رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الاربعاء 25 يوليو 2007
العدد 1784

خواتم تولكن: حين لا يكون الخلود كافيا!

                                     

 

شبنغلر*:

وحده بين روائي القرن العشرين شغل الكاتب جي· ر·تولكين نفسه بالفناء، ليس فناء الأفراد بل الشعوب· لقد رأى جندي الحرب العالمية الأولى الباحث مصير الأمم الأوروبية غير المؤكدعبر مرآة العصور المظلمة، حين تعلقت حياة الشعوب الصغيرة بخيط· وفي قلب انقراض الثقافات العظيم اليوم، وفي مستهل حرب الحضارات، يستحضر ويثير تولكين بين قراء اليوم رنينا غريبا، فهو لا يكتب فنطازيا بل رواية - مفتاح·

وقد تحدثت منذ البداية حين كتبت قبل عام أن "النسخة السينمائية الأمينة بشكل معقول" لثلاثية تولكين، سيد الخواتم، كانت "الحدث الثقافي في العقد الراهن"·· ومع ظهور الجزء الثالث على شاشة السينما، يبدو أن المخرج "بيتر جاكسون" قد طمر تراجيديا تولكن الأسطورية تحت كتلة جليدية ضخمة من الحيل، ما يجعل الواحد منا يود أن يهمس مع "غولوم": "أيها الهوبت الغبي،·· لقد خربها"، لقد تركنا مع مغامرة مفرقعة فرقعة جيدة، ولكننا فقدنا شيئا ثمينا·

لم ينشر تولكن خلال حياته، رغم كثرة قرائه، رواية "سلمارليون" تراجيديا الخالدين التي هي الخطوط التحتية لثلاثية "سيد الخواتم"، وبدلا من ذلك لجأ إلى أداة أخرى، وقاد القارىء نحو عناصر قصته عبر عيون شعب الأقزام الذين تشابكوا مع هذه العناصر· وبدا الأمر كما لو أن شكسبير نشر شيئا مثل روزنكرانتس وجولدنشترن ميتين للكاتب "توم ستوبارد"، بدلا من أن ينشر "هاملت"·

فناء الشعوب

أمسك تولكن الحيوان الأيديولوجي الأعظم في زمنه من قرنيه· فبعد الحرب العالمية، صدم الفلاسفة الوجوديون المولودون حديثا لدى اكتشافهم أن الكائنات الإنسانية تخشى الفناء· الحقيقة أن موت المرء دون وطنه أمر شائع شيوعا تاما، مادام أن المرء يؤمن أن بلده سيظل موجودا· إن جاذبية الهوية الحضارية تبلغ من القوة حد أن الرجال سيرمون أنفسهم بين فكي الموت إذا آمنوا بأن مثل هذا الفعل سيحفظ حضارتهم· ولكن ماذا لو أن الحضارة ذاتها (صلة الفرد بالماضي والمستقبل أيضا) في خطر؟ ويصبح الفرد وحيدا حقا الآن في الكون· أن يموت المرء للحفاظ على شعبه أمر يمكن التسامح معه وتحمله· ولكن توقع موت الشعب كله مع حضارته هو ما يخلق بشكل خاص نمطا وحشيا من الذعر الوجودي، من النوع الذي ينتج هتلر وأسامة بن لادن·

شعوب العصور المظلمة الصغيرة عليها أن تفكر بأشياء مثل هذه لأن الانقراض كان الناتج الاعتيادي· ومثلما تبين فيما بعد، فإن مراجع تولكن القروسطية المبكرة (قام بترجمة ملحمة بيولف الاسكندنافية) تعكس في مرآتها عالم التحدي الوجودي بعد الحرب العظمى، وتحديدا لأن موضوع الانقراض القومي عاد إلى شق طريقه نحو السطح· ومن هنا فإن موضوعة الانقراض القومي تتخلل العمل كله· يوبخ جلدور زعيم الجن "فرودو" في مستهل رحلته في غابات شاير قائلا "شاير هذه لاتخصك وحدك، سكن آخرون هنا قبل أن يكون "للهوبيت" وجود، وسيسكن آخرون هنا مرة أخرى حين لا يعود للهوبيت وجود"·

