رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 9 مايو 2007
العدد 1773

العضو العربي المستقيل من الكنيست في لوس أنجلوس تايمز:
ملاحقتي محاولة لترهيب المواطنين العرب في إسرائيل

·         الإسرائيليون يقيمون علاقات مع كل يهود العالم وينكرون علينا صلاتنا التاريخية بالعالم العربي

·         أعارض الاحتلال وأؤيد حق الفلسطينيين واللبنانيين في المقاومة

·         ليبرمان المهاجر من مولدافيا يخاطب سكان البلاد الأصليين العرب: لامكان لكم هنا فاحزموا أمتعتكم وارحلوا!

 

بقلم: د· عزمي بشارة

أنا فلسطيني من مدينة الناصرة ومواطن في إسرائيل وكنت حتى الشهر الماضي، عضواً في البرلمان الإسرائيلي· ولكني الآن، وفي تحوّل ينطوي على مفارقة ويذكر بقضية دريفوس "اليهودي الذي اتهم بالتجسس لصالح الألمان في الحرب الروسية - الفرنسية" في فرنسا، أواجه اتهامات من الحكومة الإسرائيلية بمساعدة العدو أثناء حرب إسرائيل الفاشلة ضد لبنان في شهر يوليو 2006·

ومن الواضح أن الشرطة الإسرائيلية تشتبه في قيامي بنقل معلومات إلى طرف أجنبي والحصول على المال مقابل ذلك· فالقانون الإسرائيلي يمكن أن يعتبر أي شخص حتى لو كان صحافياً أو صديقاً شخصياً، "طرفا أجنبيا"· وقد تكون عقوبة هذه الإتهامات السجن مدى الحياة أو حتى الإعدام·

المزاعم التي تطلقها إسرائيل مثيرة للسخرية، فغني عن القول أن "حزب الله" تمكن من جمع المعلومات الأمنية بصورة مستقلة عن إسرائيل أكثر من أي عضو عربي في الكنيست الإسرائيلي· والأكثر من ذلك، لم يسبق لي أن تورطت في أعمال عنف، على العكس من الكثير من أعضاء الكنيست الإسرائيليين، كما أنني لم أشارك في أية حروب· وظلت أدوات الإقناع بالنسبة لي هي الكلمات في الكتب والمقالات والخطابات·

إنها اتهامات مفبركة تلك الموجهة لي، وأنا أرفضها وأنفيها بقوة، وهي الحلقة الأخيرة من سلسلة محاولات لإسكات صوتي وأصوات آخرين يناضلون من أجل حقوق المواطنين العرب في إسرائيل بأن يعيشوا في دولة لجميع مواطنيها، وليست دولة تعطي حقوقاً وامتيازات لليهود وتحرم غير اليهود منها·

تمييز قانوني

 

حين أنشئت إسرائيل عام 1948، طرد أكثر من 700 ألف فلسطيني أو فروا للنجاة بأرواحهم· وكانت عائلتي من الأقلية من أبناء الشعب الفلسطيني التي لم تواجه مثل هذا المصير، وبقيت على الأرض التي عشنا عليها منذ زمن طويل· لقد أنشئت الدولة العبرية حصرياً لليهود وحولتنا إلى أجانب في بلدنا·

وطوال ثمانية عشر عاماً من قيام إسرائيل، عاش المواطنون الفلسطينيون فيها تحت الحكم العسكري وقوانين التنقل المقيدة لحركتنا في كل لحظة· وكنا نراقب المدن والبلدات اليهودية وهي تبنى على أنقاض القرى الفلسطينية المدمّرة·

واليوم، يشكل المواطنون العرب 20 في المائة من السكان· إننا لانشرب المياه من صنابير منفصلة ولانجلس في مؤخرات الحافلات· إننا نمتلك حق التصويت والترشيح لعضوية البرلمان، لكننا نتعرض للتمييز القانوني والمؤسساتي وغير الرسمي في كل مناحي الحياة·

فهناك أكثر من عشرين قانون تعطي الامتياز للمواطن اليهودي على حساب غير اليهودي· فحق العودة - على سبيل المثال - يعطي الجنسية الإسرائيلية بشكل تلقائي لليهودي أينما كان في هذا العالم، وفي الوقت ذاته يحرم اللاجئون الفلسطينيون من حق العودة إلى البلاد التي أجبروا على مغادرتها عام 48· ويصنف "القانون الأساسي للكرامة الإنسانية والحرية" الذي يعتبرونه نظيراً للدستور الأمريكي، الدولة باعتبارها " يهودية" وليست دولة لكل مواطنيها· وهكذا، فإن لليهودي الذي يعيش في لوس أنجلوس أو باريس حقوقاً في إسرائيل أكثر مما يتمتع به سكان فلسطين الأصليون·

