رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 22 نوفمبر 2006
العدد 1751

دعا الى التوسع في الدراسات المتعلقة بالبيئة والجدوى الاقتصادية والسياحية
د. مهدي إبراهيم: البيئة المحلية تعاني غياب الاستراتيجية وازدياد النفايات الصلبة

                

 

·         سياسة البناء تفتقر الى التخطيط وتشجع الاستيطان على حساب المواطن

·         المشاريع الكبرى لا بد أن تتناسب ومعايير البيئة الجيولوجية والجغرافية

·         التأثير البيئي يمكن ملاحظته من خلال مشاكل الصرف الصحي وتلوث الهواء

·        غاز الكربون المشبع في الهواء يدفع الى الخمول ويؤثر على الجهاز العصبي والرئة والدم

·       نظامنا الاقتصادي آمن  بيئيا فهو يعتمد على الاستثمار الخارجي

 

حاوره آدم يوسف:

العلاقة بين الاقتصاد والبيئة يمكن تعريفها على أساس العرض والطلب والقدرة الشرائية سواء للفرد أو المجتمع، واستغلال الموارد الطبيعية، وما يتبعه من تأثير على التوازن البيئي·

وقد أثيرت عدة تساؤلات في الآونة الأخيرة حول الصحة البيئية في الكويت، وانتشار بعض الأمراض ذات العلاقة بالمناخ، واستنشاق غاز الكربون المشبع في الهواء المحيط، "الطليعة" التقت في حوار صحافي مدير عام معهد البيئة وموارد المياه، ومنسق عام مقررات البيئة في الجامعة العربية المفتوحة د· مهدي إبراهيم الذي أكد أن تردي وضع الصحة البىئية يعود الى انعدام الوعي البيئي والممارسات الاقتصادية الخاطئة، مما يتسبب في زيادة عدد الوفيات سواء من كبارالسن أو الأطفال، وكذلك فإن تلك الممارسات الخاطئة قد أدت الى زيادة النفايات الصلبة وتلوث الشاطىء والهواء الجوي، ومشاكل الصرف الصحي، ودعا د· مهدي الى التوسع في الدراسات المتعلقة بالبيئة والاقتصاد لتشمل الجدوى الاقتصادية والسياحية والأمنية والجغرافية والتكنولوجيا المعتمدة في البناء والتصميم وفيما يلي تفصيل الحوار:

 

·   بداية هل الاقتصاد الكويتي يولد النفايات السامة؟

- الجواب بالطبع لا، لأن الاقتصاد الكويتي من المنظور البيئي مازال يافعاً، ولا يمكن مقارنته ببلدان العالم الصناعي، كما هي الحال في أوروبا الغربية والولايات المتحدة والصين· فالاقتصاد الكويتي في مجمله يمارس تجارة الاستثمار الخارجي، من خلال رؤوس الأموال المرحّلة الى الخارج، ولكن السلبيات البيئىة هنا يمكن ملاحظتها من خلال استعراض مشاكل الصرف الصحي والتلوث الهوائي ومشاكل جودة المياه، هذا ما تدل عليه البيانات المتوافرة محليا والتي تشوبها عدم الاعتماد الكلي وعدم إعطائها الثقة المفرطة إذ إنها لم توثق من حيث الجودة الشاملة·

إذن نستنتج مما سبق ذكره أن هناك خللا في العملية البىئىة نتيجة لثلاثة عوامل هي: ضعف مقاييس الجودة وسوء الاستخدام وكذلك ضعف قاعدة البيانات البيئية·

هذه العوامل مجتمعة تستدعي التريث قليلا في مد البرنامج الاقتصادي فلا يعقل أن يبدأ الاقتصاد بالهرولة السياسية والتسابق الاحتوائي للمصالح الشخصية بسب أن عامل السيولة المالية متوافر، وما نخشاه انتقال العوامل السابقة الى برنامج التخطيط البيئي والإداري إن لم نقم بتحسينها ودراستها جيدا وهنا تظهر مشاكل التلوث المختلفة·

 

·   كيف تصف البيئة الكويتية بشكل عام؟

- الكويت بلد صغير من حيث المساحة وذات بىئة شبه صحراوية قاسية تكاد تخلو من الغطاء النباتي· ومن ناحية الجغرافيا المناخية فهي محاطة بمجموعة من المنخفضات والمرتفعات الجوية القاسية مما تقلل من فرص نقاء الهواء وزيادة التراكمات من الغازات السامة الناتجة عن آبار النفط وعوادم السيارات وأيضا ندرة الأمطار·

