رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 السبت 29 ربيع الأول 1424هـ - 31 مايو 2003
العدد 1579

الخطة الأمريكية بين الإصلاحات الفلسطينية والمراوغات الشارونية···
عدم إلتزام إسرائيل بالجدول الزمني يؤخر خارطة الطريق إلى الألفية القـادمة !

بقلم: بريان وايتيكر

من المنتظر أن تكون الأسابيع القليلة المقبلة حافلة بالنشاط بالنسبة للإسرائيليين والفلسطينيين، وإذا سارت الأمور وفقا للخطة المعروفة باسم “خارطة الطريق”، فإن الأيام القليلة المقبلة ستحمل الخطوات التالية:

 

·         تأكيد إسرائيل التزامها بقيام دولة فلسطينية مستقلة وذات سيادة وقابلة للحياة·

·         صدور مسودة دستور فلسطيني ويجري عرضها للنقاش العلني، ويشكل الفلسطينيون لجنة مستقلة للانتخابات، فضلا عن دراسة ومراجعة قوانين الانتخاب الخاصة بهم ومن ثم إجراء انتخابات حرة ومفتوحة ونزيهة·

·         بدء إسرائيل بإعادة الأوضاع الى طبيعتها بالنسبة لحياة الفلسطينيين اليومية وذلك من خلال وقف عمليات الإبعاد ومصادرة الأراضي وهدم المنازل، وسوف تجمد بناء المستوطنات وتقوم بالتفكيك الفوري للنقاط الاستيطانية التي أقيمت منذ شهر مارس 2001·

·         استئناف الجانبين التعاون الأمني وانسحاب القوات الإسرائيلية الى مواقع ما قبل اندلاع الانتفاضة الفلسطينية في شهر سبتمبر 2000·

هذه ليست سوى بعض الخطوات التي ينبغي استكمالها قبل الحادي والثلاثين من مايو الجاري بموجب المرحلة الأولى من “خريطة الطريق” للسلام في الشرق الأوسط، ولكن لا تحبسوا أنفاسكم انتظارا لحدوث هذه الخطوات·

تعديلات

هذه الخطة التي أعلنها الرئيس جورج بوش الأسبوع الماضي، تحدد مسارا للسلام معبداً بالكثير من النوايا الحسنة والقليل من المضامين الجوهرية، فهذه الخطة “ليست سوى نتاج للنهج الذي أحبط كلا من الإسرائيليين والفلسطينيين في الماضي” كما أشارت مجموعة الأزمات الدولية·

وقد حذرت هذه المجموعة التي تعتبر مركز أبحاث له وزنه ويضم شخصيات سياسية ودبلوماسية معروفة من مختلف أنحاء العالم، من “أن الكثير من عناصر الخطة ينقصه التعريف ومن المحتمل أن تثير كل خطوة فيها جدلا لا ينتهي بين الجانبين، وكذلك تغيب عنها أي آليات لفرض الحلول أو مؤشرات لما سيحدث إذا لم يتم الإيفاء بالجدول الزمني، والأهم من ذلك، أنها تخلو من تعريف مفصل وواضح لاتفاق الوضع الدائم، وبذلك، فإنها ليست خطة مفصلة وعملية للسلام ولا حتى لوقف الأعمال العدوانية”·

لقد بدأ العمل على إعداد “خارطة الطريق” في شهر يوليو الماضي بلقاء لأعضاء اللجنة الرباعية - الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي وروسيا والأمم المتحدة - على الرغم من أن إعدادها تم تحت إشراف مساعد وزير الخارجية الأمريكي وليام بيزنر، ويعتبر نائبه ديفيد ساترفيلد المهندس الرئيسي لخطة “خارطة الطريق”، وكان قد تم الانتهاء من إعدادها في الخامس عشر من أكتوبر الماضي وسلمت نسخة عنها لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون “ولم يتسن لأعضاء اللجنة الرباعية الآخرين الاطلاع عليها سوى في اليوم التالي لتسليمها لشارون”، وجاء رد إسرائيل على الخطة بالمطالبة بإجراء ما أطلقت عليه “تعديلات” عليها·