إن أي شعب من الشعوب يختفي عن سطح الأرض حين لا تعود لغته منطوقة، وتولكن لم يخترع لغات مجرد اختراع، بل أعاد إنشاء الدوامة الألسنية الهائلة لبواكير العصور الوسطى حين تلاشى كلام الحضارات الكبرى الرفيع من الذاكرة، بينما ذابت لهجات الشعوب الصغيرة في مجموعات لغوية أكبر· وأنشأت مهارات تولكن الفقهية اللغوية وسائل فذة لرسم صورة تعاقب الأمم·

واخترع تولكن كشيء مغاير للفناء الإنساني عرقا نبيلا لايموت· ويعاني جنس جنه الصغار غير المؤذين من سأم الحياة الخالدة، ولم يعودوا يتناسلون· ولا نلتقي بجني صغير أصغر في العمر من ألف عام· ويمتلك شعب الجنيات الذي ابتدعه قوى عقلية، وجسدية رائعة، وحضارة مشعة سامية، تشير مجرد إشارة إلى الزمن الذي يجب أن يسبق مغادرتهم للأرض الوسطى· وقد وفر علينا رحمة بنا أفكارهم الخاصة، فتخيلوا ما الذي سيشبه حوار طاولة العشاء بين الروند وابنته آروين، التي تتخلى عن الخلود لتتزوج من آراجورن الفاني·

- لماذا عليك أن تواعدي آراجورن؟ ماذا بشأن ذلك الصبي الجني اللطيف الذي كنت تخرجين معه في لوثلورين؟

- أبي، عمري ثلاثة آلاف عام، وواعدت كل صبيان الجن· إنهم مضجرون إلى أقصى درجة·

وبخصوص هذه القضىة، فإن بيوت ميناس تيرث لا تمتلك إلا نصف السكان الذين تستطيع أن تحتفظ بهم احتفاظا مريحا، بسبب إخفاق عرقها القديم من الرجال في المجيء بأطفال إلى هذا العالم· وينبع ضعف مملكة غوندور العسكري من تدني أعداد سكانها، ويبلغ تعداد الجيش الذي يقوده أراجورن إلى البوابة السوداء في المعركة الأخيرة عددا أقل من طليعة جيش غوندور في ذروة مجدها· وتتقلص مملكة موردور لأن غوندور لا تستطيع إمداد حدودها بالرجال·

إن موضوعة تناقص عدد السكان وتحطم الإمبراطورية موضوعة قديمة قدم روما بالطبع· وهي ليست شأنا لاتينيا فقط· في مصادر تولكن الانجلو-ساكسونية، فإن انقراض الأمة يتلبث وراء كل انتكاسة· وعلى سبيل المثال، تتنبأ النسوة العجائز اللواتي يندبن محرقة بيولف الجنائزية خراب مملكته "جيتس" بعد موت بطلها وحاميها· ومع ذلك، فمن إيجابيات خنادق الحرب العالمية الأولى، ان صدى العصور المظلمة هذا يتخذ معنى جديدا ومرعبا: لقد خرجت شعوب أوروبا للحرب في سبيل هيمنتها، وأفنت إحداها الأخرى تقريبا· والأوروبيون اليوم راغبون بأن يكونوا خارج الوجود· لقد دمرت حربا القرن العشرين العالميتان أوهام الشعوب الأوروبية القومية، وادعائها بالتفاخر والمنعة على المسرح العالمي· وكانت فرنسا أول أمة تخطىء في إيجاد تماهي بين مصالحها القومية ومصير المسيحية، وهو ما اتخذ شكلا أكثر رعبا على يد روسيا أولا ثم على يد ألمانيا· ولماذا يظل أن الإسلام الراديكالي ربما لم يدحر الغرب بعد؟ ربما يطغى المهاجرون من الشمال الإفريقي والشرق الأوسط على سكان أوروبا الغربيين المتناقصين، من دون أن يذوبوا في الحضارة الغربية· إن انهيار معدلات الولادة فيما كان سابقا قلاع الكاثوليكية (بما في ذلك مقاطعة كويبك) يتصادف مع إهمال ارتياد الكنيسة، ومع انهيار المعنويات داخل الكنيسة ذاتها·

