ما الهندسة الوراثية؟
تشكل الجينات "المورثات" الكتل البنيوية بالغة الصغر التي يتكوّن منها كل كائن حي· ويُقصد بالهندسة الوراثية حقن النباتات أو الحيوانات في المختبرات بجينات نباتات أو حيوانات أو بكتيريا بهدف استحداث كائنات جديدة ما كانت لتنشأ بشكل طبيعي·
أما الكائن الجديد الذي يتم استحداثه باستخدام هذه التقنية، فيُعرف باسم الكائن المهندس جينياً· وجدير بالذكر أن الهندسة الجينية تختلف اختلافاً تاماً عن التناسل الطبيعي الذي يتم من خلاله تهجين نباتات تنتمي إلى الجنس نفسه· وتكمن المشكلة في واقع أن الجينات المدخلة قد تؤدي إلى حدوث أمور غريبة إذ تعترض الجينات الأصيلة للحيوانات أو النباتات، ما يجعل المنتجات الغذائية سامة وغير صالحة للأكل· وباعتبار أن الكائنات المهندسة جينياً كائنات حية، يمكنها أن تنتشر وتتكاثر وتتسبب بمشاكل عدة في البيئة· فعندما يتم إطلاق الكائنات المهندسة جينياً، تصبح عملية إزالتها من البيئة غاية في الصعوبة· ولهذا السبب تحديداً تناهض منظمة غرينبيس إطلاق الكائنات المهندسة جينياً في حقولنا أو استخدامها في منتجاتنا الغذائية·
وفي حين يعد التطور العلمي في مجال علم الأحياء الجزيئي بتعزيز مقدرتنا على فهم الطبيعة وتزويدنا بوسائل طبية جديدة، تشدد "غرينبيس" على ضرورة ألا يُستخدم هذا التطور كمبرر لتحويل البيئة إلى حقل تجارب جيني عملاق تحتّمه المصالح التجارية·
تؤمن "غرينبيس" بأنه ينبغي أعتبار سلامة المستهلكين والبيئة أكثر أهمية من المصالح التجارية لقطاع الهندسة الجينية، ويجب سحب الأطعمة المهندسة جينياً من الأسواق باعتبار أن المستهلكين لا يريدونها وأنها غير ضرورية وغير آمنة كما انها لم تخضع لدراسات علمية كافية وجازمة عن حجم تاثيراتها على البيئة والحياة البشرية· وضرورة تحميل قطاع الهندسة الجينية المسؤولية عن أي ضرر يلحق بالبيئة أو بصحة الإنسان نتيجة إطلاق الأطعمة والمحاصيل المهندسة جينياً·
سلامة الأغذية
يزعم البعض أننا نحتاج إلى المحاصيل المهندسة جينياً لأننا سنحتاج مستقبلاً إلى كميات أكبر من الغذاء· لكن المحاصيل المهندسة جينياً لا تشكل حلاً لمشكلة الجوع· فالأسباب الحقيقية للجوع تُعزى إلى واقع أن الأفراد لا يملكون المال لشراء الغذاء أو الأرض لزارعة المحاصيل·
ونذكر أيضاً سبباً آخر لا يجعل من الهندسة الجينية حلاً لمشكلة الجوع يتمثل بواقع أن الهندسة الجينية تخضع لسيطرة الشركات الجشعة التي تفرض على المزارعين أن يتكبدوا مبالغ إضافية لإنبات البذور المهندسة جينياً ولا تسمح لهم بادخار البذور للموسم المقبل· وهذا من شأنه أن يزيد الأمر سوءاً بالنسبة إلى المزارعين الفقراء·
وبالتالي، يتمثل الحل الفعلي لمشكلتي الجوع وسوء التغذية بتوفير غذاء وافر ومتنوّع للجميع· ولعل أفضل طريقة لتحقيق هذا الحل تقضي بإنبات مزيج جيد النوعية من المحاصيل الطبيعية التي لا تحتاج إلى مواد كيميائية أو آلات مكلفة، والتي يسهل على المزارعين الفقراء إنباتها·