وفي شهر نوفمبر الماضي، أقنع شارون البيت الأبيض بعدم الإعلان عن الخطة بحجة استعداد إسرائيل للانتخابات، ثم أعيدت صياغة الخطة مرتين بعد ذلك، كان آخرها في العشرين من ديسمبر الماضي، ومع حلول شهر فبراير من هذا العام، بدأ الزعماء اليهود في الولايات المتحدة يحشدون المعارضة للخطة، وأشارت التقارير الى أن إسرائيل طالبت بإدخال مئة “تعديل” عليها·

اليد العليا

وفي هذه الأثناء، أصبح رئيس الوزراء البريطاني طوني بلير شديد الحماس لخارطة الطريق وجعل من نشرها شرطا رئيسيا لتأييد الغزو الأمريكي للعراق، ووافق الرئيس بوش لإدراكه أن ذلك من شأنه دعم بلير في التغلب على المعارضة الداخلية للحرب·

وفي الوقت ذاته، طمأن البيت الأبيض شارون - وفقا لصحيفة هآرتس - بأنه يجب ألا تكون لديه أي مخاوف، وأضافت الصحيفة أن مستشارة الأمن القومي كونداليزا رايس أبلغت زعماء اليهود الأمريكيين بأن واشنطن لن تسمح بأن تكون للأوروبيين في اللجنة الرباعية، اليد العليا فيما يتعلق بـ “خارطة الطريق”·

وبعد عمليات الإرجاء الناتجة عن الحرب على العراق وعملية تعيين محمود عباس رئيسا للوزراء في فلسطين، صدرت أخيرا الخطة في الثلاثين من أبريل، وذلك لتدارك الوقوع في مأزق ضياع المرحلة الأولى التي تبدأ من “الوقت الراهن” وتمتد حتى مايو 2003· “وهذا يعني نهاية الشهر وليس أوله، لأن من المنتظر أن تبدأ المرحلة الثانية في شهر يونيو”·

وعلى الأرجح أن تكون الاستراتيجية التي سينتهجها شارون هي المراوغة، فإذا لم يتسن تطبيق البرنامج الزمني لخارطة الطريق، فإن الخطة برمتها سوف تنهار، ودون حدوث معجزة غير منظورة، فإن المرحلة الأولى من الخطة قد انقضت، وحين نصل الى المرحلة الثالثة حيث قيام الدولة الفلسطينية “والمفروض أن تكون في عام 2005”، فإن هناك فرصة لمزيد من المماطلات التي قد تأخذها الى عام 3005 أو في موعد قريب منه·

فقد بدأ اليمين الإسرائيلي بحشد قواه ضد “خارطة الطريق” حيث صرح العضو في حزب الليكود ورئيس لوبي المستوطنات في الكنيست ياهيل هازان الأسبوع الماضي، أن “خارطة الطريق كارثة على إسرائيل·· ولا يمكن لإسرائيل الموافقة على تجميد النشاط الاستيطاني أو تفكيك نقاط استيطانية، فهذا خط أحمر لا يمكننا تجاوزه”·

أسوأ من أوسلو

وأصدر مجلس المستوطنات “ييشا” بيانا يصف فيه “خارطة الطريق” بأنها “أسوأ من اتفاقات أوسلو”·

وربما تكون هذه وجهات نظر متطرفة، ولكن ربما كان من المفيد النظر الى ما يفعله شارون نفسه منذ الرابع عشر من مارس الماضي، وهو اليوم ذاته الذي أعلن فيه الرئيس جورج بوش التزامه بنشر “خارطة الطريق” وتطبيقها، فمنذ ذلك اليوم، أدرك شارون ما يتعين عليه أن يفعله من أجل تحقيق السلام·

