رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 أغسطس 2006
العدد 1740

غارات إسرائيل على لبنان قوّت أعداءها ولم تضعفهم

 

 

·         موقف إسرائيل التفاوضي مع حزب الله  سيكون بعد الحرب أضعف منه قبلها

·         إسرائيل كررت الخطأ الأمريكي في العراق  بشن الحرب دون تخطيط أو قوات كافية

·        عرقلة أمريكا  لجهود وقف  إطلاق النار كانت معيبة وضارة

 

بقلم: بول كروغمان:

من الكوابيس التي تؤرق الأمريكيين الذين يحرصون كثيرا على إسرائيل، أن يروها ترتكب في الحرب التي تشنها على لبنان، الأخطاء ذاتها التي ارتكبتها الولايات المتحدة في العراق، ففي هذه الحالة نكون أمام وضع وكأن رئيس الوزراء الإسرائيلي ايهود أولمرت تقمص روح وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد·

وما من شك في أن هناك فروقاً كبيرة في جذور الحربين فقد تأسست الحرب في العراق على مزاعم زائفة، بينما تخوض إسرائيل حرباً للدفاع عن النفس "!!"

لكن كلتا الحربين ما هي إلا استمرار للعمل السياسي بوسائل أخرى، حتى لو كانت هذه الوسائل جهنمية، إنه لخطأ رهيب أن تشن عملية عسكرية كبرى مهما تكن مبرراتها الأخلاقية ما لم يكن لديك مبرراً قوياً للاعتقاد بأن هذه العملية ستفضي الى تحسين الأمور·

فلم تكن الجدلية الأقوى ضد غزو العراق، ذلك الشك لدى الكثيرين منا، والذي تبين صدقه فيما بعد بأن الدوافع لذلك الغزو كانت زائفة، بل كانت حقيقية أن السبب الحقيقي الذي جعل المسؤولين الأمريكيين والعديد من الخبراء يرغبون في شن الحرب، ألا وهو اعتقادهم أنه إذا قامت الولايات المتحدة بتوجيه ضربة عسكرية الى "أحد ما" في العالم العربي بصرف النظر عمن يكون، فإن ذلك سيثير الهلع والرعب في نفوس المتطرفين الإسلاميين ويدفعهم للتخلي عن الإرهاب، لكن اتضح جليا أن هذا الاعتقاد لم يكن سوى وهمي صبياني·

 

نتائج كارثية

 

وأثبتت التجربة أن نتائج الدخول في الحرب على أساس مثل هذا الوهم، كانت كارثية كما كان متوقعا: فقد أظهرت الحرب في العراق حدود ما يمكن أن تفعله القوة العسكرية الأمريكية وعززت الإسلام الراديكالي، لا سيما التطرف الشيعي المتحالف مع إيران بما في ذلك "حزب الله"، وأفقدت الولايات المتحدة لمثلها الأخلاقية العالية·

غير أن ما لم يكن متوقعاً أبداً هو أن تقع إسرائيل الدولة ذات التجارب الكثيرة في الحرب ومواجهة أعمال التمرد، ستقع في مثل هذه الأوهام، ومع ذلك يبدو أن هذا ما حدث لها بالفعل·

لإسرائيل الحق في شن هجوم بري شامل ضد حزب الله إذا لم تجد سبيلا آخر لحماية نفسها، ولكن كان يمكن لإسرائيل ممارسة ضبط النفس والقيام بعمليات مضادة محدودة متزامنة مع الدبلوماسية، وفي محاولة لدفع أطراف أخرى لكبح جماح "حزب الله" مع الاحتفاظ بالهجوم البري الشامل كخيار أخير·

لكن المسار الفعلي الذي اتخذته إسرائيل والمتمثل بالقيام بعملية قصف جوي من الواضح أنها لم تشل قدرات "حزب الله" بل تعمل على تدمير البنية التحتية للبنان وقتل عدد كبير من المدنيين·

ويبدو أن أطرافاً في الحكومة الإسرائيلية أقنعت القيادة السياسية أن القيام بحملة قصف باستخدام القنابل الذكية سيؤدي الى تحطيم أو تخويف "حزب الله" وحمله على الاستسلام ويجب على الحكومة التخلص منهم الآن·

ويبدو أن قرار الحكومة الإسرائيلية الاعتماد على الصدمة والترويع بدلا من الدبلوماسية أو العملية البرية، كما قرار الولايات المتحدة قبل ثلاث سنوات ونصف السنة، إصدار الأوامر للمفتشين الدوليين بمغادرة العراق والقيام بغزوه دون قوات كافية أو خطة لتأمين الاستقرار فيه يفضي الى نتائج عكس ما كان مؤمل منه·

لقد ارتقى "حزب الله" الى منزلة البطولة وخربت إسرائيل سمعتها كقوة إقليمية عظمى أولاً وجعلت من نفسها قوة شريرة في أعين العالم·

 

مستنقع

 

أن تذمر إسرائيل بأن ذلك محجفا بحقها لن يجدي نفعا، تماما كترديد الولايات المتحدة "ولكن صدام كان شريراً" الذي لاينفع في تحسين الوضع في العراق وما تحتاجه إسرائيل الآن هو سبيل للخروج من هذا المستنقع وبما أن إسرائيل ليست مستعدة لإعادة احتلال جنوب لبنان - على ما يبدو - فهذا يعني أن تفعل ما كان ينبغي لها أن تفعله منذ البداية أي الالتزام بضبط النفس واللجوء الى العمل الدبلوماسي ولكن عليها الاعتراف بأنها الآن سوف تفاوض من موقع أضعف مما لو فعلت قبل ثلاثة أسابيع من الآن·

وماذا عن الدور الأمريكي الذي ينبغي أن يكون باتجاه احتواء الأزمة؟ لقد كان الموقف الأمريكي هذه المرة معيبا وضاراً في آن·

لقد عملت الولايات المتحدة على تعطيل وحرف كل الجهود الدولية لوقف إطلاق النار لأطول وقت ممكن لإعطاء إسرائيل الفرصة لاستكمال مهمتها، وكذلك رفضت الولايات المتحدة إجراء مفاوضات مع سورية التي ربما تمسك بمفتاح حل الأزمة لأن الرئيس جورج بوش لا يؤمن بالتفاوض مع الأشرار، وهو بالمناسبة الشيء ذاته الذي فعله بيل كلينتون من قبل·

هذه ليست ممارسة سياسية، بل ألعاب صبيانية ومرة أخرى من حق إسرائيل الدفاع عن نفسها وإعلان حرب شاملة ضد "حزب الله" ولكن إذا تعذر تفادي مثل هذه الحرب، ولكن عمليات القصف والتدمير في لبنان بهذا الشكل لن تجلب الأمن لإسرائيل·

لقد أعلنت إسرائيل بعد مجزرة قانا التي قتلت فيها الصواريخ الإسرائيلية العشرات من المدنيين منهم الكثير من الأطفال، تعليق هجماتها الجوية لمدة 48 ساعة ولكن لماذا استأنفت الغارات بعد انقضاء هذه المدة؟ فالحقيقة المرَّة هي أن إسرائيل ولمصلحتها هي أولاً بحاجة لوقف حملات القصف الجوية لأنها تقوي أعداءها ولا تضعفهم·

* عن انترناشيونال هيرالد تريبيون

طباعة  

أولمرت الجبان لا يفهم خطر الفشل على ثقة الولايات المتحدة بإسرائيل!
 
أخطأ المحللون...
حين قارنوها بحرب 1982