وتعترف إسرائيل بأنها دولة لمجموعة دينية واحدة، مع أن أي شخص يلتزم بالديمقراطية سيكون مستعداً للاعتراف بأن حقوق المواطنة لايمكن أن تحقق في ظل مثل هذه الظروف·

ويتلقى الأطفال العرب التعليم في مدارس منفصلة لا ترقى لمستوى المدارس اليهودية· ووفقاً لاستطلاعات الرأي الأخيرة، فإن ثلثي الإسرائيليين يرفضون السكن إلى جانب العرب ونصفهم تقريباً لايسمح لفلسطيني بدخول منزله·

مقاتلون من أجل الحرية

وما من شك في أنني سببت إزعاجاً للبعض في إسرائيل· فبالإضافة إلى إثارة وتسليط الضوء على القضايا المذكورة آنفاً، فإنني أكدت على حق الشعب اللبناني وحق الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وغزة في مقاومة الاحتلال العسكري الإسرائيلي غير المشروع· إنني لا أرى في أولئك الذين يقاتلون من أجل الحرية، أعداء لي·

وهذا قد يزعج الإسرائيليين اليهود، ولكن لايمكنهم أن يحرمونا من تاريخنا وهويتنا، كما لايمكننا أن ننفي صلاتهم بيهود العالم· ففي النهاية، لم نكن نحن الذين هاجرنا إلى هذه الأرض، بل اليهود· إذ يمكنك أن تطالب المهاجرين الجدد بالتخلي عن جنسيتهم الأصلية مقابل الحصول على حقوق مواطنة متساوية، ولكننا لسنا مهاجرين·

لقد وجه لي النائب العام الإسرائيلي طوال سنوات عملي عضو في الكنيست ، الاتهام غير ذات مرة، لأنني جاهرت بآرائي السياسة "وكان يتم إسقاط الاتهامات من بعد"· وأطلقت الاتهامات بشكل متكرر لتجريدي من الحصانة النيابة· ولرفض مشاركة حزبي في الانتخابات، وكان ذلك كله لأنني أؤمن بأن إسرائيل يجب أن تكون دولة لكل مواطنيها، ولإنني انتقدت الاحتلال العسكري الإسرائيلي· ففي العام الماضي، أعلن أفيغدور ليبرمان، الوزير في حكومة أولمرت المهاجر من مولدافيا، أن المواطنين الفلسطينيين " لامكان لهم هنا" وأن علينا أن نحزم حقائبنا ونرحل، وبعد أن قابلت وزيرا من حركة حماس في الحكومة الفلسطينية، دعا ليبرمان إلى إعدامي·

فالسلطات الإسرائيلية لا تحاول ترهيبي أنا فقط، بل كل المواطنين الفلسطينيين في إسرائيل· ولكن هذه الأساليب لن تخيفنا، ولن نرضخ للعبودية في أرض الأجداد، ولن نقبل بفصلنا عن صلاتنا الطبيعية بالعالم العربي· لقد اجتمع زعماء الأقلية العربية في إسرائيل مؤخرا ليصدروا تصورهم لدولة خالية من التمييز الأثني والديني في كل المجالات· وإذا تراجعنا عن مسيرتنا نحو الحرية الآن، فإننا نسلم أجيالنا المستقبلية إلى التمييز الذي واجهناه طوال ستين عام·

ويعرف الأمريكيون من واقع تجربتهم مع التمييز المؤسساتي، التكتيكات التي استخدمت ضد قادة حركة الحقوق المدنية، والتي تشمل مراقبة الهواتف والتنصت البوليسي ومحاولات نزع الشرعية السياسية ومحاولة تجريم المعارضين من تلفيق الاتهامات الزائفة ضدهم· والآن، تستمر إسرائيل في اللجوء إلى هذه التكتيكات في وقت لم يعد العالم يقبل بمثل هذه الممارسات ويعتبرها مناقضة للديموقراطية·

فلماذا إذن، تواصل حكومة الولايات المتحدة تقديم دعمها الكامل لدولة تقوم هويتها ومؤسساتها على التمييز الإثني والديني، وهو التمييز الذي جعل بعض المواطنين ضحايا له·

طباعة  

إسلاميو تركيا سلكوا طريق أوروبا للتخلص من سلطوية النخبة الحاكمة!