فبعد يومين فقط على إعلان بوش، اصطحب شارون أعضاء حكومته في رحلة سرية على طول الجدار الفاصل بين الضفة الغربية وإسرائيل والمقام بطول 230 ميلا وارتفاع 20 قدما·

فظاهر هذا الجدار أنه أقيم لأسباب أمنية، لكن باطنه من أجل الإحباط المسبق لأي مفاوضات إقليمية من خلال خلق المزيد من “الحقائق على الأرض”، فحين يكتمل بناء هذا الجدار، فسيكون قد ضم مساحات واسعة من الضفة الغربية الى إسرائيل·

لقد أبلغ شارون أعضاء حكومته في أثناء تلك الرحلة عن خطط توسعية أخرى على طول وادي الأردن، الأمر الذي يكمل الطوق على الفلسطينيين في الضفة الغربية، بل في الواقع يجعلهم في سجن كبير·

لقد صادق مكتب شارون في الأسبوع الأول من شهر أبريل الماضي، على خطة غير مسبوقة تقضي بانتقال مستوطنين يهود الى المناطق الفلسطينية من القدس، وكانت هذه المرة الأولى التي تقام فيها مستوطنة يهودية في منطقة فلسطينية من القدس منذ احتلالها عام 1967، هذا بالنسبة لتجميد المستوطنات·

وعلى الفور بدأت عائلات يهودية بالانتقال الى شقق جديدة على مقربة من منطقة رأس العامود التي تكتظ بالسكان الفلسطينيين، ولم يكن هؤلاء المستوطنون من الإسرائيليين الفقراء أو الذين لا مأوى لهم، بل من ميسوري الحال ومنهم المليونير ايرفنغ موسكوفيتس وصهره اليميني المتطرف ارييل كنغ·

وحين شعر شارون بالقلق من احتمال أن يكون لطوني بلير تأثير قوي على الرئيس بوش، شن هجوما دبلوماسيا ضد بلير، واستدعي السفير البريطاني في تل أبيب لتسليمه احتجاجا على ما وصفته بـ “تصريحات بلير المثيرة للقلق والاستياء التي ربط فيها بين الحرب على العراق وحل الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني، إضافة الى تصريحات أخرى مماثلة لوزير الخارجية جاك سترو·

رسالة مزدوجة!

ولم يقل بلير شيئا سوى أن الصراع الإسرائيلي - الفلسطيني هو سبب رئيسي للتصدع بين العالم الإسلامي والغرب وأن حل هذا الصراع سيكون أولوية لبريطانيا وأمريكا بعد انتهاء الحرب على العراق·

أما جاك سترو فقال إن “ثمة قلقا حقيقيا من أن الغرب ارتكب خطأ باعتماد نهج المعايير المزدوجة، فمن جهة يقول إن قرارات الأمم المتحدة حول العراق يجب أن تطبق، ومن جهة أخرى، يبدو أحيانا متقاعسا عن تطبيق قرارات الأمم المتحدة المتعلقة بالصراع حول إسرائيل وفلسطين”·

وفي هذه الأثناء، لم تظهر إسرائيل أي إشارة على وقف هدم منازل الفلسطينيين كما نصت المرحلة الأولى من “خارطة الطريق”· وفي أثناء قيام الجرافات الإسرائيلية بهدم أحد البيوت في مدينة رفح في شهر مارس الماضي، قتلت ناشطة السلام الأمريكية ريتشيل كوري في أثناء محاولتها وقف عملية الهدم، وفي الأسبوع الماضي، أطلقت دبابة إسرائيلية النار على المصور التلفزيوني البريطاني جيمس ميللر في أثناء إحدى عمليات الهدم في غزة أيضا، وأردته قتيلا·

