رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 6 يونيو 2007
العدد 1777

بعد الخامس من حزيران... أم قبله؟
حين انتهت لعبة من ألعاب الأمم!

حمد حسين:

في لقاء متلفز قصير بثته قناة الجزيرة، جاء تحت عنوان "ضيف المنتصف"، لفت نظري العميد الأردني المتقاعد "بادي عواد" بعبارة قالها، ومرت مرورا عابرا في سمع المتحدث معه أمام مشهد منطقة في فلسطين شهدت معركة من معارك الجيش الأردني مع الجيش الإسرائيلي في 5 حزيران 1967· قال العميد: لقد حاربنا بالبنادق نفسها التي حاربنا بها في العام 1948"! أي أن هذا الجيش العربي استخدم بنادقه التي كانت في يده منذ 19 عاما· هذا على الجبهة الأردنية، ولكن ماذا عن الجبهة المصرية والسورية؟ جبهة الجنوب والشمال؟ لقد انهارت الجبهات بسرعة خارقة وغير معقولة، رغم أن تسليحهما كان أحدث، منذ أن كسرت مصر احتكار السلاح بصفقة السلاح السوفييتي في العام 1955·

لا يحضرني هنا حديث البنادق المهترئة، بل حديث "مايلز كوبلاند" رجل المخابرات،، وصاحب كتاب "لعبة الأمم" كانت اللعبة على أشدها، ومطابقة للعبة القديمة ذاتها التي لعبتها دول التحالف الغربي في زمن مصر "محمد علي"، فهذا القائد أيضا كان قد حدّث ترسانته، بل وأنشأ ترسانة لبناء السفن، وأحدث نهضة عسكرية وثقافية واقتصادية في مصر، وامتد طموحه، كما امتد طموح عبدالناصر، إلى استبدال عمامة السلطنة العثمانية بعقل حي، وإن كان الفرق أن عبدالناصر حاول استبدال قبعات وكوفيات زعماء دول الطوائف بعقول حية·

حين وصل "كوبلاند" إلى حرب 5 حزيران، ختم بالقول، "وهنا انتهت لعبة الأمم" ولكن هل انتهت فعلا؟

في ذكرى الأحداث الكبرى التي تشكل منعطفات تاريخية عادة، يرجع الناس إلى تلك الأيام، فمنهم من يحلل ومنهم من يعلق، والكل يجتهد ليقول لماذا كانت الانعطافة· وفي حالة حرب حزيران، ليقول، لماذا كانت الهزيمة· ولكن نادرا ما تحدث أحد عن ما بعد الانعطافة، والمجرى التاريخي الذي اتخذته· أي عن أيامنا التي نعيش· إذاً في هذه الذكرى، وبعد أربعين عاما بالتحديد من الأجدى للمحللين والمعلقين أن يبحثوا في النتائج لأنها أهدى بصيرة وأقوم سبيلا من العودة إلى الوراء في عربة الزمن، وإطلاق الحسرات أو تعابير التشفي، أو كتابة قصائد رثاء·

ما حدث بعد كل هذا لم يكن ارتدادا وانحطاطا صافيا كما يقول البعض، ولا كان نهضة وتقدما إلى الأمام صافيا كما قد يقول آخرون، بل هو مزيج من هذا وذاك، ولو عدنا إلى ما قبل حزيران، لوجدنا الحالة ذاتها، مع فارق أن السنوات السابقة كانت تطغى عليها نغمة أن كل شيء على ما يرام، والأمة في طريقها إلى انتصار بعد آخر، اليوم· يمكن أن تكون تجربة الهزيمة قد علمتنا أن الحياة صراع، سواء على صعيد السياسة أو الاقتصاد أو الثقافة، وفي الصراع لا يرسم اللوحة الكاملة اليأس أو الأمل، بل كلاهما معا· شقت هزيمة حزيران أثلاما في الحياة العربية تتعمق يوما بعد يوم، واشتعلت معارك عسكرية، ومعارك على جبهة الصراع الفكري متواصلة، وهيمن العصر الأمريكي - الإسرائيلي طيلة عقد من الزمن، كل هذا صحيح، ولكن الأصح من كل هذا أن كل شيء في حركة والحركة ظاهرة سواء في شراسة التحالف الغربي وقاعدته العسكرية إسرائيل، أو في نهوض المقاومة فكرة وفعلا، وإلغاء عصر البنادق المهترئة، ومن يراهن على السكون وخلود عقد أو عقدين سيكون أحمق ويموت أحمق في غالب الأحيان·

طباعة  

أبعد من مخيم وجماعة إرهابية
لبنان بوابة للدخول.. وساحل للعسكرة.. وأنابيب نفط!

 
الاغتيالات... عودة للطبيعة الصهيونية...!