رئيس التحرير: عبدالله محمد النيباري صدر العدد الاول في 22 يونيو 1962 الأربعاء 2 مايو 2007
العدد 1772

إيفو موراليس مع ورقة الكوكا الخضراء
آباؤنا وأمهاتنا لا يعرفون متى ولدوا!

              

 

وقف الرئيس البوليفي "ايفو موراليس" على منصة الأمم المتحدة في دور انعقادها العادي في سبتمبر من العام 2006، حاملاً ورقة كولا خضراء، وأقسم أنه لن يخضع أبداً لضغوط الولايات المتحدة لتحريم زراعة أشجار الكوكا· في ما يلي مقتطف من لقاء أجرته معه المؤسسة الإعلامية الأمريكية "الديمقراطية الآن"، يتحدث فيه عن ورقته الخضراء، وعن بعض مما يقوم به الآن في بوليفيا كأول رئيس منتخب ينتمي الى السكان الأصليين في تاريخ بلده·

·   آمي جودمان: السيد الرئيس ايفو موراليس أهلاً بك في قناة الديمقراطية الآن وفي الولايات المتحدة، لماذا جلبت معك ورقة شجرة كوكا الى الأمم المتحدة؟

·    الرئيس ايفو موراليس: أولاً شكراً على دعوتي للحديث معكم اليوم· هذه هي المرة الأولى التي أكون فيها في هذا البلد، الولايات المتحدة· وبما أن ورقة الكوكا اتهمت دائما بأنها مخدر، فقد جئت بالورقة لأظهر أن ورقة الكوكا ليست مخدرا، ورقة شجرة الكوكا خضراء وليست بيضاء، إذن جئت لأظهر أن ورقة الكوكا ليست مخدراً ويمكن أن تكون مفيدة للإنسانية· هذا هو سبب وجودي في أول جلسة انعقاد عادي للأمم المتحدة مع ورقة كوكا· ولو كانت مخدراً لتم اعتقالي بالتأكيد· لقد بدأنا حملة لإعادة الاعتبار لورقة الكوكا تبدأ بنزع الصفة الإجرامية عنها·

·   آمي جودمان: كيف يمكن استخدامها لأغراض مفيدة؟ لماذا هي بالنسبة لكم في بوليفيا على هذا الجانب الكبير من الأهمية؟

·    الرئيس ايفو موراليس: ورقة الكوكا جزء من الثقافة· هناك استهلاك مشروع، استهلاك تقليدي، يدعى "بيكتشيو" في بوليفيا، و"تشاكتشيو" في البيرو، و"إل مامبيو" في كولومبيا، وكلها تعني المضغ التقليدي للكوكا· بالإضافة الى أن هذا الاستهلاك التقليدي المتوارث تدعمه أبحاث علمية جرت في جامعات أوروبا والولايات المتحدة· ومنذ وقت قريب جاءت دراسة من جامعة هارفارد تقول إنها مغذية الى حد كبير، وإنها مصدر جيد للتغذية، وأنها يمكن أن تستخدم، ليس عن طريق مضغها فقط، بل ويمكن أن تُؤكل أيضاً· وأظهرت آخر دراسة لمنظمة الصحة العالمية بوضوح بأن ورقة الكوكا لا تؤذي الناس·

هناك استخدام طقسي أيضاً للورقة في ثقافة "آيامارا" على سبيل المثال، حين تطلب فتاة للزواج، تلعب ورقة الكوكا دوراً مهماً في ذلك الطقس· ويمكننا أن نتحدث أيضاً عن عدد من المنتجات الصيدلية التي تشتق من ورقة الكوكا أو تنتج منها· وقبل خمس أو ست أو سبع سنوات، كانت هناك شركة أمريكية اعتادت المجيء الى "تشابيري" لشراء الكوكا وتصديرها الى الولايات المتحدة من أجل صناعة الكوكا كولا· ويمكننا أن نفكر بالعديد من المنتجات الصناعية التي يمكن أن تشتق من ورقة الكوكا وتكون مفيدة للإنسانية·

·    خوان غونثاليت: سيدي الرئيس، اعتاد الناخبون هنا في الولايات المتحدة على قادة يعدون بالكثير، ولكن حين يصلون الى المنصب يقدمون القليل جداً· أنت منذ أن أصبحت رئيساً في بوليفيا، تحركت بسرعة لإحداث تغييرات، خفضت راتبك، ورفعت الحد الأدنى للأجور بنسبة 50 في المائة· ما هي الرسالة التي تحاول إرسالها الى شعبك والى زعماء أمريكا اللاتينية بعامة؟

·         الرئيس ايفو موراليس:

لم أرغب أبداً أن أكون سياسياً· ففي بلدي يُنظر الى السياسيين على أنهم كذابون ولصوص ومتعجرفون· في العام 1997 حاولوا دفعي للترشح للرئاسة، فرفضت الفكرة، رغم أن هذا الرفض جلب علي مشاكل مع منظماتي الشعبية، وتعهدت بعد ذلك بأن اتقدم لأصبح عضواً في البرلمان، وحتى آنذاك لم أرغب بهذا أيضاً· لقد فضلت أن أكون رأس فأر على أن أكون ذيل حصان· أعني فضلت أن أكون رأس منظماتي الشعبية مدافعاً عن حقوق الإنسان وحقوق أعضاء هذه المنظمات، ولا أنخرط في عمليات انتخابية سياسية ثم أنتهي الى عدم تحقيق ما وعدت به· ولكن ما تعلمته في تلك الفترة في العام 1995 والعام 1996 والعام 1997، هو أن الانخراط في السياسة يعني تحمل المسؤولية، يعني طريقة نظر جديدة الى السياسة كخدمة للناس، لأن الانغمار في السياسة يعني الخدمة· وبعد الإصغاء للمطالب، المطالب الواسعة لمنظماتنا الشعبية، قررت أخيراً خوض انتخابات الرئاسة· في الانتخابات الأخيرة كان لدينا برنامج من عشر نقط، ومن هذه النقط حققنا ستاً حتى الآن· الإجراءات التي أشرت إليها في سؤالك، من أنني خفضت راتبي بنسبة تزيد على 50 في المائة، ورواتب الوزراء أيضاً، وكذلك أعضاء البرلمان، وتم توجيه الأموال الى الصحة والتعليم، جاءت من قناعتي بفكرة أن الوصول الى الرئاسة يعني أنك في هذا المنصب لخدمة الشعب· وقلنا إننا ماضون نحو إجراء استفتاء على الإدارة الذاتية، إدارة ذاتية أوسع للأقاليم، وفعلنا هذا· نسبة 58 في المائة من السكان قالوا لا لتوسيع الإدارة الذاتية، رغم أن من المهم تأمين المزيد من الإدارة الذاتية للأقاليم ولتجمعات السكان الأصليين·

وقلنا إننا سنؤمم قطاعي النفط والغاز· وفعلنا هذا من دون طرد أو مصادرة أي شركة· قلنا من المهم أن يكون لدينا شركاء لا رؤساء، وفعلناها· من حق المستثمرين أن يوظفوا استثماراتهم ويحصلوا على أرباح معقولة، ولكن لا يمكن أن نسمح بنهب البلد، ولا تستفيد سوى الشركات وليس الشعب· لتوي جئت من لقاء مع محللين سياسيين· محللين للسياسة الخارجية هنا، ويبدو أنهم يفهمون أهدافنا·

النضال ضد الفساد قضية رئيسية في بلدي أيضاً، وقد بدأنا هذه الحملة بشدة، بادئين بأفراد السلطة التنفيذية·

وما زال قطاع القضاء لا يسير مع هذه العملية· واستطيع الحديث كثيراً عن الأشياء الأخرى التي نفعلها لتلبية المطالب التي تجمعت لدينا عبر الزمن· مراكز الجراحة وطب العيون على سبيل المثال، ومحو الأمية الذي نقوم به·

واحدثنا تقدماً أيضاً نحو إعطاء الناس وثائق قانونية، وهي أمر لا يمتلكه سكان البلد الأصليون في غالب الأحيان، وهذه مشاكل اجتماعية عاشتها أسرتي، أمي على سبيل المثال، لم تكن لديها هوية أبداً، هي لا تعرف متى ولدت، وهناك حادث يتعلق بوالدي، فذات يوم وجدت بطاقة هويته وكان فيها تاريخ ميلاده· وقلت لأختي "استير" جيد، دعينا نقيم حفلة عيد ميلاد، فنحن الآن نعرف تاريخ ميلاد والدنا، وأسعدها هذا الأمر ووافقت، وقلنا لوالدنا، سنقيم لك حفلة عيد ميلاد، ولكنه قال إنه لا يعرف تاريخ ميلاده·

فقدمنا له بطاقة هويته، فقال بمرارة "ذلك تاريخ ميلاد اخترعته حين طلبت للجندية"· أبي لا يعرف متى ولد· وحين كنت في تجمع سياسي كبير في العام 1999 خلال حملات الانتخابات البلدية، وطلبت من الحاضرين أن يرفعوا أيديهم، وسألت "من الذي يريد التصويت؟"، رفع ثلثا الحاضرين أيديهم، ولم يرفع الثلث الباقي أياديهم، فقلت "ما الذي جرى·· ألن تصوتوا لايفو موراليس؟" عندئذ قالوا جميعاً "ليست لدينا بطاقات هوية·· نحن لا نملك أوراقاً ثبوتية"!

وجاء إليّ أحد الرفاق وقال لي وهو يكاد يبكي: "هؤلاء الناس يظنون أنني لست نافعاً إلا لشيء واحد هو رفع يدي أو الموافقة، ولكنني لست مؤهلاً للتصويت"·

كان من شمالي بوتوسي، من الأراضي الجبلية· إنه لم يعرف متى ولد، ولا يملك شهادة ميلاد· هذا هو نوع من المشاكل هنا، ولكن بمعونة بعض البلدان تلقينا المساعدة، ونستطيع إعطاء الناس وثائق تجعلهم مواطنين كاملي الأهلية· 

عن موقع

 www.democracynow.org

طباعة  

ما هو الإدراك النثري.. ما هو الإدراك الشعري؟
فكرة لغة تنتشل الأشياء من العادي والمألوف