حاورته أفراح الفرج:

موهبة ضائعة تحتاج إلى عناية، هذا باختصار ما يمكن أن يقال عن محمد عبد الكريم قبازرد الذي أعطى الكثير من وقته وما زال يعطي للعبة أحبها واستملكت عقله، فكان الأجدر الاهتمام بهذه النوعية من الشباب المتحمس والواعي للعبة التي يريد فقط إعطاءها كل اهتمامه ووقته والوصول بها إلى مرحلة النجومية ورفع علم الكويت عاليا·

صفحة منبر الشباب كعادتها تهتم بالمواهب وأصحاب الهوايات المفيدة التقت محمد عبد الكريم قبازرد الذي يملك من العمر 28 سنة وموظف وحاورته حول اللعبة وكيف بدأ بها ومن ثم تحدث عن الاتحاد الكويتي للعبة الشطرنج وعدم اهتمامه باللعبة التي تعد من الألعاب المهمة والقوية في الوقت نفسه، وفيما يلي نص الحوار:

·    كيف كانت بدايتك؟

- بدايتي مع الشطرنج كانت في فترة الغزو العراقي على دولة الكويت عمري 14 سنة، في ذلك الوقت كنت بدولة الإمارات العربية المتحدة بحكم الوضع وكنت أسكن في عمارة موقتة لم تكن الدراسة بدأت بعد، فكنت أذهب مع بعض سكان العمارة للنزهة ونلعب كرة قدم وأحيانا كنا نجلس بالقهوة التي بجانب العمارة، نجلس فقط لشرب الشاي ولعب الورق والداما ومشاهدة التلفاز، لاحظت بالمصادفة أنا وابن عمي شخصين من الجنسية المصرية جالسين ولم يكونا يتكلمان، جالسين بهدوء لا يرغبان بأن يزعجهما أحد حتى كأس الشاي كان يوضع على منديل حتى لا يصدر صوتا يزعجهما، فقد كانا مركزين كثيرا باللعبة وكانت اللعبة جديدة بالنسبة لنا أول مرة نشاهدها والقطع كان شكلها غريبا شكل حصان، فيل، قلعة يشد الانتباه كثيرا. شدني المنظر أنا وابن عمي الذي كان بمثل عمري تقريبا وشدت انتباه المجموعة التي معنا لكنهم فضلوا لعبة الداما لأنها أسهل، عرفنا أن اللعبة تحتاج لتركيز شديد، طلبنا من أحدهما أن نشاهدهما أثناء اللعب فوافق بشرط ألا نصدر صوتا وكنا نشاهد ولا نعرف ماذا يفعلان لكن مع الوقت علمانا وهذه كانت بدايتي مع الشطرنج، عرفت قوانينها ولاحظت أنها شبيهة بلعبة الداما لكنها أصعب منها، الداما حركات واستراتيجية واحدة تهجم وتدافع، أما في الشطرنج هناك هجوم ودفاع أيضا لكن كل قطعة لها حركة فالجندي له حركة تختلف عن القلعة وهناك الحصان، الملك، الوزير أو الملكة كما يسمى بالدول الأوروبية.

 بدأت أتابع اللاعبين بشكل يومي حتى أتعلم ومع مرور الوقت بدأت مع ابن عمي وبعض الشباب الذي اهتم باللعب، وبعد التحرير رجعت للكويت وأصبحنا نلعب بشكل متقطع، استمررت مع ابن عمي باللعب واشترينا اللعبة وأدواتها، كان هذا قبل ظهور الأجهزة المتطورة بحيث أصبح باستطاعة الشخص أن يلعب مع الكمبيوتر، واستمررت باللعب حتى الآن لأنها تحتوي على الكثير من المميزات، فهي تحتاج لتركيز وتكتيك وتعتمد على الخطط والربط بين الخطوات فالخطوة الواحدة يمكن أن تفيد لتنفيذ سبع خطوات لاحقة، وأحيانا تقوم بخطوة غير مفهومة للشخص وخصمه ويلاحظ أن فوزه جاء منها، يجب أن تهاجم وتدافع بالكفاءة نفسها وتمسك بزمام الأمور يجب أن تفهم خصمك وتقرأه نفسيا هل هو مضطرب أم واثق، ففي بطولات العالم هناك نوعان من اللاعبين الأول (expressive)  تعابير وجهه واضحة إذا كان فرحا أو قلقا والنوع الثاني هو black jack face   كالشخص الذي يمسك أوراق اللعب لا تجد تعابير على وجهه تدل على أنه رابح أو خاسر.