المخاطر الصحية
الشاهد رقم 1: الجمعية الطبية البريطانية
لم تُجرَ أي اختبارات على التأثيرات الصحية الطويلة الأمد للأطعمة المهندسة جينياً، ولا يمكن بالتالي الادعاء بأن هذه الأطعمة آمنة· ففي نيسان/أبريل العام 2004، نشرت الجمعية الطبية البريطانية (التي تضم ما نسبته 80 في المئة من الأطباء البريطانين) بياناً أشارت من خلاله إلى "نقص في الأبحاث المرتكزة إلى أدلة وبراهين في ما يتعلق بالتأثيرات المتوسطة والطويلة الأمد للأطعمة المهندسة جينياً على الصحة"·
الشاهد رقم 2: جرذان تناولت الذرة الصفراء المهندسة جينياً
في حزيران/يونيو العام 2005، تسلّمت "غرينبيس" دراسة أجرتها شركة مونسانتو على جرذان عمدت إلى إطعامها سلالة من الذرة الصفراء المهندسة جينياً "تُعرف باسم "MON863"·
وقد كشفت دراسة "مونسانتو" عن اختلافات ملحوظة ومروّعة بين الجرذان التي أُطعمت الذرة الصفراء المهندسة جينياً وتلك التي أُعطيت صنفاً تقليدياً من الذرة الصفراء غير المهندسة جينياً· ونذكر من الاختلافات الكثيرة التي تم رصدها الفارق الكبير في عدد كريات الدم البيضاء لدى الجرذان التي تم إطعامها الذرة الصفراء المهندسة جينياً·
هل تناول لأطعمة المهندسة وراثياً آمن؟
يتم تصنيع المنتجات المهندسة جينياً بمعظمها لتشكل أغذية للبشر والحيوانات· لكن السؤال هو: هل تناول هذه الأطعمة آمن؟ الواقع أن الهندسة الجينية قد تخلِّف تأثيرات غير متوقعة وغير متعمدة لأن العملية بحد ذاتها غير دقيقة واعتباطية· فالجينات المستحدثة قد تعطل الجينات الطبيعية، أو تكون هي نفسها غير مستقرة في بيئتها الجديدة، أو تعمل بطريقة مغايرة لما هو متوقّع منها·
التأثيرات الطويلة الأمد على صحة البشر غير معروفة·
عمدت هيئات علمية مرموقة وموثوقة، مثل الجمعية الملكية في كندا والجمعية الطبية البريطانية، إلى تسليط الضوء على النقص في الاختبارات الصحيحة والطويلة الأمد على الكائنات المهندسة جينياً· ففي العام 2004، أصدرت الجمعية الطبية البريطانية، التي تمثّل 80 في المائة من الأطباء البريطانيين، تقريراً عن الأطعمة المهندسة جينياً أشارت من خلاله إلى إمكانية أن تنشأ بعض ردود الفعل التحسسية عن استهلاك الأطعمة المهندسة جينياً، وفي هذا السياق، استنتج الأطباء البريطانيون "وجود نقص في الأبحاث المرتكزة إلى أدلة وبراهين فيما يتعلق بالتأثيرات المتوسطة والطويلة الأمد للأطعمة المهندسة جينياً على الصحة والبيئة"·
ولا بد من الإشارة إلى تزايد عدد الحالات التي تثير شكوكاً جدية حول تأكيد قطاع الهندسة الجينية وبعض الحكومات على أن الأطعمة المهندسة جينياً آمنة، والتي تبيّن أن مخاوف المستهلكين مبررة·
الذرة المهندسة جينياً غير المشروعة تلوّث الأطعمة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي واليابان وكوريا
