رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 6 ديسمبر 2006
العدد 1753

باتخاذه المواقف المؤيدة للعدوان الإسرائيلي على لبنان وفلسطين
الكونغرس وابن لادن معاً: الإسلام يشن حرباً على أمريكا.. والعكس صحيح!!

                                      

 

·        وسائل الإعلام الأمريكية تتبنى الرواية  الإسرائيلية للصراع في الشرق الأوسط دون جدال

·         إسرائيل تتمتع بأعلى مستويات دخل الفرد وتحصل على القسط الاكبر من المساعدات الأمريكية

·         مواقف إدارة بوش المتواطئة مع إسرائيل ستظل وصمة عار في تاريخ أمريكا

·         الإسرائيليون يمدّون "إيباك" بالأموال الأمريكية للتأثير على الانتخابات في واشنطن

 

بول كريغ روبرتس:*

هل يعلم الجمهور الأمريكي أن إسرائيل قد ارتكبت عمليات تطهير عرقي حين قامت بهجومها على لبنان مؤخراً؟ هل يعلم أنها قامت بعمليات تدمير منهجية للمساكن في جنوب لبنان؟ وأنها استهدفت ضرب المدنيين الأبرياء أثناء فرارهم من مناطق القتال؟ وهل يعلم الجمهور الأمريكي أن ثلث القتلى المدنيين هم من الأطفال؟ هذا ما ورد في تقرير يان إيغلاند منسق شؤون الإغاثة العاجلة في الأمم المتحدة، الذي أشار أيضا إلى أن منظمته فشلت أثناء الحرب، في إيصال المساعدات الى المحتاجين بسبب قيام الطيران الإسرائيلي بتدمير كل الجسور والطرق المؤدية الى المناطق المنكوبة، وإذا أخذنا في الاعتبار عدد المرات التي أخفقت فيها إسرائيل في ضرب أهداف لحزب الله، وهي مرات كثيرة جداً، علينا أن نتذكر أن النيران الإسرائيلية موجهة بواسطة الأقمار الصناعية الأمريكية وأحدث تقنيات الجيش الأمريكي، فلا يشعرن أحد بالذهول لحقيقة تورط الولايات المتحدة المباشر في هذه الحرب، فلماذا يكون الطفل المدلل أقل شرا من والده؟

بالطبع، لا يعلم الأمريكيون مثل هذه الحقائق لأن وسائل الإعلام الأمريكية المطبوعة والمرئىة لا تتحدث عنها·

ولأن بوش يعتز بنفسه كثيرا، فقد حال دون كل المحاولات لوقف عمليات القتل الإسرائيلية ضد المدنيين اللبنانيين، وتحدّى في ذلك الأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وحتى الحكومة اللبنانية الموالية للغرب·

 

ضوء أخضر

 

هل مثل هذا السلوك يجعلكم أيها الأمريكيون فخورين لقيام رئيسكم بإعطاء إسرائيل الضوء الأخضر لإلقاء القنابل على قوافل المدنيين الفارين من القتال وعلى الأحياء السكنية والمستشفيات ومحطات الكهرباء وعلى الموانىء والمطارات والجسور والطرق وكل منشآت البنية التحتية التي تعتمد عليها الحياة المدنية؟ هل أنتم فخورون لكونكم أمريكيين؟ أم أنكم مجرد ألعوبة بيد إسرائيل؟

لقد صوت مجلس نوابكم في العشرين من يوليو الماضي بأغلبية 410 أصوات مقابل ثمانية فقط بتأييد الحرب الإسرائيلية على لبنان، ولم يكتف المجلس بجعل كل أمريكي متواطئا في جرائم حرب، بل "ندّد بأعداء الدولة اليهودية" أيضا· فمن هم هؤلاء الأعداء؟

إنهم الفلسطينيون الذين سرقت إسرائيل أرضهم ودمرت منازلهم وحقول زيتونهم، إنهم من يقتل الجيش الإسرائيلي أطفالهم في شوارع الضفة الغربية وغزة، إنهم الفلسطينيون الذين حوصروا في غيتوهات لدرجة تمنع بعضهم من الوصول الى مزارعهم أو حتى المدارس والمستشفيات، وهم من لا يستطيعون قيادة سياراتهم في الطرق التي يستخدمها المستوطنون اليهود، إنهم سكان القرى الذين يتعرضون للاعتداءات المتكررة من المستوطنين تحت حماية الجيش الإسرائيلي الذي يمارس بدوره، أبشع صنوف الاضطهاد ضدهم، إنهم الفلسطينيون الذين لا يأمنون على أبنائهم الخروج من المنازل خوفا عليهم من القتل على أيدي المستوطنين اليهود·

