رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 23 مايو 2007
العدد 1775

خطأ بوش الأكبر
عدم تسليم السلطة للعراقيين فور سقوط صدام

            

 

·         معظم الأمريكيين يؤيدون الديمقراطيين في وضع جدول زمني للانسحاب

·       بتراوس: نحن بحاجة  إلى البقاء في العراق لبضع سنين أخرى

·        الانتقال من "المنطقة الخضراء" وإليها  يشبه العبور من دولة إلى أخرى!

 

بقلم روجر كوهين:

حين يلخص أحد رموز المحافظين الجدد وأبرز الذين كانوا يدعون إلى تغيير النظام في العراق، الخطأ الأكبر الذي ارتكبه الأمريكيون في العراق بجملة واحدة، فعلنيا الإصغاء إليه بانتباه·

هذا الرمز هو ريتشارد بيرل الرئيس السابق لمجلس السياسات الدفاعية في إدارة بوش·

فقد أبلغ بيرل شبكة "سي· إن· إن" مؤخرا أن "الخطأ الأكبر الذي ارتكبناه بعد إسقاط صدام حسين هو عدم تسليم السلطة السياسية للعراقيين بعد سقوط بغداد مباشرة"·

أخيرا، حين يتم إعداد قوائم الأخطاء الأمريكية في العراق، فإن الفشل في وقف عمليات السلب والنهب وحل الجيش العراقي وقانون اجتثاث البعث بشكل كامل وحظر أعضاء الحزب من المشالكة في السلطة··· تأتي في صدارةهذه القائمة، وذلك بالإضافة إلى تعيين حاكم يمثل سلطة الاحتلال·

وكان كثير من المسؤولين المؤثرين بمن فيهم السفير الأمريكي السابق في بغداد زلماي خليل زاد، يضغطون باتجاه تشكيل حكومة عراقية فور سقوط نظام صدام· صحيح أنها ستفتقر إلى المؤهلات الديمقراطية، ويكون معظم أعضائها من عراقيي المنفى، وصحيح أنها كانت ستلقى معارضة كبيرة، لكنها تظل حكومة عراقية·

 

دولة المنطقة الخضراء

 

ولكن - بدلا من ذلك - نصب الرئيس جورج بوش بول بريمر في السادس من مايو 2003 حاكما على البلاد· وكان يتعين على الولايات المتحدة أن تحافظ على سلامته الشخصية، الأمر الذي تطلب بناء الجدران والحواجز الإسمنتية حول "المنطقة الخضراء"، والسماح له بممارسة مهامه في صورة تشبه العراق وليس العراق·

وكلما فكرت في المنطقة الخضراء التي لا تزيد مساحتها عن عشرة كيلومترات مربعة، وتخيلت العراق ببساتين نخيله وشوارعه المنظمة ومؤسساته الديمقراطية التي تخيلناها، بدا لي أن الوضع يعكس بشكل ما، طريقة تفكير الأمريكيين·

فالدخول إلى هذه المنطقة يعني الانتقال في العراق الذي يسوده القتل والعنف إلى منطقة أمريكية تنعم بالأمن النسبي· ويتطلب الأمر إبراز بعض الأوراق الثبوتية وعملية تفتيش للشخص والأمتعة والإجابة على بعض الأسئلة عند الحاجز الرئيسي، تماما كما لو أنك تنتقل من دولة إلى أخرى·

ويشبه الوضع كثيرا، ما ساد في الولايات المتحدة غداة هجمات الحادي عشر من سبتبمر، حيث يجب أن تطالك بعض الإجراءات التي تنطوي على الإذلال لدى وصولك إلى أحد المطارات الأمريكية، ويجب أن تقبل بالإذلال كشرط للدخول، وعليك أن تثبت أنك لست عدوا، فأنت متهم حتى تثبت براءتك!

هذا الوضع المقلوب، أضاع الافتراض بأنك بريء، ويعكس حالة من القلق عند الأمريكيين· فلم يسبق للولايات المتحدة أن انخرطت بشأن عالمي، اقتصاديا وعسكريا وسياسيا وثقافيا، كما هي الآن، ولكنها ليست مرتاحة هناك، وهي كذلك أيضا منذ الحادي عشر من سبتمبر 2001·

لقد أصبح الأمريكيون ينظرون إلى الخطر بشكل مختلف، ويذهبون إلى الكنيسة بشكل مختلف، ويشاهدون المبارايت الرياضية بشكل مختلف، وينظرون إلى كل المعتقدات بشكل مختلف، وليس فقط إلى القيم النسبية للحرب والسلام·

