رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 20 سبتمبر 2006
العدد 1743

المرحلة الثانية من حرب الشرق الأوسط
حرب إسرائيل على لبنان جزء من خريطة "طريق عسكرية" ترعاها الولايات المتحدة الأمريكية

  

 

ميشيل تشوسودوفسكي*:

الحرب على لبنان التي نتجت عنها فظائع لا تحصى بما في ذلك تدمير اقتصاد شعب وبنيته المدنية التحتية، هي "مرحلة" في سلسلة من العمليات العسكرية المخطط لها بعناية، فلبنان يشكل ممرا استراتيجيا بين إسرائيل وشمال غربي سورية، وكان الهدف الباطن لهذه الحرب هو عسكرة لبنان، بما فيها جعله محطة لقوات أجنبية مقيمة على أرضه لإيجاد وضعية تسبق تنفيذ المرحلة التالية من أجندة عسكرية أوسع·

من ناحية رسمية ووفق تفويض الأمم المتحدة، فإن القوات الأجنبية التي ستقيم على التربة اللبنانية على الحدود مع سورية مباشرة ستكون في معظمها من قوات حلف الناتو، وهذه القوة العسكرية التي فوضها مجلس الأمن ليست محايدة بأي حال من الأحوال، فهي تستجيب مباشرة للمصالح الأمريكية والإسرائيلية·

علاوة على هذا، فإن توقيت انسحاب القوات السورية على إثر اغتيال رئيس الوزراء اللبناني السابق رفيق الحريري في فبراير 2005، ساهم في فتح "فضاء جديد"· وقد خدم انسحاب القوات السورية المصالح الإسرائيلية، وكان توقيت الانسحاب ذا أهمية استراتيجية: لقد كان عنصرا رئيسيا في التوقيت والتخطيط للهجوم الإسرائيلي على لبنان·

وفي أعقاب القصف الإسرائيلي و" وقف إطلاق النار" عبد قرار مجلس الأمن رقم 1701 الذي وضعته فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية بالتشاور الوثيق مع الحكومة الإسرائيلية، الطريق الى عسكرة لبنان تحت تفويض زائف من الأمم المتحدة·

 

المرحلة التالية

 

وفق ما تؤكده بيانات رسمية ووثائق عسكرية، فإن الولايات المتحدة الأمريكية بالتنسيق الكامل مع بريطانيا (وبالتشاور مع شركائهما في حلف الناتو) تخطط لشن حرب موجهة ضد إيران وسورية، وقد وضع سفير الولايات المتحدة في الأمم المتحدة "جون لولتون" سلفا المخطط الأولي لقرار لمجلس الأمن الدولي يرى فرض عقوبات على طهران بسبب برنامجها المزعوم للأسلحة النووية (الذي لا وجود له)· وسواء تم تبني هذا القرار أم لا، فهو ليس القضية الرئيسية· فقد تقرر الولايات المتحدة المضي في تحديها لمجلس الأمن بعد فيتو من روسيا أو الصين، أو كلاهما معا، فصوت فرنسا وبريطانيا، بين الدول الدائمة العضوية قد تم ضمانه مسبقا·

وقد أكدت المصادر العسكرية الأمريكية على أن هجوما جويا، يأتي في أعقاب عقوبات على إيران، بموافقة الأمم المتحدة أو عدم موافقتها، سيتضمن انتشارا على نطاق واسع يمكن مقارنته بهجمات قصف "الصدمة والترويع" الأمريكية على العراق في مارس 2003: "الضربات الجوية الأمريكية لإيران ستفوق بكثير مدى الهجوم الإسرائيلي في العام 1981 على مفاعل أوزيراك في العراق، وسيماثل أكثر الأيام الأولى من الحملة الجوية ضد العراق في العام 2003، وسيتم استهداف الأربعة والعشرين موقعا يشك أنها نووية، باستخدام كامل قوة القاصفات العملياتية B - 2 من نوع ستيلث انطلاقا من قاعدة "ديجوغارسيا" أو مباشرة من الولايات المتحدة، وربما تعاونها مقاتلات ستيلث من نوع F - 117 الموجودة في "قاعدة العيديد" في قطر أو بعض المواقع الأخرى في مسرح العمليات ويمكن أن يهيئ المخططون العسكريون قائمة بأهدافهم لتعكس أفضليات الحكومة الأمريكية، بتحديدهم للضربات الجوية التي لن تستهدف سوى أكثر المنشآت أهمية·· أو يمكن أن تمضي الولايات المتحدة الى قائمة أوسع من الضربات ضد منظومة واسعة من الأهداف ذات صلة بأسلحة الدمار الشامل، وأيضا قوات تقليدية وغير تقليدية قد تستخدم في هجوم مضاد على قوات الولايات المتحدة الأمريكية في العراق (www.Globalsecurity.og) وقد تحولت خطط القصف الجوي الى خطط عملياتية بكاملها (في حالة جاهزية متقدمة) مند يونيو 2005، ومختلف مكونات العملية العسكرية هي الآن طوع أمر الولايات المتحدة تماما، يقوم بتنسيقها البنتاغون ومراكز القيادات الاستراتيجية الأمريكية (usstratcom) في قاعدة أوفوت الجوية في نبراسكا·

