حينما يكون الحل هو المخفر...!!!
د· نادر القنّة
ليست هذه هذ المرة الأولى التي تصل فيها الخلافات بين إدارة المعهد العالي للفنون المسرحية والطلبة، وبين أساتذة المعهد والطلبة من جانب ثان، وبين اساتذة المعهد انفسهم من جانب ثالث، الى مراكز الشرطة (المخافر)، وملفات النيابة، فالأمثلة في ذلك كثيرة ومتعددة، ولسنا هنا بصدد إجراء دراسة مسحية او احصائية حول ذلك، فتلك مهمة اصحاب الامر والاجهزة المعنية بالتعليم العالي·
ان ما يعنينا هنا، هو الوقوف عند هذه الظاهرة الملفتة للانتباه، والتي صرنا على موعد معها في نهاية كل عام دراسي، والتي صارت واحدة من أهم ملامح هذا المعهد (تميزا) عن باقي المؤسسات الأكاديمية الاخرى في الكويت··· في يقيني اننا لا نحتاج الى كثير من الفطنة والذكاء لنعرف ان السبب الرئيسي في انتقال الخلافات من دائرة المؤسسة الاكاديمية الى دوائر الشرطة، هو عدم تطبيق القانون· أعني عدم تطبيق بنود اللائحة "الأساسية" للمعهد، والمعتمدة لدى ديوان الخدمة المدنية، فهناك تعد واضح على هذه اللائحة، واختراق لبنودها، وتجميد متعمد لمتطلباتها، وحذفها وراء الظهور عن قصد وسوء نية بغرض تمرير رغبات شخصانية تصطدم مع القانون، بدءا من العاملين بالوزارة انتهاء الى العاملين بادارة المعهد، اضف الى ذلك كله ضعف ادارة المعهد، وعدم قدرتها على تسيير الشؤون التعليمية والادارية داخل المؤسسة ذاتها، الامر الذي ادى بالادارة الى تسليم زمام قيادة المؤسسة الى بعض الوافدين ممن وضعوا مصالحهم الذاتية فوق القانون، وفوق كل اعتبار، وراحوا يتفننون في تهميش اللائحة الداخلية واستصدار تعليمات جديدة تتفق وغاياتهم وغايات من يعملون لصالحهم· لدرجة أن استاذا وافدا اعتدى بالضرب على أكاديمي كويتي في موقع المسؤولية ولم يقل له أحد شيئا ما· بل تم تجديد عقده من جديد·
إذا كانت اللائحة الداخلية تنص على ضرورة توافر (حسن سير وسلوك) لمن يتم التعاقد معه من الخارج، فكيف يتم التعاقد مع عضو هيئة تدريس "مدان قضائيا" من بلده بسب الدين؟ واذا كانت اللائحة الداخلية تقضي ان يكون العميد بدرجة استاذ، فكيف يتم تعيين عضو هيئة تدريس عميدا وهو بدرجة "مدرس" (استاذ مساعد حسب المقترح الجديد)؟ واذا كانت اللائحة تشترط للترقي من درجة علمية الى اخرى مرور خمس سنوات على عضو هيئة التدريس في درجته السابقة مع ضرورة تقديم ابحاث علمية جديدة (محكمة)، فكيف تتم ترقية عضو هيئة تدريس من مدرس الى استاذ ببضعة شهور من تعيينه ومن غير أبحاث علمية؟ اليس كل ذلك - وغيره من الأمثلة - يعد تجنيا واضحا على اللائحة والقانون؟ فاذا كان اهل الدار يفعلون ذلك بوضوح النهار، وعلنا، ومن غير مواربة، "وعلى عينك يا تاجر"، فماذا ننتظر ان تكون النتيجة غير الذهاب الى المخافر والقضاء مع كل اصطدام بين اطراف المؤسسة؟
إن تغييب القانون، ووضع اللائحة في الأدراج يعني نشر ثقافة الفوضى، ونشر ثقافة الاستبداد، فالطالب لا تصدر له شهادة الا وفق "مزاج" الادارة· وتعيين المعيدين لا يتم الا وفق منظومة العلاقات وما تفرضه صلة القربى، والمصاهرة، وتعيين العميد لايتم إلا بقوة الواسطة، واختيار الوافدين من الخارج لا يتم الا حسب ما تمليه العلاقات الشخصانية· والترقية من درجة علمية الى اخرى لا تتم الا بالتحايل على القانون··· الضحية في النهاية هي العملية التعليمية ومعها الطلبة الجادون المخلصون الذين يملكون ادوات التعلم·
لقد حان الوقت للانتباه الى هذه المؤسسة، واعادة تفعيل بنود اللائحة كاملة، ليسود القانون فوق الجميع· واذا ما اختلفت الاطراف المتشابكة فإن اللائحة تفصل فيما بينهم من غير حاجة الى الذهاب للمخافر او ساحات القضاء، فهل تفعلها معالي الوزيرة نورية الصبيح التي تتحدث عن قوتها بانها مستمدة من قوة القانون؟
drnader@maktoob.com