رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 2 أغسطس 2006
العدد 1739

معركتنا ليست من أجل إقامة منطقة عازلة بل من أجل البقاء!
إسرائيل خسرت حربها ضد حزب الله قبل أن تنتهي

 

                                                      

 

·         إسرائيل تمتلك الساعة لكن حزب الله يمتلك الوقت

·         الحزب بحاجة للصمود لكن إسرائيل  بحاجة لتدميره لإعلان النصر

·     إذا تمكن اللبنانيون من إخفاء الصواريخ فإنه   بإمكان الإيرانيين إخفاء الأسلحة النووية

 

بقلم رالف بيترز:

إسرائيل تخسر هذه الحرب، وأنه لأمر مؤلم لأحد مؤيدي الدولة اليهودية منذ زمن طويل، أن يكتب مثل هذا الكلام، ولكنها الحقيقة، فالوضع يسوء يوما بعد يوم، فقد وصف لي الوضع مسؤول أمريكي بالقول إن "إسرائيل تملك الساعة ولكن حزب الله يملك الوقت"، والوقت يسير في صالح الحزب الذي يسجل مزيدا من النقاط في الحرب الدعاية، مع كل صاروخ يطلقه على المدن الإسرائيلية·

فكل ما يحتاجه حزب الله من أجل تحقيق النصر هو ألا يخسر كليا· ولكن إسرائيل عليها تدمير الحزب حتى تخرج منتصرة في هذه الحرب·

ولكن حسابات إسرائيل الخاطئة أبقت حزب الله على قيد الحياة قادراً على توجيه الضربات لها· والآن، يتعين على إسرائيل أن تستجمع قواها وتحشد عددا كافيا من القوات لخوض الحرب البرية بتصميم قوي من أجل تحقيق ما ينبغي تحقيقه، أي استئصال والقضاء على مقاتلي حزب الله، وهذا يعني أن إسرائيل ستمنى بخسائر فادحة، وأكبر مما كانت ستخسره لو فعلت ذلك عند بدء القتال·

الوضع بالغ الخطورة، وانتصار حزب الله سيكون نصرا حاسما للإرهاب ولإيران وسورية، والكل يحب المنتصرين، لاسيما في منطقة كالشرق الأوسط التي ظل فيها العرب والفرس خاسرين لردح طويل من الزمن·

ولا يمكن لإسرائيل تحمل عبء انتصار يحققه "حزب الله"، كما لا يمكن لأمريكا تحمّل مثل هذا العبء، ومع ذلك فربما يحدث ويحقق "حزب الله" الانتصار·

لقد حاولت إسرائيل أن تخوض حربا غير شاملة، الأمر الذي وضعها في ورطة· ولنلق نظرة على الوضع الراهن: لقد خدم الجيش الإسرائيلي مصالح "حزب الله" حين حاول تفادي خوض حرب برية والاكتفاء بالغارات الجوية، على أمل عدم تعريض حياة الجنود الإسرائيليين للخطر، لقد أعطى الجيش، بذلك، الفرصة "لحزب الله" ليزعم أن إسرائيل تخشى الحرب البرية، وفي الوقت ذاته، لم تثبت الغارات الجوية والمدفعية جدواها، وكان معظم ضحاياها من المدنيين اللبنانيين وليس من مقاتلي الحزب، وهو ما برز جليا في وسائل الإعلام العالمية·

 

ورطة أعمق

 

وتشير التقارير العسكرية إلى أن الجيش الإسرائيلي بصدد حشد ما بين 3-5 آلاف جندي للقيام بعمليات برية محدودة في جنوب لبنان، وهذا لن يكون مجديا، كما أن مثل هذا العدد من القوات لا يكفي لأداء المهمة، لأننا منحنا "حزب الله" الفرصة للاستعداد والتصدي، وإذا فعلنا ذلك، فسوف تصبح ورطتنا أعمق، إن أي عملية إسرائيلية لا تستخدم فيها القوة الكاسحة من عدة وعتاد، لن تنجح··

لقد فشلت الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية المشهورة بقدراتها على اختراق العدو، بأداء مهمتها هذه المرة، فلم تكتشف الأسلحة الجديدة التي حصل عليها "حزب الله" من إيران وسورية كالصواريخ المضادة للسفن والصواريخ بعيدة المدى، وبعد سنوات من التجسس على أنشطة وتحركات الحزب، لم تتمكن من تحديد أماكن قياداته ومخازن أسلحته·

ويجب أن يدقّ ذلك ناقوس الخطر على نطاق عالمي، فإذا كان "حزب الله" قادرا على إخفاء الصواريخ، فإن بإمكان إيران إخفاء الأسلحة النووية·

الإعلام يقف الى جانب "حزب الله" فقد كان شحيحا في نقل صور الضحايا والدمار الناجمين عن صواريخه، لكنه ظل ينقل بشكل شبه مباشر آثار القصف الجوي الإسرائيلي ومعاناة المدنيين اللبنانيين نتيجة لذلك، إننا نسمع عن زجاج ينكسر في حيفا، مقابل أطفال ينزفون في بيروت·

 لقد سعدت واشنطن حين وجهت بعض الحكومات العربية انتقادات لحزب الله، لكن الشارع العربي - بسنّته وشيعته - وقف خلف الحزب·

إن بيانات الحكومتين المصرية والسعودية لا تعدو كونها بطاقة معايدة كتلك التي بعثت بها ماري انطوانيت لفقراء فرنسا عشية عيد الميلاد عام 1789·

