كتب برجس النومان:
نشرت 15 جمعية نفع عام يوم الأحد الماضي بياناً تحتج فيه على محاولات عدد من الجهات الحكومية التدخل في استقلالية مؤسسات المجتمع المدني من أجل هيمنة الحكومة على نشاطاته، وقد وضح البيان تلك المحاولات رابطاً بينها وصولاً الى الهدف الكامن وراءها·
أوساط الجمعيات المشاركة في البيان دعت السلطتين التنفيذية والتشريعية الى تعزيز حريات مؤسسات المجتمع المدني بدل تقييدها، في إشارة واضحة الى أن الوضع الحالي في العلاقة بين الحكومة وهذه المؤسسات يعتبر أقل مما تتمتع به مؤسسات مجتمع مدني مماثل في دول ديمقراطية أخرى، وبالتالي فإن الأحرى بالحكومة والمجلس أن ترفع قيود الإشهار عنها بدلاً من البحث عن صيغ تعطي للدولة هامشاً أكبر للتدخل في أنشطتها·
وتضيف الأوساط الى أن وضع مؤسسات المجتمع المدني في الكويت هجين وغريب فهي تستقبل منحاً مالية من الحكومة ما يلغي صفة المجتمع المدني عنها كما لا تملك الحرية التي منحها الدستور وقيدها القانون في الإشهار من دون موافقة مسبقة من الحكومة·
وتشرح الأوساط موقفها هذا بالقول أن لكل مجموعة من المواطنين الحق في تشكيل جمعية أو لجنة أو هيئة للقيام بأنشطة خاصة بهم شريطة أن لا تخالف تلك الأنشطة القوانين العامة المرعية في الدولة وأن لا تتلقى مساعدات من دول أو أطراف أجنبية، وإن خالفت القانون يطبق عليها ما يطبق على الأفراد، على أن لا تحصل هذه المنظمات على منح أو مساعدات مالية حكومية، فالمفترض أن تتمكن من جمع الأموال لتمويل أنشطتها من الجمهور المؤيد لوجودها والمستفيد منه على أن تكون آلية جمع تلك التبرعات شفافة ومكشوفة ولا يذهب أي جزء منها لدعم أعمال غير مشروعة قانوناً، وتستثني الأوساط منح الدولة أراض كي تقيم عليها تلك المنظمات أنشطتها ومقارها على سبيل الإيجار الميسر لأن الأراضي مملوكة في معظمها من قبل الدولة ولا سبيل لأي جمعية تطوعية أن تحصل على أموال كافية لشراء أو تأجير أراض من المعروض في السوق العقاري لارتفاع الأسعار بشكل كبير جداً·
في هذه الحالة تقول الأوساط تكون الدولة رقيب بشكل غير مباشر على منظمات المجتمع المدني التي تنشأ عند الحاجة وتوفر الدعم المجتمعي لها وتختفي باختفائهما·
إلا أن مايحدث هذه الأيام برأي الأوساط يمثل محاولات منسقة بين أطراف لها مصلحة في تقييد مؤسسات المجتمع المدني والناشطة منها على وجه الخصوص·
يذكر أن المحاولة الأولى بدأت قبل أكثر من عام عندما بدأ أطراف في جمعية المهندسين بدعوة جمعيات منتقاة الى اجتماعات تبين فيما بعد أنها تسعى لتشكيل اتحاد لجمعيات النفع العام· يراد به التغطية على أنشطة الجمعيات النشيطة والحديث باسم الجميع، على الرغم من أن الدعوة والحديث في البدايات كان حول مساعدة الجمعيات حديثة الإشهار وتمكينها من الحصول على مقر من ضمن مجمع كبير يجمع كل تلك الجمعيات·
ثم تلا ذلك محاولة أخرى قامت لها لجنة منبثقة عن المجلس الأعلى للتنمية والتخطيط سعت بشكل واضح الى فرض "الرقابة" على مؤسسات المجتمع المدني ودمج الجمعيات التعاونية معها تحت نفس المظلة "الهيئة" التي تعمل تحت إشراف المجلس الأعلى للتنمية والتخطيط أي أن يلغى دور وزارة الشؤون وتحال تبعية الجمعيات القائمة والقادمة الى تلك الهيئة·
وبعد ذلك، أي بعد أن فشلت المحاولتان السابقتان تفاجأ العاملون في مجال المجتمع المدني بخبر عن وضع هيكل إداري لوزارة الدولة لشؤون مجلس الأمة تشمل إدارة "للتنسيق" مع مؤسسات المجتمع المدني تلاها اجتماع مع عدد من ممثلي الجمعيات ترأسه الوزير عبدالهادي الصالح آنذاك، وقرر فيه تشكيل لجنة عين هو رئيسها ومقررها وأعضاؤها من بين الحاضرين فاحتج البعض وقبل البعض الآخر، لكنها ماتت أو هكذا يفترض بعد خروج الصالح من الحكومة·
أما المحاولة الأخيرة فتلك التي قام بها وزير الشؤون بعد أن فشلت المحاولات السابقة حين دعا الى اجتماع سربت محاضرة الزميلة "القبس" وتبين منها الاتجاه الحكومي الواضح نحو الاستمرار في فكرة تقييد مؤسسات المجتمع المدني وتقليص حرياتها·