خاتمي يحيي مستقبليه في لبنان
· خاتمي: حزب الله حزب لبناني صرف وهو رمز المقاومة
تشكل جولة الرئيس الإيراني محمد خاتمي لأربع دول عربية “لبنان - سورية - اليمن - البحرين” منعطفا مهما في علاقات إيران العربية من جهة، وبالدور الإقليمي الذي تسعى إليه طهران من جهة أخرى، ففي كل دولة عربية ثمة أهداف ومصالح ثنائية لا شك فيها، اقتصادية أو أمنية وفي الدول جميعها هناك قاسم مشترك يعني التفاعل الإيراني - العربي بمرحلة ما بعد حرب العراق، وما تثيره من ضغوط وتحديات لن يسلم منها أحد·
واقع الأمر أن زيارة خاتمي للدول العربية الأربع هي تعبير عن مسعى الدولة الإيرانية ككل، وهو مسعى يهدف بالأساس الى مزيد من التقارب مع كل الدول العربية، وفتح أبواب عدة للتعاون الاقتصادي والسياسي والأمني، كل بحسب الضرورات والاحتياجات والإمكانات، وذلك كسياسة بعيدة المدى تهدف بالأساس الى إفشال أي مسعى أمريكي متوقع بشأن عزل إيران عن محيطها الإقليمي، وفي هذا ما يعكس تعلم إيران من الحالة العراقية التي كانت معزولة فيها عن بيئتها الإقليمية والدولية الأمر الذي سهل نسبيا بناء قضية ضدها·
ولا يقف الدرس العراقي بالنسبة لإيران عند حد إفشال مسعى العزلة الأمريكي، أو احتواء التهديدات الأمريكية والتي باتت أكثر وضوحا تجاهها بعد احتلال العراق، وإنما يمتد الى ممارسة دور إقليمي مؤثر، وذلك بالتوافق الضمني أو الظاهر مع دول الجوار العربية، وهنا تبدو تصريحات الرئيس خاتمي في كل البلدان العربية الأربع التي صيغت بعناية فائقة، مؤشرا مهما·
فإيران سعت الى تأكيد أن موقفها بشأن العراق ليس خاصا بها وحدها، وإنما هناك من البلدان العربية من يشاركها فيه الى حد التطابق وهو ما بدا واضحا فيما يتعلق بتأكيد أهمية إنهاء الاحتلال الأمريكي - البريطاني، بأسرع وقت ممكن، وتشكيل حكومة عراقية تشمل كل الفئات والتيارات، وأن يترك تحديد مصير العراق للعراقيين أنفسهم وألا يتدخل أحد في شؤونه·
لقد حمل خاتمي معه رسائل سياسية مهمة، بعضها يوجب قدرا من التأمل، لاسيما ما يتعلق بنظرة إيران لحزب الله في مرحلة ما بعد الحرب على العراق، فالحزب الذي يرمز للمقاومة اللبنانية ومواجهة المطامع الإسرائيلية، هو مصدر التهديدات الأمريكية التي تراه واشنطن حركة إرهابية تؤيدها إيران، ومن ثم فعليها أن تدفع ثمنا لذلك، أو على الأقل أن تمارس دورا ضاغطا من أجل إنهاء دور الحزب عسكريا وحصره في الإطار السياسي والاجتماعي وحسب، وتدرك إيران أن مسايرة هذه الضغوط الأمريكية من شأنها أن تورطها أكثر وأكثر في ملفات وقضايا متشعبة من الصعب السيطرة عليها تماما، كما أن تلك المسايرة من شأنها أن تجعل إيران لاعبا في الشؤون الداخلية للغير، وهو ما لا يتوافق مع مساعي تطوير العلاقات الإيرانية العربية·
من هذه الزاوية يمكن تفهم تأكيدات خاتمي بأن بلاده تعامل الدولة اللبنانية ككل، بكل مؤسساتها وفئاتها وأحزابها السياسية وقواها الدينية، وأنها لا ترغب ولا تعمل من أجل علاقة خاصة مع طرف دون الآخر، وأن حزب الله هو حزب لبناني صرف، وهو رمز المقاومة لا شك في ذلك وهو صناعة لبنانية مئة في المئة·
ولكن الجميع وحسب خاتمي، في لبنان وسورية وفي إيران أيضا، مطالبون بتفهم الوضع الجديد الذي تسعى فيه إسرائيل لاستخدام وتوظيف الآلة العسكرية الأمريكية لتحقيق أهداف خاصة بها، ومن ثم الجميع مطالبون بقرارات واعية تعنى بسد الذرائع أمام التحريض الأمريكي - الإسرائيلي مع الثبات على المبادئ الوطنية·
لقد ذهب خاتمي ساعيا لتجسيد تضامن إيران مع لبنان وسورية في مواجهة التهديدات التي طالتهما عقب سقوط النظام الصدامي في بغداد، وإلى حلقة جديدة من حلقات التعاون الاقتصادي والأمني والثقافي مع اليمن والبحرين تجسده في توقيع اتفاق أمني مع البحرين، وفي الوقت نفسه باعثا رسالة لواشنطن قوامها أن إيران جزء حي من إقليم متفجر يصعب بتره أو عزله·
______________________________________________________________