رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 10 مايو 2006
العدد 1727

الفيدرالية على أساس طائفي لا تضمن استقرار العراق

                                                    

 

·         تحول العراق الى ساحة معركة بين السنة والشيعة يهدد الشرق الأوسط برمته

·       المساعدات الأمريكية للعراق خلال ثلاث  سنوات فاقت ما حصلت عليه ألمانيا من 46 – 1952

·         العراق بحاجة لالتزام عسكري واقتصادي من أمريكا وحلفائها حتى عام 2010

 

بقلم: انطوني كوردسمان*

لا يمكن لأحد أن يجادل بأن آفاق الاستقرار في العراق جيدة، ففي أحسن الأحوال، سيكون تشكيل الحكومة العراقية مقدمة لأربعة أشهر من النقاش حول الدستور والقضايا المهمة الأخرى التي لا تزال موضع خلاف بين مختلف الفرقاء·

وسوف يتبعها شهران من الصراع السياسي حول إجراء استفتاء وإقرار نتائجه، ومن ثم يتعين على العراقيين أن يتخذوا القرار في ما إذا كان بالإمكان تطبيق هذه النتائج· وربما يؤدي ذلك - في أحسن الأحوال - الى فوضى سياسية قد تستمر حتى عام 2007 وربما حتى عام 2008·

لقد نفدت أموال المساعدات الدولية الى العراق وليس لديه الآن، سوى عوائد صادراته من النفط، ويبدو أن الكثير من برامج المساعدات الأمريكية طويلة المدى لن تستمر وبعضها لن يستكمل·

فالمجتمع الدولي لن يدفع المزيد من الأموال وعائدات النفط لن تفي باحتياجات العراق· أضف الى ذلك، أزمة سياسية في ظل ضائقة اقتصادية قد تستمر لعامين، ومعدلات بطالة تناهز الثلاثين في المئة·

وفي حين أن التقدم في بناء القوات العراقية المسلحة، جيد، إلا أن هذه القوات تعاني من انقسامات عميقة، على الرغم من أنها تتألف - في معظمها - من الشيعة· ومن السهل على هذه القوات أن تتشرذم وفقا للخطوط الأثنية والطائفية، إذا فشلت الحكومة العراقية·

والأخطر من ذلك، لا تزال الشكوك تحيط بقوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية، من حيث المشاركة في هجمات وانتهاكات ضد السنة· وهناك حاجة ماسة لقوات الشرطة لفرق من المستشارين المرافقين بمختلف إداراتها· فالميليشيات ورجال الشرطة يعملون بالفعل، وفقا لخطوط طائفية وإثنية، فضلا عن أن توفير التمويل لقوات الأمن سيكون مشكلة خطيرة ما لم تزد الولايات المتحدة ودول أخرى، مساعدا الأمنية المبرمجة حاليا، إن أقصى ما يمكن أن تفعله الولايات المتحدة وحلفاؤها هو المضي قدما في الاستراتيجية التي يسيرون عليها حاليا· أولا، عليهم تعزيز الجهود لتشكيل حكومة ائتلافية قادرة على فرض تسويات سياسية وتضم مختلف الفرقاء·

وهذه ليست مهمة ذات طبيعة قصيرة المدى، بل تحتاج الى ضغوط متواصلة ومحاولات تشجيع جميع الأطراف على التعاون لفترة قد تمتد الى عام 2010·

 

السيناريو الأسوأ

 

ثانيا، يجب بناء قوات عراقية فاعلة تخدم الأمة وليس الطائفة أو المجموعة الأثنية· وهذا يعني توسيع الجهود لتوفير الموارد وفرق الاستشارات الضرورية للتعامل مع قوات الأمن التابعة لوزارة الداخلية وقوات الشرطة وليس مع الجيش فقط، ويعني أيضا، توفير مئات الملايين من الدولارات الإضافية على شكل مساعدات مالية وفنية ومعدات، وأيضا التزام مستمر بالتعاون من قبل مختلف أطراف التحالف الدولي حتى عام 2010 وربما بعد ذلك·

ثالثا، خصصت الولايات المتحدة حتى مارس 2006 مساعدات للعراق تصل الى 28,9 مليار دولار، منها 17 مليارا (62 في المئة) أنفقت على عمليات إعادة الإعمار الاقتصادي والسياسي، و10,9 مليارا (38 في المئة) لقوات الأمن العراقية·

وهذا المبلغ يضاهي إجمالي المساعدات التي قدمتها واشنطن لألمانيا خلال الفترة من 46-1952، وضعفي المبلغ الذي قدم لليابان، حتى لو قيست بمعايير اليوم· ولكن تم إهدار معظم هذه المبالغ، وسوف يكون العراق بحاجة الى تدفق مساعدات جديدة من الولايات المتحدة وبقية دول العالم، حتى يتمكن من تحقيق الاستقرار والحفاظ على الوحدة· وإذا فشلت هذه الاستراتيجية، فإن السيناريو الأسوأ يشمل تمزق الحكومة وتقسيم العراق الى "فيدرالية" طائفية وأثنية، أو اندلاع حرب أهلية قد تترتب عليها عمليات تطهير عرقي وطائفي· وقد تجد الولايات المتحدة وبريطانيا والدول الأخرى نفسها قد دفعت الى خارج الصراع، وقد تطلب منها حكومة شيعية مناهضة، الانسحاب من البلاد، أو أن تجد قوات هذه الدول متورطة في مأزق طويل·

 

ساحة معركة

 

ومع ذلك، فإن الحل الأسوأ هو "استراتيجية الخروج"· فإذا تمكنا من جعل العراق يقف على قدميه، على أي مستوى، فسيكون الوضع جديرا بإنفاق المزيد والالتزام بمساعدته للمدى الطويل، لأن مخاطر الفشل تهدد حياة 28 مليون عراقي· وأن عراقا مقسما أو يعاني من فراغ في السلطة من شأنه التأثير على منطقة تحتوي على 60 في المئة من احتياطات النفط العالمية و37 في المئة من احتياطي الغاز الطبيعي· كما أن انتصار الأمر الواقع للمتطرفين الإسلاميين السنة سيشكل تحديا لكل نظام وكل حركة سياسية معتدلة في الشرق الأوسط، وسيزيد من مخاطر الإرهاب داخل الولايات المتحدة والعالم·

وبالنسبة لمجلس التعاون الخليجي، فإن التعاون الإقليمي الضحل، أصبح أكثر ضحالة في ظل التوترات المتصاعدة بين المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة وقطر، وهكذا، فقد أصبح المفهوم الجديد للتعاون الأمني الإقليمي نظرية تثير الاهتمام ونكتة غير عملية على أرض الواقع·

وإذا أصبح من المتعذر الاستمرار في النهج الراهن في العراق، فربما يتعين على القوات الأمريكية والبريطانية الانسحاب، ولكن هاتين الدولتين لا يمكنهما "الخروج" من منطقة الخليج، ويجب عليهما بذل كل جهد ممكن مع الدول الأخرى في المنطقة والمجتمع الدولي من أجل جعل العراق دولة قابلة للحياة· وعليهما اتخاذ خطوات دبلوماسية وعسكرية لمحاولة الحد من التدخل الإيراني والتركي والحيلولة دون تحول العراق الى ساحة معركة بين السنة والشيعة قد تمتد الى الشرق الأوسط بأكمله·

أما مشكلة إيران النووية وصلة ذلك بالصراع الإسرائيلي - الفلسطيني فتحتاج الى انخراط أمريكي أوروبي وقدرات عسكرية لردع واحتواء إيران· ففي أقصى الحالات يمكن للولايات المتحدة أن "تخرج" الى الكويت والبحرين والإمارات وقطر وعُمان، وفي الوقت ذاته يبقى تواجد القوات البريطانية في المياه الإقليمية والتأثير الإقليمي لها في المنطقة، بالقوة نفسها التي تتمتع بها على الدوام خلال سنوات طويلة خلت·

 

* كبير المحللين الاستراتيجيين في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية بواشنطن ومؤلف الكثير من الكتب آخرها عن العراق·

" فايننشال تايمز "

طباعة  

البرنامج النووي الإيراني بين الدبلوماسية والقوة..
الورقة الروسية لا تزال على الطاولة

 
لإصرارها على الخلط بين الإجرام والقتال من أجل الحرية..
واشنطن تعطل المحاولات لتعريف موحد للإرهاب