ويوهم الفلسطينيون الذين يتصدون للاعتداءات الإسرائيلية بـ "الإرهاب"، وحين فرض الرئيس بوش إجراء انتخابات حرة في فلسطين، صوّت الناس لصالح حركة حماس، ولأن هذه الحركة تصدت للدولة العبرية فقد أصبحت حركة شريرة ومعادية للسامية وإرهابية، فجاء الرد الإسرائيلي - الأمريكي بقطع كل الأموال والمساعدات عن الحكومة الجديدة، فالديمقراطية مسموح بها فقط إذا جاءت بمن تريدهم أمريكا وإسرائيل·

والإسرائيليون لا يمارسون الإرهاب أبدا، بل الإرهابي هو كل من يقف في وجه المخططات الإسرائيلية·

أما العدو الثاني للدولة العبرية فهو حزب الله الذي تأسس إبان الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982 ونتيجة مباشرة للجرائم التي ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين وهو الحزب الذي قهر الجيش الإسرائيلي وأرغمه على الانسحاب من لبنان عام 2000·

 

مغامرة سهلة

 

وباختصار، فإن قائمة أعداء إسرائيل تضم كل دولة إسلامية لا تخضع لحكم زعماء غير منصاعين للإرادة الأمريكية - الإسرائيلية، أو يتربعون على السلطة بفضل الأموال أو الحماية من الولايات المتحدة، فهؤلاء حكام يخدمون المصالح الأمريكية على حساب شعوبهم وانهيار أنظمتهم الفاسدة هي مسألة وقت، ليس إلا·

وربما تسارع إدارة بوش الخطى لإسقاط حكومتي سورية وإيران، ولكن كلتا الحكومتين تتمتعان بشعبية تفوق ما يتمتع به بوش الآن، ويعتقد بعض المتغطرسين في البيت الأبيص أن مثل هذه المغامرة ستكون سهلة كما العراق·

وإذا كنت لا تزال تشعر بالفخر لكونك أمريكياً، فانظر ما فعله مجلس النواب إثر مجلس الشيوخ في العشرين من يوليو أيضا، لقد صادق على مشروع قرار يؤيد جرائم الحرب الإسرائيلية، ثم خرج اللوبي الإسرائيلي في واشنطن ممثّلا بـ "إيباك" ليعلن في بيان صحافي أن "الشعب الأمريكي يؤيد بأغلبيته الساحقة، الحرب التي تشنها إسرائيل على الإرهاب ويتفّهم ضرورة الوقوف مع إسرائيل الحليف الأوثق للولايات المتحدة في أوقات الأزمات"·

والحقيقة أن إسرائيل هي التي خلقت الأزمة بغزو دولة موالية للأمريكيين، والحقيقة أيضا أن الشعب الأمريكي لا يؤيد جرائم الحرب التي ارتكبتها إسرائيل، كما أظهره استطلاع أجرته شبكة "سي· إن· إن" مؤخرا·

وبالرغم من قناة تسريب التقارير التي تستخدمها إسرائيل لإغراق وسائل الإعلام الأمريكية بالرواية الإسرائيلية لكل ما يحدث، إلاّ أن غالبية الأمريكيين لاتؤيد الجرائم الإسرائيلية ضد المدنيين في لبنان وفلسطين، فإذا كانت إسرائيل تستهدف حزب الله كما تزعم، فلماذا قصفت أهدافا في شمال لبنان وفي بيروت ومطار بيروت الدولي؟ ولماذا قصفت المدارس والمستشفيات؟

والآن، نصل الى النقطة الرئيسية· فحين يصادق مجلسا الشيوخ والنواب الأمريكيان على مشاريع قرارات تؤيد الجرائم الإسرائيلية، فإنهما يؤكدان الدعاية التي ينشرها أسامة بن لادن بأن الولايات المتحدة تقف الى جانب إسرائيل ضد العالمين العربي والإسلامي·

 

المسمار الأخير

 

وفي الواقع، فإن إسرائيل التي تتمتع بأعلى مستويات الدخل الفردي في العالم، تتلقى أكبر قدر من المساعدات الأمريكية، والبعض يعتقد أن الكثير من هذه المساعدات يعاد الى "إيباك" التي تستخدمه من أجل انتخاب "ممثلينا" في الكونغرس·

