كتب محرر الشؤون المحلية:
أوقعت التفجيرات الإرهابية التي هزت العاصمة السعودية الرياض ومدينة كازبلانكا المغربية الأحزاب الدينية المتأسلمة، وكتّابها، ومنظريها في حيرة شديدة·
فقبل هاتين الحادثتين كانت تبريرات الأحزاب الدينية المتأسلمة تنصب على أن العمليات الإرهابية موجهة الى “الكفار”، وحتى العمليات الإرهابية التي كانت تقع بين فترة وأخرى في الدول العربية أو الإسلامية كانت تبررها تلك الأحزاب بأنها محدودة، وأن مرتكبيها مجرد أفراد يمثلون أنفسهم فقط وخارجين عن الأحزاب الدينية·
عمليتا الرياض وكازبلانكا قلبتا الطاولة على الأحزاب الدينية المتأسلمة نظرا للحجم التدميري الهائل الذي أحدثتاه في قتل أرواح البشر البريئة، الأمر الذي عكس تخطيطا جهنميا شريرا لا يمكن “حبكه” إلا بوساطة جماعات بلغت درجة عالية من التنظيم والإعداد المحكم، ونقول جماعات لأن عدد المنفذين في العمليتين كثر، كما أن المنطق يؤكد أن الأمر لن يقف عند هذا الحد وأن في الجعبة كثيراً·
هنا في الكويت، بادر عدد من الكتاب المحسوبين على الأحزاب الدينية المتأسلمة بالكتابة حول الموضوع أو إطلاق التصريحات ليتمكنوا من امتصاص جزء من غضب الشارع الكويتي الذي رأى بأم عينيه أن القتل والدماء والإرهاب تقع كلها تحت شعار الإسلام بتفاخر غير مسبوق من أبناء الأحزاب الدينية المتأسلمة، فبدلا من أن يقول عميد كلية الشريعة الدكتور محمد الطبطبائي عن الشباب الذين نفذوا العمليات الإرهابية إنهم قتلة ومجرمون فإنه يقول بالنص: “إننا لا نشك في أن هؤلاء الشباب الذين نفذوا تلك العمليات قدموا أنفسهم مرضاة لله سبحانه وتعالى، إلا أنهم أخطأوا الطريق بعدما ظلموا أنفسهم”·
أما محمد العوضي الذي عرف عنه عدم إدانته لأي عملية إرهابية يقوم بها شباب الأحزاب الدينية المتأسلمة حتى ولو ذهب ضحيتها مسلمون موحدون، فإنه قام بالهروب من مواجهة موضوع حادثتي إرهاب الرياض وكازبلانكا بالحديث عن “لذة التفجيرات”! وهو بهذا العمل يدعي أنه يحاول تفسير الأسباب التي أدت بالشباب الى تفجير أنفسهم، إلا أن أي عاقل يقرأ مقالات العوضي يدرك أنه لا يرى في تلك الأعمال الإجرامية ما يخالف الإسلام، لأنه لم يعترض عليها بكلمة واحدة، بل إن وصفه لتلك العمليات كان محايدا فلم يقل “التفجيرات الإرهابية” أو “العمليات الإجرامية” مثلا، بل اكتفى فقط بترديد كلمتي “العمليات” و”التفجيرات” دون أن يطلق عليهما أي وصف عدا أوصاف “اللذة” فهو يقول “بل إنني أتصور أنهم أقبلوا على تفجيراتهم بلذة لا يعرف طعمها إلا منفذوها” ويضيف العوضي أيضا: “إنهم بلغوا الحد الأعلى من اليقين والدرجة القصوى من قوة الإرادة”· ويعرف كل قارئ عادي وليس شرطا أن يكون ذا بصيرة أن ما يقصده العوضي هو تمجيد هذه العمليات وأن فلسفة الأمور لا تنطلي على أحد حتى ولو كان جاهلا·
كما أن العوضي الذي شكك في أن يكون أسامة بن لادن وتنظيم القاعدة أو أي تنظيم إسلامي وراء هجمات 11 سبتمبر منذ بداية ذلك الهجوم الإرهابي، عاد ليقول في مقالة له نشرها في “الرأي العام” يوم الأربعاء قبل الماضي بعد أن أعيته الحيلة والدفاع عن الأحزاب الدينية المتأسلمة، عاد ليقول “·· وفي السعودية مجموعات خاصة لها خطها المسلح”، بعد ماذا يا شيخ محمد تعترف؟ ولماذا الآن؟
أما وليد الطبطبائي فقد أثنى على بيان علماء الجزيرة (بيان أصدره 47 عالما في السعودية بعد تفجيرات الرياض) رغم ما فيه من مثالب فالبيان “يؤكد على خطورة نقل المعركة الى داخل هذا البلد” أي أن الطبطبائي - وأصحاب البيان قبله طبعا - لا يجادلون في وجود “المعركة” أصلا ولا يعترضون على قيامها من حيث المبدأ، ولكن شرط عدم نقلها الى أرض المملكة العربية السعودية، والمقصود بالمعركة أنها بين المسلمين والكفار!!
والأهم أن الطبطبائي يتعامى عن فتاوى شيخه وشيخ تنظيمه “السلفية العلمية” سابقا و”السلفية” حاليا حامد العلي الذي أعطى الغطاء الشرعي لتلك الأعمال الإجرامية الإرهابية وحرض الشباب على ارتكابها!!
_____________________________________________________________