في نوفمبر 2004 أجرت القيادة الأمريكية الاستراتيجية تمرينا كبيرا على خطة كبيرة تدعى "خطة ضربة عالمية" وعنوانها "البرق العالمي"· وتضمنت هجوما وهميا باستخدام أسلحة تقليدية وأسلحة نووية ضد "عدو شرير" (إيران)· وفي أعقاب تمرينات "البرق العالمية" أعلنت القيادة الاستراتيجية "حال جاهزية متقدمة"·

ويدعى الاستخدام العملياتي لضربة العالمية خطة مفهوم رقم 8022 (Conplan)· ووصفت الأخيرة بأنها "خطة فعلية تترجمها القوات البحرية والجوية الى حزمة ضربات للغواصات والقاصفات"·

وستتم مركزة البنية القيادية للعملية، وفي النهاية سيقرر البنتاغون خطواتها: "متى وأين"· شن عمليات عسكرية ضد إيران وسورية، وستنفذ العمليات العسكرية الإسرائيلية وعمليات شركاء التحالف الآخرين بما فيهم تركيا بتنسيق كامل مع البنتاغون·

 

الحرب البرية

 

في الوقت الذي ظلت فيه حكومة بوش تعلن وتكرر تهديد إيران ومنشآتها النووية بالقصف الجوي، تشير التطورات الأخيرة الى أن حربا برية كاملة تحت الإعداد أيضا·

خطة Conplan 8022 لا تحتوي إلا على مكون واحد من مكونات أجندة الشرق الأوسط العسكرية، فهي لا تتناول حربا برية، ولكن المخططين العسكريين الإسرائيليين والأمريكيين واعون تمام الوعي بأن "قصفا عقابيا" جويا سيقود حتما على الأغلب قوى التحالف الى سيناريو حرب برية، والتي سيكون عليهم فيها مواجهة القوات السورية والإيرانية في ميدان المعركة·

وقد أكدت طهران أنها سترد إذا هوجمت، على شكل ضربات صواريخ بالستية توجه ضد إسرائيل، وأيضا ضد المنشآت الأمريكية العسكرية في العراق وأفغانستان والخليج، وهو ما سيقودنا الى سيناريو تصعيد عسكري وحرب شاملة·

وبإمكان القوات الإيرانية أن تعبر الحدود العراقية - الإيرانية وتواجه قوات التحالف داخل العراق، ويمكن أن تدخل القوات الإسرائيلية، بما فيها القوات الخاصة، الأراضي السورية·

وستشارك القوات الأجنبية المتمركزة في لبنان بتفويض من الأمم المتحدة، وتستجيب لإملاءات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة، والالتزامات المسبقة التي تم التوصل إليها مع واشنطن وتل أبيب في سياق الأحلاف العسكرية المختلفة، (الناتو - إسرائيل، وتركيا - إسرائيل)·

 

ألعاب الحرب

 

هذه الاستعدادات العسكرية أشارت إليها منذ وقت قصير جدا المناورات الحربية التي جرت، ففي أواخر أغسطس، كانت إيران منخرطة في إجراء مناورات حربية في معظم مناطق إيران، بما في ذلك المناطق الحدودية مع تركيا والعراق وأذربيجان وباكستان وأفغانستان، وأكد وزير الدفاع الإيراني الجنرال مصطفى محمد ناجار، نشر القدرات العسكرية المعززة، بما في ذلك نظم أسلحة وقوات على الحدود الإيرانية، تراقب القوات الإيرانية كل تحركات القوات الأجنبية ووكلائها حول الحدود الإيرانية"· (وكالة أنباء فارس، 2 سبتمبر، 2006)·

وقد انطلقت أيضا تمارين عسكرية لم تلتفت إليها وسائل الإعلام الغربية، نظمتها روسيا وكازاخستان وقرغيستان وطاجكستان، بموجب منظمة معاهدة الأمن الجماعي (CSTO) في أواخر أغسطس·

هذه المناورات الحربية التي وصفت (رسميا بأنها جزء من برنامج لمواجهة الإرهاب، جرت ردا على التهديدات العسكرية الأمريكية - الإسرائيلية في المنطقة، بما فيها الهجمات المخططة ضد إيران، ومن جانبها أجرت الصين وكازاخستان مناورات حربية وفق ما تنص عليه منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)· ولأذربيجان وجارتها جورجيا روابط عسكرية وثيقة، بواشنطن، وكلاهما جزء من تحالف عسكري مع الولايات المتحدة والناتو يدعى غوام (GWAM) وتركيا حليف مقرب لإسرائيل، ومنذ العام 2005، وإسرائيل تنشر قوات خاصة في مناطق تركيا الجبلية المحاذية لإيران وسورية بالتعاون مع حكومة أنقرة، وباكستان أيضا حليف قريب للولايات المتحدة وبريطانيا، ولجورجيا أيضا اتفاقية تعاون عسكري مع إسرائيل·

www.globalresearch.ca

طباعة  

هل تتحول أمريكا اللاتينية الى اليسار فعلاً؟