· ضيق فترة الانتخابات وسوء التخطيط عاملان مهمان لعدم نجاح المرأة في الوصول إلى البرلمان
· صراعات المجتمع أسباب تراجعنا في الكثير من المجالات
· التيارات المعارضة لحق المرأة السياسي هي أول من استغل صوت المرأة
· مؤشر قضايا الضرب خير دليل على حقيقة العنف ضد المرأة
· النضج السياسي للمرأة الكويتية يؤهلها للعمل كقاضية
حوار سعاد بكاي:
أكدت المحامية ذكرى الرشيدي في لقائها مع "الطليعة" بأن قانون الأحوال الشخصية قانون جيد ولكنه لم يعالج كل الأمور أو بالأحرى كان علاجه محدودا وغير واف، مشيرة إلى أن النضج السياسي الذي تتمتع به هو تمهيد يشكل بالنسبة لها تأهيلاً كافيا للعمل كقاضية، وأضافت بأن قضية العنف ضد المرأة حقيقة قائمة كما هي في معظم المجتمعات، كما تطرقت إلى العوامل السياسية التي أدت لعدم وصول المرأة إلى البرلمان مثل ضيق فترة الانتخابات وسوء التخطيط واستغلال التيارات السياسية لوجود المرأة خاصة التيارات المعارضة لحقها السياسي لأنها كانت الورقة المرجحة للفوز، وإليكم تفاصيل اللقاء:
· بصفتك امرأة عاملة في مجال القانون.. ما أبرز المشكلات القانونية التي تعاني منها المرأة الكويتية من ناحية التشريع ونقص القوانين؟
- من ناحية التشريع ونقص القوانين هناك الكثير من القوانين المطلوب تشريعها لصالح المرأة الكويتية ولصالح أسرتها وبالتالي ضمان استقرار مجتمعنا فنحن نحتاج إلى تشريعات قانونية تراعي وضع المرأة وطبيعة عملها وتساعدها على العمل من أجل التنمية والتقدم سواء كانت هذه التشريعات في قانون العمل في القطاع الحكومي أو الأهلي أو قانون التأمينات الاجتماعية أو قانون الرعاية السكنية وحتى قانون الأحوال الشخصية الكويتي، فنحن بحاجة إلى بعض التشريعات لصالح المرأة ولصالح المجتمع وبحاجة إلى تعديل بعض القوانين الموجودة في هذا القانون، منها إقرار نص مادة يعطي المرأة الحق في طلب أجرة المسكن منفصلة عن نفقتها إن كان الزوج لم يوفر المسكن الشرعي لها، فالواقع أن حق أجرة المسكن للمرأة سواء زوجة أو مطلقة هو من ضمن حق نفقتها أو نفقات أبنائها وهذا لا يعطيها الحق دائماً في الحصول على هذه الأجرة للسكن مما يجعله فقط من ضمن النفقة·· مما يحرمها من حق السكني المكفول لها دستورياًُ فالدستور كفل للمرأة حق السكني حالها حال الرجل الذي يعطيه القانون الحق في الرعاية السكنية لكونه متزوجاً ولديه أبناء ويحتاج إلى الرعاية السكنية من قبل الدولة، لذلك نأمل أن يتم إعطاء المرأة هذا الحق في السكن سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة وسواء كانت عزباء أو مطلقة أو أرملة أو كانت مرتبطة بزواج من غير كويتي، فالواقع أن قانون الرعاية السكنية لا يعطي المرأة الحق في الحصول على الرعاية السكنية حالها حال الرجل أي أنها محرومة من ذلك وكثير من الرجال من يكتب المنزل الذي أشتراه بقرض الإسكان والذي أعطى له بناء على زواجه من زوجته باسمه باعتباره معيلا لأبنائه، فهنا الرجل يستطيع أن يسجل المنزل باسمه لوحده وبذلك تبقى المرأة بعيدة عن حقها في المنزل وتبقى مجرد حاضنة وللانتفاع وتظل تحت رحمة هذا الرجل الذي قد يطلقها يوماً أو يتزوج عليها ويطردها هي وأبناءها من المنزل، وهذا مثال بسيط لما تعانيه المرأة الكويتية ونحن نسعي جاهدين للعمل من أجل تشريع قوانين عادلة تصب في مصلحة المرأة الكويتية انطلاقا من الحق الدستوري الذي لم يفرق بين الرجل والمرأة في الحقوق وانطلاقا من حرصنا على الأسر في مجتمعنا من العوز والحاجة وعدم الإنصاف والعدالة في التقسيم وفي المزايا والحقوق، كذلك هناك قوانين نتأمل أن تسن وقوانين تجمد وأخرى تلغى نظراً لعدم دستوريتها أو لعدم إنصافها وعدلها·
