رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 13 يونيو 2007
العدد 1778

ابتداء بالرئيس وانتهاء بأصغر مراسل صحافي..
الكل يلوم الكل في أمريكا بسبب تعثر المهمة في العراق

                                                                              

 

·         علينا عدم الاستسلام لإغراء تحميل العراقيين المسؤولية عن إخفاقاتنا

·         الحرب على العراق أظهرت الحاجة لتجديد الهياكل الأمنية الأمريكية المتصدعة

·       إعادة بناء دولة فاشلة كالعراق يحتاج أعداداً هائلة من القوات والموارد

 

بقلم: جيمس روبنز*

ما إن بدأ الرأي العام في الولايات المتحدة يدفع باتجاه سحب القوات الأمريكية من العراق، حتى أخذ الجدل حول "من أضاع العراق؟" يكتسب المزيد من الزخم وكشف هذا الجدل عن وجود وفرة كبيرة من المهتمين·

فوزارة الدفاع تنحي باللائمة على وزارة الخارجية والعكس صحيح· والجنرالات، أحدهم وراء الاخر، تنقل عنهم التقارير بانه "لا يوجد حل عسكري لهذا الصراع"، أي بمعنى أخر "لا تلومنا اذا اخفقنا"، ويزعم الجنود، ومعهم الحق في ذلك تماما، انهم الوحيدون المستنفرون لهذه المعركة وينددون بندرة المستشارين المدنيين المنتشرين في العراق·

ومن جانبهم، يجادل الديبلوماسيون انهم اشرفوا على كتابة الدستور ونظموا الانتخابات وشكلوا الحكومة العراقية الجديدة· ويشتكون من فشل العسكريين في توفير المناخ الآمن لاتاحة الفرصة لهذه المؤسسات كي تعمل·

ويدور جدل مماثل داخل مؤسسة الدفاع الأمريكية بين المدافعين عن المواجهة التقليدية المكثفة للتمرد كالقائد العسكري الحالي في العراق الجنرال ديفيد بتراوس واولئك الذين يحبذون تركيزا أكبر على الاعتماد على القوات العراقية، كسلفه الجنرال جورج كيسي·

أما الإعلام، فهناك جوانب قصور خاصة به، فقد أعتذرت صحيفة نيويورك تايمز عن تغطيتها ما قبل الحرب حول اسلحة الدمار الشامل العراقية التي تبين عدم وجودها· وانتقد كبير المراسلين الدفاعيين في صحيفة الواشنطن بوست بشدة، افتتاحيات الصحيفة التي أيدت شن الحرب على العراق· واقر بعض الصحافيين في شبكات التلفزة الأمريكية بان تغطياتهم الاولية للحرب ركزت على الصور الدراماتيكية للقوات الأمريكية الظافرة ولم تعر الكثير من الاهتمام لما سيأتي بعد ذلك·

 

هياكل متصدعة

 

وهناك اجتماع متزايد في واشنطن في اوساط الخبراء ان نظام ادارة الشؤون الامنية على المستوى القومي قد تصدع برمته وانه بحاجة الى إعادة ترميم· فهذا الهيكل الذي بني حول مجلس الامن القومي وطاقمه في البيت الابيض، تأسس عام 1947 للتعامل مع ظروف الحرب الباردة، اما الان، فان هناك حاجة الى هيكل جديد وأكبر حجما، من أجل حشد كل عناصر القوة الأمريكية من أجل حرب جديدة أطول مدى ضد الارهاب الاصولي·

ويلقي الديمقراطيون باللائمة على الجمهوريين على الفشل في العراق، بينما يحبذ الجمهوريون القاء اللائمة على العراقيين انفسهم، وكذلك هناك انقسامات داخل الحزب الواحد·

ففي الحزب الديمقراطي، يلوم النشطاء المعارضون للحرب اولئك الذين صوتوا تأييدا للحرب واولئك الذين مازالوا يرفضون اي مشروع قرار لإنهائها، وفي داخل الحزب الجمهوري، فان المحافظين الجدد يوجهون سهام نقدهم للمحافظين وخاصة وزير الدفاع السابق رونالد رامسفيلد وكذلك الرئيس بوش نفسه، لعدم الزج بعدد كاف من القوات وقدر كاف من التمويل لانجاز المهمة·

ويلقي المأزق في العراق ضوءا جديدا لا يخلو من النقد، على العلاقات الأمريكية - الاسرائيلية· فقد اشتكى اكاديميون مرموقون من تأثير ونفوذ اللوبي الإسرائيلي في الولايات المتحدة·