وبنظرة فاحصة للوضع البىئي السائد في الكويت نجد أن الفرد تعود على الكسل والخمول قد يكون ذلك ناتجا عن كثرة استنشاق غاز الكربون المشبع في الهواء المحيط مما يفرض علينا التعود على النوم لما يشتهر به هذا الغاز من حيث تأثيره على الجهاز العصبي والرئة والدم·

ومن ناحية أخرى نجد أن تنوع الأمراض المنتشرة في الكويت سببه تردي وضع الصحة البىئية بسبب انعدام الوعي البيئي والممارسات الاقتصادية القائمة والتي أخذت طابع الإنذار المبكر نظرا لخطورة أنواعها ومساهمتها في زيادة عدد الوفيات سواء من كبار السن أو الأطفال· لذا يجب أن ندرك ومن خلال فكرة العولمة "أن المرض والشيخوخة" في أي بلد يعنيان زيادة مصروفات الدولة وهذا ما يحتم على الاقتصاديين أن يضعوا هذا التحدي في برامجهم التنموية وذلك تفاديا للهدر في الميزانية العامة والاستفادة منها في برامج التنمية· فعلى سبيل المثال ما حصل في فترة الانتخابات من هذا العام حيث إن النواب المرشحين شجعوا وفتحوا أبوابا كبيرة على الحكومة الرشيدة لإرسال المواطنين لتلقي العلاج خارج الكويت ولعلهم صادقون في الأمر، ولكن ليست بهذه الصورة المفزعة بل هناك وسائل أكثر إيجابية في القضاء على الأمراض أو الإقلال من انتشارها وذلك من خلال تقييم الوضع البيئي والصحي مقارنة بالوضع الاقتصادي السائد· وبمقارنة الأمراض المنتشرة في البلد وعدد السكان الى جانب أعداد المرضى المعالجين في الخارج نجد أن هناك ضغوطاً بيئىة متمثلة بتردي الصحة البيئية والوعي البيئي وتأثيرها المباشر على الاقتصاد الوطني·

 

·   في رأيك هل نحن جاهزون على المستويين الاقتصادي والبيئي للفترة القادمة؟

- خير وسيلة للإجابة عن هذا السؤال هو تبين الرؤية التحليلية للمستقبل، وذلك بأن نفترض عدة فرضيات قائمة على تساؤلات مهمة مثل:

كم عدد السكان المتوقع في الفترة المقبلة مقارنة بعدد المباني الشاهقة التي في طور التشييد والبناء؟ وما هي القدرة الاستيعابية لدولة الكويت من العمالة المقننة وغير المقننة كما تسمى في علم البصمة البيئية Ecological footprint والسعة الاستيعابية الحيوية Available Bio Capacity أي أن الدولة يجب أن تنتج ما مقدراه (طن ثاني أكسيد الكربون في السنة) (المخطط 1) من خلال تقنين الاقتصاد والمصانع وعدد السكان·

فالمتأمل للوضع الاقتصادي يجد أنه يعتمد على مجموعة من الأنشطة التجارية التي تحافظ على استقرار القدرة المالية للبلد ولا ضير في ذلك ولكن ليس على حساب الصحة العامة والبيئة·

 

·   بشكل عام ما المشاكل التي تعاني منها البيئة الاقتصادية في الكويت؟

- نحن في الكويت نعاني ما نعاني من مشكلة عدم شمولية عمليات التخطيط في جميع مجالات الحياة أو ما يسمى Integrated Planning Processes· فالاقتصاد الكويتي القادم قوي وخال من السموم والمواد المشعة بيئىا ولكن في المقابل يشجع على ما يلي:

- زيادة النفايات الصلبة، ومشاكل الصرف الصحي وكذلك مشاكل النقل العام التي تؤدي الى ما يسمى بالبؤر الساخنة في البلد Hot Spots أو الازدحام والخناقات المرورية·

مشاكل جودة المياه وتلوث الشواطىء وتلوث الهواء الجوي·

والمتفحص لتلك المشاكل يجدها في غالبها ناتجة عن الزيادة المفرطة وغير المقننة في عدد السكان الذي يمكن ملاحظته من خلال عدد المباني الجديدة المشيدة وارتفاعاتها وعدد أدوارها ومن ثم نشاط القطاع الخاص الذي يشجع على الاستيطان على حساب المواطن وهذا ما يشجع له البرنامج الاقتصادي المقبل·

 

