رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 3 مايو 2006
العدد 1726

غزو العراق.. كيف أطال عمر الدكتاتوريات العربية؟

                                                   

 

·         سورية وإيران تعتقدان أن أمريكا تتخبط في العراق ولن تكرر تجربة الغزو

·       الإرهابيون في الشرق الأوسط قلة ليس لديها برامج سياسية أو اقتصادية

 

بقلم: نيكولاس بلانفورد

كان يُفترض أن يؤدي إسقاط نظام صدام حسين الى إطلاق حقبة جديدة في الشرق الأوسط، وفقاً لمهندسي الغزو· حقبة يُستأصل فيها التطرف الإسلامي وتحل فيه الديمقراطيات الناشئة محل الأنظمة الدكتاتورية·

ولكن بعد ثلاث سنوات على سقوط الطاغية، تشهد المنطقة أقصى درجات التوتر الطائفي بين السنة والشيعة، ويتسع نطاق التطرف الإسلامي وترتفع مستويات العداء المناهض للغرب، ولا تزال الأنظمة السلطوية تتمسك بالسلطة في معظم بلدان المنطقة·

يقول ديفيد ماك نائب رئيس معهد الشرق الأوسط في واشنطن إن "الغزو الأمريكي للعراق جلب بعض الإيجابيات، ولكنه خلف الكثير من السلبيات· ففي حين أدى الغزو الى إسقاط صدام، إلاّّ أن الفوضى التي تبعت ذلك عززت من قدرة الأنظمة السلطوية الأخرى على مقاومة التغيير السياسي"·

لقد أدى غزو العراق الى هزّ بعض الأنظمة لا سيما مع تحرك بعض الحملات المطالبة بالإصلاح الديمقراطي، لكن المعلق السياسي الأردني رامي خوري يقول إن "ما آلت إليه المغامرة الأمريكية في العراق شدّ من أزر بعض الأنظمة العربية على تحدي الولايات المتحدة لأن هذه الأنظمة تشعر أن تجربة الأمريكيين في العراق تعرقلت وأن الأمريكيين لن يقدموا على عمل مماثل مرة أخرى"··

وخذ سورية على سبيل المثال، والتي كانت في مرمى بندقية متطرفي إدارة بوش منذ سنوات، فقد تحدى نظام بشار الأسد واشنطن منذ عام 2003 في عدم الاستجابة لمطالبها بوقف الدعم للمجموعات الأصولية المناهضة لإسرائيل، وفي عدم ضبط الحدود - حتى وقت قريب على الأقل - مع العراق·

وإن ما يدفع السوريين لمواصلة تأييد نظام الحكم في دمشق، ويجعل الأوروبيين يترددون في تأييد تغيير النظام هناك، هو القلق من اندلاع أعمال عنف طائفي في سورية على النمط العراقي، إذا ما أطيح بنظام الحكم في دمشق·

 

تركيبة طائفية واحدة

 

ويعتقد تيودور قطّوف رئيس مؤسسة "أميد يست" التعليمية الأمريكية والسفير الأمريكي السابق في دمشق أن "التركيبة الطائفية والدينية في سورية تشبه الى حدّ ما نظيرتها في العراق ولبنان، وإنها ليست أقل قابلية للتفجّر· ويبدو أن نزيف الدم والفوضى وحالة عدم الاستقرار في العراق، قادت معظم السوريين الى الوصول إلى قناعة بأن نظاما سيئا أفضل من المجازفة بالفوضى"·

والفوضى في العراق ليست وحدها المسؤولة عن مشاكل المنطقة، بل أنها تمثل ديناميكية قوية عمّت أرجاء الشرق الأوسط وتغذّي الصراعات فيه· ويصف مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى الشرق الأوسط تيري  رود لارسن الوضع في الشرق الأوسط بأنه "أكثر تعقيداً وخطورة وهشاشة اليوم من أي وقت مضى منذ سنوات طويلة، فالعديد من صراعات المنطقة وصلت الى درجة الغليان"·

ويجادل بعض المحللين بأن الوضع السياسي والاقتصادي والاجتماعي في العالم العربي ضعيف جداً لدرجة لا تضمن نجاح العلاج بالصدمة من أجل تحقيق الإصلاح·