اللعبة تحتاج لدراسة كبيرة بحيث تدرس خصمك والطاولة، والغريب أن من اهتم بهذه اللعبة هم الفلاسفة الكبار والعلماء، وأنا مع مرور الوقت لم أمارس اللعبة كهواية بل كدراسة بدأت أشتري الكتب وأبحث بالإنترنت بدأت أتعرف على أبطال العالم في اللعبة وأتعرف على قصصهم وكيف وصلوا للبطولة، على سبيل المثال أحد أبطال العالم في الستينات كان يعمل عامل نظافة في الشارع بروسيا شارك ببطولة إقليمية وأصبح بطلا عالميا ومليونيرا فقط لأنه استخدم عقله وهو اللاعب العالمي بتروشين·

·   ما عيوب لعبة الشطرنج؟

- من أبرز عيوب اللعبة الوقت، فهي لا تعتمد على الحظ بل تعتمد على التفكير والاستراتيجية والخطط وهذا يحتاج إلى وقت طويل ويتطلب انتباها فحتى لو لعبت أربعين خطوة صحيحة لكن في الخطوة الإحدى والأربعين و أبديت خطأ وانتبه لها الخصم واستغلها تفلت منك اللعبة، وهذه مشكلة اللعبة أنها تحتاج لوقت، فالخطط والتكتيك يتطلب أن تأخذ وقتك أثناء اللعبة وأثناء الممارسة تحتاج لوقت، لذلك حاولوا في الفترة الأخيرة في الشطرنج كسر هذا القالب فعملوا ما يسمى (غارة الشطرنج) شبهوها بالغارة الجوية تهجم بشكل سريع كالغارة فبدل من أن تستمر اللعبة ثلاث ساعات ساعة ونصف لكل لاعب أصبحت تأخذ ربع ساعة فقط حتى يلاحظوا كفاءة اللاعب بالتفكير السريع، مثلا إذا كنت ألعب مع أحد الأشخاص والاتفاق أن يكون لكل لاعب ساعة وأنا شبه خسران والآخر هو المسيطر لكنه يأخذ وقتا طويلا باللعب وانتهى الوقت المخصص له ولم يبق له سوى خطوتين على الفوز يخسر لذلك يجب على اللاعب أن ينتبه على الوقت.

·    هل يمكن الوصول إلى مرحلة اليأس من اللعبة؟

- ليس هناك يأس بلعبة الشطرنج فقد يكون الملك أعزل لكن يستطيع أن يتعادل مع خصمه أو يفوز عليه فهدف اللعبة هو قتل الملك فكل الخطوات والحركات هي للدفاع عن الملك إذا قتل انتهت اللعبة، وبالنسبة إلى قوة القطع المستخدمة باللعبة هناك الجندي الأضعف وبعده الفيل والحصان في القوة نفسها وبعدها القلعة ثم الملك وأخيرا الوزير هو الأقوى يسير بجميع الاتجاهات والخطوات·

·    كيف تستفيد من مواقع الإنترنت لمعرفة اللعبة أكثر؟

- هناك أحد المواقع على الإنترنت اسمه ( حكم الشطرنج ) يحتوي على العديد من الحكم من علماء نفس ورياضيات وغيرهم وأعجبتني إحدى الحكم التي تقول "إن الشطرنج نفس الحياة" أي إن قوانين الشطرنج نفس قوانين الطبيعة وقطع الشطرنج هي الشخصيات التي نقابلها بالحياة لكن هناك فرق واحد، هو أن الخصم في الشطرنج مرئي تستطيع أن تراه لكن في الحياة لا تستطيع أن تراه ولا تعرفه·