·   وما أهم سلبيات الاستيطان غير المقنن على الفرد والمجتمع؟

- لا يمكن لنا أن نتجاهل دور وتأثير مساحة البناء ومساحات الغرف في الشقق على الحالة النفسية للأسرة والذي يعتبر المدخل الرئيسي لجنة من الأمراض العصبية والاكتئاب وذلك بسبب عدم تجانس التصميم مع المعطيات البىئية خاصة إذا علمنا بأن مساحة 80 متراً مربعاً لكل  5 أشخاص، ومساحة الغرفة الواحدة 3X3,5 (غرفتين) واتساع مساحة النوافذ التي تقلل من كفاءة أجهزة التكييف والتبريد الى جانب وجود عدد كبير من الأجهزة الكهربائىة مثل التلفزيون (2) والغسالة (1) والثلاجات (2) مما تسمح بزيادة درجة حرارة الشقة كما نلاحظها في المخطط (2)· إن سوء عملية تصميم المباني وعدم رعاية المعطيات البيئية سوف تؤثر في الصحة العامة مما يؤدي الى سوء الاستخدام الأمثل للكهرباء والماء وبالتالي يقود الدولة الى زيادة طاقتها الإنتاجية للماء والكهرباء والغذاء مما يشكل عبئا اقتصادي على ميزانية الدولة·

فإذا كنا نفكر جديا في النمو الاقتصادي مستقبلا لابد لنا أن نراعي العامل الاقتصادي - الاجتماعي Socio -Economic فنحن يجب ألا نجلب العمالة وتهيئة فرصة السكن والغذاء والسفر والعمل له ولأفراد أسرته دون مراعاة الحد المسموح للزيادة العددية أو السعة الحيوية المتاحة للدولة·

 

·   وماذا عن المشاريع التنموية الجديدة وعلاقتها بالاقتصاد والبىئة؟

- فيما يتعلق بالمشاريع التنموية فهي كبيرة تتلخص في تشييد مدن وقرى جديدة ابتداء بمد الجسور بين الأطراف الساحلية للبلاد فعلى سبيل المثال "جسر الصبية" الذي أصبح حديثا يدار بين مسؤولي البلدية والبيئة والأشغال ومجلس الوزراء الى أن تكونت جبهة معارضة وأخرى مؤيدة بيئىا واقتصاديا استنادا إلى البيانات المتوافرة لهم، وما أعتقده صحيحا هو لكي يكون العامل الاقتصادي مشجعا لبناء هذا الصرح التنموي لابد من التوسع في زيادة دراسات الجدول لتشمل الجدوى الاقتصادية والبيئىة والسياحية والأمنية والجغرافية والتكنولوجيا المعتمدة في التصميم وألا نسلك فقط في حكمنا على دراسات الجدوى البيئية والاقتصادية فقط لأنهما لا تفيان المشروع حقه نظرا لكثرة المعطيات في مجال المشروع·

وهناك المشاريع الكبرى أو مشاريع البنى التحتية المتمثلة في تطوير الشوارع والطرق السريعة داخل وخارج المدينة بأن تتناسب والمعايير البيئية والجيولوجية والأمنية بحيث تكون مساعدة على امتصاص الازدحام والبؤر الساخنة وذلك من خلال تقنين المنافذ والمخارج·

وكذلك المباني السكنية الشاهقة لماذا لا توفر لها مواقف خاصة، فعلى سبيل المثال منطقتا سلوى والجابرية فهما سكنيتان وتجاريتان واستثماريتان وصناعيان ومنطقتا مستشفيات؟ ولك الحرية بأن تفكر وتتكلم حول موضوع المواقف·

 

·   في الختام كيف تلخص لنا العلاقة المترابطة بين الاقتصاد والبيئة؟

- الاقتصاد هو في حقيقة الأمر يمثل القدرة الشرائىة وتنظيم مبدأ العرض والطلب وهذا الأمر متصل بحقيقة واحدة هي الاحتياجات التي تعتمد كليا على حق الاختيار CHOICE· وفي اختيارنا يجب العودة ثانية الى موضوع ما هو مناسب وغير مناسب أو ماهي الحاجات التي لا تؤثر على البيئة في جميع مجالات حياتنا· إذا الاقتصاديون يجب أن يلتقوا بالبىئيىن من خلال الدراسات والبحوث التنموية· ففي الدول الدول الأوروبية عامة وفي كل شركة هناك إدارة مختصة في الدراسات والبحوث التي تعمل من أجل تحسين المنتج PRODUCT وذلك وفقا للمعايير الاقتصادية والبيئية·

 

 

طباعة  

ديوان النيباري ضم الجلسة النقاشية "الدستور ضمان الاستقرار"
الحل غير الدستوري" مرفوض ويجب أن يلغى من قاموس السياسة الكويتية

 
رأي مهني