في أيلول/سبتمبر العام 2000، عُثر على صنف من الذرة الصفراء المهندسة جينياً يُعرف باسم ستارلينك StarLink في فطائر التاكو بالذرة وغيرها من الأطعمة في الولايات المتحدة، ما أدى إلى سحب ما يزيد عن 300 منتج غذائي يحتوي على الذرة من الأسواق· كذلك عُثر على آثار من ذرة ستارلينك في منتجات غذائية قوامها الذرة في كل من اليابان وكوريا·
والواقع أنه جرت الموافقة على إنتاج ذرة ستارلينك، التي أنتجت بروتين "بكتيريا باسيلوس ثورينجيانسيس" Bt protein المعروف أيضاً باسم بروتين Cry9C، لكي تشكل هذه الذرة غذاءً للحيوانات أو تستخدم لأغراض صناعية فقط، لا سيّما وأن مخاوف تجلت لجهة إمكانية أن يتسبب بروتينCry9C بردود فعل تحسسية باعتباره يتشارك بعض الخصائص مع مواد أخرى مولِّدة للاستهداف·
فئران تصاب بردود فعل تحسسية بعد إطعامها حبات بازلاء مهندسة جينياً
في تشرين الثاني/نوفمبر العام 2005، نشر فريق من الباحثين الأستراليين مقالاً يبيّن أن حبات البازلاء المهندسة جينياً حفّزت ردود فعل تحسسية لدى الفئران· واكتشف الباحثون أن السبب في حالات الاستهداف يُعزى إلى تغيرات طفيفة وغير متوقعة طرأت على البروتين المهندس جينياً·
تأثيرات صحية سلبية تظهر على الجرذان بعد تناولها ذرة صفراء مهندسة جينياً
في كانون الثاني/يناير العام 2006 وافقت اللجنة الأوروبية على إنتاج صنف من الذرة الصفراء المهندسة جينياً يُعرف باسم MON863 استحدثته الشركة الأمريكية للتكنولوجيا الحيوية مونسانتو· واللافت أن ترخيص الإنتاج أُعطي للشركة بغض النظر عن بحث علمي أظهر إصابة الجرذان بتأثيرات صحية سلبية بعد أن تناولت هذا الصنف من الذرة الصفراء في خلال تجارب التغذية المخبرية· ومقارنة بمجموعة من الجرذان جرى إطعامها صنفاً من الذرة الصفراء غير المهندسة جينياً، بدا أن الجرذان التي أُعطيت الذرة الصفراء المهندسة جينياً تظهر اختلافاً ملحوظاً لجهة معدلات كريات الدم البيضاء وأوزان الكلى·
المخاطر المحتملة للأرز المهندس جينياً
تبيّن أن Bt63، وهو صنف من الأرز مهندس جينياً تبحث الحكومة الصينية في إمكانية تسويقه، يشتمل على سم معروف باسم Cry1Ac. وصحيح أن هذا السم لم يشكل موضوع أبحاث معمقة، إلا أن دراسة حول سم Cry1Ac أعيد النظر فيها كشفت عن تأثيرات هذا السم على الفئران، فيما عبّر كبار العلماء عن تخوّفهم من أن يكون لهذا السم انعكاسات محتملة على جهاز المناعة لدى البشر·
أطعمة خطيرة لم تخضع للاختبار
الواقع أن الانعكاسات الطويلة الأمد لتناول أطعمة مهندسة جينياً على صحة البشر ليست معروفة (ولم يتم التحقق منها)· وبالتالي، لا أساس متين يدعم المزاعم التي تقول إن الأطعمة المهندسة جينياً المعروضة على رفوف المتاجر الكبرى لا تشكل أي خطر على مستهلكيها، أضف إلى ذلك أن حالات عدة تبيّن عجز قطاع الهندسة الجينية والهيئات الرقابية التنظيمية عن ضبط انتشار المكوّنات المهندسة جينياً وغير المشروعة في السلسلة الغذائية·
Green Peace