ولكن الزمن لا يعمل في مصلحة إسرائيل التي يأخذ عدد سكانها في التناقص جراء الهجرة المعاكسة، فالدولة العبرية محاطة بمئات الملايين من المسلمين الذين تحولوا الى أعداء لها بسبب ممارساتها وسياساتها غير الإنسانية·

لقد ظل العالم الإسلامي منذ زمن طويل يأمل بتدخل أمريكي من أجل التوصل الى تسوية من خلال إقناع إسرائيل أنه ليس بوسعها سرقة كل أرض فلسطين وتحويل كل سكانها الى لاجئين·

وهذا هو الأمل في العالم العربي أيضا وهو السبب الذي حال دون إسقاط الأنظمة التابعة لواشنطن، وهو أيضا السبب الذي يجعل الولايات المتحدة تتمتع ببعض الهيبة في العالم العربي·

لقد جاء قرار الكونغرس المدفوع والمموّل من "إيباك" بمثابة المسمار الأخير في نعش الهيبة الأمريكية في الشرق الأوسط، فهو يُظهر أن الولايات المتحدة هي - في الواقع - الألعوبة بيد إسرائيل كما قال أسامة بن لادن، وكما تعتقد غالبية المسلمين·

ومع موت الأمل والدبلوماسية لأن إسرائيل وأمريكا لا تعرفان سوى الأسنان والمخالب· ولكن كرامة الجيش الإسرائيلي تمرغت في تراب جنوب لبنان على يد ميليشيات صغيرة، وكذلك يعجز الجيش الأمريكي عن هزيمة التمرد ذي التسليح الخفيف والمنحدر من الأقلية السنية في العراق·

 

عقيدة جديدة

 

فما الذي ستفعله الولايات المتحدة وأسيادها في تل أبيب؟ كلا الدولتين لديهما درجة من الغرور والشعور بالعظمة تمنعهما من الاعتراف بارتكاب أخطاء جسيمة، فإما أن تقوما بهجمات جوية لتدمير البنية التحتية في لبنان وفلسطين وسورية وإيران بحيث تصبح الحياة المدنية متعذرة في هذه البلدان أو أنهما سيستخدمان السلاح النووي لإخضاع هذه الدول للرغبات الإسرائيلية·

فارتكاب مجزرة بشكل أو بآخر ضد المسلمين هو هدف مؤكد للمحافظين الجدد الذين يسيطرون على إدارة بوش· فقد دعا العراب الأكبر لهذه الحركة (المحافظون الجدد) نورمان بودوريتز الى شن الحرب العالمية الرابعة (على اعتبار أن الحرب الباردة كانت الحرب العالمية الثالثة من منظورهم) للقضاء على الإسلام في الشرق الأوسط وتحويل الدين الإسلامي الى مجرد شعائر علمانية رسمية·

فقد أعد البنتاغون في ظل رئيسه رامسفيلد الذي يعتبر من أبرز رموز المحافظين الجدد في الإدارة الحالية عقيدة جديدة للحرب الأمريكية تسمح بشن هجوم نووي استباقي ضد دول ليست نووية!

ويقول منظّر المحافظين الجدد ديفيد هوروتيز إن "إسرائيل بتنفيذ المجازر ضد المدنيين اللبنانيين والفلسطينيين، إنما تقوم بذلك نيابة عن العالم المتحضر"، أي أنه يعتبر مرتكبي جرائم الحرب أناسا متحضرين·

ويقول رمز آخر من رموز المحافظين الجدد هو لاري كادلو إن "إسرائيل تقوم بعمل الرّب" بقتلها المدنيين اللبنانيين، وهو الزعم الذي يجب أن يتوقف عنده كثيراً، أنصار الكنيسة الإيفانجليكانية المناصرين لإسرائيل، فهل يقول لنا الرّب "اذهب واقتل جارك واسرق أرضه؟"·

إن تواطؤ إدارة بوش وسكوت الرأي العام الأمريكي على هذه الجرائم البشعة التي ترتكبها إسرائيل سيظل يشكل وصمة عار ولعنة على أمريكا إلى أبد الآبدين·

عن: الأوبزرفر

طباعة  

ماذا يعني بدء واشنطن توجيه اللوم إلى العراقيين؟