رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 مايو 2007
العدد 1773

إسلاميو تركيا سلكوا طريق أوروبا للتخلص من سلطوية النخبة الحاكمة!

·         البعض يعتقد أن الجمهورية العلمانية تعني جمهورية العلمانيين فقط لا جميع المواطنين

·         المؤسسة التركية أصبحت تناهض الغرب وتتحدث عن تحالف بين الإسلام المعتدل والإمبريالية الأمريكية!!

 

بقلم مصطفى أكيول*:

ليس سرا أن الأصولية الإسلامية تشكل خطرا على الديمقراطية والحرية والأمن في عالم اليوم، لا سيما في الشرق الأوسط، ومع ذلك، فإن هذه القيم ذاتها تتعرض لخطر الأصولية العلمانية أيضا· ويمثل النموذج العلماني التركي الأكثر راديكالية من العلمانية الفرنسية، مثالا على ذلك·

فالنموذج الأمريكي من العلمانية يضمن الحريات الدينية الشخصية· أما النموذج التركي فيضمن حق الدولة في الهيمنة على الدين وقمع الممارسة الدينية وقتما ترى ذلك ضروريا·

وينبثق ذلك من تعظيم مكانة الدولة باعتبارها هدفا بحد ذاتها، وباعتبارها كيانا يمكن أو يجب، التضحية بكل القيم الأخرى، من أجله·

ويمتزج ذلك بالعداء الذي تشعر به النخبة العلمانية التركية تجاه الدين عموما· فهذه النخبة التي تأثرت بالحركات الأوروبية المناهضة للدين من أواخر القرن التاسع عشر والقرن العشرين، تنظر إلى الدين على أنه خرافة تعود إلى ما قبل الحداثة، ويجب استئصالها من أجل ازدهار الحداثة·

 

استراتيجية سلطوية

 

وكانت نتيجة هذا النمط من الفكر ظهور استراتيجية سلطوية تتمثل في ضرورة بقاء السلطة السياسية بيد النخبة العلمانية· وهكذا، فإن "الجمهورية العلمانية" تعني - في نظرهم - "جمهورية العلمانيين" وليس جمهورية كل المواطنين·

وبالإضافة إلى ذلك، توكل النخبة العلمانية لنفسها مسؤولية منع الدين من الازدهار· ويعتقدون أن الدور المنوط بالدولة هو قمع التجمعات الدينية وتقييد التعليم الديني وحظر الإشارات الواضحة الى الممارسة الدينية مثل الحجاب·

لقد عمل البرنامج العلماني بسلاسة في الربع الثاني من القرن العشرين، خضعت خلاله تركيا تحت حكم الحزب الواحد والبرنامج الواحد· ولكن بعد الحرب العالمية الثانية، أجبرت النخبة العلمانية على القبول بالديمقراطية على مضض·

ومنذ عام 1950، فازت أحزاب يمين الوسط بكل الانتخابات تقريبا، وظلت تقبل بالحريات الدينية، نسبيا· وبدأت الأحزاب الدينية، تكتسب المزيد من الشعبية في الآونة الأخيرة·

وتمكن حزب ليبرالي من هذه الأحزاب، هو حزب العدالة والتنمية، من الوصول إلى السلطة في عام 2002، من خلال نبذ ماضيه الإسلامي وتوصيف نفسه بـ"المحافظ"·

 

هدية شريرة

 

إن لصعود نجم حزب العدالة والتنمية قصة مثيرة· لقد ظلت الدوائر الإسلامية في تركيا تأمل بأحياء الأمجاد العثمانية والماضي الإسلامي كي يتخلصوا من السلطوية الحاكمة التي اعتبروها "هدية شريرة" من الغرب·

ولكن بفضل تواصلهم المتنامي مع الغرب منذ الثمانينات، توصل الإسلاميون إلى إدراك حقيقة هامة وهي أن الغرب أفضل بكثير من "المستغربين" Westernizers·

