رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 16 مايو 2007
العدد 1774

يناقش علاقة الإبداع بالتكنولوجيا وثورة المعلومات
"الصناعات الإبداعية" عنوان ملتبس لفكرة أكثر التباساً

                                                          

 

كتب المحرر الثقافي:

يبدو كتاب "الصناعات الإبداعية" الصادر مؤخرا ضمن سلسلة "عالم المعرفة" ملتبسا منذ البدء حيث العنوان، مع أن مؤلف الكتاب "جون هارتلي" يقدم له بعنوان شارح هو: "كيف تنتج الثقافة في عالم التكنولوجيا والعولمة؟"، إلا أن هذا العنوان الشارح لا يخلو كثيرا من الأسئلة التي قد تثور في ذهن القارئ، والسؤال المحور هنا، هل يمكن أن نفرق علميا بين الثقافة والتكنولوجيا، وأقصد هنا الثقافة بمفهومها الإبداعي حيث تختلط الثقافة بالصناعة المعلوماتية بالمعرفة الشاملة، وحقوق الملكية الفكرية قد تبدو فكرة الالتباس هذه ناجمة عن المترجم وعدم مقدرته على هضم المادة العلمية السوسيوثقافية الواردة في الكتاب وتحويلها إلى أفكار مترابطة بلغة عربية ثرية وسلسلة· كما أن وجود مقالات لعدة مؤلفين في كتاب واحد لابد أن تحدث لبسا أيضا، حتى وإن كان المجرى الذي تصب فيه هذه المقالات واحد هو "فكرة الصناعات الإبداعية"·

ولعل المعضلة الكبرى تنبع من خلال الخيط الدقيق الذي يحاول المؤلف أن يفصل بين الصناعات الثقيلة، السيارات، الطائرات، الأسلحة، والصناعات الثقافية الشعبية·

يقول مؤلف الكتاب: تسعى فكرة الصناعات الإبداعية إلى توضيح التقارب المفاهيمي والعملي بين الفنون الإبداعية (الموهبة الفردية) والصناعات الثقافية (الناطق الجماهيري)، في إطار تقنيات إعلام جديدة داخل إقتصاد معرفة، يستخدمها مواطنون -مستهلكون تفاعليون جدد·

وعلى أية حال فإن الإبداع هو الذي سيقود التغيير الاجتماعي والاقتصادي خلال القرن المقبل· ويرى جون هوكنز، مؤلف كتاب الاقتصاد الخلاق (2001)، أن التفكير في "مجتمع المعلومات" (انظر، على سبيل المثال، كاستلز 2000" غير كاف على الإطلاق· ويرى أن عصر المعلومات بدأ بالفعل يفسح الطريق أمام شيء أكثر تحديا·

الصناعات الإبداعية لو كنت معلومة بسيطة لفاخرت بالعيش في مجتمع معلومات· لكن بوصفي كائنا مفكرا، وعاطفيا، ومبدعا -في يوم طيب، علي أي حال- فأنا أتطلع إلى شيء أفضل· إننا نحتاج إلى المعلومات· لكننا نحتاج أيضا إلى أن نكون نشطين ومهرة ومثابرين لاختبار هذه المعلومات، نحتاج إلى أن نكون أصلاء، ومتشككين، ومجادلين، ودمويين في تفكيرنا غالبا، وسلبيين بمعنى الكلمة أحيانا- بكلمة واحدة، أن نكون مبدعين· (في هذا الجزء)·

فقد أصبحت الصناعات الإبداعية- التي تتعدد تعريفاتها- عنصرا مهما في تكوين الاقتصادات المتقدمة· ففي 2001، قدر صافي عائدات صناعات "حقوق النشر" الأمريكية بـ791.2 بليون دولار أمريكي، وهو ما يعادل %7.75 من إجمالي الناتج القومي، ويعمل بها حوالي 8 ملايين عامل· ويبلغ إسهامها في المبيعات/ الصادرات الأجنبية 88.97 بليون دولار أمريكي- أي ما يفوق إسهام الصناعات الكيميائية، والسيارات، والطائرات، وقطاع الزراعة، والقطع الإلكترونية، والكمبيوتر (Siwek 2002) وفي المملكة المتحدة، وفي العام نفسه (وإن بطريقة مختلفة) قدرت عوائد الصناعات الإبداعية بـ 112.52 بليون استرليني، ويعمل بها 1.3 مليون شخص، وتسهم بـ 10.3 بلايين جنيه إسترليني من الصادرات، وتشكل %5  من الناتج القومي الإجمالي (DCMS 2001) وفي أستراليا، تقدر عائداتها بـ 25 بليون دولار أسترالي، وتجاوزت القطاعات الأكثر ديناميكية، مثل محتويات الإعلام الرقمي، وبلغ معدل نموها ضعف معدل نمو الاقتصاد ككل (NOIE 2003:12) كما زادت المدخلات الإبداعية في الصناعات الخدمية الأخرى، كالمالية والصحية والحكومية والسياحة، زيادة كبيرة·