متى لا يكون الخلود كافيا؟

ها هنا ملخص للتراجيديا الأسطورية التي تقف خلف ثلاثية "سيد الخواتم"· الخلود ليس كافيا بالنسبة لجن تولكن الصغار غير المؤذين· ويؤدي بهم الحب الذي يستولي عليهم لأعمالهم إلى أخطاء مأساوية، ومن بينها أولا، بسبب ضيف "فينور" السيء الاستشارة حول جواهره المسروقة، وهو ما يكون باعث نفي الجن إلى الأرض الوسطى· وفي ما بعد، يقبل حدادو الجن في الأرض الوسطى مساعدة سارون الشرير في صناعة خواتم إلفن الثلاثة، للهواء والنار والماء· ويلوث الارتباط الملتبس بسارون، بطريقة أو بأخرى، الخواتم الثلاثة، مثل أنه يجب أن تتلاشى قوة الخواتم الثلاثة أيضا إذا دمر أحد خواتم سارون· وهذا يعني نهاية غابة لوثليرون السحرية التي حافظت "جالادرائيل" على وجودها في نوع من ربيع دائم، والتخلي عن "ريفنديل" التي يحافظ عليها "الروند" يوصفها القلعة الأخيرة للفن والمعرفة· وهناك افتراض بأن "جوندالف" الذي يحمل خاتم النار، سيفقد شيئا من قوته أيضا· بالإضافة إلى هذا، فقد أفسد سارون النومينوريين، وهم عرق إنساني نبيل، بإقناعهم أنهم يستطيعون اقتناص الخلود من الخالدين (فالار) بغزو عالم (الفالينور)·

وتنتج الخواتم التسعة التي أعطيت للبشر الفانين صورة مشوهة للخالد شبيهة بمصاص الدماء، في الوقت الذي يضمحل فيها حاملوها في عالم الأشباح· الخاتم الواحد يضفي على حامله نوعا من الخلود المنحرف، حيث يتوقف جسده عن أن يصاب بالهرم بينما تصاب روحه بالفساد والانحلال· إنها نسخة مشوهة عن خلود الجن في عالم الفناء في الأرض الوسطى· فما أن يلمس هذا الخاتم لا يمكن الخلاص منه بسهولة، ولا يطيق "أسلدور"، وارث "إيمان" النومينوريين تحطيمه· وأعظم فضيلة لدى شعب الهوبيت، هي القوة الداخلية التي يملكونها للانفصال عن الخاتم· ولكن  الهوبيت الثلاثة الذين حملوه، بلبو وفرودو وساموايز، يجب عليهم في نهاية المطاف مغادرة الأرض الوسطى· فالخلود ما إن يجرب، يسمم متعة الأرض الوسطى حتى بالنسبة للهوبيت· وتشفي جالادرائيل نفسها بالتخلي عن أعمالها، رغم أن ما يتبع ذلك أن عليها أن تغادر هي وشعبها عالم الفانين، أي الأرض الوسطى· إنها ترفض عرض الخاتم الواحد (سأتلاشى وأظل جالادرئيل)· ويقبل الناجون المؤمنون من خرائب مملكة "نومينور" التي يرثها "أراجورن" عالم الفناء، وبذلك يشفون·