وفي هذه الأثناء، تترك واشنطن أيدي المسؤولين في دمشق وطهران طليقة، "حزب الله" يقاتل ويسقط مقاتلوه، بينما تنشغل إيران وسورية بجمع الغنائم·

وفي الوقت ذاته، تبدو إسرائيل تفتقر الى التصميم وعاجزة، وهو الأمر الذي يشجع أعداءها على التمادي في اللعب بالنار·

ويطالب "المجتمع الدولي" بوقف لإطلاق النار لا يستفيد منه سوى الإرهابيين، حيث سيكون بوسع "حزب الله" الزعم بأنه تصدى لإسرائيل وأوقف هجومها، وهو ما يرقى إلى أفضل دعاية لتجنيد المزيد من العناصر·

وإذا ما تم وقف إطلاق النار تحت مظلة الأمم المتحدة، فإنه لن تحقق مصالح إسرائيل، وسوف تتعاون القوات الدولية أو تغض الطرف عن الإرهابيين·

وهل يمكن أن نركن إلى أن روسيا يمكن أن تكون وسيطا نزيها؟ اسألوا اليهود الذين فروا منها الى إسرائيل وسوف تجدون لديهم الجواب، وهل يمكن لقوات فرنسية أن تحمي المصالح الإسرائيلية؟ اسألوا اليهود الذين أرسلتهم "حكومة فيشي" (الحكومة الفرنسية التي تعاونت مع الاحتلال النازي أثناء الحرب العالمية الثانية)· الى معسكرات الموت، فالفرنسيون هم أكثر معاداة للسامية من الألمان، لكنهم أقل فاعلية فحسب!

 

نقطة مضيئة

 

النقطة المضيئة الوحيدة أن إدارة بوش تواصل معارضتها للجهود الدولية للضغط على إسرائيل من أجل القبول بوقف إطلاق النار قبل أن تنضج الظروف لذلك، وهو ما أفشلته وزيرة الخارجية كونداليزا رايس لأنها لم ترغب بالتدخل في حق إسرائيل في الدفاع عن نفسها·

ولكن الوقت يمرّ بسرعة، وليس بوسع واشنطن أن تفعل شيئا سوى تمكين إسرائيل من كسب المزيد من الوقت لتحقيق أهدافها من الهجوم ضد "حزب الله"·

إن كل صاروخ يسقط على إسرائيل يمثل دعاية لحزب الله بأنه يحقق الانتصار، ولكن هذه الصواريخ لا تزال تسقط على شمال إسرائيل بالرغم من أكثر من ألف غارة جوية نفذها سلاح الجو الإسرائيلي على لبنان، الأمر الذي يجعل إسرائيل تبدو عاجزة أمام العالم، لقد كان ثمن محاولات الجيش الإسرائيلي الحفاظ على حياة جنوده من قوات المشاة، إلى أن ارتفع حزب الله في العالم الإسلامي الى مقام الأبطال·

لقد حاولت حكومة أولمرت خوض الحرب بكلفة منخفضة، وعادة ما تنتهي مثل هذه المحاولات الى رفع كلفة الحرب· ويشبه أولمرت في ذلك، الرئيس الأمريكي السابق بيل كلينتون الذي كان يرغب في قصف العدو بالقنابل عن بعد، ولكنه لم يكن يرغب في تقبّل حقيقة أن الحرب تستوجب دفع ثمن باهظ·

إن إسرائيل بحاجة الى الإمساك بزمام قوة الإعلام العالمي، وعليها، وهي التي طالما تباهت في قدرتها على التعاطي مع الإعلام وتوجيهه كيفما تشاء، فهي تدرك أن الإعلام يمكن أن يقلب مسار المعركة، وحتى لو ظفرت إسرائيل بنصر اللحظة الأخيرة على الأرض، فقد أعطت الفرصة للماكينة الإعلامية المناهضة لإسرائيل، لتصوير "حزب الله" بأنه المنتصر في هذه الحرب·

فالوضع كئيب، وتبدو إسرائيل أكثر شعوراً بالإحباط يوما بعد يوم، بينما يبدو حزب الله أكثر إصرارا على التحدي·

إن ما يجري في جنوب لبنان، لا يتعلق - في النهاية - بإقامة منطقة عازلة، فهو يتعلق ببقاء دولة إسرائيل، في المدى البعيد، ويتعلق الأمر بالحيلولة دون بروز إيران كقوة نووية وتقوية النظام المارق في دمشق· ويتعلق كذلك بمستقبل لبنان الذي هو ضحية للجميع·

فالورطة التي أدخلت إسرائيل نفسها فيها لدى محاولتها استغلال الفرصة للقضاء على حزب الله، يجب أن تشكل ناقوس الخطر الذي يوقظ قادة البلاد· فجيش الدفاع الإسرائيلي ظهر في هذه الحرب شبحا يثير الشفقة لذلك الجيش الذي قاده آرئىيل شارون في حرب أكتوبر 1973 ضد القوات المصرية، كما يبدو أن هناك عيوبا تعتري عملية التخطيط وتحديد الأهداف·

لقد فشل الجيش الإسرائيلي بكل ما يمتلكه من تكنولوجيا متقدمة، في تحقيق أهدافه، والأخطر من ذلك أن أسطورة الجيش الإسرائيلي الذي لا يقهر قد تحطمّت·

وإذا عجزت إسرائيل عن معالجة هذا الوضع بسرعة، فإن الفشل في هذه المعركة سيشكل نقطة تحوّل في تاريخها، نحو الأسوأ·

"عن:نيويورك بوست"

طباعة  

بدأت تتحدث عن إضعاف وليس استئصال الحزب!
صمود حزب الله أجبر إسرائيل على خفض سقف توقعاتها