فيقول خبير العلوم الاجتماعية والناشط المعارض في سورية عمار عبدالحميد إن "المجتمعات التي فشلت في علاج احتياجات التطور الجدّية منذ عقود، تعيّن عليها في النهاية، التعاطي مع شكل مامن أشكال التحوّل الذي تعتريه الفوضى"· ويتنبأ بحدوث تحوّل في سورية "تشوبه الفوضى وتطل فيه النزاعات الطائفية والقبلية والإثنية وغيرها·· برأسها البشع"·

 

هلال شيعي

 

لقد عززت الفوضى في العراق من قوة إيران وقدرتها على الاضطلاع بدور فاعل في العراق· كما أعطتها الفرصة لفرض وجودها في العالم العربي من خلال حلفائها الشيعة من مقتدى الصدر في العراق الى حزب الله في لبنان، مما جعلها مصدر قلق شديد للسنة في العالم العربي·

وإن تعزيز الروابط بين إيران وسورية من جهة وحزب الله والمجموعات العراقية والفلسطينية من جهة أخرى، أثار المخاوف من بروز "هلال شيعي" من إيران عبر العراق وسورية ولبنان·

ويؤكد الشيخ نعيم قاسم نائب الأمين العام لحزب الله وجود مثل هذا التحالف الذي يربط بين سورية وإيران وحزب الله لكنه يقول إنه "تحالف سياسي وليس دينيا· وكل من يحاول رسم صورة شيعية كبري سيفاجأ بوجود الكثير من التناقضات"·

وسواء كان ذلك سوء فهم أو غير ذلك، فإن مخاوف السنة سوف تستمر في التنامي إذا ما واصل العراق إنزلاقه المتسارع نحو حرب أهلية بين السنة والشيعة، كما يرى المحللون·

ويقول قطوف إن "العنف وعدم الثقة المتزايدين بين سنة وشيعة العراق يحمل في طياته احتمال انتشار مثل هذا الصراع في كل أرجاء المنطقة من لبنان وحتى السعودية، حيث الأقلية الشيعية التي تغطي المنطقة الغنية بالثروة النفطية هناك"·

وربما يكون العامل الأكثر تهديدا للاستقرار الإقليمي هو أن العراق أصبح يمثل بوتقة للتشدد السني الجاذب للمتطوعين من أجل الانضمام الى التمرد ضد القوات الأمريكية والبريطانية، وهناك دلائل متنامية على عودة مقاتلين أشداء من العراق الى بلدانهم الأصلية لتنفيذ موجة جديدة من الهجمات ضد حكوماتهم وضد أهداف غربية·

ويقول ديفيد ماك إن "العراق الذي كان ملاذا آمنا محتملاً للإرهابيين فحسب، أصبح الآن مصدر تفريخ رئيسي للإرهابيين الذين يهددون المنطقة بأسرها كما يهددون الولايات المتحدة"·

وعلى الرغم من إحراز المملكة العربية السعودية بعض النجاح خلال العامين الماضيين، في القضاء على الإرهابين في أعقاب موجة من الهجمات الدموية ضد أهداف غربية في عام 2003، شهد كل من الأردن وسورية ولبنان اندلاع هجمات إرهابية على طريقة تنظيم القاعدة·

ومع ذلك، مازال من غير المعروف ما إذا كان العنف الدائر في العراق سيتجذر في الدول المجاورة أم أنه مجرد ظاهرة عابرة، لكن جوديث ميلر مديرة منتدى الشرق الأوسط في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي في واشنطن تقول إن "الإرهابيين المتطرفين سواء كانوا إسلاميين أم عناصر إجرامية، ليسوا سوى أقلية بسيطة تعرقل الأمور وتشيع الخوف، لكن ليس لديها ما تقدمه سياسياً أواقتصاديا"·

"كريستيان ساينس مونيتور"

طباعة  

الحرب الأهلية خطر محدق وليس حقيقة واقعة في العراق
 
لا يمكن وضع الصداميين والجهاديين والإيرانيين في سلة واحدة
ما تفعله إدارة بوش تراجيديا وليس استراتيجيا!