·   هل فكرت بالانضمام للاتحاد الكويتي للعبة الشطرنج؟

- كنت أملك لعبة شطرنج إلكترونية تعمل باللمس جلست في "ستاربوكس" حولي ألعب فجاء شخص يدعى حمد الملا وكان أحد أعضاء الاتحاد الكويتي للشطرنج استغرب وجود شاب كويتي يلعب الشطرنج فأعطاني رقم هاتفه وطلب مني الاتصال به لأسجل بالاتحاد لكنني انشغلت فترة وفي إحدى المرات ذهب إلى الاتحاد بالقادسية سيرا على الأقدام لأنه قريب من منزل جدتي فلم أتعرف عليه في البداية وصدمت عندما عرفته، فقد كان عبارة عن عمارة قديمة واللافتة مكسورة حتى كلمة شطرنج المكتوب عليها باللغة الإنجليزية كتبات بطريقة خاطئة فبدلا من chess   كتبت chese ، وعندما سألت الاستقبال أخبرني أن أذهب للسرداب، كان الوضع مزريا مجموعة من الطاولات والإضاءة نصفها لا يعمل، لم أجد غير شخص يقرأ جريدة والآخر يدخن سيجارا، وعندما سألتهما عن الإدارة أخبراني بأنهم يجتمعون بأحد المقاهي بمنطقة الفروانية يلعبون الشطرنج هناك عندما سألت عن العنوان لم يعرفه، تراجعت عن الفكرة بعد أن كنت متحمسا للمشاركة بالاتحاد والمشاركة بالبطولات، لم يكن هناك اهتمام أو تنظيم أو تشجيع من الاتحاد.

أنا اعتقد أن أحد الأسباب هو سبب سياسي فبعد الغزو العراقي أصبح هناك قطيعة بين الكويت والعراق ورئيس الاتحاد العربي للشطرنج عراقي الجنسية فبالتالي الاتحاد الكويتي أهمل اللعبة على اعتبار أنه لم يكن هناك اتصال مع هذا الشخص، وبشكل عام لم تكن هناك إدارة جيدة فلم يعد للاتحاد أي دور فالشباب يجتمعون ويقيمون مباريات بينهم، حاليا أنا ومجموعة من أصدقائي وهم أحمد الصايغ حمود الصلال وعلي سعيد نقيم مباريات بيننا، الشطرنج أصبح الآن لعبة المقاهي ولا أحد يلعبها باهتمام.

·     من هو مثلك الأعلى باللعبة؟

- يعتبر اللاعب العالمي غاري كاسبروف مثلي الأعلى باللعبة فهو يعتبر أصغر بطل عالم كان عمره 22 سنة وحافظ على اللقب 13 سنة وطريقة لعبه مختلفة أعطى منهجا جديدا للشطرنج إضافة لأشياء خارجة عن العرف بلعبة الشطرنج فهناك سبع خطوات لخطط مشهورة متفق عليها تسمى start game   يجب أن يقوم بها اللاعب وإلا سوف يخسر لكنه استطاع أن يكسر هذه الخطط، وعندما سئل كاسبروف كيف حافظ على اللقب قال " إن الشطرنج عبارة عن إعصار ذهني " وقد وضعت صورة على غلاف أحد الكتب وهو يتبارى مع الكمبيوتر"deep blue " الذي قامت شركة IBM بتطويره فقط حتى يتبارى مع هذا اللاعب، وهنالك لعبة بالانترنت أيضا اسمها (Kasprof against the word) كاسبروف ضد العالم لعبها كاسبروف ضد أفضل خمسة خبراء في فرنسا وكانوا يأخذون استطلاعات الرأي من الناس حول كيفية قيامهم بالخطوات وبعد 26 خطوة فاز كاسبروف على العالم كله.

·    كلمة أخيرة؟

- أحب أن أسأل أعضاء الاتحاد الكويتي للشطرنج لماذا لا تهتمون باللعبة وأسأل أيضا عن الميزانية التي تخصصها الهيئة العامة للشباب والرياضة أين تذهب ؟