قانون الأحوال الشخصية
· كثيراً ما يتم الحديث عن قانون الأحوال الشخصية وظلمه للمرأة، هل لك أن تتحدثي عن التفاصيل؟
- في الحقيقة ومن خلال عملي بالمهنة وفي الدفاع عن حقوق الكثيرين سواء من النساء أو الرجال في قضايا الأحوال الشخصية أستطيع القول أن قانون الأحوال الشخصية هو قانون جيد وحفظ للمرأة الكثير من حقوقها التي لا تتوقعها النساء وأعطاها الكثير من الحقوق وصانها، كحقها في النفقة والطلاق والحضانة وغيرها إلا أنني من خلال عملي الدقيق في هذه القضايا لامست بعض الأمور التي لم يعالجها جيداً أو كان علاجه محدودا وغير واف وهناك بعض الأمور التي غفل المشرع عن النص عليها في هذا القانون لكنه أبداً لم يظلم المرأة بل أنصفها كثيراً مقارنة بالدول العربية التي تحسدنا على مثل هذا القانون والذي وضعه المشرع منذ ما يقارب من ربع قرن من الزمان فهو مفخرة لنا لأنه حفظ حقوق المرأة وهي الطرف الأضعف في العلاقة الزوجية فحفظ حقها في الحضانة وحقها في طلب النفقات وكما أعطاها حقوقها بعد الطلاق كنفقة العدة ونفقة المتعة ومؤخر الصداق إذا تنبت الضرر أنه من الزوج، ولكن إذا تحدثنا النفقة التي يحكم بها للمرأة كنفقة المتعة فقد حددها القانون كحد أقصى بمقدار نفقة سنة مهما كانت سنوات العشرة الزوجية طويلة وهذا فيه إجحاف لحق المرأة التي عاشت مع الزوج ربما عشرين سنة أو أكثر وربما أربعين سنة كما حاصل لنساء أتين إلى مكتبي وطلبن الطلاق بعد مرور أربعين سنة ونظراً لتضررهن وكرههن للزوج وعدم قدرتهن على تحمل أذاه فطلقتهن المحكمة ولكن نفقة متعة المرأة المطلقة ربما تتساوى أو تنقص على نفقة امرأة أخرى لم تستمر الحياة مع زوجها ربما لأشهر أو لسنة، لأن القانون قد أعطى من تستحق نفقة المتعة عن فترة عشرة الرجل معها بما لا يزيد عن نفقة سنة وتكون بالأقساط الشهرية، فكيف نساوي امرأة تحملت الضرر سنين طويلة مع امرأة لم تتحمله لأشهر أو لسنة؟ فهل التعويض لها (وهو نفقة المتعة) منصفاً أو عادلاً؟ أنا أتصور أنه يجب أن يوضع في الاعتبار عدد سنوات العشرة والزواج فيما بينهما· كذلك مثلا حق المرأة في طلب سائق وسيارة للأبناء وأجرة الخادمة ومصاريف تأثيث السكن ومصاريف استقدام الخادمة ومصاريف العلاج أو الدراسة فهذه حقوق لم تذكر صراحة في القانون إنما تندرج تحت بند النفقات ولهذا قد يرفضها بعض القضاة نظراً لعدم وجود نص قانوني في القانون يعطي للمرأة الحق فيها وإنما هي مشمولة من ضمن ما يحكم به من نفقة للزوجة لها أو لأبنائها المحضونين من قبلها·
و هناك الكثير من المسائل التي تحتاج إما إلى تعديل أو لنص صريح لكي نضمن عدم ظلم المرأة·
تعديلات ضرورية
· ما التعديلات الواجب إجراؤها على قانون الأحوال الشخصية وهل تعتقدين أنها سترى النور؟
- التعديلات التي نتأمل أن تتم على بعض النصوص في قانون الأحوال الشخصية هي كما ذكرتها سابقاً وهناك غيرها ممن نجاهد ونعمل من أجل أن ترى النور قريباً وذلك لكي نحفظ كرامة المرأة وحقوقها كاملة غير منقوصة وهذا ما نسعى إليه وأتمنى أن تقر القوانين المنصفة للمرأة أو التي طالبنا بها وهي كثيرة ولا مجال لحصرها الآن ولكن هي موجودة وثابتة لدينا وللآخرين وهناك مشروع قانون سيصب لصالح المرأة الكويتية وسيرى النور بإذنه تعالى ونتمنى أن يعالج كل ما لمسناه كثغرات أو نقص دون إغفال النقاط التي طالبنا بها لإقرار نصوص أو لتشريع قوانين لصالح المرأة سواء في قانون الأحوال الشخصية أو قانون العمل أو قانون الرعاية السكنية وغيرها من القوانين·