وبالإضافة إلى النسب المئوية والنمو، تعود أهمية الصناعات الإبداعية إلى دورها المتوقع كموجه للمعرفة الاقتصادية وميسر للصناعات والخدمات الأخرى - عبر تزويدها، على سبيل المثال، بالمحتوى الرقمي الذي "يترجم مباشرة إلى ميزة تنافسية وطاقة إبداع لقطاعات الاقتصاد الأخرى" (NOIE)، وكذلك وعبر احتضان رأس المال الإبداعي والعاملين الإبداعيين عموما·

 

النشاط الاقتصادي

 

ويرى مؤلف الكتاب أن قيمة الصناعات الإبداعية لا تقتصر على النشاط، الاقتصادي، وإنما تمتد كذلك إلى أرقى أشكال التنمية في العالم· ويوضح السير كن روبنسون، كبير مستشاري التعليم في "غتي ترست" الصلة بين الحاجات الاقتصادية والتعليمية:

إن الأوضاع الاقتصادية التي نعيشها جميعا، والتي سيشق أطفالنا طريقهم في ظلها، تختلف اختلافا تاما عن تلك التي كنا نعيشها منذ 20 أو حتى 10 سنوات مضت· ولهذا نحن بحاجة إلى نظم تعليم وأولويات مختلفة· إننا لا نستطيع التصدي لتحديات القرن الـ 21 بالمبادىء التعليمية للقرن الـ19، فزمننا يشهد نوبات كاسحة من المبتكرات العلمية، والتكنولوجية، والأفكار الاجتماعية· ولمواكبة هذه التغيرات، أو تجاوزها، سنحتاج إلى كل قدراتنا· يجب أن نتعلم لنكون مبدعين، "في هذا الجزء"·

وبدلا من أن يعملوا طوال حياتهم الوظيفية في صناعة وحيدة أو مع مستخدم وحيد، فإن الناس الذين ينضمون إلى قوة العمل الآن يمكن أن يتطلعوا إلى العديد من الخيارات، سواء كانوا جزءا من طبقة فلوريدا الإبداعية أو يعملون في القطاعات الخدمية أو الصناعية أو الأولية· ولكي يتأهلوا لهذا، فإنهم يحتاجون إلى مهارات وكفاءات تعليمية جديدة، بل ويجب أن يكونوا على قدر كبير من الشره الطويل المدى للتعلم، وأن يعودوا إلى الدراسة - الرسمي منها وغير الرسمي، المعتمد وغير المعتمد - خلال مسيرتهم الوظيفية·

والمعلمون جزء من هذا الكون: وهم أيضا جزء من الطبقة الإبداعية الناشئة داخل الاقتصاد العالمي للمعرفة· لكن المدارس والجامعات ليست المكان الأفضل بالضرورة للوفاء بالحاجة إلى مواطنين - مستهلكين· مبتكرين وخلاقين، قادرين على التكيف وتواقين للمعرفة، حتى يتحقق الازدهار لهذا الاقتصاد· ومن المؤكد أن تحديث التعليم، الذي شهده القرن العشرون، القائم بالأساس على النشر الكثيف للمؤسسات الرسمية وزيادة إنتاجيتها في وقت لاحق، إلى جانب أهداف أداء منظمة مركزيا، قد دعم نظام التعليم عن طريق المدارس والجامعات والإدارات الحكومية· لكن أثره كان سلبيا على كل من نوع المعرفة المنقولة والرغبة الاجتماعية الأوسع للتعلم·

طباعة  

شاعر باحث عن الحقيقة وهادئ حدّ السكينة
محمد النبهان: أنتمي للشعر وحده بعيداً عن المسميات والمصطلحات

 
جملة مفيدة
 
قصة قصيرة