وفي اليوم التالي لإعلان الرئيس بوش “خارطة الطريق” الأسبوع الماضي، لقي 12 فلسطينيا، بينهم طفل في الثانية من عمره، مصرعهم في أثناء توغل للقوات الإسرائيلية في غزة بحثا عن مطلوبين، وأشارت وكالة رويترز للأنباء في تقرير لها أن “الغارة الإسرائيلية بالدبابات والمشاة أرسلت رسالة قوية الى وسطاء السلام بزعامة الولايات المتحدة والى الحكومة الفلسطينية الجديدة بأن إسرائيل ستمضي قدما في مثل هذه العمليات بالرغم من مقترحات السلام الجديدة لإنهاء 31 شهرا من عمليات سفك الدماء”·

وعلى الجانب الفلسطيني، فإن نجاح “خارطة الطريق” سوف يعتمد على تقدم الإصلاحات وإتاحة الفرصة لرئيس الوزراء الجديد بفرض سلطاته، وربما يكون من باب الإفراط في التفاؤل، الافتراض بأن شارون سيشجع هذه العملية بالفعل، ولكن هناك إشارات واضحة بأنه يسعى الى تقويضها·

فقد صدر الرد المعتاد من الناطق باسم شارون دوري غولد عقب العملية الانتحارية الأخيرة في تل أبيب، بإلقاء اللوم على محمود عباس، لكن زعيم حزب “ميرتس” يوسي ساريد قال في مقابلة تلفزيونية إن “من السابق لأوانه الحكم على “محمود عباس” فهو لم يمض على توليه رئاسة الحكومة سوى أيام قلائل، بينما لم ننجح نحن طوال عامين ونصف العام في وقف الإرهاب، وعلينا أن نمنحه الفرصة”·

وهذه مؤشرات ليست مشجعة بالنسبة لخارطة الطريق، والاختبار الحقيقي هو ما ستفعله الدول الأعضاء في اللجنة الرباعية ولا سيما الولايات المتحدة من أجل فرض تطبيق متطلبات الخطة·

فهل سيصدر قرار عن الأمم المتحدة يحذر إسرائيل من “عواقب وخيمة”؟ هل سيعلن الرئيس جورج بوش - كما فعل مع العراق - إن “الوقت يمر بسرعة”؟ وهل سيقوم رئيس الوزراء البريطاني بلير بنشر حلف يتضمن انتهاكات إسرائيل لحقوق الإنسان وما تمتلكه من أسلحة دمار شامل، كما فعل مع العراق؟

الجواب هو على الأرجح “لا”، الأمر الذي سيؤدي الى مزيد من الشكوى “من الجانب العربي طبعا” من سياسة المعايير المزدوجة·

“ عن صحيفة الغارديان البريطانية “

_____________________________________________________________

 

طباعة  

فيما يعكس صراع الدينيين على المناصب العليا فيها هيمنتهم عليها
وزارات الدولة اقتسمها الدينيون ونواب الخدمات والأقطاب المتصارعة في السلطة

 
اعتبرته أسوأ ما يمكن تمريره من قانون في مجلس الأمة
“لجنة حرية التعبير” تـطالب “التعليمية” بوأد مشروع قانون “المطبوعات”

 
محمد العوضي يصفها بـ “لذة التفجيرات” والطبطبائي يتعامى عن فتاوى حامد العلي
ولا تزال الأحزاب الدينية المتأسلمة تبرر أعمال الإرهاب

 
لمناسبة احتفالية الجامعة بيوم الأديب:
القطامي رمز كويتي وعربي وتكريمه تكريم لكل أحرار الكويت

 
إلى سعادة السفير الفرنسي مع التحية··
 
المرفوضة منها بلغت أربعا حتى الآن
قضيتان جديدتان تخسرهما “لآلئ الكويت” ضد المحامي محسن المطيري

 
في العدد القادم
عضو المنبر الديمقراطي البحريني وعضو مجلس النواب عبدالنبي سلمان لـ الطليعة: