رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 27 يونيو 2007
العدد 1780

لمواجهة أمريكا والصين والإرهاب الأصولي...
التحالف الأوروبي - الروسي مصلحة مشتركة للجانبين

·         روسيا بدأت تعود إلى مفهوم الدولة القومية وأوروبا تحاول التخلص منه

·         الدور الأوروبي يتراجع على المسرح الدولي بسبب "أزمة منتصف العمر"

 

بقلم سيرجي كاراغانوف*:

لا يسع المرء سوى الشعور بالدهشة لحال العلاقة الراهنة بين روسيا والاتحاد الأوروبي، حيث سوء الفهم وتقدم القضايا الثانوية على المصالح المشتركة الأعمق بين الطرفين كمنع أو ضبط انتشار الأسلحة النووية ومحاربة الإرهاب والذي سوف يتجه نحو الأسوأ بعد انسحاب الولايات المتحدة الحتمي من العراق، إضافة إلى الحاجة إلى نزع فتيل أو تفادي أو مواجهة التطرف الأصولي·

وهناك أيضا مصلحة مشتركة - وإن كانت خفية - للجم الولايات المتحدة وإقناعها بالتخلي عن سياساتها أحادية الجانب المدمرة، إلى موقع القيادة الفاعلة في عالم يتم اتخاذ القرارات الهامة فيه على أساس التعددية الدولية·

وهناك قضية أخرى ينبغي أن تجمع الموقفين الروسي والأوروبي، ولكنها تثير جدلا كبيرا الآن، ألا وهي الطاقة·

فروسيا، كبلد مصدر للطاقة، معنية بشكل طبيعي أن تكون أسعار الطاقة مرتفعة، بينما مصلحة أوروبا هي في أن تكون الأسعار منخفضة· وكان بالإمكان التغلب على هذا الاختلاف في الموقفين لو اتفق الجانبان على استراتيجية مشتركة· كأن يعرض على روسيا أن تكون لها سيطرة جزئية على توزيع الطاقة، ويعرض على أوروبا - بالمقابل - ملكية جزئية من الطاقة المستخرجة·

وهذا في الواقع، ما دأب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، على عرضه على مدى السنوات الماضية، ولكنه لم يلق حتى الآن، سوى إجابات سلبية في معظمها·

 

معركة خاسرة

 

وفي المقابل العرض الروسي، واجهت موسكو الاتهامات بممارسة سياسة امبريالية في مجال الطاقة، وبأنها مصدر للطاقة لا يعتمد عليه "وكأن لدى أوروبا مصدرا للطاقة أكثر موثوقية من روسيا"، وبالعجز عن تطوير مواردها "على الرغم من أن روسيا ليست بحاجة لمزيد من النفط أو الغاز"· وتلقى الروس تهديدات بإقامة "تحالف أطلسي للطاقة"، وهو الذي يبدو من الخارج كتكتل لمستهلكي للطاقة·

وهذه معركة خاسرة - كما تبدو في نظر كل ذي بصيرة، إذ بوسع موسكو أن تشكل تكتلا مضادا للمنتجين، وتظل هي الطرف الرابح في هذه المعركة· وبوسعها تغيير مسار بعض إمداداتها نحو الشرق والجنوب· ولكن انتصارا كهذا، سيكون هزيمة استراتيجية لأوروبا والغرب والشرق· وبالمقابل، فإن التعاون قد يشكل أساسا لتحالف أوروبي في مجال الطاقة·

وبالطبع، هناك أسباب موضوعية لفشل الأوروبيين للتعاون على أساس المصالح المشتركة· أحد هذه الأسباب هو الاختلاف بين الجانبين في مرحلة التطور السياسي في كل منهما· فروسيا تمر بمرحلة التعافي لما بعد الثورة· إنها بصدد العودة إلى مفهوم الدولة القومية والقيم التي كانت محظورة في ظل الحكم الشيوعي، كالدين والقيم الفردية والجشع·

