام لأن الحكومة لها أكبر الأثر من خلال مدارسها ومؤسساتها المعرفية العامة·

 

·    كيف كان يتشكل هذا الدعم الحكومي؟

- كان يتشكل من خلال مشترياتها من الناشرين فقد كانت إيرادات دور النشر تعتمد على الحكومة الى حد يقارب 70% كان هذا الأمر في السبعينات ولكننا حين دخلنا الى عقد الثمانينات وتوالت الحروب على منطقة الخليج انخفضت هذه النسبة من الدعم الحكومي حتى وصلت الى %30 وهذا الأمر نشهده بجلاء حين ننظر الى المكتبات المدرسية فهي مهملة ويعلوها الغبار، وكذلك المكتبات الخاصة بالمؤسسات الحكومية أغلقت جميعها، وفي ضوء هذه المعطيات ومجمل التردي الثقافي وجدنا في مكتبة الربيعان أن الوارد من بيع الكتب ونشرها لا يكفي حتى لمصاريف المكتبة، فبدأت أصرف على المكتبة من مواردي الخاصة وكانت هذه المسألة مضنية ومجهدة لي من الناحية المادية، مما دفعني الى إغلاق المكتبة وإقفالها كما علم الجميع·

 

نقابة الناشرين

 

·    طرحت في فترات سابقة فكرة عن تأسيس نقابة للناشرين، ثم أجهض المشروع ولم يتحقق منه شيء، ما الأسباب في رأيك؟

- في ظني أن مسألة عدم وجود اتحاد للناشرين الكويتيين يتواصل مع اتحادات النشر الأخرى يرجع الى تدهور الثقافة في الكويت وتراجعها، والمؤسف أن الحكومة في الكويت لا تقيم للعمل الثقافي وزنا ونحن حين تقدمنا بطلب لتأسيس اتحاد للناشرين قالوا لنا أنتم تابعون لوزارة التجارة وليس لوزارة الشؤون أسوة بجمعيات النفع العام الأخرى وبذلك فإنهم يحرموننا من المساعدة التي تمنحها وزارة الشؤون لجمعيات النفع العام الأخرى وبذلك نحن نتساوى من حيث المعاملة مع اتحاد الدواجن بعد أن نظر الى رسالتنا التي نؤديها وكأنها عمل تجاري صرف، والغريب في الأمر أن الصحافة ينظر إليها على أنها عمل مدني، ويسمح لها بتأسيس جمعية، في حين يحجب هذا الحق عن الناشرين، في حين أن الصحافة ونشر الكتاب صنوان لا يفترقان·

 

·    وماذا عن منشورات المجلس الوطني ومجلة العربي هل تأثرت هي الأخرى بهذا الشح الحكومي تجاه الثقافة أم أن الأمر مختلف؟

- هذه المنشورات التي ذكرتها تراجعت هي الأخرى أيضا، سواء من حيث  التوزيع، أو نوعية الكتاب أو مضمونها الثقافي والفكري·

 

·    هناك مكتبات ودور نشر كويتية أخرى لا تزال صامدة، ولم تتخذ قرارا بالإقفال أو إيقاف نشاطها أليست تواجه هذه المكتبات الظروف السيئة ذاتها؟

- المكتبات المختصة بالنشر مثل مكتبة العروبة، ودار قرطاس، تعاني المعاناة ذاتها أو أشد والدليل على ذلك ما ذكره الزميل أحمد الديين حين كتب أن يحيى الربيعان يدق ناقوس الخطر فلمن ندق الجرس، بالتأكيد لدور النشر الأخرى، وللحكومة أيضا لتنبيهها، والزميل الديين يعاني أكثر مما نعاني نحن، وأما بالنسبة لمكتبة العجيري فإنها مختصة بالنشر وأصناف أخرى من التجارة، فهو يعتمد على القرطاسية أكثر من اعتماده على بيع الكتب·

 

