رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 30 مايو 2007
العدد 1776

وقف البرنامج النووي مقابل التخلي عن محاولات إسقاط النظام
هل تتم المقايضة الكبرى بين واشنطن وطهران؟!

                                               

 

·         انقسامات داخل الإدارة الأمريكية والحكومة الإيرانية حيال تعامل كل منهما مع الأخرى

 

يبدو من المحتمل بشكل متزايد، وبعد ثمانية وعشرين عامامن الصمت الرسمي (وبالرغم من وجود قنوات خلفية وهمسات بين الحين والآخر) أن يعقد مسؤولون أمريكيون وإيرانيون، لقاءات لإجراء مفاوضات حول العراق على الأقل· ومن المتوقع أن تعقد هذه المفاوضات على مستوى السفراء في العاصمة العراقية، عما قريب، ومهما تكن نتائج مثل هذا الاجتماع، إلا أنه سيمثل تقدما كبيرا· ويحرص على كل من الجابنين أن يبدو بمظهر من لم يقدم تنازلات· وليست لدى أي منهما صورة واضحة عما ستسفر عنه هذه الاجتماعات·

وفي الواقع، ما انفك الأمريكيون يعلنون منذ بعض الوقت أنهم سيعقدون لقاءات مع الجانب الإيراني، وبأن المفاوضات ستقتصر على الشأن العراقي فقط، ولن تتطرق إلى البرنامج النووي الإيراني، ما لم تعبر طهران عن استعدادها على وقف برنامج تخصيب اليورانيوم· وبدورهم عبّر حكام إيران غير ذات مرة عن استعدادهم الدخول في المفاوضات ثم كانوا يتراجعون حين تلوح في الأفق فرصة حقيقية للمفاوضات· والآن، يبدو أن الإيرانيين - على الأقل بعض أطراف المؤسسة الحاكمة في طهران - أكثر ميلا للتفاوض، من ذي قبل، حتى أن بعض أعضاء البرلمان الإيراني بدؤوا يجمعون التواقيع من أجل تشكيل لجنة للصداقة الإيرانية - الأمريكية·

وهناك انقسامات داخل مؤسسة الحكم الأمريكية، أيضا حيال هذا الملف· ففي حين أبدى نائب الرئيس خلال جولته الخليجية الأخيرة، موقفا غاية في التشدد تجاه إيران، بدت وزارة الخارجية في عهد كونداليزا رايس أكثر مرونة، ويبدو أن وزير الدفاع الجديد روبرت غيتس يقف إلى جانب رايس·

 

فك ارتباط

 

لقد اكتسبت الحملة الدبلوماسية زخما كبيرا مؤخرا، حين عقد المؤتمر الدولي حول العراق في مدينة شرم الشيخ المصرية· فقد رتّب المضيفون المصريون لجعل وزير خارجية إيران مانوشهر متقي يجلس قبالة وزيرة الخارجية الأمريكية كونداليزا رايس في مأدبة عشاء أقيمت على هامش المؤتمر، على أمل أن يتبادل المسؤولان بعض الحوارات ولو كانت قصيرة· ولكن وزير الخارجية الإيراني غادر الاجتماع احتجاجا على ملابس فنانة أوكرانية كانت تعزف الموسيقى، التي اعتبرها الوزير غير محتشمة· ويشك بعض الدبلوماسيين الذين حضروا المأدبة في أن يكون ذلك هو الدافع الحقيقي وراء انسحاب متقي·

ولكن عاودت العجلة للدوران مرة أخرى· فقد أعلن الرئيس الإيراني محمود أحمدي نجاد الأسبوع الماضي أن حكومته "مستعدة" للتفاوض مع الأمريكيين، في الوقت الذي يصر على ضرورة أن "تحزم قواتهم أمتعتها" وتغادر العراق ومنطقة الخليج فورا·

وسيكون من الصعب الاتفاق على هذه الأجندة، حتى لو لم يتم بحث الموضوع النووي، فالإيرانيون لن يقبلوا بمناقشة المسألة الأساسية التي أكثر ما تثير قلق الأمريكيين وهي المساعدة التي تقدمها طهران للميليشيات الشيعية التي تزرع العبوات الناسفة التي تقتل الجنود الأمريكيين·

ومن الصعب الفصل الكلي بين الوضع في العراق والبرنامج النووي الإيراني، فإيران تحافظ على علاقاتها مع الميليشيات الشيعية في العراق، لدرجة تمكن طهران في تعقد الأمور في وجه الأمريكيين في العراق إذا ما تعرضت منشآتهم النووية لأي هجوم أمريكي· كما أنه من غير المتوقع، تماما، أن تتمكن واشنطن من إقناع طهران بفك عرى صلاتها بالميليشيات الشيعية في العراق·

ومن المطالب الإيرانية التي يمكن أن يكون من الأسهل بحثها في حال انعقاد المفاوضات بين الولايات المتحدة وإيران، المطلب الأول مسألة الإيرانيين الخمسة الذين تحتجزهم الولايات المتحدة في العراق بتهمة المساعدة في تسليح الميليشيات، بينما تصر طهران أنهم دبلوماسيون·

المطلب الثاني هو أن تعترف الولايات المتحدة بأن لدى إيران مصالحها الأمنية المشروعة في العراق والمنطقة· وإذا ما قدّر للولايات المتحدة وإيران أن تدخلا في "مقايضة كبرى" تشمل المسألة النووية، فإن إيران تتوقع من الولايات المتحدة التخلي عن أي نوايا لتشجيع تغيير النظام في طهران والتوقف عن دعم مجموعات المعارضة الإيرانية· ولكن هذا الاحتمال يظل بعيدا·

وفي حين تواصل الولايات المتحدة مساعيها للحصول على مساعدة دول الجوار العراقي الأخرى في إحلال الاستقرار في هذا البلد الذي يشهد حربا دموية أسوأ من أي وقت مضى، كانت تأمل أن تحصل على تعهدات أقوى في مؤتمر "شرم الشيخ" من دول مثل السعودية والكويت من أجل إسقاط ديونها التي تصل إلى حوالي 50 مليار دولار على العراق، إلا أنها لم تسمع سوى الوعود الغامضة· فالمملكة العربية السعودية تقول إنها قبل أن تتخذ مثل هذه الخطوات التي تتسم بالكرم، يجب على الحكومة العراقية أن تبذل جهودا أكبر من أجل المصالحة الوطنية وإشراك السنة في الحكم· أما روسيا، فقد اشترطت من أجل القيام بخطوة نحو شطب ديونها على العراق، أن تعترف الحكومة العراقية الحالية بعقود النقط التي كانت أبرمتها حكومة صدام حسين مع شركات روسية، قبل سقوط النظام·

 

عنصر جديد

 

ومع ذلك، كان اجتماع شرم الشيخ مثمرا أكثر من محاولات أخرى سابقة لحض العالم على مد يد العون للعراق· فقد اعترف السعوديون بشكل أو بآخر بالحكومة العراقية التي يقودها الشيعة·

ويقول دبلوماسيون أمريكيون إنهم أجروا مفاوضات مثمرة مع السوريين، بشأن العراق· وفي الوقت الذي يخرج فيه السوريون من عزلتهم، فربما يكونون - من أجل إرضاء الأمريكيين - على استعداد لبذل المزيد من الجهود لوقف تدفق الإرهابيين والسلاح إلى المتمردين داخل العراق·

أما العنصر الجديد الذي ربما تكون له أهمية كبيرة، فهو إدراك جيران العراق أن الولايات المتحدة سوف تنسحب من العراق خلال العامين المقبلين على الأرجح، لاسيما إذا ما انتخب "ديمقراطي" رئيسا للولايات المتحدة عام 2008· فهذا الاحتمال بدأ يلوح في الأفق بقوة· ويخشى البعض أن يمتد الصراع الطائفي في العراق إلى خارج الحدود· كما أن معظم الدول العربية المجاورة للعراق، لا ترغب في نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران، لأن شرار مثل هذه الحرب قد يطال المنطقة بأسرها· 

 *عن: إيكونوميست

طباعة  

تشمل قوانين النفط والبعث والميليشيات ومراجعة الدستور
أهداف (لا جداول زمنية) يجب تحقيقها قبل أي انسحاب أمريكي من العراق

 
العرب يحملون إسرائيل وإيباك المسؤولية عن كل مشكلاتهم