· ثماني حقائق للرد على ادعاءات العدوة في معرض هجومه على المدافعين عن حرمة المال العام
· تقرير لجنة حماية الأموال العامة حول قضايا الاختلاسات والتعديات على الأموال العامة شمل 170 قضية أبرزها "الناقلات"
· إحدى القضايا أدين فيها مواطن باختلاس 372 ديناراً (فقط) فحكم بـ 3 سنوات ورد المبلغ وغرامة تعادل الضعف!!!
· النواب الذين اتهموا زملاءهم بالانتقائية لاختيارهم الناقلات، لماذا لم يثيروا هم القضايا التي يرون أن زملاءهم أغفلوها؟
· العدوة دخل المجلس متمرداً عنيفاً في نقد السلطة والآن يسخر من المتحدثين عن الناقلات ويتهمهم بالجبن!!!!
كتب محرر الشؤون السياسية:
المتابعين لجلسة مجلس الأمة يوم الثلاثاء 1/5/2007 أصابتهم الدهشة والامتعاض وربما الإحباط، فما جرى فيها يمكن اعتباره منعطفا تاريخيا مهما في حياة الكويت البرلمانية، فعلى مدى 44 عاما وأحد عشر فصلا تشريعيا لم يشهد المجلس أن قام عضو أو عدد من الأعضاء بجرأة لا يحسدون عليها في الدفاع "عينك عينك" عن سراق المال العام·
من المعروف في كل المجالس أنه ليس كل الأعضاء ملتزمين ومنسجمين مع قسمهم الدستوري في الذود عن حريات الشعب ومصالحه وأمواله، فقد كان منهم من يلوذ بالسكوت عند طرح قضايا التعدي على المال العام، أو يدور ويلف حول القضية أو يحاول عرقلة طرحها أو اتخاذ قرار بشأنها أو يصوت ضد ما هو مطلوب أو يهرب من الجلسة كليا، لكن لم يحدث أن كشف عن أوراقه وحقيقة موقفه في الدفاع عن سراق المال العام والمعتدين عليه، وهذا ما حدث في تلك الجلسة·
تقرير اللجنة
كان مطروحا على جدول أعمال تلك الجلسة تقرير لجنة حماية المال العام حول قضايا الاختلاسات والتعديات على المال العام، وكان المجلس في سنة 2000 قرر أن تقدم الحكومة في شهري أكتوبر ويناير من كل عام تقريرا عن القضايا المحالة والمنظورة أمام القضاء والمتعلقة بالتعديات والاختلاسات والسرقات التي تقع على الأموال العامة· فتبحث لجنة حماية الأموال العامة التقرير المقدم من الحكومة ثم تعد تقريرها بشأنه وتحيله إلى المجلس للنظر فيه واتخاذ قرار بشأنه·
أحكام ضد كويتيين
تضمن التقرير موضع النقاش 170 قضية لمختلف الجهات الحكومية وزارات ومؤسسات عامة، والمتهمين فيها حوالي مئتي شخص بينهم كويتيون وأغلبهم غير كويتيين، وصدر في بعضها أحكام بالسجن والغرامة، ومن بين المحكومة عليهم كويتيين في قضايا تتراوح مبالغها من صغيرة إلى متوسطة إلى كبيرة فعلى سبيل المثال صدر حكم على شخص كويتي بتهمة اختلاس 372 دينارا، نعم ثلاثمئة واثنين وسبعين دينارا، ويقضي الحكم بالحبس ثلاث سنوات ورد المبلغ وغرامة تعادل ضعفه، ويشمل التقرير 11 قضية أخرى ضد أشخاص كويتيين صادر فيها أحكام بالحبس لمدد تصل إلى سبع سنوات ورد المبلغ وغرامة ضعف المبلغ، اثنتين فقط من الأحد عشر تصل المبالغ المختلسة إلى خانة الملايين، والباقي تتراوح بين ألف دينار وخمسة وعشرين ألف دينار·
الاختلاسات والسرقات الكبرى
من أبرز القضايا التي احتواها التقرير هي قضايا الاختلاسات في شركة الناقلات ومبالغها بمئات الملايين وقضايا السرقات في الاستثمارات والتي تصل مبالغها إلى خانة المليارات·
وكان من الطبيعي أن تحظى هاتان القضيتان بالأهمية في مناقشات مجلس الأمة بالنظر إلى ظروف وملابسات القضيتين ولأن المتهم فيها وزير· وقضية اختلاسات الناقلات بالذات تدخل فصلا ومرحلة حرجة وحاسمة بعد أن تقدم المتهم الخامس وزير النفط الأسبق بدعوى ضد وزير العدل ووزير النفط الأسبق عادل الصبيح وأعضاء لجنة التحقيق الدائمة بمحكمة الوزراء ورئيس مجلس إدارة شركة ناقلات النفط عبدالله حمد الرومي طالبا الحكم على هؤلاء بتعويض عن ما لحقه من أضرار مادية ومعنوية، ولكن المراقبين يفسرون الغرض من الدعوى هو شطب القضية وطي ملفها ووأدها نهائيا·
فرسان حماية المال العام