وأوروبا تكافح بنجاح من أجل التغلب على ثقافة الدولة القومية وخلق ثقافة سياسية جديدة تستبعد الاعتماد على القوة في السياسة الخارجية وتسعى إلى نهج أكثر إنسانية وجماعية·

لقد تصاعد دور روسيا مؤقتا، من الحجم المتوسط في التسعينيات، وتمكنت من بناء ثقتها بنفسها لدرجة وصلت إلى الغطرسة أحيانا· وفي هذا الوقت، يتراجع الدور الأوروبي بنتيجة لـ"أزمة منتصف العمر"، التي تخلق الشعور بالضعف وهشاشة الموقف·

 

صراعات دموية

 

وبسبب هذه العوامل وغيرها، فإن أيا من الطرفين ليس قادرا على صوغ وتطبيق سياسات طويلة الأجل مبنية على المصالح المتبادلة، في الوقت الذي تتقدم قضايا ثانوية أو حتى سطحية، سلم الأولويات·

فالمصدر الأولي للنزاع هو ما نسميه "حارتنا المشتركة"· ففي أوكرانيا، تنافسنا على انتخابات 2004، والآن نتنافس حول الفوضى السياسية هناك· واختار كل من الأوروبيين والروس أن يدعم كل منهما طرفاآخر من أطراف الأزمة في أوكرانيا·

واختلفنا حول قرار موسكو تطبيق أسعار السوق على الغاز الذي تزوده لأكروانيا· وحين حاولت موسكو إلغاء الدعم لأسعار النفط والغاز لروسيا البيضاء، وجهت لها الاتهامات بالاستغلال·

وخلص الروس إلى نتيجة مفادها أنهم ملعونون مهما فعلوا، وهذا بدوره، أفقد الانتقادات الأوروبية للسياسات الروسية، الكثير من المصداقية والأهمية المعنوية، حتى لو كانت هذه الانتقادات صحيحة·

ثم هناك مشكلة "الدول غير المعترف بها"، وهي المناطق التي تم اقتطاعها من مولدوفا وجورجيا وأذربيجان بعد صراعات دموية· فهذه مسألة مثيرة للنزاع بالرغم من أنها ذات أهمية ثانوية· وهناك مشكلة أستونيا· فقد اختار الاتحاد الأوروبي دعم خطط الحكومة إزالة النصب التذكاري للجندي السوفييتي، المجهول، فاعتبرت موسكو ذلك محاولة لإعادة كتابة تاريخ الحرب العالمية الثانية· ويعتقد معظم العالم الخارجي أن أوروبا سوف تخسر، على الأرجح، في السباق من أجل امتلاك سلطة على المسرح الدولي، لأن سياستها الخارجية المشتركة تسمح لدول صغيرة بأن تملي إرادتها على برلين وباريس وروما· وبالإضافة إلى ذلك، فإن "القضايا الصعبة" مثل القوة العسكرية أو الطاقة، التي تجد أوروبا نفسها ضعيفة فيها، بدأت تستعيد أهميتها·

ومن جانبها، يجب على روسيا مواجهة عدد من التحديات الجيوسياسية في المدى الطويل التي لا تستطيع التعاطي معها منفردة، حاليا، بالرغم من تنامي قوتها الاقتصادية وتأثيرها في المسرح الدولي، مثل نمو الصين وتعاظم الإسلام الأصولي·

وقد لا يكون أي تحالف روسي - أوروبي يشمل قضايا الطاقة، صحيحا من الناحية السياسية في هذا الوقت، لكنه مفيد جدا لكلا الطرفين، ولذلك يتعين عليهما وضعه على طاولة المفاوضات·

 *عميد كلية الاقتصاد الدولي والشؤون الدولية في جامعة موسكو

عن: انترناشيونال هيرالدتربيون

طباعة  

الدولة الفلسطينية... لماذا لم تقم حتى الآن؟
 
تشمل دروعا وأجهزة توجيه صواريخ وقطع غيار طائرات...
معدات عسكرية أمريكية حساسة في السوق السوداء لمن يشتري