·    نرى أحيانا مبيعات لا بأس بها من الكتب المخصصة لطلبة الجامعة وهي في الغالب من تأليف الأساتذة أنفسهم، ألا تجد في هذا سنداً للكتاب ونشره؟

- الى حد ما، وهذا ما تبقى من نشاط للكتاب، ولكن في الوقت ذاته علينا ألا نخدع من عدد طبعات الكتاب فليس بالضرورة أن يكون الكتاب الذي يصل الى الطبعة السادسة أو الخامسة أن تكون مبيعاته جيدة لأن عدد الطبعة من الكتب لا يتجاوز ألف نسخة، وحين نقول الطبعة الخامسة يعني أننا بعنا فقط خمسة آلاف نسخة، وكم  هو بائس شعب لا يقرأ طلبة جامعاته أكثر من ألف نسخة في السنة الواحدة في حين أن إجمالي طلبة الجامعة يتجاوزون 18 ألف طالب·

 

·    بعد اتخاذك قراراً بإقفال المكتبة وتصفية محتوياتها ماذا تستذكر من عطاءات مكتبة الربيعان ومساهماتها الثقافية؟

- مكتبة الربيعان خدمت الثقافة ودعمت النظام الديمقراطي في الكويت، وساهمت في النظام الإصلاحي والتربوي من خلال مطبوعاتها العديدة  والمتنوعة وتخرج على يد هذه المكتبة شخصيات قيادية ووزراء وقد امتد عمر المكتبة لأكثر من  ثلاثين عاما وأتصور أن المكتبة حققت أهدافها المرجوة، والقدر لم يسمح لها أن تستمر لأكثر من ذلك·

ومن يفتح مكتبة الآن لنشر الثقافة الجيدة والهادفة دون أية نشاطات أخرى حتما سيخسر وسيضطر الى إغلاق المكتبة·

 

·    هل هناك من أمل للخروج من هذا النفق المظلم الذي يعيشه الكتاب؟

- إذا كان هناك من بصيص أمل فإنه يتمثل في تحرير العراق وعودة الحياة الطبيعية إليه لأن العراق هو البلد الذي يمكن أن يبتلع جميع ما يصدره الناشرون في الخليج، فهو بلد يضم شعباً قارئاً ومثقفا يتطلع دائماً، الى كل جديد يتعلق بالمعرفة والقراءة، وأما ما يقال عن العولمة، وعصر الاتصالات والانفتاح فهو كلام فارغ لا صحة له، ولا يمكن أن تؤثر العولمة بحال من الأحوال على الكتاب واقتنائه أو قراءته·

 

·    هل تواجهكم صعوبات محددة في تصفية محتويات المكتبة والى من تبيعون الكتب؟

- بكل تأكيد تواجهنا صعوبات كبيرة لأن التخلص من الكتاب وبيعه أصعب من أي شيء، فالمواد التجارية الأخرى مثل أثاث المنازل والإلكترونيات·· الخ تجد من يشتريها أما الكتاب فلا أحد يرغب به أو يشتريه لذلك نضطر نحن لبيع الكتاب بأبخس الأثمان وفي بعض الأحيان نبيع الكتاب بربع دينار، في حين تبلغ تكلفته ديناراً مثلاً، وقس على ذلك وهو أمر مؤسف ومؤلم في الوقت ذاته، ونحن نبيع الآن كتبا للجهات الأهلية والمكتبات الأخرى لأن الجهات الرسمية معرضة عن الشراء·

 

·    كلمة أخيرة تقولها للقراء؟

- أقول إن سقوط صرح كبير وعريق مثل مكتبة الربيعان له تأثير كبير على النفس، وأحيانا تخالطني دمعة حين أرى كتبنا تباع في بسطات سوق الجمعة ولم أكن أتوقع أن هذه هي النهاية لدار عريقة أعطت الكثير·

طباعة  

وجهة نظر
 
إشراقة
 
كليلة ودمنة
 
البدوي الذي لم ير وجهه أحد
الشاعر محمود البريكان في عزلته