رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 مايو 2006
العدد 1726

الحرب الأهلية خطر محدق وليس حقيقة واقعة في العراق

                                                   

 

·         منع اندلاع أي حرب أهلية.. هي عملية سياسية في المقام الأول

·         كبح أعمال العنف في وقت مبكر عامل حاسم في منع اشتعال نزاع أهلي

·         بقاء الأمريكيين ضروري لمنع تحول القوات العراقية إلى ميليشيات طائفية

 

بقلم: مايكل أوهانلن كبير الباحثين في معهد بروكنغز

لقد أصاب المسؤولون الأمريكيون خلال الأسابيع الأخيرة بالقول إنه ليس  هناك حرب أهلية على نطاق واسع تدور في العراق·

فطالما ظلت القيادة السياسية في العراق عموماً موحدة في محاولة تهدئة الأوضاع وطالما ظل العنف الطائفي عشوائياً وليس استراتيجيا·

دون حدوث عمليات تطهير إثني منظم، على سبيل المثال فإن الحرب الأهلية الحقيقية تظل خطراً حاصلاً ولكن ليست حقيقة قائمة بالفعل ولكن كما اعترف الرئيس بوش نفسه في خطابه حول العراق في الثالث عشر من مارس الماضي فإن الذين هاجموا المرقدين في سامراء في الثاني والعشرين من فبراير الماضي كانوا يحاولون اشعال فتيل الحرب الأهلية ويبدو في ظل  عمليات القتل الطائفي واكتشاف الجثث مقطوعة الرأس والقتال الشديد في أجزاء مختلفة من بغداد وعمليات إطلاق القذائف ومهاجمة أهداف منتقاة بعناية في كل يوم تقريباً·· كل ذلك يشير إلى أن هذه المحاولات سوف تستمر على الأرجح·

وبالطبع فإن منع اندلاع حرب أهلية هي عملية سياسية في المقام الأول، وفي هذا السياق كانت تصريحات السفير الأمريكي زلماي خليل زادة الداعية إلى تشكيل حكومة ائتلاف وطني في العراق صائبة وربما يمكنه أيضا تشجيع العراقيين على البدء بالتفكير بشأن السياسات التي سوف تنتهجها مثل هذه الحكومة فعلى سبيل المثال يمكن للعراقيين البدء بالتركيز على ما سيفعلونه مستقبلا، بدلا من الجدل حول الماضي، كما يمكنهم التوصل إلى اتفاق بشأن اقتسام عائدات النفط بين المحافظات المختلفة واعادة تأهيل البعثيين من المستويات الدنيا للانخراط في المجتمع مرة أخرى ودمج الاجهزة الأمنية وخلق فرص عمل جديدة للشباب العراقي·

 

اتجاه خاطئ

 

ولكن إذا استمر تدهور العملية السياسية وظل شبح الحرب الأهلية قائما فسوف نحتاج أيضا الى خطة عسكرية لتبديده لقد كان معظم الجدل الأمريكي يتركز على طرح الأسئلة حول كيفية التعاطي مع صراع مفتوح في عراق ممزق وينتشر فيه العنف في كل مكان، ولكن السؤال الأهم، هو كيف نوقف العنف في مراحله الأولى وقبل أن يتطور هذا السيناريو ويكتمل بصورة حرب أهلية شاملة، هذا ليس جدلا تقليديا حول مدى سرعة وموعد سحب قواتنا من العراق بل هو جدل حول ما تفعله هذه القوات بينما هي هناك·

وتفيد المؤشرات الأولية بهذا الشأن إلى أن التفكير الأمريكي يسير في الاتجاه الخاطئ، فقد أشار وزير الدفاع دونالد رامسفيد إلى أن القوات الأمريكية لن تنخرط بقوة في نزاع أهلي وسوف تترك للقوات العراقية التعامل مع مشكلة كهذه وربما يكون لهذا النهج الذي يعكس الموقف السلبي نسبيا الذي اتخذته القوات الأمريكية عقب تفجيرات سامراء في الثاني والعشرين من فبراير الماضي إشارة مفهومة، ولكنه يشبه قرارنا الوقوف على الحياد بعد سقوط بغداد واتاحة الفرصة لعمليات السلب والنهب التي وقعت في شهر إبريل 2003 وقد يكون له نتائج كارثية ماثلة·