منصب القاضية
· كيف ترين اعتلاء المرأة منصب القاضي في الكويت؟
- لا يوجد ما يمنع من اعتلاء المرأة الكويتية منصب القضاء في الكويت لا شرعاً ولا قانوناً ولكن هناك إجراءات خاصة بالعمل بسلك النيابة، وللأسف الشديد أن الكويت كانت سباقه في النهضة والتطور والتعليم والثقافة وفي تنمية المجتمع لكن الآن نجد أن الدول العربية والإسلامية قد سبقتنا في هذا المجال ولديهم القاضية في جميع أنواع القضايا دون تحديد لأنواع معينة من القضايا ونحن لا نزال نتناقش في هذا الأمر، هل هناك مانع شرعي؟
الحقيقة أن التاريخ الإسلامي فيه ما يكفي للرد على من يعترض على هذا الأمر·
و من الناحية العلمية والعملية فالمرأة الكويتية تتميز بأنها على قدر عال من الثقافة والعلم والخبرة والنضج السياسي مما يؤهلها للعمل كقاضية وكنائبة بالبرلمان فهي معروفة بين شقيقاتها النساء الخليجيات والعربيات من أنها ذات علم وثقافة واسعة وعلى درجة عالية من النضج السياسي فقد عاشت وتربت في الحياة الديمقراطية وتعيش السياسة يومياً في حياتها لذلك كانت سفيرة للكويت ومديرة الجامعة وأصبحت الآن الوزيرة فكيف لا تكون قاضية في السلك القضائي مع أخيها الرجل؟
وأنا أؤكد أنها حينما تصبح قاضية ستبلي بلاء حسنا وليس هناك ما يعفيها من ممارسة هذا العمل بكل أمانة وجدية وفنية قانونية فهي قادرة على ذلك خصوصا أن هناك الآن المرأة مدع عام في الإدارة العامة للتحقيقات وهي المحامية الخبيرة في القضايا والمحاكم وهي المحامية عن الدولة بالفتوى والتشريع·
مميزات المهنة
· ماذا أضافت لك مهنة المحاماة في حياتك العملية؟
- المهنة أضافت لي أمور وسلبتني الكثير من الأمور، فقد أضافت لي توسع المدارك والتركيز وعمق النظر للأمور وجعلتني لا أحكم على الأشياء منذ أول رواية أو أول رؤية إنما أرى الموقف من جميع الجهات والزوايا ولا أستعجل وأحكم على البشر دون تمهل ودون تمحيص وتدقيق ودون أدلة ثابتة فتبرئة متهم خير ألف مرة من إدانة شخص برئ كذلك أضافت لي لحظات جميلة من السعادة حينما أكون مدافعة عن مظلوم وأحصل له على البراءة وأرفع عنه الظلم فهو شعور عظيم كذلك حينما أكسب قضية في حق أو أسترد حق كان متعطلا أو مسلوبا·
مهنتي رغم متاعبها إلا أن فيها متعة عظيمة لا يشعر بها إلا من يمارسها بأمانة وشرف حيث تفتح آفاقا واسعة من العلم والخبرة والدراية في شتى أمور الحياة فهي ممتعة رغم أنها متعبة·
· ما أبرز القضايا التي تعالجونها كمحاميات فيما يخص المرأة؟
- أتكلم عن نفسي ومن خلال عملي فأنا أعمل في جميع أنواع القضايا سواء جنائية أو أحوال شخصية أو غيرها من القضايا فلا يقتصر عملي على قضايا معينة فقط كقضايا الأحوال الشخصية، ولكن هناك بالتأكيد أنواع من القضايا تخص المرأة كقضايا الأحوال الشخصية من قضايا النفقة وحضانة وطلاق وزواج وميراث وما إلى ذلك من قضايا تخص المرأة مع أسرتها، كذلك هناك قضايا تكون فيها امرأة متهمة سواء كانت قضايا أخلاقية أو هتك عرض أو خطف أو قضايا مالية أو تجارية خاصة بأعمال المرأة·
العنف ضد المرأة
· قضية العنف ضد المرأة في الكويت هل هي حقيقة أم لا؟
