· إن كانت الدولة لا تخطط لأهم ضرورات الحياة فما بالنا بالأمور الأخرى!
· الكويت هي الدولة الوحيدة المتخلفة عن النهضة الاقتصادية في المنطقة
· للدولة الإشراف والرقابة وتطبيق القانون لا بناء المطاعم والشاليهات!
· نحتاج إلى تغيير جذري بقرار سياسي جريء
· أساليب الفسخ و البتر دليل على التعسف باستخدام السلطة دون مراعاة قوانين الحماية
· من سيتحمل التكلفة الاقتصادية والسياسية لقرار فسخ العقود؟
حاوره فراس حسين:
يعد السيد فيصل علي المطوع رئيس مجلس الإدارة والعضو المنتدب لشركة بيان للاستثمار الكويتية أحد أبرز الشخصيات الاقتصادية المؤثرة في القطاع الخاص ينعكس ذلك من خلال التفوق الواضح لإدارته مجموعة من الشركات التي تجاوزت نجاحاتها الصعيد المحلي لتصل للدولي· ولعل شركة بيان للاستثمار أبرز واجهة أداء تمثل دور فيصل المطوع وبالتالي الفكر الكويتي الاستثماري الوطني الناجح في الكويت والخارج·
وفي ظل زيادة الفوائض المالية في الكويت والمنطقة وتوالد علامات التعجب في الشارع الكويتي حول الطرق المثلى في استثمارها ودر أرباح تخدم الوطن والمواطن قامت "الطليعة" بحوار غلبت عليه الشفافية في طرح الآراء، حاولنا به تسجيل ملاحظات رجل يرى مفهوم المال من منظار مهني نابع من تخصصه، ويحاول بنقده - رغم حدته - إيقاظ المهتمين بالاقتصاد الوطني·
وتناول في الحوار عدة قضايا كان أبرزها الفوائض والسيولة المالية في الخليج، ورأيه وملاحظاته حول مخططات الإصلاح الاقتصادي، وكيفية تعامل المستثمر مع بيئة المنطقة المتوترة سياسيا، كما تناول قضايا فسخ عقود الـ "B.O.T" ورأيه في التنمية في الكويت والمنطقة·
· الى أي مدى ساهمت الفوائض والسيولة المالية في الكويت وعدد من دول الخليج في تنويع نشاط المستثمرين في غير سوق الأسهم والعقار؟
- السيولة بمعناها المعروف أن يكون لديك مال سائل وليس بالضرورة أن يكون ناتجا عن فوائض، أو يسمى بلغة الاقتصاد بالكفاءة المالية، وما لدينا هنا في الكويت - على سبيل المثال - ليست بالفوائض المالية بمعناها الاقتصادي الصحيح، وإنما سيولة وقتية نتجت عن ارتفاع حاد في أسعار النفط، وكل ذلك يتم في ظل بنية تحتية متهالكة وخدمات ردىئة، ولو استعملت هذه السيولة في التطوير والتحديث اللازم لنمو المجتمع وتكلفة الإصلاح الاقتصادي لتطلب ذلك سحب عشرات البلايين من الدنانير- واعذرني من دقة الأرقام·
ولو تطرقنا لهذه البنية المتهالكة سنجد أن أبرز مشاكلها تتمحور حول شبكة الطرق وبنيتها التحتية والماء والكهرباء، فلقد أثبتت التجربة الفعلية أن لدى الكويت ضعفاً ونقصاً شديدن في الطاقة الكهربائىة وفي تلبية الاحتياجات من الماء والاحتياطات الاستراتيجية، وفي الأراضي المؤهلة لبناء المشاريع الصناعية والخدمية والتجارية، وفي إمكانات الموانىء البحرية والجوية ومراكز الحدود·
وتعود هذه المشاكل لسببين رئيسيين الأول يكمن في الدلال الحكومي "يا مواطن اصرف كأنك من البحر تغرف" - لا عدادات ولا تحصيل ولا ترشيد - والثاني يكمن في نوم الحكومة، حيث لم تقم بأي تخطيط أو تحديث للاحتياجات المستقبلية للدولة، وهي عملية حسابية تعتبر بسيطة - بالنسبة لها - أهملتها الحكومات المتعاقبة على مر السنوات الطويلة السابقة·