لقد نص تولكن بجلاء على مقاصده في مراسلاته: "على أي حال كل هذه الأحداث والشخصيات والعوالم معنية أساساً بالسقوط والفناء والآلة· وبالسقوط بشكل لا مناص منه، وهذا الموتيف يظهر بعدة أساليب· مع القابلية للفناء، وخاصة وهي تؤثر على الفن ورغبة الإبداع (أو كما يجب أن أقول الإبداع الثانوي)·· إن لها فرصا معقدة لـ "السقوط"· وربما تصبح هوسا معلقة بالأشياء التي تصنعها كملكية لها· يرغب الخالق الثانوي أن يكون السيد ورب خلقه الخاص· وسيتمرد على قوانين الخالق، وخاصة ضد القابلية للفناء· كلا هذين الأمرين (على حدة أو معا) سيقود إلى الرغبة بالسلطة، بجعل الإرادة أكثر تأثيرا، وكذلك الأمر بالنسبة للآلة (أو السحر)"·

إن الصفقة الفاوستية (الصفقة بين د·فاوست والشيطان) واللجوء إلى السحر كانتا موضوعتين يتناولهما الأدب الغربي منذ زمن طويل· ولكن تولكن أضاف بعدا جديدا مزعجا· في الأرض الوسطى كما في أوروبا خلال الحرب العالمية، لم يكن الأمر فناء الفرد كما عند مؤلف د·فاوست (جوتة) بل فناء أمم· ولن يمنح نقد جاد تولكن مكافأة في القانون الأدبي لأن شخصياته بشكل عام شخوص بليدة تلقي خطبا طنانة· ولكن هذا لصالحه· فهو يمتلك وقتا قليلا يضيعه في الاهتمامات التافهة من نوع اهتمامات الشخصيات التي تسكن الرواية المعاصرة· إن اهتمامه منصب على مصير الشعوب، أو لنسك تعبيرا، انحطاط الغرب·

انحطاط أوروبا

الخلود ليس كافيا بالنسبة للأوروبيين، أي أن المسيحية في كرسي الاعتراف، والامبراطورية المسيحية الكونية في السياسة، وفرت للأوربيين شكلا من أشكال الخلود يتجاوز وجود الأمة· وأوروبا سقطت من عين النعمة الإلهية حين قررت مكونات أممها الكبرى إن هذا النوع من الخلود لم يكن كافيا بالنسبة لها، وأن عليها بدلا من ذلك خوض الحرب من أجل الهيمنة الزمنية على الأرض· وغرقت شعوب أوروبا، وقد اجهدتها حروبها، في سبات يدمرها تدريجيا ولكن بيقين مزعج·

تصوير مخرج أفلام الثلاثية جاكسون، لـ"ديناثور" متولي أمور "غوندور"، لا ريب أنه يذكر باندحار أمريكي أوروبا بالعلاقة مع العراق وبقية المسالك في الشرق الأوسط· فللشخصية، بخروجها على السياق، دافع ضئيل· وربما سيقدم جاكسون الأرضية المفقودة لانحطاط "غوندور" في نسخة مستقبلية موسعة·

بالطبع، هو تحايل أن نقيم تناظرا بين زهو وحماقة "فينور"· و"النومينوريين"· في فنطازيا تولكن، وبين زهو وحماقة الأمم الأوروبية في الحرب العالمية الأولى، ولكن كان من الملحوظ والشائع بعد العام 1918، أن التراجيديا الأوروبية الكبرى بدأت بالمحاولة الضالة لخداع قابلية الفناء بوساطة تأكيد السيادة القومية· ولايمكن للمرء أن يفهم وصول هتلر للسلطة من دون أن يلاحظ أن الكثير من الألمان آمنوا من كل قلوبهم بأن وجود الشعب كان في خطر·