- العنف ضد المرأة حقيقة وواقع موجود وثابت وهو موجود في كل المجتمعات حتى المجتمعات المتمدنة والتي تسبقنا حضارة وتقدما علميا إلا أن المرأة للأسف الشديد تعاني من الضعف سواء بسبب الزوج أو الأهل أو ربما حتى الأبناء فهي معرضة للعنف في معظم المجتمعات ومنها المجتمع الكويتي وهذه المشكلة تعاني منها المرأة الكويتية والقضايا المعروضة في محاكم دوائر الأحوال الشخصية خير دليل على مستوى هذا العنف والذي قد يسبب للمرأة عاهة مستديمة أو يجعلها عاجزة في بعض الحالات التي شاهدناها في المحاكم ،و على المستوى العام فالمرأة تتعرض للعنف ولا ننكر ذلك سواء كان عنفا بالقول أو الفعل معنويا أو ماديا وهناك الكثير من القضايا الجنائية التي ترافعت بها كانت المرأة المجني عليها وإما بالتعرض للضرب المبرح أو باستخدام آلة حادة أو باستخدام القوة مما جعل المرأة مجني عليها في الكثير من الجنايات كذلك قد تتعرض للعنف من خلال خطف وهتك عرض في قضايا كثيرة معروضة أمام النيابة العامة كذلك وهناك العديد من القضايا التي نجد فيها أن المرأة هي المتضررة فيها ويمارس عليها العنف سواء داخل الأسرة أو خارجها وملفات القضايا دليل على هذا الأمر وقضايا الجنح المعروضة أمام المخافر والجنايات أمام النيابة ما هي إلا جزء يسير مما تتعرض له النساء، فغالبية النساء لا يشتكين على رجالهن ولا يرفعن دعاوي من هذا النوع حرصاً على أمور كثيرة وحفاظاً على السمعة والأبناء·
عوامل سلبية
· ما العوامل التي لعبت دوراً سلبياً في عدم وصول المرأة إلى البرلمان؟هناك من يرى أن التيارات السياسية استغلت المرأة في الانتخابات للتصويت فقط فما تعليقك على هذا الموضوع؟
- من العوامل التي أرى أنها ربما تكون الأسباب الواقعية هي ضيق فترة الانتخابات وقصرها بالإضافة إلى عدم تشجعيها من قبل الآخرين وعدم التخطيط الجيد لخوص الانتخابات خصوصاًُ وأن الوقت قد زاحم الكل سواء رجالا أو نساء للترتيب للانتخابات لأن حل مجلس الأمة جاء مفاجئاً ولا ننسى أنها تجربة جديدة على المجتمع الكويتي وكل أمر جديد يحتاج إلى الوقت لكي يتقبله الناس ومشاركة المرأة في الانتخابات البرلمانية السابقة جاءت بسرعة ودون أن تتهيأ الظروف الاجتماعية للدفع نحو تقبلها·
والأمر الذي لا أحد يستطيع نكرانه هو أن كل التيارات السياسية استغلت أصوات النساء في الانتخابات الأخيرة وكانت ورقة المرأة هي المرجحة للفوز حتى أن جميع التيارات المعارضة لحق المرأة السياسي كانت أول من استغل أصوات النساء ولعبت على هذا الوتر كثيراً كي تحقق النجاح الذي كان صعباً بسبب الأعداد الهائلة للنساء والتي تفوق أعداد الرجال، وبالتأكيد هناك من يريد أن يستغل صوت المرأة في التصويت فقط ولا يريدها أن ترشح نفسها للانتخابات وسيأتي يوم عن قريب ستتجه فيه هذه التيارات لتبحث عن نساء لكي ترشح معهن في تياراتهن كسباً للأصوات ولمواكبة التقدم في المجتمع ولكي لا يكونوا متأخرين ويسبقهم الآخرون·
أسباب التراجع
· هل ترين أن المرأة الكويتية وبرغم الحرية الاجتماعية التي تعيشها لم تستغل هذه الناحية لتطوير نفسها لتصبح أكثر وعياً بالقضايا وأمور المجتمع؟
- أرى العكس تماماً فالمرأة الكويتية واعية تماماً لأمور المجتمع وهي مثقفة وعلى درجة عالية من العلم والثقافة وحتى النضج السياسي المطلوب بل هي معروفة بذلك خليجياً وعربياً وعالمياً·
· ما أبرز المتغيرات الاجتماعية والسياسية التي أدت إلى تراجع دور المرأة كما كان عليه في الستينات والسبعينات؟
- الصراعات في المجتمع والتي باتت تشكل جزءا من هويتنا الكويتية هي أكثر الأمور التي تؤخرنا للحاق بركب التقدم والمدنية، وربما تؤدي إلى التراجع في الكثير من الأمور·
* * *
من أروقة المحاكم
الكهل الشريف وشحنة الخمور...
