رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 أغسطس 2006
العدد 1740

أولمرت الجبان لا يفهم خطر الفشل على ثقة الولايات المتحدة بإسرائيل!

                                                    

 

·         إدارة بوش تشعر بالإحباط لعدم قدرة إسرائيل على القضاء على حزب الله

·         1982 كانت آخر مهمة عسكرية تنفذها إسرائيل لصالح الأمريكيين

 

بقلم: تشارلز كروثامر:

الحرب التي تخوضها إسرائيل ضد حزب الله تهدف إلى ضمان حدودها الشمالية ولإلحاق الهزيمة بهذه الميليشيا المصممة على تدمير دولة إسرائيل، ولإستعادة قدرة الدولة العبرية على الردع في عصر الصواريخ بعيدة المدى، بل إن هناك ما هو أكثر من ذلك، بيد أن قادة إسرائيل لا يفهمون - على ما يبدو - مدى الضرر الذي يلحق بدولة إسرائيل إذا فشلت الحملة العسكرية على لبنان وبعلاقتها بالولايات المتحدة، شريان الحياة بالغ الأهمية بالنسبة لهذه الدولة·

لقد ظل الجدل دائراً في الولايات المتحدة منذ عقود حول قيمة إسرائيل الاستراتيجية، وفي لحظات حاسمة في الماضي، أظهرت إسرائيل، عملياً، قيمتها الحقيقية، ففي عام 1970 تحرك الجيش الإسرائيلي ضد سورية وأنقذ الملك حسين من السقوط لدى تصادمه مع المقاومة الفلسطينية، وفي عام 1982 اشتبكت الطائرات الإسرائيلية ذات الإنتاج الأمريكي مع سلاح الجو السوري وتمكنت من إسقاط 86 طائرة سورية من طراز "ميغ" خلال أسبوع واحد، دون أن تخسر إسرائيل طائرة واحدة، الأمر الذي كشف بشكل مدهش، تخلف تكنولوجيا الطيران السوفييتي أمام التكنولوجيا الأمريكية، وشكل ضربة كبيرة لهيبة السوفييت في الخارج وللثقة بالنفس داخل النخبة الحاكمة في الاتحاد السوفييتي السابق، بما فيها عضو المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي آنذاك ميخائيل غورباتشوف·

 

رصيد أم عبء؟

 

ولكن مضى على مثل هذه الحوادث عقود، والسؤال المطروح دائماً (من الولايات المتحدة لإسرائيل) هو: ما الذي فعلته لي مؤخراً؟ هناك الآن جدل حادّ داخل الولايات المتحدة حول ما إذا أصبحت إسرائيل في أعقاب هجمات الحادي عشر من سبتمبر، رصيداً أم عبئاً، وقد وفر هجوم "حزب الله" على إسرائيل في الثاني عشر من يوليو، فرصة استثنائية لإسرائيل كي تثبت مدى فائدتها لأمريكا في حرب الأخيرة على الإرهاب·

وينظر البعض إلى الضوء الأخضر الذي أعطته الولايات المتحدة لإسرائيل وكأنه خدمة قدمتها للدولة العبرية، ولكن هذا التحليل مبتور ومضلل، فالضوء الأخضر، أو بالأحرى التشجيع الأمريكي لإسرائيل كي تنفذ هجومها على "حزب الله"، ينطوي على مصلحة للولايات المتحدة فالهزيمة الساحقة لحزب الله هي مطلب وحاجة للولايات المتحدة قبل كل شيء·

فعلى العكس من المجموعات الأخرى في الشرق، يعتبر "حزب الله" عدواً خطيراً للولايات المتحدة، فهو المسؤول عن مقتل 241 جندياً من قوات المارينز في بيروت عام 1983، أي أنه قتل أكبر عدد من الأمريكيين، من أية منظمة أخرى، باستثناء شبكة القاعدة·

والأهم من ذلك، أن الحزب أصبح اليوم يمثل رأس الحربة لإيران المتعطشة لامتلاك السلاح النووي، والحزب يعتمد على إيران، بشكل أساسي، في تمويله، ودوره يتمثل في توسيع نفوذ الثورة الإيرانية ليشمل لبنان وفلسطين وزعزعة أي سلام بين العرب وإسرائيل·

لقد وجدت الولايات المتحدة نفسها تخوض حرباً مع الإسلام الراديكالي يقودها تنظيم القاعدة عن المذهب السني وتنافسه إيران عن الشيعة، في مواجهة الغرب الكافر، ومع تراجع قوة "القاعدة"، أصبحت إيران الآن، تتقدم الصفوف، فهي تمارس نفوذها عبر "حزب الله" في لبنان و"حماس" في فلسطين ومقتدى الصدر في العراق، من أجل تقويض الحكومات العربية الحداثية المعتدلة والموالية للغرب، وإخضاع هذه الدول للهيمنة الإيرانية، وتعول طهران على طموحاتها النووية كي تدفع أجندتها وتؤمن لها الردع ضد أي تدخل أمريكي أو إسرائيلي أو غيرهما·

 

حرب الحلفاء

 

ويعي الزعماء العرب المعتدلون والموالون للغرب هذه الحقيقة جيداً، ولهذا السبب، سارعت الأردن ومصر والسعودية للوقوف ضد "حزب الله"، وحضّت الولايات المتحدة سراً، على منح إسرائيل الفرصة للقضاء على "حزب الله"، فهم يعرفون أن حزب الله يخوض حرباً ليس فقط ضد إسرائيل، بل أيضاً ضدهم، وضد الولايات المتحدة والغرب، عموماً·

وهكذا، أتيحت لإسرائيل فرصة نادرة لإظهار أن بوسعها أن تفعل شيئاً للراعي الأمريكي العظيم·

لقد منحت الولايات المتحدة فرصة كبيرة لإسرائيل لتحقيق ذلك ووفرت لها كل أسباب النجاح، وعولت كثيراً على قدرات إسرائيل، لكنها أصيبت بخيبة أمل، فلم يظهر رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت قيادة واثقة وحازمة، إذ اعتمد، بشكل أحمق، على القوة الجوية لوحدها لإنجاز المهمة، وحرم جنرالاته من الهجوم البري الذي أراده في بداية الحرب، ثم عاد وفوضهم بشن هذا الهجوم متأخراً، وسمح لجلسات مجلس وزرائه بالتسرب إلى وسائل الإعلام بطريقة لا يمكن لأي قائد أن يسمح بها في زمن الحرب، ويجري نقل الخلافات داخل مجلس الوزراء الإسرائيلي إلى العلن، كما حدث لدى تذمر أولمرت نفسه ذات مرة "أنني مرهق ولم أذق طعم النوم طوال الليلة الماضية" (هارتس 28 يوليو)، وهذا أمر لا يشيع أجواء الثقة في طاقم مساعديه·

إن رغبة أولمرت تحقيق الانتصار دون ثمن، لم تهدد عملية الهجوم على "حزب الله" فحسب بل عرضت للخطر ثقة الأمريكيين بإسرائيل فهذه الثقة والعلاقات التي تعززها أمر لا يقل أهمية لبقاء دولة إسرائيل عن جيش الدفاع الإسرائيلي نفسه، ويبدو أن أولمرت الجبان المرتجف لا يفهم هذه الحقيقة·

"عن: واشنطن بوست"

طباعة  

غارات إسرائيل على لبنان قوّت أعداءها ولم تضعفهم
 
أخطأ المحللون...
حين قارنوها بحرب 1982