فليس هناك للأسف الشديد رؤية واضحة المعالم وتخطيط استراتيجي سليم للمجتمع واحتياجاته الآنية والمستقبلية فبالإضافة الى وجود تجنب واضح للتحصيل تدور الأفكار حول كيفية إسقاط الفواتير وزيادة الرواتب وتأسيس شركات حكومية عملاقة لمحاولة تبديد هذه السيولة وكأن الحكومة أصبحت بقدرة قادر المدير الأكثر كفاءة لعمل شركات جامبو تديرها، فمشروعات "الشركات العملاقة" سواء تلك التي طرحتها الحكومة أو التي اقترحها بعض السادة النواب، تمثل انحرافاً كبيراً وخطيراً عن الرؤية الاستراتيجية للدولة التي طرحها حضرة صاحب السمو أمير البلاد وتبنتها الحكومة في برامجها والقائمة على جعل الكويت مركزاً إقليميا (وعالمياَ) تجارياً ومالياً وخدماتياً· كما تمثل هذه المشروعات انعطافاً كاملاً في الاتجاه الذي تنادي به الدولة نحو الخصخصة وتقليص هيمنة القطاع العام وإعطاء القطاع الخاص دوره في التنمية الاقتصادية والاجتماعية لينتقل الاقتصاد الكويتي من اقتصاد ريعي يحكمه القطاع العام الى اقتصاد تنافسي يحركه القطاع الخاص·
وهناك من الجانب الآخر تجنب واضح للتحصيل، وتدور جميع الأفكار حول إسقاط الفواتير وزيادة الرواتب فقط، وأتوقع أن تكبر الأزمة مع مرور مواسم الصيف المقبلة·
فإن كانت الدولة لا تخطط للماء والكهرباء وهي أهم ضرورات الحياة فما بالك بالتعليم والصحة والأمور الأخرى! فالخدمات الحكومية متخلفة على جميع الأصعدة·
هل يعقل أن ينتظر المريض عدة أسابيع وفي بعض الحالات أشهر عديدة للحصول على موعد لعمل أشعة في المستشفى - أين نعيش نحن؟!
أْعتقد أنه آن الأوان لإرادة سياسية جرىئة تحقق انتفاضة إدارية كبيرة تدعو للإصلاح على جميع الأصعدة، ونبدأ بالتخطيط السليم للمستقبل، وأن يتحمل المواطنون تبعاتهم ومسؤولياتهم، كما يجب أن تهتم الدولة بمصير مستقبل المواطنين والنهوض بأبنائها خصوصاً المتعلمين والقادرين على العطاء في سبيل تنمية البلد، وما تقدمت دولة في العالم إلا بالتعليم والتخطيط السليم وبمزيد من الحرية الاقتصادية·
وبإيجاز لدينا تخلف هنا لا يحصى ويحتاج كل ذلك الى صرف مبالغ طائلة ولو جمعناها معاً سنجد أن معظم هذه السيولة قد تبخرت إن لم يكن كلها·
· وكيف نصل الى إصلاح اقتصادي برأيك؟
- نحتاج الى تغيير جذري وهذا التغيير يحتاج الى قرار سياسي جريء، ومن المعلوم أن أي تغيير لا بد أن ينتج عنه بعض الآلام الموقتة لكنها في النهاية ستصب في صالح المواطن وعلاج نواقص المجتمع أما ما لدينا فهو سبات عميق على وسائد مريحة من عوائد النفط وهو ما يعتقد البعض وبشكل خاطىء أنه سيحل جميع مشاكلنا وليعلم الجميع بأن عوائد النفط أو هذه السيولة الوقتية لن تستطيع وحدها حل مشاكلنا الهيكلية والاقتصادية·
فنحن نحتاج في البداية الى برنامج وإصلاح اقتصادي وإداري متكامل يبدأ العمل به بشكل متدرج ومتزامن وخلال خطة واضحة المعالم نعيد بها الكويت الى مركزها القيادي مثلما كانت في عهدها السابق·
ولا يمكن أن يبدأ هذا الإصلاح المرجو بوجود حكومة كبيرة الحجم ذات بيروقراطية معقدة مرتفعة التكاليف قليلة الأداء والكفاءة مقيدة بمنظومة قانونية قديمة تحتاج الى كثير من التطوير لتواكب احتياجات المرحلة الحالية والرؤية المستقبلية·
ويجب أن يواكب هذا الإصلاح تخصيص الخدمات بمجملها وعلى سبيل المثال: خطوط الهواتف، كيف نبرر افتقار العديد من مناطق دولة نفطية، ساحلية، صغيرة الحجم قليلة السكان كثيرة الموارد لمثل هذه الخدمات، وانظروا أيضا الى خدمات البريد البائسة كمثال آخر!
