رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 27 يونيو 2007
العدد 1780

الحرية الأكاديمية في جامعة "دي بول"
في قبضة صهيوني صفيق هدد المطبعة وأثار هرجا لمنع نشر كتاب يفضح اعتداءه على الوقائع

ماثيو ابرامز:

في الثامن من حزيران - يونيو الحالي، أعلن رئيس جامعة "دي بول"، دنيس هولشنايدر انه قرر تأييد حكم مجلس ادارة الجامعة في رفض تثبيت بروفيسور العلوم السياسية ذي المواقف الصريحة "نورمان فنكلستين" في منصبه والتجديد له· وفي تصريح صحافي نقل عن الرئيس قوله ان الحرية الأكاديمية "حية وبحالة جيدة في جامعة دي بول"·

ومن هنا لم يكن غريبا ان يولد حرمان "فنكلستين" من منصبه نقاشا على المستوى الوطني، فالاكاديميون في كل مكان اصبحوا مجبرين على التفكير مليا بما يتضمنه هذا من معان بالنسبة للحرية الاكاديمية في الولايات المتحدة الأمريكية، وبخاصة منهم اولئك الذين يتجرأون على نقد سياسات الولايات المتحدة واسرائيل في الشرق الأوسط·

فنكلستين، وهو ابن لاحد من الناجين من الهولوكوست، استاذ ظل يفضح باستمرار وعناد ما يسميه "صناعة الهولوكوست"، اي المنظمات والمؤسسات التي استخدمت الهولوكوست "الحادثة التاريخية الفعلية" لتبرير عدوان اسرائيل الاجرامي على الشعب الفلسطيني والقانون الدولي· ومن بين المنظمات يورد "فنكلستين" المؤتمر اليهودي العالمي، و"العصبة ضد التشهير"، و"اللجنة اليهيودية - الأمريكية" ومجموعة أخرى من التابعين لها· ولا ريب ان عمل "فنكلستين" قد اثار امرا خلافيا، ولكن لا يجب ان يصرف هذا الانتباه عن ما يجعل معاملة التجديد له امرا مقلقا فهو بلا شك باحث جاد وصاحب فتح بحثي جديد·

الباحث البارز في الهولوكست النازي "راؤل هلبرج"، وصف كتاب فنكلستين "صناعة الهولوكست" بانه فتح في مجاله، وقال ان فنكلستين "كان على الطريق الصحيح، في توثيق كيفية قيام "المؤتمر اليهودي العالمي"، بمساعدة حكومة كلينتون بانتزاع بلايين الدولارات من المصارف السويسرية باسم الناجين من الهولوكوست، فقط لوضع الاموال في جيوب المنظمات اليهودية"، ولكن مع ان كتاب "صناعة الهولوكست"، هو اكثر الكتب التي يتردد الاستشهاد بها في محاولات تشويه موقفه، ونبذه بوصفه ناكرا للهولوكست، ومنكرا للمعاملة العادلة للناجين منها، الا ان كتابه "الخيال والواقع في الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي"، وهو كتاب نقدي شامل للمعتقدات المركزية السياسية والفلسفية التي شكلت الصهيونية، هو أكثر كتبه اهمية واصالة، ويتفادى مهاجمو فنكلستين مناقشة كتب الخيال والواقع، بالضبط لهذا السبب، وهو انه يعد كتابا بحثيا من الدرجة الأولى·

ويدفع فنكلستين بان غالبية المعلقين الامريكيين يعتمون على او يتجنبون السجل التاريخي والدبلوماسي الواضح في فحص الصراع الفلسطيني- الاسرائيلي بتجاهل القانون الدولي او تهميشه، مستغفلين بذلك الجمهور الامريكي، ودافعين به الي الاعتقاد بان الاحتلال الاسرائيلي عادل وضروري وقانوني· واحد الامثلة على ذلك فشل محادثات كامب ديفيد عام 2000، وهو فشل نسب، على الاقل في دوائر النخبة في الولايات المتحدة، الى عناد ياسر عرفات بينما واقع الامر هو ان ما عرضه كلينتون وايهود باراك على عرفات كان شيئا لا يستطيع زعيم فلسطيني قبوله: دولة بانتوستانات تذكر بمناطق الحكم الذاتي الافريقية·