وفي الجلسة تصدى السادة النواب أحمد السعدون ومحمد الصقر وعبدالله الرومي وعلي الراشد لتسليط الضوء على القضية مشيرين إلى استطالة مدة النظر فيها والتي قاربت الخمسة عشر سنة، خاصة أنها مرت بملابسات غير عادية إذ صدر فيها أحكام بالسجن لمدد تصل إلى أربعين سنة ورد المبالغ وتغريمهم ضعفه لكن الحكم صدر خلوا من التاريخ وألغي·
وظلت القضية في أدراج القضاء طيلة هذه المدة، والغرض الذي يستهدفه النواب الذين سلطوا الأضواء على القضية هو مناشدة القضاء وضع حد لاستطالة المدة والتعجيل في الفصل فيها·
ولأن التقرير يشمل 170 قضية فلكل عضو من أعضاء المجلس أن يختار عدد من القضايا يعتبرها مهمة فيركز عليها في حدود الوقت المسموح وهو 15 دقيقة واعتمادا على اهتمامه وما توفر لديه من معلومات، وهذا ما فعله السعدون والرومي والصقر والراشد بتركيزهم على قضية الناقلات باعتبارها في نظرهم وحسب تقديرهم قضية على جانب كبير من الأهمية·
نواب يدافعون عن المتهمين
لكن المفاجأة أن هذا الموقف بدلا من أن يكون موضع تأييد ومساندة من بقية الأعضاء باعتباره دفاعا عن حرمة المال العام وحرصا على ملاحقة سراقه، انبرى عدد من الأعضاء بالهجوم عليهم وكيل الاتهامات لهم وكأنهم أجرموا وأذنبوا عندما سلطوا الأضواء على القضية والحث على ملاحقة المتهمين فيها· وجعل هؤلاء الأعضاء أنفسهم مدافعين وحماة لسراق المال العام وتوجيه أشنع التهم لزملائهم والسخرية منهم، وكان أبرز فرسان الهجوم على السعدون ورفاقه العضو المحترم خالد العدوة، وكان موقفه مثيرا للغرابة فهو الذي دخل المجلس متمردا عنيفا في انتقاده لممارسات السلطة·
واستخدم المدافعون عن سراق المال العام وبالذات المتهمون في قضية الناقلات والاستثمارات، حجج ضعيفة وذرائع متهافتة وأسلوب جارح في سخريته·
اتهامات باطلة
فاتهموا زملاءهم بأن تركيزهم على قضية الناقلات والاستثمارات، هو أسلوب انتقائي منحاز ينظر بعين واحدة، وأن المسألة خلافات شخصية وسياسية وصراع كتل سياسية وتضارب مانشيتات صحف، وأن إثارتهم لهذه القضية يقصد بها تغطية على قضايا أخرى والمعنى أنهم متورطون بقضايا أخرى تمس المال العام· بل ذهب النائب العدوة إلى السخرية من المتحدثين عن قضية الناقلات بأنهم أصحاب خطب منغلقة وأن الحديث عن الناقلات هو كاللطم في جنازة، وأن قضية الناقلات أصبحت عقدة تاريخية كمعركة المماليك، واتهمهم بالجبن وأن فروسيتهم فقط على الناقلات تنال طرفا من الأطراف لا يملك الدفاع عن نفسه مؤيدا كلامه ببيت من الشعر:
وإذا ما حل الجبان بأرض
طلب الطعن وحده والنزالا
ويفترض النائب العدوة أن موضوع الناقلات يجب أن يعتبر منتهيا ويغلق الملف لأن المال المختلس قد تم استرداده مستشهدا ومشيدا بتقرير وزير العدل السابق أحمد باقر·
وكلام العضو المحترم خالد العدوة فيه كثير من المغالطات من الصعب القبول بأنها فاتته أو الاعتقاد بأنها قد تنطلي على الناس·
فقضية الناقلات ليست صراعا سياسيا أو شخصيا أو تصارع تكتلات، ولولا أنها حدثت لما تعرض أحد للمهتمين فيها، وإذا كانت موضوع صراع سياسي فلكونها قضية اختلاسات من المال العام تمت بأسلوب تآمري دنيء وفي أحلك الظروف التي مرت بها الكويت·
تفنيد كلام العدوة
وليسمح لنا النائب العدوة أن نذكره بعدد من الحقائق والوقائع:
أولا: إن الاتهام بالانتقائية اتهام غير صحيح وباطل لأن النواب في هذا المجلس والمجالس السابقة الذين تصدوا لقضية اختلاسات الناقلات هم نفسهم النواب الذين تصدوا لقضية سرقة الاستثمارات، ومشتريات الأسلحة وتموين الجيش بالمواد الغذائية، وأملاك الدولة والتعدي على الأراضي، وقضايا المناقصات، وقضايا النفط، وهيئة الزراعة، وبالتالي فاتهامات العدوة وصحبه اتهامات ظالمة وهي التي تنطبق عليها الانتقائية·
ثانيا: إذا كان النائب العدوة يتهم الآخرين بالانتقائية فلماذا لم يثر هو والآخرون القضايا غير الانتقائية ومن منعهم من ذلك، ولماذا لم يكشفوا القضايا التي يتهمون الآخرين بالتستر عليها ولماذا لايتقدمون بطلب التحقيق فيها من قبل لجان المجلس أو ديوان المحاسبة؟!