ومن المثير ايضا، ان هناك جدلا مماثلا داخل اسرائيل، حيث يعتقد بعض الاسرائيليين ان سياسات بلادهم اصبحت مرتبطة اكثر من اللازم بالولايات المتحدة وسياساتها·

وفي الواقع، فان دائرة اللوم واسعة جدا· فقد توحدت الولايات المتحدة وراء قرار الحرب على العراق كما لم يحدث في تاريخها، وفوض الكونغرس ادارة بوش بشن الحرب بأغلبية ساحقة، وهو مالم يحدث في حرب تحرير الكويت عام 1991 ولا في الصومال او هايتي او البوسنة او كوسوفو·

فكل هذه الحروب كانت مثيرة للجدل السياسي الداخلي بدرجة كبيرة·

لقد ظن زعماء ديموقراطيون بارزون أن التدخل في العراق كان فكرة جيدة· ولم يتنقده الاعلام الأمريكي وأيد ذلك الشعب الأمريكي بدرجة كبيرة·

 

عبء ثقيل

 

ولان المسؤولية عن مثل هذه المهام سيئة التوجيه، تشارك فيها جهات عديدة، فانه قد يصعب مقاومة اغراء الغاء اللوم على العراقيين، ليس من جانب الجمهورين وحدهم، فانت تسمع مقولات مثل "اننا اعطينا العراقيين الفرصة واذا فشلوا في انتهازها من اجل بناء دولة ديمقراطية سليمة، فسوف يقع اللوم على عاتقهم"، ولكن العراقيين هم العراقيون ولم يتغيروا، فاذا فشلوا في الارتقاء لمستوى التوقعات الامريكية، هل يقع اللوم عليهم ام على واقعهم أم على أوهامنا؟!

فالإدارة الأميركية - كما الرأي العام الأمريكي- تعترف بسوء إدارة احتلال العراق· وردها انها مصممة على ان تفعل ما هو افضل في المرة الثالثة· ولكن معظم الامريكيين لديهم قناعة الان بان علينا الا نكرر مثل هذه التجربة ابدا· ان علينا عدم الاقدام علي غزو دول معادية لنا على اساس معلومات استخباراتية مغلوطة ومن خلال تحالفات ضيقة ولا تمثل ارادة الشعوب بشكل حقيقي·

ولكن دعونا ايضا ان نقر بانه ليس من السهل تفادي بعض الحروب احيانا، في العراق ربما كانت الحرب بارادتنا، لكنها لم تكن كذلك في افغانستان، وكلا الحربين القتا بعبء ثقيل على الولايات المتحدة عبء بناء امة·

لقد تعلمت ادارة كلينتون طوال التسعينات، وببطء مدى فداحة القيام بمهمات كهذه، كما حدث في الصومال وهايتي، وصعوبة الخروج منهما·

لقد حدد الرئيس كلينتون جدولا زمنيا قصيرا لخروج القوات الأمريكية من البوسنة خلال عام واحد، ولم يتمكن من الايفاء بوعده، واقر بعد سبع سنوات على نشر القوات الأمريكية هناك بجعل الالتزام مفتوحا وغير مرتبط بجدول زمني، في كل من البوسنة وكوسوفو·

واستغرق الامر مدة مماثلة كي يدرك الرئيس بوش ان عملية بناء امة ليست بالامر الهين، وما قرار ارسال المزيد من القوات الى بغداد اخيرا، الا اقرار ضمني بان اعادة بناء دولة فاشلة تحتاج الى نشر عدد هائل من القوات وتخصيص مبالغ طائلة والكثير من الجهد والوقت·

وربما جاء هذا الادراك متأخرا لانقاذ المغامرة الامريكية في العراق، ولكن الاستسلام لاغراء جعل العراقيين كبش الفداء للفشل الأمريكي قد يعمي بصيرتنا تماماً، عن رؤية الحقائق من حولنا·

 

* المساعد الأسبق لوزير الخارجية الأميركي والمبعوث الخاص الى الصومال وهاييتي والبوسنة وكوسوفو وافغانستان ويعمل الآن مديراً لمركز السياسات الأمنية والدفاعية في مؤسسة "راند" في واشنطن·

عن: انترناشيونال هيرالد تربيون

طباعة  

مع أنه ألحق أكبر الضرر بإسرائيل وبالسلام...
الجميع في إسرائيل يبحث عن شارون جديد

 
الانقلاب العسكري يقوّض فرص تركيا في الانظمام إلى الاتحاد الأوروبي