رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 27 يونيو 2007
العدد 1780

الجدل المر - اللذيذ سيبقى أيضاً
نازك الملائكة رحيل شاعرة مجددة وباحثة ناقدة

·         سليمان الشطي: كانت عميقة في أفكارهاوميالة إلى الصمت

·      علي السبتي: عانت المرض لأكثرمن ثلاثين سنة فأين الاهتمام بها

·        عبدالله خلف: تقف مع السياب في خط واحد وتميزت بموهبتها النقدية

·         خالدعبدالكريم: كانت مخلصة في عملها وحريصة على القيم الإسلامية

 

كتب آدم يوسف:

رحلت عن عالمنا الشاعرة الكبيرة نازك الملائكة، رحلت تاركة وراءها إرثاً شعرياً ونقدياً يبقى إلى مالانهاية، فالجدل المر/اللذيذ حول قصيدة التفعيلة وبداياتها سيبقى مستداماً هو الآخرأيضاً نثرثر به في المقاهي وفي جلساتنا الخاصة· نمرره عبر المقالات وفي صفحات الجرائد، أجل رحلت نازك الملائكة وستبقى القصيدة بكل عنفوانها، حرة، منثورة، وموزونة، ستبقى القصيدة ومعها أولئك الكبار الذين أسسوا لها وما زالوا يقاتلون في سبيل إرسائها وتطويرها واكتشاف أوجه الجمال فيها، ستبقى القصيدة محظية بحضورأدونيس، وتحليق محموددرويش، وحدّة أحمد عبدالمعطي حجازي، وشطحات سعدي يوسف الدائمة، أجل ستبقى القصيدة ومعها أولئك الشباب/الكبار ممن انتهجوا لنفسهم خطاً إبداعياً خاصاً بهم، فهم يكتبون التفاصيل اليومية التي يعيشونها بلغة صافية زلال، هم يكتبون المنثور المختلف المتجدد باستمرار، شباب يحملون دواوينهم وطبعاتهم الخاصة، يتبادلون الإهداءات عبرالشبكة الالكترونية ورحيل الأصدقاء، من مدينة إلى أخرى، شباب لاهم لهم سوى الكتابة والإبداع هاجسهم الأوحد·

أجل رحلت نازك الملائكة، تاركة وراءها "قضايا الشعرالمعاصر" وحطام أمة تتقاتل دون حل أو تفاهم أوهدنة سلام، هوالجدل ذاته السياسي والاجتماعي والثقافي، وهي الشاعرة ذاتها المقاتلة العنيدة حاملة لواء التجديد·

ولدت في بلاد الرافدين من أسرة عريقة عاشقة للشعروالأدب فحملت الفتاة الصغيرة مشعل النور وارتوت من منابع المعرفة· وأتيح لها أن تكمل دراستها العليا في الولايات المتحدة الأمريكية، في وقت مازالت فيه الفتيات العربيات يعانين الجهل والتخلف، ولم تكتف الملائكة باتمام دراستها، والبقاء في المنزل، بل انخرطت في سلك التعليم العالي، وقد كان لجامعة الكويت شرف استضافتها، فتتلمذ على يديهابعض من مبدعي جيل الثمانينيات وأساتذة الجامعة الذين يواصلون الكتابة ويحتفظون لذواتهم بشيء من الذكرى، وخصوصية اللقاء الجميل بالشاعرة العربية المتفردة الفريدة· في هذه اللحظات نستضيف بعضاً من المبدعين وأساتذة جامعة الكويت الذين عاصروها، للاطلاع على شهاداتهم وشيء من تجاربهم الخاصة·

 

أين الصحافة

 

يقول الشاعرالكبيرعلي السبتي: لقد ظلت نازك الملائكة تعاني المرض لأكثر من ثلاثين عاماً، فأين الصحافة عنها، إنها لحالة مؤسفة ألا نعتني بالمبدعين والأدباءإلا بعد فوات الأوان، ويضيف: على الصعيدالشخصي ليست لدي تجربة خاصة معها، حيث كانت تعمل أستاذة في الجامعة، ولم تكن ذات حضوريذكرفي المنتديات والأنشطة المحلية، أما مايتعلق بإبداعها فهي شاعرة كبيرة، ومن الشعراء القلائل في الوطن العربي الذين اسهموا في تطويرالقصيدة الحديثة، ومعها السياب، حيث ساهم هذان الاثنان في إرساء قواعد قصيدة التفعيلة، وإن اختلفت الآراء حول أيهما البادئ، وهناك أناس آخرون طوروا في شكل القصيدة العربية في مصرولبنان، ولكن هؤلاء كتبوا نثراً وليس شعراً كما هو الحال مع مجلة "شعر" وروادها، الذين كانوا يعتمدون على الترجمة عن اللغات الأخرى، وكانوا يفتقدون إلى الوزن الذي هو عنصرأساسي في القصيدة، وشرط لازم لها، وهناك شعراء كثر يكتبون الآن سواء في الخليج العربي، أومصرولبنان، والمغرب العربي، على ذات الشاكلة، وفي رأيي هؤلاءيكتبون نثراً وليس شعراً· ويختتم الشاعرالسبتي مشاركته ببيت شعرللشاعرالجواهري يتمثل فيه حالة إهمال الشاعرة الملائكة في حياتهاوالاعتناء بها بعد وفاتهايقول الجواهري في رثاء الرصافي:

أهزبك الجيل الذي لاتهزه

نوابغه حتى تزورالمقابرا

 

قضايا العالم العربي

 

الناقد د· سليمان الشطي يقول: سعدت بأن كنت أحد الطلبة الذين درسوا على يدها مادة النقد الأدبي الحديث، في جامعة الكويت كما أنني زاملتها في مرحلة من المراحل في قسم اللغة العربية وأشارالشطي إلى أن نازك الملائكة فترة وجودهافي جامعة الكويت كانت مشغولة بأبحاث ودراسات محددة، كما أنها كانت مشغولة بالنظرفي قضايا العالم العربي، وكانت ميالة إلى الصمت، وتشارك برأيها إذاكانت القضية مثارالنقاش هامة وحيوية مثل قضية الشعرالعربي المعاصر، فتقدم رأيها بدقة ووضوح وتصميم، ومن يقترب من نازك الملائكة أكثريدرك ذلك الشق الموسيقي المتميز عندها، فهي رائدة في شعرالتفعيلة، وفي باب عروض الشعرهي فريدة ومتمكنة إلى أقصى حد، وكانت تدرس مادة العروض، وكان هذا الجانب بالنسبة لها لايمثل درساً علمياً فقط، وإنما كان يمثل ذوقاً أيضاً، وكانت تنظرإلى الموسيقى بإمكانتها الأوسع، وكنت أشعرأن لها أفكاراً كثيرة قدلايتسع لها الدرس الجامعي الذي هوبطبيعته محدود، ونازك الملائكة أعطت درساً مهماً في تاريخ الشعرالعربي، وفي تطويرالأداءالموسيقي، وكتابها قضايا الشعرالمعاصريناقش مدخلاًجديداً يختلف عما هوسائدلدى شعراءعصرها،وكانت قضية القصيدة ليس فقط في الموسيقى كماهومتعارف من شكلها الخارجي، وإنماتتناول التغييرات الهيكل الداخلي للقصيدة، وأما من الناحية الإنسانية هي شاعرة مليئة بأشياء كثيرة وذات حساسية وطنية وقومية عالية·

 

المدارس الشعرية

 

الأديب عبدالله خلف، أمين عام رابطة الأدباء السابق يقول: هي رائدة الشعرالعربي الحديث، وتقف مع بدرشاكرالسياب في خط واحد، مع وحود اختلاف حول من هوالبادئ بكتابة قصيدة التفعيلة، وكانت نازك الملائكة مبدعة في الشعرالعمودي، كما هي مبدعة في قصيدة التفعيلة، وكانت تختلف عن بدرشاكرالسياب بأنها تمتلك الأدوات النقدية، وحين افتتحت جامعة الكويت سنة 1966 كانت تدرس لنا نحن الدفعة الأولى في الجامعة مادة الشعرالعربي الحديث، وكانت تتحدث عن المدارس الشعرية والنقدية التي ظهرت آنذاك، ومنها الرابطة القلميةولديها كتاب في هذا الشأن، ومايؤسف له أن عمالقة الأدب في العراق ماتوا غرباء عن وطنهم بسبب النظام السابق، وحين نقلت الملائكة إلى القاهرة من الأردن كانت بحالة صعبة، وماكانت قادرة أن تذهب إلى العراق، وهذا مصيرالأدباء المفكرين الأحرارالذين لم يخضعواللنظام السابق، ومن هؤلاء: محمد مهدي الجواهري، وعبدالوهاب البياتي·

 

إنسانة مخلصة

 

د· خالدعبدالكريم، أستاذالنحوالعربي في جامعة الكويت يستذكرالجانب الإنساني من حياة نازك الملائكة، ويقول: كانت إنسانة مخلصة في أداء عملها، وكانت حريصة في زراعة القيم الإسلامية والعربية، في نفوس الطلاب والطالبات، وكانت لذلك تعارض بشدة صرعات الموضة الغربية في اللباس، وكانت تنصح الفتيات بعدم ارتداء الكعب العالي مثلاً لما له من أضرارصحية على البدن والظهر خاصة، كما أن صرعات الموضة هذه تأتينا في الغالب بدواع تجارية وبغرض الربح حيث تروج لها بيوت الأزياء العالمية، ومن حيث المعاملة كانت في غاية الرقة والحنان، وكانت تعامل الطلاب والطالبات بنفس طيبة، وكانت أبعد ما تكون عن الكلمات القاسية والجارحة، وكان كل من يتعرف عليها يكن لها المحبة والاحترام وكانت بسيطة في سلوكها، بعيدة عن البهرجة، والزينة أو المظاهر·

طباعة  

اشراقة
 
وجهة نظر
 
كتابه يتناول حياة "فتغنشتاين" وفلسفته
عقيل عيدان يبحث في فلسفة المعنى وألعاب اللغة

 
اكتشاف موقع أثري في المنطقة الغربية من أبو ظبي
 
قصة قصيرة