ثالثا: كيف تكون القضية شخصية أو صراع كتل أو جنازة يلطمون عليها أو قميص جحا وهي القضية التي تقدمت بها الحكومة إلى النيابة العامة بموافقة ومباركة سمو الأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد، بل إنه أصدر مرسوماً بناء على توصية سمو الشيخ سعد· بإحالة المتهم الخامس وزير النفط الأسبق إلى محكمة الوزراء وفقاً لقانون محاكمة الوزراء لسنة 1990، والذي سحب بعد أن ألغى القانون·
رابعا: كيف تكون قضية تكسب سياسي وهي التي حققت فيها النيابة العامة 1994-1993 وأحالتها للمحكمة التي أصدرت بدورها حكمها بإحالة المتهم الخامس لمحكمة الوزراء والحكم بسجن المتهمين الآخرين مدة تصل إلى أربعين عاما ورد المبلغ وغرامة بالضعف وهو الحكم الذي ألغي لخلوه من التاريخ· وهي مسألة موضع جدل·
خامسا: كيف تكون قضية صراع سياسي محلي وقد صدرت فيها أحكام من القضاء البريطاني·
سادسا: كيف تكون قضية تكسب سياسي وقد تقدمت الحكومة - السلطة التنفيذية - بشخص وزير النفط الأسبق د· عادل الصبيح ببلاغ اشتمل على 13 تهمة ضد المتهمين الخمسة بمن فيهم المتهم الخامس وهو البلاغ الذي قبلت جديته لجنة التحقيق الدائم بمحكمة الوزراء وباشرت التحقيق فيه، وجاء تقديم هذا البلاغ بعد نقاش في مجلس الأمة، بعد أن رفضت البلاغات السابقة· أي أنه حاز على موافقة السلطة التنفيذية والسلطة التشريعية بالإجماع·
سابعا: إن القول بطي الملف وأن القضية معركة المماليك وأن المبالغ المختلسة قد استردت وقد مضى على القضية عشرون سنة، قول يؤدي إلى تشجيع سرقة المال العام، مادام العقاب فقط رده بعد اكتشافه، إذن كل من يسرق فإذا ما اكتشف قام السارق برده، حتى لو كان ذلك بعد عشرين سنة يكون السارق قد استثمر المال المسروق وجنى أرباحا أضعافا مضاعفة فيرد الأصل ويحتفظ بالأرباح فهل هذا مايدعو له النائب العدوة·
ثامنا: إن سخرية العدوة من زملائه وأنهم لطامين في جنازة الناقلات واتهامهم بالجبن لايظهرون فروسيتهم إلا على من لايستطيع الدفاع عن نفسه، قول فيه الكثير من التجني· فمن يدافع عنه لديه أدوات إعلامية تهاجم النواب وغير النواب يوميا، ثم إن المتصدين لقضية الناقلات هم نفسهم من تصدوا لقضية سرقة الاستثمارات والشبهات في صفقات الأسلحة وأغذية الجيش والتعدي على أملاك الدولة وأراضيها كالوسيلة ولآلي الخيران، والمناقصات وهيئة الزراعة والبلدية وكل قضايا التعدي على المال العام·
فهل هؤلاء انتقائيون أم أن الانتقائيين هم الذين يهاجمون فقط من يتصدى للاختلاسات وسرقات المال العام والذين لايوجد في سجلهم موقف واحد يشهد بأنهم يوما تصدوا لقضية من قضايا التعدي على المال العام أو اختلاسه أو سرقته، فقط امتلكوا الشجاعة للدفاع عن سراق المال العام·
نسوق هذه الحقائق ونسأل النائب العدوة هل يجوز له أن يتهم من يتصدى بشرف وأمانة للدفاع عن المال العام والوقوف في وجه المعتدين عليه، بأنهم لطامين في جنازة، وأنهم انتقائيون لأغراض شخصية وسياسية وتصفية حسابات، وأن قضية الناقلات هي كمعركة المماليك وأنهم جبناء يمارسون فروسيتهم نحو ساحة خالية من خصم·
وأخيرا هنالك من يرى محاسن في جلسة المجلس تلك على ماورد فيها من سلبيات ولدت إحباط واستياء الجمهور، لكنها أظهرت حقيقة الاصطفافات في مجلس الأمة، وفرزت من يقف مدافعا بشرف وأمانة عن أموال الشعب واملاكه ومن هم غير ذلك· وهنالك من يصف تلك الجلسة "برب ضارة نافعة"·