وبعد أن لاحظ إسلاميو حزب العدالة والتنمية أن الديمقراطيات الغربية تمنح مواطنيها الحريات الدينية التي تحرمها إياهم تركيا، بدأوا رحلة البحث عن الحرية من طريق مختلف· فبدلا من محاولة "أسلمة" الدولة، قرروا السير بها نحو الليبرالية، ولهذا السبب يعتبر حزب العدالة والتنمية المدافع الأكبر عن انضمام تركيا للاتحاد الأوروبي وعن الديمقراطية والأسواق الحرة والحريات الفردية·

وللسبب ذاته، هناك الكثير من الليبراليين العلمانيين (بمن فيهم لادينيين أو لاأدريين)، يتعاطفون مع حكومة حزب العدالة والتنمية برئاسة رجب طيب أردوغان·

ومن دواعي المفارقة أن يدفع ذلك خصوم حزب العدالة والتنمية من العلمانيين لاتخاذ مواقف مناهضة للغرب· فمعظم المتشددين العلمانيين يتنبأون بحدوث "تحالف بين الإسلام المعتدل والإمبريالية الأمريكية" وينددون بهما·

وندد المتظاهرون العلمانيون الذين خرجوا للتظاهر في شوارع أنقرة وأسطنبول مؤخرا، بوزير الخارجية عبدالله غول الذي يرشحه حزب العدالة والتنمية لرئاسة الدولة، رافعين لافتات كتب عليها أن "عبد" ABD في اللغة التركية هي النظير للولايات المتحدة "USA" أي أنهم يطلقون على عبدالله غول "USA-"ULLAH GUL·

 

تكتيكات سلمية

 

فهذه الأيديولوجية المناهضة للغرب والدين والليبرالية تكمن تحت سطح موجة التشدد العلماني الراهنة في تركيا·

ويتهم هؤلاء المتشددون حزب العدالة والتنمية باللجوء إلى تكتيكات سلمية من أجل تطبيق حكم الشريعة الإسلامية في تركيا، ولكن لا توجد أدلة مقنعة على ذلك·

إنهم يشيرون إلى تعيين عدد من الملتزمين دينيا في مؤسسة الحكم التي أصبحت حكرا على العلمانيين منذ سنوات طويلة، فضلا عن احتمال أن ترتدي زوجة رئيس الدولة الحجاب الذي يمقتونه·

لقد أصدر الجيش التركي تحذيرا شديدا حول التهديد الذي تتعرض له القيم العلمانية في السابع والعشرين من إبريل الماضي، مشيراً إلى تنامي التشدد الديني، بدليل قيام مجموعة من طالبات المدارس بأداء نشيد ديني وهن يرتدين الحجاب! ومن نافلة القول إن مثل هذا الحدث، ما كان ليثير أي انتباه لو وقع في أي مكان من العالم الحر·

صحيح أن الدوائر الإسلامية في تركيا بحاجة إلى المزيد من التحديث، لكن الدراسات تظهر أنها تسير في هذا الاتجاه بالفعل· ومهما تكن المشكلات التي تعاني منها تركيا، فإن من الأهمية بمكان، عدم تراجعها عن الديمقراطية· ويجب على العالم الغربي أن يدعم جهود تركيا في هذا الاتجاه·

والحل النهائي، لن يتأتى - بالطبع - قبل أن نفهم، نحن الأتراك، أننا متساوون أمام القانون سواء منا من يرتدي الحجاب أو الصليب أو التنورة القصيرة· وسوف تكون جمهوريتنا بالغة الحساسية، آمنة ومزدهرة، حين تتعامل مع كل مواطنيها على هذا الأساس·

 *نائب رئيس تحرير صحيفة ديلي نيوز الصادرة في إسطنبول

" انترناشيونال هيرالدتربيون "

طباعة  

العضو العربي المستقيل من الكنيست في لوس أنجلوس تايمز:
ملاحقتي محاولة لترهيب المواطنين العرب في إسرائيل