رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 2 مايو 2007
العدد 1772

حكايات وخواطر مازال ينقصها الكثير
نصوص إبداعية متواضعة في رابطة الأدباء

                                            

 

كتب آدم يوسف:

أحيا مجموعة من أعضاء منتدى المبدعين الجدد أمسية قصصية برابطة الأدباء، تعددت المشاهد السردية فيها وتنوعت أساليب القص، وإن كان يغلب على هذه القصص الطابع الحكائي التقليدي، فالمبدعون للشباب الذين استضافتهم الرابطة يكتبون القصة على سجيتهم دون اعتماد واضح على خلفية ثقافية ومعرفية، ودون لغة أدبية تنم وتكشف عن قراءات سابقة، وفي المجمل فإن هذه النصوص التي قدمت في الرابطة تبدو متواضعة للغاية، ولم نستطع من خلالها أن نستشف إبداعا قصصيا حقيقيا، والأمر ليس أكثر من حكاية يومية اعتيادية يمكن أن يسردها أي إنسان تلتقي به في المقهى أو الشارع أو مكان عام·

ويبدو أن المأزق الذي وقع فيه هؤلاء الشباب هو تصورهم أن السرد يكتب من أجل السرد فقط، والحكاية يمكن أن تقال، فقط لأنها حكاية، وليس من أجل أي شيء آخر، وربما غاب عن بال هؤلاء أن النص الإبداعي يحمل رؤية وتصورا معينا في الحياة، سواء كانت هذه الرؤية اجتماعية أو سياسية أو تاريخية، أو تحمل في مضمونها تصورا عبثيا يعمل على كشف المتناقضات في الحياة وفضح أسرارها·

لا نريد أن نقسو على هؤلاء الشباب وهم في أول الطريق، ولكن واقع عملنا في الصحافة الأدبية يفرض علينا أن نقدم الحقيقة واضحة، أو ما نراه أمامنا من جوانب وزوايا لا تخلو من ضعف وركاكة، فالنص الإبداعي يكشف عن نفسه وعن ثقافة كاتبه وليس هناك ما يمكن إخفاؤه، فالقراءة الجيدة تقدم إضاءات وإشراقات جيدة للمبدع والمتلقي على حد سواء·

ونصيحتي لهؤلاء الشباب هي القراءة والقراءة المكثفة، حتى تكتمل شخصيتهم الإبداعية، قبل التعجل في مشاركات أدبية ونشر نصوص مازال ينقصها الكثير·

يذكر أن الأمسية السردية كانت من تقديم الكاتب فهد توفيق حامد الذي قدم المبدعين الشباب بقوله: "يسعدنا أن نتعرف على أولى عتبات النص لدى شباب بدأوا أولى خطوات الإبداع فيما ترجموه من عوالمه الذاتية، وما رصدوه من عالمهم الأكبر·

نقدم لكم أسماء من جملة أسماء كثيرة شكلوا في طموحهم الشاب أجمل مشروع لتنمية الكاتب الكويتي منذ بدايته مع عالم الورق، فمنتدى المبدعين ومنذ بدايته أوائل القرن الحالي وإلى اليوم، يقدم أسماء ونصوصا  استطاعت أن تحجز لها حضورا مستمرا، معتمدين في ذلك على ثقة بأنفسنا وبمن تحمسوا وبادروا لرعايتنا لنؤكد أن المبدع لا يرضى لأحد غير نفسه ليكون معلما لها، وإلا باتت أفكاره المهضمومة سلفا مجرد أسفار تحمل"·

وقد شارك في الأمسية أربعة من كتاب القصة هم: عبدالعزيز الحشاش، هدى أشكناني، يحيى طالب، وحميدي حمود·

ويقول عبدالعزيز حشاش من قصة له تحت عنوان "هوس":

أم حسين جارتنا مهووسة بالنظافة لحد المرض·

منذ أن وعيت على الدنيا وأنا أرى جارتنا أم حسين تهتم بنظافتها بصورة غير طبيعية، فهي تغسل يديها بالماء والصابون كل ربع ساعة طول اليوم، وتنظف كل شبر من بيتها بكل ما تقع يدها عليه في الجمعية من أدوات التنظيف بمختلف أصنافها· في طفولتي وعندما كانت تأخذني أمي معها لزيارة أم حسين كانت لا تخرج من البيت إلا وقد أعطتني حماما ساخنا معقما حتى لا تبقى في جسدي ذرة واحدة من البكتيريا أو الجراثيم، كيف لا تقوم بذلك وهي التي ستزور أم حسين، المفتشة الرسمية عن أي أوساخ في حينا المليء بالقاذورت وحاويات القمامة المهملة على الأرصفة·

لم تكن أم حسين بذاك الثراء ولا بتلك الأناقة، ولكنها لا تستطيع أن تمنع نفسها من هوس النظافة الذي يشغلها ليل نهار· في مرة من المرات وأثناء انشغالها في تبديل ثياب صغيرها (حسين) بعد أن تبول على نفسه، وضعت حسين على السرير أمامها وأخذت تمسح بالفوطة المبللة بمعقم الأطفال جسده الصغير وهي تدندن، وفجأة·· لم يتمالك حسين نفسه وعلى ما يبدو أنه لم ينته من تبوله في المرة الأولى، فأكملها في المرة الثانية·· ولسوء حظ أم حسين أن المرحلة الثانية من تبول حسون الصغير أتت فيها!

