رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 30 مايو 2007
العدد 1776

ترحيب أمريكي حذِر بعودة "الصدر" إلى الواجهة السياسية!

                                                                             

 

·         هل تلمست حكومة بوش بوادر صيف عاصف ضد قواتها في العراق؟

 

كتب محرر الشؤون العربية:

يبدو أن تغييرات حقيقية في طريقها إلى الظهور على صعيد الوجود الأمريكي في العراق، وملامح جديدة بدأت ترتسم، ليس بسبب تراكم ما أصبحت تدعى "أخطاء حكومة بوش" فى إدارة الوضع العراقي بعد احتلال العراق فقط، بل بتلازم عنصرين، أحدهما داخلي أمريكي حيث تتصاعد موجة المطالبة بالانسحاب من العراق على إيقاع انحسار قبضة الجمهوريين على الكونغرس ومجلس الشيوخ، واكتشاف غالبية الأمريكيين للهوة الساحقة التي تقود إليها حروب بوش المفتوحة أمريكا والعالم، والآخر خارجي يتصل بالوضع في العراق حيث تختلط الأمور الأمنية والسياسية، وتتراكم الخسائر العسكرية الأمريكية بشكل لافت للنظر، من دون ظهور أفق مفتوح لا نحو إقامة حكومة قادرة على فرض الأمن والاستقرار، ولا ضمان قناعة عراقية "بضرورة" بقاء قوات الاحتلال كما يطالب بعض السياسيين·

اللافت للنظر في هذا الأسبوع هو عودة زعيم التيار الصدري "مقتدى الصدر" إلى الظهور بعد فترة من الغياب امتدت طيلة ستة أشهر وتضاربت في الآراء، بين أقوال المسؤولين الأمريكيين إنه يلجأ إلى إيران، وأقوال أنصاره الذين آصروا على استمرار بقائه في العراق، وحمل هذا الظهور العلني في مسجد الكوفة حيث تجمع ما يقارب ألف من أنصار التيار الصدري، أشياء جديدة على صعيد تنكر هذا التيار المعروف أنه منظم تنظيما جيدا، ويمتلك قوى مسلحة تحمل اسم "جيش المهدي" منتشرة في غالبية مدن العراق الجنوبية، ودخلت في صدامات مسلحة مع الجيش الأمريكي في عدة مناسبات، فبالإضافة إلى "تجديد المطالبة برحيل الاحتلال" جاء تحذيره للحكومة العراقية، وقوله إنها لا يحق لها كسلطة تنفيذية أن تمدد لبقاء القوات المحتلة، وأنه يمتلك في البرلمان العراقي عددا كافيا من الأصوات لمنع أي تجديد لبقاء القوات الأمريكية·

وخاطب الصدر "السنة" بالقول "إننا أخوة و لن يستطيع المحتل إيجاد الفرصة بيننا" وأبدى ترحيبه بالتعاون مع "السلطة في كل المجالات"·

ومن جانب آخر تعهد "الصدر" بحماية كل الطوائف العراقية، وطالب جيش المهدي بتجنب المواجهة مع الشرطة العراقية، أو الجيش العراقي قائلا إن الصدام مع الشرطة والجيش هو ما يعمل له الأمريكيون·

ولكن إذا كانت عودة "الصدر" إلى الظهور، لافتة للنظر، في هذا الوقت بالذات، حيث يستعد الأمريكيون لإجراء محادثات مع طهران في بغداد، فإن الأكثر لفتا للنظر هو الموقف الذي صدر عن البيت الأبيض، فنحن نتذكر أن البيت الأبيض كان قد أعلن قبل ما يقارب ستة أشهر حربا على التيار الصدري، واتهم زعيمه بأنه "عدو خطر" للولايات المتحدة الأمريكية، جنبا إلى جنب مع إعلان الحرب الشاملة في العراق وعبر الحدود ضد ما سماهم "العناصر الإيرانية" التي تمد العراقيين بالأسلحة الآن، وبعد وقت قليل من ظهور "الصدر" في مسجد الكوفة، جاءت حكومة بوش بموقف جديد، حين حثت بلسان الناطق باسم أمن البيت الأبيض "مقتدى الصدر" على لعب ما سمته "دور مفيد وإيجابي في تطور العراق" بعدما نظر إليه على أن عودته درامية إلى جبهة السياسية العراقية·

فما الذي اكتشفته الولايات المتحدة في الأشهر الأخيرة، هي المحاصرة بالانتقادات الواسعة داخليا، وأمواج الفوضى المحيطة بمشروعاتها في العراق؟

وفق التصريحات الأخيرة التي أصبحت ترى أولوية لموافقة البرلمان العراقي على "قانون النفط" العراقي، وترتيب مسائل الانسحاب، أو كما يطلق عليه "تخفيض عدد القوات في سبتمبر القادم"، من الواضح أن في الجو شيئا يشبه تجرع كأس الهزيمة من قبل حكومة بوش، وفي ضوء ما نشرته "الجارديان" منذ وقت قريب (22 مايو 2007) يمكن فهم أن الجبهة المناوئة للوجود الأمريكي في العراق بدأت تكسب على الأرض، فقد أشارت الصحيفة إلى تخوف مسؤولين أمريكيين من استعدادات "إيرانية" لتحويل هذا الصيف العراقي القادم إلي صيف ساخن، وقالوا لـ "الجارديان" إن "إيران تقيم الآن علاقات بالميليشيات السنية العربية وعناصر من "القاعدة" في العراق للقيام بعمليات ضد قوات التحالف هدفها دفع الكونغرس التردد إلى التصويت على الانسحاب العسكري الأمريكي الكامل من العراق"·

هل لهذا علاقة بدعوة "مقتدى الصدر إلى السنة إلى التوحد معا، ومطالبة جيشه بعدم الاصطدام بالشرطة العراقية والجيش العراقي؟!

ربما هناك علاقة، دفعت الأمريكيين إلى الانتباه إلى ما ينتظرهم في الأشهر القليلة القادمة· وتضيف "الجارديان" نقلا أيضا عن مسؤولين أمريكيين أنهم يتحدثون الآن أن لديهم أدلة ثابتة على أن طهران تتجه اتجاها جديدا، وهي تشعر أن هناك فرصة للانتصار في العراق، ويقولون، إن هناك تطورا موازيا، ولديهم أيضا أدلة على أن إيران عكست سياستها السابقة في أفغانستان، فهي تدعم الآن حملة طالبان وتمدها ضد القوات الأمريكية والبريطانية وبقية قوات الناتو هناك·

مهما كان الأمر، فإن كل هذا يشير ربما إلى أن حكومة بوش تعيد حساباتها بالفعل في العراق، ليس في علاقاتها بطهران فقط، بل وبالقوى المحلية في العراق· وقد سبق وأن لاحظ أحد ضباط المخابرات البريطانية السابقين "الستير كروك" صاحب منتدى الأزمات، أن الأمريكيين أخطأوا خطأ فادحا حين ركزوا نظرهم على آية الله السيستاني على أمل أن يكون قادرا على ضبط الطائفة الشيعية، بدلا من أن يركزوا على "مقتدى الصدر" زعيم التيار الصدري، تلك الحركة المنظمة والمنضبطة أكثر من غيرها، والتي تتمتع بشبكة واسعة من المدارس والمساجد ومراكز للتجمع· وتحظى بمصداقية واسعة لدى العراقيين·

طباعة  

تبادل الأدوار في الصراع تصده الأنظمة العربية "وأنواع" فلسطينية
 
الواقعية العربية تحتاج إلى إعادة ترتيب الأولويات