فإذا بدأت الحرب الأهلية في العراق، قد تقع عمليات عنف وهجمات عشوائية تقوم بها الميليشيات القوية وقد تشمل هذه الهجمات المساجد ومنازل شخصيات مهمة من مختلف الطوائف والمجموعات الدينية والمواطنين العاديين الذين لا حماية لهم، وقد تقوم هذه المليشيات بعمليات تطهير عرقي، وحين تسمع الميليشيات التابعة للطرف الآخر فسوف تندفع للقيام بعمليات انتقامية وسوف تسعى لحماية العائلات والأصدقاء العزل من خلال عمليات تطهير عرقي أيضا في المناطق الخاضعة لسيطرتها·

فهذه هي الديناميات التقليدية للنزاعات الأهلية كما وردت في تحليلات باحثين من أمثال جون مويلر وباري بوسين وستيف ستيدمان وحاييم كوفمان فالحروب الأهلية ذات الأبعاد الاثنية العميقة لا تبدأ عادة بحروب شاملة، بل تتطور دينامية محلية تحركها مشاعر الكراهية والخوف والغضب بشكل متزايد·

 

العمود الفقري

 

وفي مثل هذه الحالة فإن كبح أعمال العنف في وقت مبكر أمر بالغ الأهمية، حيث ينبغي وضع المزيد من الجنود على نقاط التفتيش وفرض نظام منع التجول وتنفيذ عمليات الاعتقال وإطلاق النار على من يخالف القانون وتأمين الحماية للمساجد والمدارس والمستشفيات·

نعم يمكن للقوات العراقية القيام بالكثير من هذه المهام وينبغي لها أن تقوم بها، وصحيح أن الكثير من هذه القوات يمكنها ذلك لكن قوات الأمن العراقية لم تختبر سياسياً بعد فمعظم وحداتها تخضع لسيطرة هذه المجموعة أو تلك وإذا بدأ العراق ينزلق نحو حرب أهلية فإن الكثير من افراد هذه القوات سيخضع لإغراء الانحياز إلى الطائفة بدلاً من الانخراط في العمل لوقف الحرب·

ويمكن للتحالف الدولي أن يفعل الكثير لمنع وقوع حرب أهلية، حيث يمكن لقواته الانتشار مع قوات الشرطة والأمن العراقية في الشوارع بحيث توفر قوة بشرية كافية لاستعادة الأمن والنظام في حال بدأت تعم الفوضى البلاد، ويمكن لقوات التحالف أيضا توفير العمود الفقري الذي تستند إليه القوات العراقية من أجل العمل لخدمة العراق وليس لخدمة مصالح الطائفة، وبهذا يمكن للقوات الأجنبية أن تلعب دور البوتقة التي توحد جميع العاملين في قوات الأمن والشرطة العراقية من خلال العمل معها وضرب المثل الذي تحتذى به هذه القوات·

وربما كان رامسفيلد في تصريحه بشأن ترك المجال للعراقيين للتعامل مع أي نزاع أهلي يحاول نقل رسالة للعراقيين بأن عليهم الاعتماد على أنفسهم وليس على الأمريكيين في منع اندلاع حرب أهلية، وهذه رسالة منطقية إذ يجب على العراقيين أن يرتقوا إلى مستوى المسؤولية وحل مشكلاتهم بأنفسهم ولكن إذا كان وزير الدفاع رامسفيلد يكشف حقيقة خططنا العسكرية في حال بدأت الحرب الأهلية في العراق فإنه يتحدث عن استراتيجية خاطئة، وقد حان الوقت الآن، كي يكشف الأمريكيون عن خططهم الحقيقية ميدانيا في حال أصبحت الحرب الأهلية حقيقة واقعة في العراق·

"واشنطن بوست"

طباعة  

غزو العراق.. كيف أطال عمر الدكتاتوريات العربية؟
 
لا يمكن وضع الصداميين والجهاديين والإيرانيين في سلة واحدة
ما تفعله إدارة بوش تراجيديا وليس استراتيجيا!