رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 2 مايو 2007
العدد 1772

على أعتاب الحرب الباردة:
الدرع الصاروخي الأمريكي يثير قلق الموالين أكثر من المناوئين!

كتب محرر الشؤون الدولية:

أكثر من محلل وكاتب سياسي بدأ يشير الى ما أصبح يسمى بوادر الحرب الباردة القادمة بين العمالقة والمناسبة أو المناسبات بالأحرى هو المواقف الروسية، والصينية الى حد ما، التي برزت في مواجهة الاندفاع الأمريكي لترسيخ "واقع أمريكي في آسيا الوسطى على امتداد خطوط أنابيب البترول، وعند مفارق الطرق التي تربط رقعة الشطرنج هذه بالمناطق المجاورة، الشرق الأوسط، والقارة الهندية من جانب، وأوروبا من جانب آخر·

لقد فهم هذا الاندفاع الأمريكي، وما كان له إلا أن يفهم إلا كذلك، تطويقا استراتيجيا، استباقيا، لأي منافس محتمل كبير على الساحة الدولية· كانت الإشارات الأمريكية محددة باتجاه الصين، وبخاصة بعد أن تفكك الاتحاد السوفياتي، وحلت محله روسيا "يلتسين" الأخذة بالتفكك من جانبها، في وقت تصاعدت فيه موجة "الثورات" الملونة على امتداد طرق البترول، في المحيط الروسي·

وفي هذا السياق، ومع غزو أفغانستان والعراق، شاع اعتقاد أمريكي مصدره خليط من منتظري الحرب الباردة، ومنتظري القرن الحادي والعشرين الأمريكي"، بأن سيطرة القطب الواحد أصبحت أمرا محققا، والعمل يجري الآن لمنع أي تحد محتمل من الشرق، ولكن الحرائق التي اشعلتها الغزوات الأمريكية، والانفراد بالقرار الدولي، بدأت تثير مخاوف جدية في كل من روسيا والصين والهند وبعض دول تقع في أوساط آسيا، أي في مناطق الارتطام، حيث يجري اللعب على ساحة تعتبر تقليديا جزء من مناطق الأمن الجغرافي - السياسي للامبراطوريات القديمة، روسيا والصين تحديداً·

التعبير الأول عن هذه المخاوف جاء بتكوين "منظمة شنغهاي للتعاون" التي ضمت 7 دول، ثم تواصل بالتصدي الروسي للهجوم الأمريكي على صعيد أكثر من موقع، وبخاصة في روسيا نفسها، والإشارة الأخيرة التي صدرت عن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين الى خطورة القوى الخارجية التي تعبث بالداخل الروسي تحت مزاعم الديمقراطية والحرية، توضح أن روسيا تهاجم في عقر دارها هذه المرة· وجاءت الخطة الأمريكية بإحكام الطوق عبر خطة "الدرع الصاروخي" لتفجر دفعة واحدا ما بدأ يبدو وكأنه افتتاحية حرب باردة جديدة· ولعل تحذير بوتين للأوروبيين من أن بلده ينسحب من معاهدة الحد من الأسلحة التقليدية، هو الذي أظهر جدية ما يحدث، على عكس المحاولات الأمريكية لتصوير عملية التطويق على أنها أمر يمكن أن يخدم الطرفين، المطوق ومن تطوقه، ويحميها من "مخاطر الإرهاب"!

دول أوروبا المهددة أكثر من غيرها، وبخاصة دول أوروبا الشرقية، بهذه المواجهة "الباردة"، أظهرت تردداً في قبول الإملاء الأمريكي، يؤكد أن القرن الحادي والعشرين ليس أمريكيا هذه المرة، فحتى البلدان التي اعتقدت الحكومة الأمريكية أنها أصبحت "في الجيب" ظهر من ردود أفعالها أنها ليست كذلك تماماً، وتبين أن الأرضية السياسية والنفسية لدى شعوب دول مثل التشيك وبولندا غير مهيأة للانخراط في الحرب الباردة، وفي الجانب الآخر هذه المرة، رغم موالاة زعمائها العمياء للسياسة الأمريكية، قد يكون هذا الأمر صحيحا قبل خمس سنوات، أي قبل أن تحول الحروب الأمريكية صورة أمريكا الى صورة منفرة، وتستقطب معارضة مغامراتها، بل وعنجهيتها، أوسع معارضة شعبية في أوروبا، وقبل أن تستيقظ دولة مثل روسيا والصين على حقيقة، أنه يتم قضم مجالها الجغرافي - السياسي اقتصاديا وعسكريا وأمنيا تحت حجة محاربة منظمة تدعى "القاعدة" أو أعداء تختلقهم المصالح الإسرائيلية - الأمريكية كيفما شاءت، وأين ما شاءت·

هذه الأيام التي تشهد فيها التصدي لسياسة الانفراد والحروب المتواصلة ليست وليدة لحظتها، وإنما هي نتاج تراكم سنوات ما يقارب العقدين، وسيكون مسار هذا التصدي عنوانا للسنوات القليلة القادمة، أي عنوانا لتفسيرات مهمة على المسرح الدولي والمسرح الإقليمي في أكثر من منطقة·

طباعة  

تحليل سياسي
أولمرت لا يستقيل.. و"فينوغراد" لا تطلب منه الرحيل
لماذا النطق بالحكم ...مع الامتناع عن العقاب؟