غزة - خاص بـ"الطليعة":
منذ الثاني عشر من مارس الماضي، والغموض يحيط بعملية اختطاف الصحفي البريطاني مراسل البي· بي· سي ألان جونستون، فرغم التصريحات الصادرة عن وزارة الداخلية الفلسطينية بأنها جندت قواها الأمنية للكشف عن المختطفين وإطلاق سراح الصحافي، ورغم الاحتجاجات الواسعة التي أثارها الصحافيون الفلسطينيون والتضامن الذين أظهرته أكثر من جهة مع الصحافي المخطوف، إلا أن شيئا لم يكشف حتى الآن، باستثناء ما تثيره الشائعات عن جهات معروفة قامت بعملية الاختطاف لأسباب مالية، و"تعجز" الأجهزة الأمنية عن الاقتراب من نوافذ الجهة الخاطفة التي يبدو أنها "جهة" نافذة وذات سطوة غير اعتيادية·
في هذا الجو، صدر بيان عن جهة غير معروفة فلسطينيا تطلق على نفسها اسم "كتائب التوحيد والجهاد" تزعم فيه أنها قامت بقتل الصحافي· وهو بيان شكك الناطق باسم وزارة الداخلية بصدقيته وقال إنه أشبه بإشاعة، ولا تملك وزارة الداخلية معلومات تؤكد أنه صحيح، وصادر عن جهة معروفة·
في هذه الأثناء، وبعد انسداد أفق ايقاف الانفلات الأمني كما يبدو، قدم وزير الداخلية الفلسطيني استقالته بسبب ما قال إنه عدم تعاون قادة الأجهزة الأمنية معه· وهذه استقالة رفضها رئيس الوزراء هنية، وكلفه بتسيير أمور الوزارة الى حين ترتيب وضعية هذا المنصب·
ملعب عباس – أولمرت
وفي هذا الجو أيضا، يستدير الرئيس الفلسطيني محمود عباس عن كل ما يشغل الساحة الفلسطينية من انفلات أمني وتدنٍ في مستويات المعيشة وصل إلى حد مروع ويباشر لقاءاته التي قررت وزير الخارجية الأمريكية كونداليسا رايس جعلها دورية بينه وبين رئيس الوزراء الإسرائيلي إيهود أولمرت، لبحث "القضايا الأمنية" و"قضية" الجندي الإسرائيلي-الفرنسي المعتقل "جلعاد شاليت"· ويخرج اللقاء الأخير، حسب المصادر الإسرائيلية بنتائج، أهمها أو على رأسها الاتفاق على عمل اللجنة الأمنية المشتركة، ونشر قوات أمن الرئيس عباس على امتداد محور صلاح الدين لوقف ما يدعى "تهريب السلاح" من مصر إلى غزة، ونشر قوات رئاسية أخرى على حدود غزة لمنع إطلاق الصوارخ على المستعمرات الصهيونية·
عضو المجلس التشريعي عن كتلة حماس، خليل الحية، كان قد حذر من هذه الاجتماعات التي تجري في وقت تواصل فيه قوات الاحتلال انتهاكاتها، بهدم بيوت الفلسطينيين وقتل المقاومين، واقتحام المدن والقرى·· وقال إن هذه اللقاءات "تتم في إطار كبح جماح المقاومة ومحاصرتها لحماية وتأمين الكيان الصهيوني"· ويتفق مع هذه النظرة د·ماهر الطاهر، عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية من مقره في دمشق، الذي اعتبر لقاءات عباس - أولمرت، عبثا وتضييعا للوقت· وقال هذه اللقاءات لا تخدم الشعب الفلسطيني وقضيته الوطنية بل تخدم الكيان الصهيوني الذي يحاول تقديم نفسه إلى الرأي العام العالمي بشكل مخادع ومضلل·
وبالفعل، فقد جاء الخبر اليقين عن معنى هذه الاجتماعات وأهدافها على لسان أولمرت نفسه، حيث أكد أن هذه اللقاءات تنحصر في بحث القضايا الأمنية وسبل إطلاق سراح الجندي الإسرائيلي "شاليت"، أما بالنسبة للقضايا السياسية، فقد ذكر أولمرت أنه "مستعد للقاء جماعي مع العرب للبحث في أفكارهم حول السلام مع إسرائيل"!
