رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 20 سبتمبر 2006
العدد 1743

بعض الأساتذة يتأبطون كتبا منسوخة ويحتكرون المعرفة
مأزق البحث العلمي في الجامعات والمؤسسات الأكاديمية العربية

    

 

·         الطالب يمضي من عمره أكثر من ثماني سنوات وهو يبحث عن شهادة الاعتراف الأكاديمي

·         رولاند بارت فتح الباب على مصراعيه لدراسة السيميائيات وتذوق النص الأدبي

·         الغذامي قفز من مركب النقد الأدبي إلى سفينة النقد الثقافي

 

بعد مرور أكثر من ثمانين عاما على إنشاء أول جامعة عربية حسب مواصفات وشروط مؤسسات البحث العلمي الحديثة يحق لنا أن نقول إن الوضع الأكاديمي في الجامعات العربية مزر للغاية، ولكي نكون أكثر تحديداً ونبتعد عن صيغة التعميم هذه نحصر حديثنا في مجال الدراسات الأدبية واللغوية، مع يقيني أن الكليات العلمية والتطبيقية في جامعاتنا العربية ليست أحسن حالاً من مثيلاتها الإنسانية واللغوية، وبما أننا قد وصفنا الوضع بأنه مزر ومؤسف للغاية فلابد لنا أن نسوغ حكمنا هذا بالأدلة الدامغة، ولنا أن ننظر مثلا الى حال البحث العلمي في أقسام اللغة العربية في جامعاتنا والمعاناة التي يعيشها الطالب الجامعي ابتداء من قمعه فكرياً وحصر تفكيره في طريقة تفكير أستاذه بل أصبح كثير من الطلبة يخشى مناقشة أستاذه أو مجادلته في مضمون المحاضرة التي يقدمها، وبالتالي يحجم عن أن يقدم أي مقترحات تساعد على تطوير المادة العلمية المقدمة في المحاضرة، وما هو مؤسف حقاً أن بعض الأساتذة في أقسام اللغة العربية ما زال يدرس مقرر الأدب العربي الحديث، وهو يتحدث عن مدرسة الديوان وفكر طه حسين والاتجاه النفسي في الأدب، لقد غاب عن هؤلاء أن الأدب العربي بتصنيفاته واتجاهاته النقدية قد تجاوز هذه المرحلة، والأدهى من ذلك أن نجد من الأساتذة من يقدم محاضرة عن الشعر الحديث وهو يتحدث عن شوقي ومحمود سامي البارودي ويبدو أن بوصله الزمن عند هؤلاء الأساتذة قد توقفت في وقت مبكر للغاية·

 

عراقيل

 

ويبدو أن بعض الأساتذة الجامعيين يتصور أن عبقرية البحث العلمي تتوقف عند عشرة أو عشرين كتابا قام بتأليفها عن طريق القص واللصق فيسمح لنفسه أن يضع العراقيل أمام طلبة البحث العلمي لا سيما طلبة الدراسات العليا وإلا ما الذي يجعل طالب الدراسات العليا في أقسام الأدب يمضي أكثر من ثلاث سنوات في دراسة الماجستير وأما إذا جاء للدكتوراه فإن المسألة في بعض الأحيان تستغرق أكثر من أربع سنوات وفي المحصلة فإن الطالب يمضي من عمره ثماني سنوات وهو يبحث عن شهادة الاعتراف الأكاديمي "الدكتوراه" في حين أن الطالب ذاته يمكن يختصر كل هذه الزمن ويحصل على الماجستير والدكتوراه في أربع سنوات من جامعة محترمة، عريقة مثل جامعة لندن·

إذاً فأين الخلل؟ هل هو في لوائح ونظم الدراسة المتخلفة أم هو في الأساتذة الذين يكرسون لهذه اللوائح بدلا من تطويرها والدعوة الى إصلاح ما يمكن إصلاحه؟

 

زيارة دريدا

 

إن جامعاتنا للأسف تقتل الطلبة المبدعين وتهضمهم حقهم، وأستذكر هنا موقفا جرى بين أساتذة الجامعات في مصر والناقد المفكر جاك دريدا أثناء زيارته الشهيرة الى مصر أواخر التسعينات من القرن المنصرم فقد أعد الأساتذة للضيف جدولاً مزدحما من الزيارات واللقاءات والندوات وجاء كل واحد مهم يتأبط عشرات الكتب المنسوخة والمنقولة على أمل النقاش والحوار فما كان من جاك دريدا إلا أن قال لهم "كل ما تقولونه موجود في الكتب ولكن أين طلبة الجامعات؟" إنه يسأل عن الطلبة لمناقشتهم واستطلاع فكرهم وآرائهم وهي ملاحظة تنبئ عن إيمان دريدا العميق بأن الطلبة هم خير من يساهم في تشكيل بنية العقل والوعي الفكري للمجتمعات الحديثة·

 

مأزق علمي

 

ويبدو أن بعض أساتذة الجامعات العربية أنفسهم قد أدركوا مأزق البحث العلمي والورطة التي وقعت فيها جامعاتنا العربية فها هو الباحث والناقد د· صلاح فضل يقول في مقابلة صحفية أجريت سابقاً "ثمة أزمة في كتابات النقاد والأكاديميين على وجه الخصوص، فقد صارت الكتابات الأدبية جامدة على نحو ما ولا تواكب الإبداع الحداثي المرن، وللأسف فإن الجامعات والأكاديميات تحتضن نقاداً بلداء يلوون التجارب الإبداعية الحية لتتماشى مع تجاربهم وأفكارهم، ويتحدث محيي الدين اللاذقاني في مقال له عن فئة قليلة من أساتذة الجامعة استطاعوا تبسيط أدوات النقد الأكاديمي وتطويعها لأسلوب الصحافة "ومن هؤلاء عبد الله الغذامي الذي قفز من مركب النقد الأدبي الى سفينة النقد الثقافي مستفيداً في هذه النقلة  من تجربة نقاد مبدعين عالميين كبار على غرار رولاند بارت وأمبرتو أيكو وغيرهما من الذين أخرجوا النقد من أسوار الجامعات الى رحابة فضاء الثقافة العامة حيث لا يسمح الجمهور بالتقعر ولا يسمح المناخ بأي شكل من أشكال الوصاية على الذائقة·

 

شطحات بارت

 

حسنا فعل رولاند بارت حين انتقد الأكاديميين وسخر منهم، فقد كان لفكره الجزيء وشطحاته اللذيذة حين تحدث عن السيميائيات وفتح الباب على مصراعيه لدراسة الأدب من جوانب وزوايا لم يألفها أحد فقد ربط الأزياء بالنص الأدبي وأوغل في تأمله للعلامة السابحة في الفضاء الى حد جعله يربط ملامح الإنسان  الشرقي في الصين واليابان بالنص الأدبي الذي ينتج في تلك البقعة من الكرة الأرضية· فهل يدرك أساتذتنا في الجامعات أن الدراسات الأدبية رحبة للغاية؟ وهل يسمح لطلبتنا بالإبداع والابتكار دون قيود أو وصاية؟!

طباعة  

إصـدارات
 
أصدرت مجموعات قصصية وكتبت عن أدب المرأة في الخليج
عبدالله القتم يتتبع مسيرة ليلى محمد صالح الإبداعية

 
شعر
 
وزراء الثقافة في دول مجلس التعاون يعقدون اجتماعهم الثالث عشر