هل من واجب الدولة أن تبني المطاعم والشاليهات؟! لا يا أخي·· فدو الدولة يجب أن يكون دوراً إشرافياً رقابياً، وحماية المجتمع والدفاع عنه وتطبيق القانون، هذه هي واجباتها· أما ما عدا ذلك فيجب أن يسلم جله للقطاع الخاص ضمن برنامج يتسم بالشفافية العادلة حتى يتمتع المواطن بأفضل الخدمات وأقلها تكلفة ويشارك في التنمية·
قوانين حكومية مهيمنة ومتخلفة
· وماذا عن واجباتها بتوفير خدمات للمواطنين، خصوصا ذوي المداخيل المحدودة؟
- جميعنا مؤمنون بواجب الدولة بحماية مواطنيها على أنه واجب اجتماعي، لكن يمكننا تطبيقه بطرق مختلفة تفيد الاقتصاد الوطني لا تضر به، فيمكن للدولة أن تتحمل مع الشركات الخاصة التي تسلمت إدارة الخدمات في أن توفر وبنسب معينة دعما للمواطنين والاستهلاك معقول بعيداً عن التبذير والإسراف وبذلك تكون قد أمنت للمواطنين حاجاتهم الأساسية وقللت من التبذير في استغلال الخدمات وتكون بالتالي قد رشدت مواردنا ومرافقنا·
وبالحديث عن التخصيص أرى أنه يجب أن تخصص خدمات النفط أيضا، فالنفط كما بين الدستور أنه ملك للدولة، لكن الدستور لم يذكر أنه يتوجب على الحكومة واجب التسويق والتكرير والنقل والتوزيع، وإني أرى أن تسند المهام للقطاع الخاص وأن تتاح الفرص للكويتيين بأن يكونوا منتجين في وطنهم· وقد يكون القطاع النفطي أكبر قطاع يمكن أن يستثمر به المواطنون المنتجون ويكون أكبر نطاق توظيف ليستوعب العمالة الوطنية·
كما أحب أن أشير الى موضوع "الأراضي" فما يقارب التسعين في المئة من "أراضي" الكويت ملك للدولة، وأصبحت الأسعار خيالية في هذا القطاع من دون الالتفات إليه·
· هناك من يرى أن بيئة الاستثمار الخليجي رغم السيولة الكبيرة لاتزال بيئة غير آمنة بسبب التوترات السياسية، في العراق وإيران وحركة الإرهاب·· إلخ كيف تفسر ذلك؟
- لا شك أننا نعيش في منطقة فيها الكثير من التوترات تخلق المشاكل في هذا المضمار، خصوصا بملاحظة انعكاسات عام 2006 على البورصات·
وتؤثر هذه الأوضاع السياسية على المناخ الاقتصادي في ظل البحث المستثمر عن أوضاع آمنة، إلا أن بعض دول الخليج فتحت فرصا كبيرة للاستثمار للقطاع الخاص خذ على سبيل المثال دبي وقطر وعمان، والبحرين والمملكة العربية السعودية أيضا بل دعني أقول ربما الكويت هي الدولة الوحيدة المتخلفة عن هذه النهضة العمرانية الشامخة·
وأوضح أن الشركات الكويتية تذهب لدول الجوار والبعيدة أيضا، وتضع استثماراتها الضخمة في هذه الدول بالخارج، كل ذلك بسبب عدم إتاحة الفرص وإغلاق الأبواب للاستثمار هنا في الكويت·
صحيح أن الأوضاع هنا غير آمنة في المنطقة لكننا نفضل أن تكون استثماراتنا في بلدنا ومن الصحيح أيضا أن هناك مخاطر، لكن تبقى هذه المخاطر محصورة ومحسوبة، ولا تزال البىئة الاستثمارية في المنطقة رحبة وأبوابها مفتوحة إلا في الكويت وللأسف الشديد كل ذلك بسبب قوانينا القديمة وقراراتنا الحكومية المهيمنة والمختلفة·
كبش فداء