وفي ظل التهديد الذي تواجهه الولايات المتحدة، فإن أحد خياراتها هو أن تحزّم حدودها بالدروع والتكنولوجيا والجدران، تماما كما تفعل في المنطقة الخضراء· وهذا الخيار يضمن درجة من الأمن ولكنه يثير متاعب العالم، ولا يسهم في استتباب أمن العراق·

 

انهزامية

فالجدران حين تبنى يمكن أن "تتكاثر" فالأول يقام بين قوة الاحتلال والخاضعين للاحتلال أو بين قوة الاحتلال والجهاديين الأجانب· ولكن ذلك لن يكون سوى البداية للمزيد من التقسيمات والحواجز·

لقد كان المنطق يشير منذ البداية أن استيلاء الشيعة على السلطة بدلا من السنة الذين سيطروا على الحكم منذ زمن طويل، سيؤدي إلى اندلاع حرب طائفية· وهذا ما حدث· وشهدت المرحلة الأحدث في هذا الصراع، بناء جدار حول منطقة الأعظمية التي تحيط بها أحياء شيعية من كل جهة·

فهل تحولت الديمقراطية والانفتاح إلى انغلاق وبناء حواجز، في وقت تقيم فيه الولايات المتحدة قلاعا محصنة ومحاطة بالجدران داخل إحدى المدن· وهل أصبح ذلك رمزا للحكم الديمقراطي والحرية التي تريد الولايات المتحدة أن تجلبها للعراق·

فماذا بعد؟ كيف يمكن إصلاح هذا الخطأ الجهري في هذا الوقت المتأخر؟ فالديمقراطيون يريدون وضع جدول زمني للانسحاب يبدأ في الأول من أكتوبر ويستكمل خلال ستة أشهر· ويصف البيت الأبيض ذلك بـ"الانهزامية" وبأن له دوافع سياسية·

ومن المؤكد أن محاولة الديمقراطيين استخدام فاتورة التمويل التالية للقوات في العراق التي تبلغ 124 مليار دولار للضغط من أجل بدء الانسحاب من العراق تعتبر سياسية مقبولة بالنسبة لغالبية الأمريكيين التي تؤيد الانسحاب الآن·

ومع أن هذا الإجراء محدود الأثر، لأنه سيقابل بالرفض أو النقض "الفيتو" من جانب الرئيس بوش ولا يمتلك الديمقراطيون العدد الكافي من الأصوات في الكونغرس لإبطال "فيتو" الرئيس·

 

بين بتراوس والديمقراطيين

 

فالرئيس بوش يزعم أن من شأن وضع جدول زمني للانسحاب، إضعاف معنويات القوات الأمريكية في العراق ويعزز موقع العدو، ويعطي أعداء الولايات المتحدة الوسائل لتصعيد عملياتهم وهم يعرفون أن الانسحاب بات وشيكا· فقد تساءل في برنامج "شارلي شو" التلفزيوني مؤخرا قائلا: "ألا تعتقدون أن العدو سوف يتربص بنا ويغير من أساليبه بناء على أي جدول معلن للانسحاب؟"·

وربما كان من الصعب أن تجادل الرئيس في منطقه هذا، ولكن إذا كنت من مؤيدي وجهة النظر القائلة بأننا خسرنا العراق في كل الأحوال، بعد سلسة الأخطاء الكبيرة التي ارتكبناها هناك، فإن الأمر لا يهم كثيرا· فهذه في الواقع، قناعة معظم الأمريكيين·

بيد أن للجنرال ديفيد بتراوس القائد العسكري الأمريكي الأعلى في العراق، وجهة نظر أخرى، فقد أصر الأسبوع الماضي، على أن العراق بحاجة "التزام هائل" وبقاء القوات الأمريكية "لبضع سنين" وأضاف أن هذا الالتزام قد يصبح أصعب وأصعب قبل أن يصبح أسهل"·

وهذه التصريحات ليست مفاجئة إذا نظرنا إلى العراق باعتباره جهدا جوهريا تقوم به الولايات المتحدة لدفع تاريخ الشرق الأوسط إلى آفاق جديدة· فمثل هذه التغييرات لا تأتي بين عشية وضحاها·

إنني أؤمن بتأثير القوة الأمريكية، بالرغم مما ترتكبه من أخطاء، فقد جعلنا العالم على مدى القرن المقبل أكثر حرية وديمقراطية وإقامة لحكم القانون، ولذلك فإنني أميل لرأي بتراوس أكثر من الديمقراطيين في مجلس النواب·

عن: انترناشيونال هيرالدتربيون

طباعة  

لا يدخلون في حسابات القتلى ولا يخضعون للقانون..
126 ألف مرتزق في العراق يقاتلون إلى جانب القوات الأمريكية