رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 2 مايو 2007
العدد 1772

أولمرت للقادة العرب: هرولوا إلى التطبيع.. واتركوا عنكم المبادرة!

                                                

 

·         العرب تركوا للإسرائيلين والفلسطينيين الاتفاق على تفاصيل أي معاهدة سلام

·         رفض "حق العودة" بالنسبة للفلسطينيين يساوي إنكار المحرقة لليهود

 

بقلم هنري سيغمان*:

أسيء فهم مبادرة السلام العربية على نطاقع واسع، وأحيانا أسيء عرضها بشكل متعمد· فهذه المبادرة ليست خارطة طريق ترسم الخطوات، خطوة، خطوة، نحو التوصل إلى اتفاق بين إسرائيل والفلسطينيين، كما أنها لا تطالب إسرائيل بالقبول المسبق لشروط عربية أو فلسطينية·

إنها لا تقدم إطارا لمفاوضات السلام غير ذلك المحدد بالفعل في خطة "خارطة الطريق" التي تزعم إسرائيل أنها تؤيدها تماما، وهي العودة إلى حدود ما قبل عام 1967 كأساس للتفاوض على أية تغييرات في الحدود، إن كانت هناك مثل هذه التعديلات· والإقرار بالقدس الشرقية عاصمة الدولة الفلسطينية التي ستقوم في الضفة الغربية وغزة، وحل مشكلة اللاجئين·

والمفاوضات حول هذه القضايا الرئيسة الثلاث ليست من صنيع المملكة العربية السعودية أو جامعة الدول العربية· إنها تمثل الأساس المقبول دوليا لمفاوضات السلام، والتي قال، حتى جورج دبليو بوش، وكونداليزا رايس، إنه ليس بوسع إسرائيل تغييرها من جانب واحد·

ولكن الشروط التفصيلية لأي اتفاق سلام فقد تركتها المبادرة العربية لطرفي الصراع للاتفاق عليها بأنفسهم، وأي اتفاق يتوصلان إليه سيكون مقبولا لرعاة المبادرة·

ويرى القادة العرب في طلب إيهود أولمرت عقد اجتماع معه "لتوضيح" المبادرة بأنه وسيلة لتطبيع العلاقات دون تقديم أي شيء للفلسطينيين في مقابل ذلك·

ومما أكد مخاوف العرب قول أولمرت في إحدى المقابلات الصحافية إنه لو نجح في عقد لقاءات مع الزعماء العرب، فستكون إسرائيل قد حققت خطوة هامة باتجاه اعتراف كل الدول العربية بها· ولهذا السبب رفض العرب اقتراح أولمرت·

إن قبول إسرائيل بالمبادرة العربية لن يحد من قدرتها على حماية مصالحها الحيوية أثناء المفاوضات مع الفلسطينيين، فقد أكد المسؤولون السعوديون عام 2002 أن مبادرتهم لا تستبعد إجراء تعديلات طفيفة على الحدود من خلال الاتفاق الثنائي، لأسباب أمنية ومن أجل تمكين إسرائيل من ضم التجمعات السكانية الكبرى في المستوطنات المحاذية للخط الأخضر· وهذا لن يشمل أكثر من 2 في المئة من فلسطين مقابل مساحة مساوية من الأرض على الطرف الإسرائيلي من الحدود·

 

بداية غير طيبة

 

كما أن كون القدس الشرقية عاصمة للدولة الفلسطينية لا يلغي السيادة الإسرائيلية على حائط المبكى والأحياء اليهودية في القدس الشرقية· وقد أكد هذه التوضيحات السعودية للمبادرة مسؤولون أمريكيون وسعوديون رفيعو المستوى في الحادي والعشرين من فبراير 2002·

إن إعلان أولمرت في إحدي مقابلاته الأخيرة بأنه لن يسمح لـ"لاجىء فلسطيني واحد" بالعودة إلى منزله داخل إسرائيل، يفتقر إلى الرحمة والحكمة· فأولمرت يدرك أن المبادرة العربية تطالب بحل لمشكلة اللاجئين يحظى بقبول من جانب إسرائيل· كما أنه يعرف أيضا أن جامعة الدول العربية رفضت في عام 2002 مطالبات من العديد من الدول العربية أن تتضمن المبادرة تأكيدا على "حق العودة"، وهذا ما فعلته أيضا، في قمة الرياض في شهر مارس الماضي·

إن إصرار أولمرت على حذف أية إشارة إلى قرار مجلس الأمن رقم 194 والذي لا يذكر "حق عودة" اللاجئين، لا يمثل بداية طيبة· فحتى الفلسطينيين والذين يتفقون على أن معظم اللاجئين سيتم استيعابهم في الدولة الفلسطينية الجديدة، لا يقبلون بإسقاط الإشارة إلى قرار الأمم المتحدة المذكور في المبادرة، والذي يشير إلى مسؤولية إسرائيل الأخلاقية عن تشريد الفلسطينيين من ديارهم في حرب عام 1948·

فالمؤرخون الإسرائيليون أكدوا، بما لا يدع مجالا للشك، وجود هذه المسؤولية بالفعل· إن إقرار إسرائيل بهذه المسؤولية - حتى لو وجود أن من غير الممكن السماح بعودة اللاجئين، إلا في حدود أرقام رمزية من اللاجئين - هو مطلب لا يقل أهمية بالنسبة للفلسطينيين، من مطالبة اليهود بعدم إنكار تعرضهم للاضطهاد والقمع·

إذن، لا وجود لأي أساس لرفض إسرائيل لبمبادررة العربية· وإذا أضاع أولمرت، بعد أربعين عاما من الاحتلال وانتفاضتين والكثير من المعاناة وسفك الدماء من كل من الفلسطينيين والإسرائيليين، هذه الفرصة لتطبيع علاقات إسرائيل بالعالم العربي كله، فإن التفسير الوحيد لذلك سيكون عندئذ، أنه يعتقد أن وصول عملية السلام إلى طريق مسدود يخدم مصالح إسرائيل أفضل من التوصل إلى اتفاق سلام·

 

* مدير مشروع الولايات المتحدة/ الشرق الأوسط والأستاذ في كلية الدراسات الشرقية والأفريقية في جامعة لندن

عن: انترناشيونال هيرالدتربيون

طباعة  

وقود الإيثانول البرازيلي:
نعمة للشركات الكبرى ونقمة على الفقراء