هل تتغير منظمة التحرير؟
على جانب آخر من جوانب العمل الفلسطيني، صدرت تصريحات من أحد قياديي فتح (أحمد قريع) عضو المجلس الثوري في فتح، من دمشق يعلن فيها مواصلة اللقاءات مع الأطراف الفلسطينية لبحث سبل تفعيل منظمة التحرير الفلسطينية، وقد انتقل إطار هذه اللقاءات إلى القاهرة في الأسبوع الماضي، حيث التقى رئيس المكتب السياسي مشعل خالد بالرئيس الفلسطيني عباس في وقت تعبر فيه أوساط فلسطينية عن شكها في جدية هذا التوجه الذي كان مطلبا فلسطينيا منذ سنوات، ولم يتقدم خطوة واحدة رغم كل ما تم من اتفاقات، والسبب كما تراه هذه الأوساط هو أن انفراد قيادة فتح صاحبة مشروع أوسلو بمنظمة التحرير حتى الآن، وانفرادها بالرئاسة الفلسطينية، وحصولها على عدد من المناصب الوزارية، يعد بالنسبة لها ضمانة لتعميق مكاسبها التي حققتها كمجموعة متحكمة بالمنافذ الفلسطينية على المجتمع الدولي والعربي، بالإضافة إلى حظوتها بالدعم الأمريكي-الإسرائيلي بلا تحفظ، وهي مكاسب ليس من السهل التخلي عنها، وبخاصة مع وجود مخطط أمريكي يرعاه "أليوت برامز" من مكتب نائب الرئيس الأمريكي ديك تشيني لتكوين جيش خاص بالرئيس الفلسطيني الذي يحظى بالثقة الإسرائيلية - الأمريكية، من المؤمل أن يأخذ على عاتقه تقويض وجود أي مقاومة فلسطينية مسلحة·
سقوط الهدنة
في الأسابيع الماضية تصاعدت الهجمات والاقتحامات الإسرائيلية ومطاردة وقتل المقاومين، وصدرت من قوى المقاومة ردود فعل تتعهد بالرد على هذه الاعتداءات، وترد بالرصاص على الرصاص، فالإسرائيليون حسب تصريح لأحد قادة كتائب شهداء الأقصى "لا يفهمون إلا لغة السلاح"·
ودعا الرئيس محمود عباس الى وقف كل الاتصالات بالإسرائيليين واللقاءات لأنها لا تفعل شيئاً، وتعطي العالم وهم أن إسرائيل تتحدث عن السلام·
ودعت "حماس" من جانبها الرئيس الفلسطيني الى أن يفعل الأمر نفسه، وأن يقف مع خيار الشعب والمقاومة· وطالب الناطق باسم حماس فوزي برهوم كل فصائل المقاومة الفلسطينية الى الاتحاد واستخدام كل الوسائل للرد على مذابح الاحتلال·
وفي هذا الجو، ومع اقتراب ذكرى النكبة الفلسطينية في 15 آيار أعلنت حركة حماس عدم التزامها بالتهدئة المعلنة منذ أكثر من سنة وأطلقت 80 صاروخا على المستعمرات الإسرائيلية محلية الصنع في الأسبوع الماضي، وحذت عدة فصائل فلسطينية حذوها في وقت صعدت فيه هذه الفصائل من هجماتها على المواقع العسكرية الإسرائيلية، ونقلت وكالات الأنباء خبر العثور على دبابتين إسرائيليتين على مشارق غزة خاليتين من الجنود، مع صدور تهديدات إسرائيلية بمواصلة الهجمات على قطاع غزة، في وقت كان فيه وفد من المخابرات المصرية يصل غزة ويحاول منع ردود الفعل الفلسطينية وتقييد الفصائل الفلسطينية بما تسمى سياسة التهدئة، وهو الأمر الذي واجهته حماس بأنها لن تلتزم بالتهدئة إلا بشرط أن توقف إسرائيل اعتداءاتها على الضفة الغربية وقطاع غزة·