كتب محرر الشؤون العربية:
بينما يشتعل العراق باروداً وناراً يحصد أهم أركان الدولة المبنية على التعددية الدينية والعرقية والطائفية، وتعود حرب القتل بالمفخخات الى أجواء لبنان المنشغل في زاوية أخرى منه في قتال "فتح الإسلام"، بينما يحدث كل هذا أوقدت مرة أخرى جذوة القتال الفلسطيني لتلتهب هذه المرة وتأكل "الثورة" الفلسطينية أبناءها وينتصر الأخ في غزة على أخيه المنتصر عليه في الضفة، وليدخل جيش حماس "المنتصر" الى مستشفيات غزة يقتل الجرحى و"يأسر" الفتحاويين "الخونة" بعد أن أخرجهم من "ثكناتهم" عراة في نصفهم الأعلى، فقام المهزوم في غزة والمنتصر في الضفة باعتقال من تقع عليه يده من "الحماسيين" وهكذا، أما قادة إسرائيل فقد انتشروا على فضائيات العالم والعربية منها أيضاً في مقابلات وتصريحات متواصلة يتحدثون عن "حزنهم" على ما يجري في الأراضي الفلسطينية، وأحياناً عن مساعيهم لتفادي حدوث كارثة بشرية ومجاعة وغيرها في غزة، بينما يشرحون للعالم مساعيهم لدعم الحكومة الجديدة "حكومة الطوارئ" المؤقتة التي لاتعترف فيها حماس (صاحبة الحق الشرعي في تشكيل الحكومة بعد فوزها في الانتخابات)·
هذا هو المشهد باختصار: فتح وحماس تشكل كل منهما دولة فلسطينية "محررة" على ما تيسر من الأراضي الفلسطينية واحدة يعترف بها العالم "المتقدم" وإسرائيل، والأخرى ترفض شرعية الرئيس وقراراته ويحاصرها أغلب دول العالم ما عدا إيران وسورية وروسيا على استحياء، ولاستكمال المشهد: إسرائيل تتفرج يغمرها الفرح، أما رئيس الحكومة الإسرائيلية أولمرت فلم يحلم بمثل هذه الفرصة التاريخية التي أنقذته من خسارة مقعده بسبب حرب لبنان العام الماضي·
الى أين تتجه الأمور بين الأعدقاء الفلسطينيين؟ الى هدنة هشة ثم تصعيد ثم هدنة وهكذا، بينما العرب عاجزون عن التدخل للمحافظة على الحد الأدنى، لكن الأكيد تبخر الأحلام البسيطة لمن تخيل دولة فلسطينية على ما تيسر من أراض تسمح بها إسرائيل·
الصورة أقرب الى صورة المنطقة ذاتها في أثناء الغزوات الصليبية عليها حيث القتال والفتن بين الإخوة وأبناء العم كانت أهم أسباب انتصار الغازي، فهل يتكرر المشهد؟!