اخر فضح قدمه فنكلستين للمبررين الأمريكيين والاسرائيليين لحالة العنف، هو فضحه لاستاذ القانون الشهير في هارفارد "الان ديرشوفيتش" الذي كان مركز هجوم فنكلستين في كتابه "أبعد من الصفاقة، اساءة استخدام العداء للسامية والاساءة للتاريخ"، فقد قام "دير شوفيتش" بنشر كتاب "دعوى من اجل اسرائيل" في اغسطس 2003، وهو ما يستخدمه فنكلستين كهدف لهجومه في "أبعد من الصفاقة"، شارحا كيف أن "ديرشوفيتس"، يسيء عرض جوانب ا لصراع الأساسية دبلوماسيا وقانونيا وتاريخيا، وقد حاول، دير شوفيتس منع نشر كتاب "أبعد من الصفاقة" باغراق مطبعة جامعة كاليفورنيا برسائل تهديد من كبار المؤسسات القانونية في نيويورك طيلة ربيع وصيف العام 2005، قائلا انه سيقاضي المطبعة اذا لم تضمن ان كل ما كتبه فنكلستين عن "ديرشوفيتس" سوف يتم تصحيحه تصحيحا عمليا· وكان كتاب "أبعد من الصفاقة" قد دققه ستة خبراء في الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي وعدد من المحامين المعروفين، وحين لم يستطع التغلب على المطبعة او مجلس امناء جامعة كاليفورنيا، طلب "ديرشوفيتس" من حاكم ولاية كاليفورنيا "ارنولد شوارزنجر"، التدخل، ورفض "شوارزنجر" التدخل في الحريات الاكاديمية، الا ان فنكلستين لم يكن محظوظا على هذا النحو في جامعة "دي بول" ولكن فنكلستين، بكل المعايير، يبز كثيرا متطلبات تعليم ومنشورات "دي بول"، ولديه والحق يقال، سجل تعليم ونشر تؤهله للحصول على درجة الاستاذية الكاملة· وقد صوت زملاؤه المعينون في قسم العلوم السياسية  بتسعة اصوات ضد ثلاثة لصالح تعيينه وترقيته الى رتبة بروفيسور مساعد· "والثلاثة الذين صوتوا ضد تعيينه ليسوا خبراء في الصراع الفلسطيني - الاسرائيلي او الهولوكوست" وأيدت لجنة موظفي الكلية توصية القسم بخمسة اصوات ضد لا شيء·

في مذكرة مؤرخة في 22 مارس، مسؤول الفنون والعلوم الحرة في الجامعة "تشارلس سوتشار"، امتنع عن دعم طلب تعيين فنكلستين، ووافق على رأي الاقلية التي كتبت التقرير، محاججا بان ميل فنكلستين الى الانخراط في هجمات التشهير والانتقاص تشكل خاصية جهوده البحثية، وكتب الى مجلس الجامعة بان لدى "فنكلستين ولع واضح في اختزال وجهات نظر وحجج معارضة في ماهو شخصي وهجمات تدمير الشهرة، منتقصا من اولئك الذين يختلف معهم"·

والمفاجئ والغريب أن هذه الأقوال لم تثرها ادارة الجامعة سابقا حول اعمال فنكلستين·

لمعرفة أسباب هذه الاقوال الجديدة ومن يقف وراءها، لدينا هنا "الان ديرشوفيتس" الذي وزع عليه معلومات على اعضاء هيئة التدريس، وشن حربه الفردية ضد فنكلستين ولجأ "ديرشوفيتس" خلال شهري أبريل ومايو محاولا الاستفادة الى صفحات مجلات مثل "نيوريببلك" و"فرنت بيج" بل وحتى الى "وول ستريت جورنال"· لمهاجمة باحث معروف عالميا، وأحد اكثر اساتذة جامعة دي بول قدرة ورسوخا، وتمسك "ديرشوفيتس" بان قضية فنكلستين ليس موضوعها الحرية الاكاديمية ولكن المعايير الاكاديمية وانتهى مديرو "دي بول" بايجاد مسوغ عقلاني لانكار التثبيت في المنصب الى خطوط مماثلة، ان نجاح  خصوم فنكلستين يجب ان يدفع الى وقفه كل معني بالحرية الاكاديمية في الولايات المتحدة·

 *بروفيسور اللغة الانكليزية المساعد في جامعة دي بول، ومحرر ضيف للعدد الخاص من "النقد الثقافي" حول حياة وتراث ادوارد سعيد المعنون: "ادوارد سعيد وما بعد: نحو نزعة انسانية جديدة"·

عن: www.electronicintifada.net

(15 - يونيو- 2007)

طباعة  

جون بيركنز في "التاريخ السري للإمبراطورية الأمريكية" (2)
الذين لا تغريهم الأموال نطيح بهم... أو نغتالهم!

 
تعذيب العقل
 
لماذا خسرت الولايات المتحدة في العراق؟
 
القضية الفلسطينية: ماذا بعد الآن؟
 
كيف نرسم مسار الرؤية السياسية العربية؟