هــــــدوء···
بعد انصراف الطلبة الى شؤون تحصيلهم العلمي والتزامهم بحضور المحاضرات التي لم تكن من أوليات جدولهم في أيام انتخابات الاتحاد والروابط والجمعيات العلمية والذي انعكس بالسلب عليهم في مستقبلهم الدراسي وهذا ما يسمى بالمشاركة السلبية، وما رافق ذلك من هدوء الأجواء في الساحة الطلابية، ويأتي ذلك باتساق مع دخول شهر رمضان الذي تشل فيه الأعمال وكأنه شهر للسكون والكسل وأدى ذلك بطبيعة الحال الى أن تشل أنشطة الحركة الطلابية، وهذا الوضع يدعو الوادعين في هذا الشهر الى التفكر ومراجعة مواقفهم وترتيب أوراقهم كي يخرجوا من شهرهم هذا بما يرجى على الأقل، كما يقول المثل الكويتي السائد “راحت السكرة وجات الفكرة”·
بداية لا نعتقد أن مسابقة “ثقافية” مستهلكة توزع على الطلبة في مثل هذه المناسبة تسأل عن الشهر الذي أنزل فيه القرآن أو عدد الغزوات والحروب التي شنها المسلمون في رمضان، أنشطة طلابية وكأن الإسلام لا يعرف إلا في مثل هذه المناسبات تماشيا مع التيار الغالب!، أو معرض للأكلات الرمضانية تنظمه مجموعة من الأخوات في الله، كل ذلك لا نعتقد أنه يستحق أن يطلق عليه اسم نشاط، حيث إنه من الواجب على الجمعيات والروابط بالدرجة الأولى أن لا تعتبر هذا الشهر حالة استثنائية لها خاصيتها فهو شهر كباقي شهور السنة لم يفرض الله فيه الصيام ليعطل عباده المسلمين عن أعمالهم، لذلك من الخطأ أن تغلق الأبواب في وجوه الطلبة وكأنها تقول “أخلص محاضرتك وروح البيت”، فاستراحة الطلبة في كلية الآداب والعلوم الاجتماعية على سبيل المثال انقلبت الى دار نساك ودراويش لا مجلس للمرء فيها، والكافتيريا التي كانت ملاذ الطلبة لكي يتبادلوا الأحاديث الى حين ابتداء محاضراتهم أغلقت مع شركات الطعام ولا نعلم ما علاقة قاعة الكافتيريا بما يباع كي تغلق، فيصبح الطالب مضطرا للذهاب الى المكتبة كي يراجع أو يحضر دروسه ولكنه يصدم بزملائه الذين ضاقت عليهم الكلية فقلبوا المكتبة الى ديوانية، ناهيك عن ذلك الصنف الذي يجد ذلك مبررا لجلوسه في الفسح على الرغم من البرد الذي هب في الأيام الأخيرة يطالع، الرائح والقادم، وتشحن الساحات في بعض الأوقات وكأن الجو في أيام الانتخابات ولكن من غير فائدة ترجى، ولن نكون وعاظا لهم فكل رقيب نفسه، ولكن ما الذي يجعل الوضع خانقا والشهر لا يطاق رغم أنه شهر رحمة؟·
مفيد القول إن هذا تصور ورسالة نريد أن نوجها للمهتمين بشؤون الطلبة، أما المهتمون بالحركة الطلابية فنقول لهم، لم يمض على إغلاق ملفات الانتخابات الجامعية سوى أيام قلائل حتى طالعتنا الصحف المحلية في صفحاتها الجامعية بالإعلان عن ظهور قائمة طلابية جديدة الى جانب القوائم الأخرى، وهي عبارة عن مزاج بين عناصر من قائمة الوسط الديمقراطي والقائمة المستقلة بالدرجة الأولى، وبغض النظر عن ما قيل بأن مؤسسيها عزموا على تأسيسها لعدم حصولهم على المناصب التي يريدونها في قوائمهم، أو أنهم تعرضوا للتهميش فيها لأسباب عدة تختلف من شخص لآخر، إلا أنه يجدر القول إن هذه القائمة تعتبر الحالة الرابعة لقوائم خرجت من رحم الوسط الديمقراطي، وهذه القوائم هي القائمة المستقلة والقائمة الديمقراطية في كلية العلوم والتي عادت لتندمج مع القائمة الأم، وقائمة الحب والحياة والتي كان مؤسسها ومجموعة من عناصرها مؤيدين على أقل تقدير لقائمة الوسط الديمقراطي ولكن الطروحات الشاذة التي كانوا يطروحنها أدت الى استهجانهم بين صفوف الوسط الديمقراطي كما يردد أعضاء الوسط، ولا تزال قائمة الحب والحياة تتمسح بثوب الديمقراطية، وأخيرا القائمة الجديدة والتي اختارت لنفسها اسم “المصالح الطلابية” كيافطة تختزل أهداف القائمة، فهي تنادي بأن يكون طلبة جامعة الكويت بمعزل عن الحياة العامة وما فيها من أحداث سياسية واجتماعية وقضايا تمس الشارع الكويتي، وترديدهم للاسطوانة المملة وهي استقلالية الطالب وعدم تبنيه لأطروحات وأفكار تيارات سياسية أيا كانت هذه الطروحات والتي سئم منها طلبة جامعة الكويت لإدراكهم بأهمية أن يكون للطالب رأي في مجتمعه وتكون له شخصيته كمواطن يتبنى طروحات هذا التيار أو ذاك أو له مواقف ثابتة من قضايا عامة كالدستور والحريات وضرورة قيام المجتمع المدني، وهذا ما أدركته قوائم أخرى أحست بفداحة ذلك الموقف السلبي فتبنت عناصرها أطروحات وطرحتها في الساحة الطلابية لم تكن لتصرح بها قبل عام، بغض النظر إن كنا معها أو ضدها فيما تطرح، واختلطت بعض عناصرها بفاعلية مع الساحة السياسية·
يبقى القول إننا نعتقد بأن على الحركة الطلابية الوطنية الديمقراطية - نقول ذلك لأننا لا نحتكر الوطنية كما يحتكر غيرنا الإسلام ويزايد فيه - أن تعي دورها وترسم لنفسها رؤية استراتيجية تجعلها تخطو بخطى راسخة وواضحة للقوى الوطنية الديمقراطية خارج أسوار الجامعة، ولا تتلكأ برأيها وتوضح إن كانت تستطيع أن تفعل شيئا تجابه به قوى المد الأصولي أم لا، فالركب سائر وعليهم أن يحددوا موقفهم وسط الشتات الفارغ الذي هم فيه من غير معنى، ونحن في “الطليعة” عندما طرحنا تصوراتنا حول الموضوع وهو توحد التيار الوطني الديمقراطي بالخصوص، فإننا أردنا أن نوصل للمهتمين السيناريو المحتمل في حال الإقدام على مثل هذه الخطوة، ومع الأيام تجلت سيناريوهاتها لتمثل على أرض الواقع فكان ما توقعناه·
وهذا إن دل على شيء فإنما يدل على تأثيرنا على الرأي العام· نقف هنا لنقول لسنا من يخطط ويرسم وإنما نحن الأداة التي تقرب وجهات النظر وتسعى لما فيه المستقبل الوطني الديمقراطي المرجو·
أحمد الخليفة