 

غموض وشم

 

وتقدم هدى أشكناني نصا بعنوان: "غموض وشم" أقرب إلى الخاطرة منه إلى النص القصصي، فنحن نجد أمامنا تهويمات وتداعيات لحالة وجدانية ونفسية، تعتمد على إثارة للأسئلة التي تكشف غموض الحياة، تقول:

آثار خطوات تسري نحو غيمة باب، تسري؟ وكأنما حلمها مجرد نفح أو ربما سراب!

لست أدري···وليست الأماكن تقتنع بالكلمات، فتظل دوائر الشك دوما على ما يرام· ليس عجبا أن تسري الطفولة نحو الغيوم، ولكن أن تسمع أصواتا بيضاء هو ما يبعث الفضول! مسلسل النغمات بدأ عزفه من جديد والليل البارد ما يهوى السكون فيبعث في لحظات الهدوء جنونه··

يسألني هو الليل: "لماذا تشتكي مني النجوم؟"·

فتجيبه العينان، والعينان سحر وجنون: "أهي النجوم وحدها منك تشتكي؟"·

كل من يتسلل تحت عباءتك الباردة يفكر أن يشتكي··

ويبقى التساؤل والجواب عنه بعيد كما هي الأبعاد بين غيمة وردية وفقاعة شفافة في قعر بحر·

ماذا دهانا وآثار خطواتنا تمحي مع كل خطوة متقدمة؟! وكأنما تحذرنا من الرجوع···

يا ترى هل في الرجوع خطر؟ إنه مجرد غموض

كغموص خط يد أو ربما غموض وشم على ساق غجرية!

 

لوحة زرقاء

 

وقدم يحيى طالب نصين قصصين: الأول تحت عنوان: "لوحة زرقاء مبكرة جدا" والثاني تحت عنوان: "ورقة"·

ومن القصة لوحة زرقاء نسوق المقطع الآتي:

على الطرف الآخر البعيد، على الطرف الآخر الذي تحجبه الأشجار، على الطرف الآخر من مواقف السيارات في سوق شرق، قرب مركز سلطان، تقف سيارات قليلة في تلك الساعة المتأخرة· ولكنه يؤثر أن يركن السيارة في الطرف البعيد من مواقف السيارات قرب الجسر· والهدوء يخيم على البحر الأسود· البحر الأزرق·

 منظم· يخرج من السيارة بخطوات منظمة· أطفىء المكيف، زرا زرا· أخرج الشريط وأغلق المسجل قبل أن تتحول برمجة المسجل من الكاسيت إلى الراديو· أطفىء الأضواء، تك·· تك·· تذكر قبل أن يخطيء المحرك أن يكتب ما سيشتريه على ورقة صغيرة أحضرها معه·

 

صمغ باتيكس

 

ما كان بحاجة إلى ضوء ليكتب· وضع الورقة تحت الزجاج الأمامي وانحنى على المقود ليكتب بقلم رصاص مكسور طرفه· بقع من الضوء تملأ عينيه من تلك الخيوط البيضاء من عمود الإنارة·

حاول أن يتذكر الكلمات فلا يخطأ· ورقة واحدة فقط قلم رصاص مكسور بلا ممحاة ليمسح أي خطأ· ليمسح أي خطأ·

 

صمغ باتيكس

 

كتبها، وضع الورقة الصغيرة في جيبه العلوي· وضع قلم الرصاص في الكيس المعلق في فتحة المكيف على يساره· وبكل هدوء·· توقف للحظة! ارتعدت فرائسه لبرد داهمه فجأة· تابع بهدوء فتح باب السيارة· لجزء من أجزاء الثانية ظن أن هناك قوة خارقة للطبيعة تمنعه من فتح الباب· وبعد جزء آخر من أجزاء تلك الثانية الصغيرة جدا، اكتشف أنه - على غير العادة - لم يدفع الباب بقوة لثقله·

ثوان مؤلمة مرت مذ فتح الباب، يؤنب فيها ذاته كيف أنه اضطر لإعادة النظر في كمية الطاقة التي عليه أن يدفع بها إلى عضلات ذراعه اليسرى لفتح الباب·

وقد شارك حمدي حمود بنصين جاءا تحت عنوان: "أمامها" و"المربع"·

طباعة  

اشراقة
 
اصدارات
 
الكويت فى معرض تونس الدولي للكتاب
 
قصائد