خريطة طريق “إسرائيلية”
نبيل عنـانـي
لم تأت الموافقة المبدئية لرئيس الوزراء الإسرائيلي أرييل شارون على خارطة الطريق إذعانا للضغط الأمريكي بل جاءت بعد تضمينات أمريكية بالموافقة على الملاحظات الإسرائيلية على الخطة·
لقد قدم رئيس الوزراء الإسرائيلي شارون عبر مدير مكتبه “دوف فايسغلاس” أربع عشرة ملاحظة على خارطة الطريق وبعد مداولات ومناقشات مع مستشارة الأمن القومي الأمريكي “كوندليزا رايس” وافقت على اثنتي عشرة نقطة، حيث أهم ما ورد في التحفظات الإسرائيلية ما جاء متعلقا بالموضوع الاستيطاني ومنها ما ينص على ضرورة انسحاب إسرائيل الى حدود 28 سبتمبر 2000 بعد انتخاب إدارة فلسطينية جديدة، ثم الشروع بتفكيك كل المستوطنات غير الشرعية التي بنيت في مارس 2001، وهنا اعترض مدير مكتب شارون بحجة أن وقف الاستيطان سيعرض عملية السلام الى الانهيار من قبل المستوطنين، مطالبا واشنطن بالضغط على الجانب الفلسطيني لتأجيل قضية المستوطنات الى نهاية عام 2005 حيث النهاية التي حددتها الخطة الأمريكية للسلام لقيام دولة فلسطينية·
ويأتي إسقاط حق العودة من أهم المطالب التي نقلها مدير مكتب شارون الى الإدارة الأمريكية، حيث اشترطت إسرائيل إقامة الدولة الفلسطينية منزوعة السلاح، مقابل إسقاط شامل لحق العودة حيث تحاول الإدارة الأمريكية استمالة الطرف الفلسطيني الى جانبها بالتأكيد على أنه لا يتم الانتقال من بند الى آخر في خارطة الطريق إلا بعد استكمال البند الذي تم العمل به·
والطلب الثالث الذي حمله مدير مكتب شارون جاء تحت عنوان “المراقبة الخارجية” حيث تعتبر الحكومة الإسرائيلية أن الولايات المتحدة هي الوحيدة التي لها الحق في مبدأ مراقبة تنفيذ خارطة الطريق، كونها صاحبة الفكرة، ويعني ذلك رفض مشاركة أي جهة مهما كانت أوروبية أو عربية لمراقبة الإشراف على الخطة·
وتحفظ آخر جاء تحت عنوان “الموقف الإسرائيلي من القرارات المختلفة الصادرة عن الأمم المتحدة 242، 338 والتفسيرات العربية والإسرائيلية المتباينة لها·
وتشكل تلك التحفظات الإسرائيلية المفاصل الأساسية في عملية السلام الدائرة بين الإسرائيليين والفلسطينيين، فلا يمكن أن يقبل الفلسطينيون على اختلاف أطيافهم السياسية بقاء المستوطنات وإلغاء حق العودة والتفسيرات المختلفة حسب النصوص المترجمة لقراري هيئة الأمم المتحدة·
وتبقى المراهنة على القيادات الجديدة من الوزراء الفلسطينيين لرفض الإملاءات التي أعلنتها إسرائيل لرئيس الوزراء الفلسطيني وتتلخص في رفض أي تفاوض قبل توقف كامل “للأعمال العسكرية الفلسطينية” حسب ما قال شارون خلال اجتماعه برئيس الوزراء الفلسطيني·
وأخيرا نجحت إسرائيل في أن تفرغ خريطة الطريق من مضمونها وجعلها تخدم أهدافها المشبوهة وهي وقف العنف الفلسطيني والقيام بإصلاحات سياسية والاعتراف بحق إسرائيل في العيش بسلام وفي المقابل يلتزم الإسرائيليون بالانسحاب الى ما قبل 28 سبتمبر 2000 والعمل على عودة الحياة الى ما كانت عليه قبل ذلك التاريخ، أما حق العودة وقيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة فلا وأيضا تجميد المستوطنات ذلك الطلب الذي يرفض دائما بحجة عدم السيطرة على قطعان المستوطنين وبالتالي أصبحت خريطة الطريق ما هي إلا خطة إسرائيلية لمفهومها للسلام·
enany@taleea.com
______________________________________________________________