في لحظة ما تتداعى في ذهن الإنسان حكايات وصور ومواقف طريفة أو غريبة أثارت فضوله في حينها لتصبح صورا تحرضه على التفكير، والتأمل·· مواقف تبقى أحيانا في الذاكرة تمر بها كطيف ويستحضرها في صحوة ومنامه·
ونحن كمحامين تزخر حصيلة أيامنا بكثير من مثل تلك الحكايات والصور والمواقف، وتحضرني الآن قضية تحرك بداخلي أحيانا كل هذه الحكايات والصور·· ففي ذات يوم دخل مكتبي رجل كهل ليقول لي إنه متهم في قضة جلب كمية كبيرة من الخمور، وأن خيوط الاتهام وحباله تحيط به من كل جانب حيث ضبطت الكمية في بضاعة مستوردة من الخارج لحساب شركته·
واطلعت على أوراق هذه القضية لأجد أن كل الأدلة تشير وبجلاء إلى أنه ضالع في ارتكاب الجريمة، حيث تم ضبط الخمور لديه، وكانت البضاعة التي تم إخفاء كمية الخمور فيها قد تم استيرادها لحساب شركته وبكتب موقعة منه، إلا أنه بقي داخلي هاجس يطاردني بأنه لا يمكن أن يرتكب هذا الكهل جريمة من هذا النوع فأعدت قراءة الأوراق مرات ومرات أفتش فيها عن الحقيقة، وبتوفيق من الله وجدت ضالتي، عندما اكتشفت أن هناك مراجعات تمت من آخرين لإنهاء إجراءات هذه البضاعة المستوردة ما يكشف عن مصلحتهم في إدخال هذه البضاعة، وهو ما حرك لدي كل أدوات المحامي في التفتيش عن الحقيقة حتى ولو غاصت في أعماق المحيط أو تم دفنها في ركام بعيدة، وبالفعل تبين لي أن هناك تواطؤا بين مندوب شركة موكلي وآخر هو صاحب هذه الخمور وهو من جلبها من الخارج، ولكن في باطن بضاعة صاحب الشركة الكهل الشريف الذي أطلق يد وكيله على نحو أغرى الأخير في التواطؤ ضده، وبالفعل حصلنا على براءة هذا الرجل صاحب الشركة أمام محكمة الاستئناف بعد أن دانته محكمة الدرجة الأولى بحبسه مع الشغل والنفاذ عشر سنوات، وذلك بعد أن دفعنا بما يوجبه القانون علينا ببطلان الإذن الصادر من النيابة العامة، ومن ثم ببطلان التفتيش الذي أسفر عن ضبط الخمور، وذلك لصدوره عن جريمة مستقبلية، وكذلك تم الدفع ببطلان التفتيش على الحاوية التي كانت البضاعة والخمور فيها لوجودها خارج الدائرة الجمركية التي صدر الإذن عنها، حيث كانت هناك إجراءات قد تمت بإعادة تصديرها مرة أخرى بناء على مرسل الشحنة، وكذا بانتفاء الأدلة ضد المتهم لانتفاء صلته بالخمور التي تم جلبها، ومن ثم تأتي القضية دون وجود دليل يقيني ضد المتهم ما يستوجب القضاء له بالبراءة وهذا ما كان·