ومنح الفيلسوف مارتن هيدجر، ولم يتراجع أبدا، دعمه القلبي الكامل لهتلر، معتقدا أن الانغمار بالشعب كان جوابا مشروعا على الأزمة الوجودية·

لقد قام صدع مأساوي في أساسات أوروبا على شكل صفقتها الفاوستية مع الوثنية· قدمت المسيحية الخلاص في عالم آخر، وأراد الأوروبيون تذوق طعم الخلود في هذا العالم· وبالسماح للوثنيين بإدخال آلهتهم القديمة في الديانة الجديدة، تركت المسيحية الأوربيين ممزقين إلى الأبد بين "المسيح" و"سيجفريد"· الموسيقار الألماني "ريتشارد فاغنر" عاد إلى المنابع الوثنية القديمة ووجد فيها مذاق العدمية القادمة التي ستخرب أوروبا خلال حرب ثلاثين عامها الثانية ما بين 1914 - 1944·

وأمل تولكن برفضه لفاغنر، إيجاد رابط بين ماضي الوثنية غير النبيل وحاضر المسيحية· وفي هذا المنحى، أخفق إخفاقا واضحا، فقد اختزل التوق الرثائي لماض زراعي مفقود· إنه رجعي ينظر إلى الوراء لأن رؤياه أكثر وضوحا من أن تسمح لآمال زائفة بمستقبل أوروبي·

حافظ تولكن على إيمانه برسالة المسيحية الأصلية· ليس على الإنسان أن يقبل فقط قابليته للفناء، بل وقابلية أمته للفناء، انقراض حضارته، إخراس لغته الأم، وإن ينظر بدلا من ذلك إلى خلاص يتجاوز كل أمل فان· ذلك هو ما قدمته المسيحية للوثنيين خلال الانقراض الكبير للشعوب بعد انهيار روما·

يعرف "فرودو" أن عرق الهوبيت كله سينقرض·

ويبدأ رحلته مع تحذير "جلدور" بأنه ذات يوم سيقيم آخرون في شاير حين لا يعود للهوبيت وجود· جلدور هو الأول من كبار الجن الذين يلتقي بهم وهو يمتطي حصانا نحو الهافنيين، بصحبة "الروند" وجالدرائيل، الذين مع غوندالف، يكتشفون أخيرا قدرتهم الحقيقية، كحاملين لخواتم الجن الثلاثة·

ولكن الأمم الأوروبية تخلت عن عهود الإمبراطورية المسيحية الشاملة، عبر قومية فاغنر، باحثة عن الخلود في العالم الفاني· وهو الخطأ المأساوي لفينور وجالدرائيل والمتمرد إلدار· الحروب الكبرى وسقوط أوروبا كانت تبعات هذا· وباستثناء ما يحدث في المخيلة، لم تكن هناك عودة إلى الوراء·

إن المسار البحري غربا، في رؤية المخرج جاكسون، يمثل الموت· وربما لا يمثل أيضا سوى الهجرة إلى  أمريكا، فعلى خلاف كل الشعوب الأخرى، الأمريكيون ليسوا بحاجة للخوف من انقراض هويتهم الحضارية، لأنهم لايملكون هوية حضارة في المقام الأول· وذلك هو ضعف أمريكا الكبير، ولكنه أيضا مصدر قوة· وهذا هو السبب في أن أمريكا ستظل قائمة طيلة الزمن بينما تنحل أم الحضارات في غبار المكتبات· إذا لم تعد اللغة الألمانية أو الفرنسية منطوقة، فإن مفهوم "ألمانيا" أو "فرنسا" سيصبح بلامعنى· وقد اعتبر الأمريكيون أثناء ثورتهم الألمانية لغة قومية· وبعد قرن من الآن ربما يتبنون الإسبانية، أمريكا تستطيع تحمل خسارة اللغة الانجليزية ذاتها·

* عن: www.atimes.com

طباعة  

مصر ضحية الاستراتيجية الصهيونية لتفتيت المنطقة