كتب فراس حسين:
أوضح عضو مجلس الأمة أحمد المليفي أن الأسباب التي تعيق عمل النائب في مجلس الأمة كثيرة منها: طبيعة العلاقة بين السلطتين في المجلس وتعطيل الحياة الديمقراطية، وكذلك تحول النائب من نائب طرح إلى نائب خدمات بالإضافة إلى طبيعة النظام الانتخابي الذي يعتمد على ترشح الفرد دون برنامج انتخابي حزبي كلها أسباب تساهم بإعاقة أداء النائب لمهامه أيضا، مؤكدا أنه يجب أن يكون للديمقراطية جناحان حتى تستطيع أن تحلق، وهما حرية الصحافة والنظام الحزبي·
وفي الندوة التي أقامتها الجمعية الثقافية النسائية ضمن دوراتها التدريبية التي تقيمها بالتعاون مع صندوق الأمم المتحدة الإنمائي للمرأة وفريدوم هاوس، والتي كانت تحت عنوان "المعوقات التي تحول دون إنجاز عضو مجلس الأمة" تحدث المليفي مبينا إنه يجب معرفة ما هو دور النائب لقياس أدائه، كما يجب أن نعرف ما هو مفهوم الديمقراطية، وهل هي مجرد اختزال خلال أربع سنوات، تتم بالانتخابات فقط؟ فما سبق ذكره عبارة عن صورة فقط من صور الديمقراطية، أما الحقيقية منها فهي المرتبطة بالتنمية، لأنها هي مساحة الحرية المتروكة لكل مواطن يملك الإبداع في المجتمع· ونتيجة للوضع الديمقراطي الذي يسمح لوصول هذا المواطن، إلى المناصب القيادية· وإذا تميز المبدعون في كل مجتمع واستطاعوا أن يصلوا من خلال النظام الديمقراطي إلى إدارة البلد، يتطور البلد وتتحقق التنمية، وذلك هو النظام الديمقراطي الذي فيه العدالة والمساواة، لذا نجد ديمقراطيه الدول المتطورة مرتبطة بالتنمية فيما ديمقراطية الدول المتخلفة عبارة عن دكتاتورية جديدة·
وأكد المليفي أن دور عضو مجلس الأمة الرئيسي هو دور تشريعي ورقابي حيث يشرع القوانين لتطوير المجتمع، ويراقب السلطة التنفيذية في تطبيق هذه القوانين وتطبيق الديمقراطية التي من أجلها تتحقق التنمية التي لن تتحقق إلا من خلال العدالة والمساواة والشفافية، وإذا ما قصر العضو في هذين الدورين الرئيسيين، نجد أن دوره وممارسة أدائه في المجلس قد اختلا·
وبين المليفي أن أهم أسباب اختلال دور العضو في المجلس هو طبيعة العلاقة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، حيث قال: منذ دخولي المجلس - على سبيل المثال - في سنة 96 ونحن نعيش في قلق، كما كانت الحال قبل الغزو، نراها في مجلس و"ترك"··· وتعطلت الحياة الديمقراطية تعطل غير دستوري، وكل ذلك نتيجة لوجود أشخاص سواء داخل مؤسسة الحكم أو خارجها غير مقتنعين بالنظام الديمقراطي·
ومن جهة أخرى نجد أن المعارضة متمسكة بالنظام الديمقراطي، وتشكل دائما الأقلية في المجلس، لكن ومن خلال قدرتها وارتباطها بالشارع الكويتي استطاعت أن تكشف مواطن الخلل والفساد والتطاول على المال العام، وبالتالي لا يسعد - محاربو الديمقراطية - بوجود ديمقراطية تكشفهم، فهم يريدون التحرك بحرية، ولديهم القدرة على الوصول لأصحاب القرار، كما لديهم القدرة الإعلامية، حيث - على سبيل المثال - عندما يخطئ عضو من مجلس الأمة تراهم يهاجمونه إعلاميا، فالجميع يخطئ وتجب محاسبة المخطىء، لكنهم يوجهون اتهامهم إلى الديمقراطية بأسرها، ويقولون : هذه هي الديمقراطية، حيث يربطون أخطاء الناس بها، ويكرهون الشارع فيها·
وأوضح المليفي أنه يجب الفصل بين الممارسة وبين الهدف والمبدأ، فالمبدأ الديمقراطي مبدأ سليم وراق يحقق التنمية، أما ممارسة الديمقراطية فقد تقع في الخطأ، وقد تنحرف، ويمكننا المناقشة حول الممارسة لكن لا يمكننا ذلك حول المبدأ·
وبين المليفي أن هناك من اتهم الديمقراطية بإيقاف التنمية، على أنه أثبت أن جميع إعاقات التنمية قد تمت خلال مراحل حل مجلس الأمة، من أزمة المناخ، والغزو العراقي، وسرقات المال العام الضخمة·
وأوضح أن ذلك الفكر هو ضد العمل الديمقراطي ونجده في السلطة التنفيذية وحولها، وهو يثير المشاكل الجانبية لعرقلة العملية الإصلاحية، للإيقاع بين الناس بهذه القضايا وإبعادهم عن القضية الإصلاحية الرئيسة·
وبين أن الإصلاحيين من أعضاء مجلس الأمة بدؤوا يشعرون بنفس إصلاحي من قبل الحكومة الجديدة، وخلال مقابلتهم الأخيرة لسمو الأمير، بينوا له أن البلد إذا أراد أن يفتح صفحة الجديدة، فيجب أن تكون خطة التنمية الاقتصادية والاجتماعية، فلا يمكن أن يسير البلد بلا خطه، وذلك ما نص عليه القانون رقم 60/86، وللأسف تسير بلادنا منذ سنة 86 دون خطة·
وأكد المليفي أنهم سعداء بالنفس الإصلاحي، لكن يجب أن يكون مبنيا على خطة واضحة تكون بمثابة مسطرة يستطيعون بها قياس الأداء والإخفاق، وبالتالي يحكمون على من أنجز بالاستمرار، ومن أخفق بوجوب الرحيل·
وأوضح أن من أسباب إعاقة النائب عن أداء مهامه في المجلس أيضا، هو تحوله من نائب طرح إلى نائب خدمات، ويعود جزء منه إلى السبب الأول، وهو عدم القناعة بالديمقراطية، وبالتالي تتم عرقله أعمال المواطنين ليلجؤوا إلى النائب، وعلى إثره يصبح النائب عبدا لمن أنجز له خدمات المواطنين·
وأكد أن هؤلاء الأعضاء ينجزون الخدمات بضريبة على المجتمع، ويقفون كذلك ضد عمليه الإصلاح، وهناك قضايا كثيرة تجنب الأعضاء خوضها بسبب مصالحهم مع الوزراء·
وبين أن من أسباب إعاقة النائب عن أداء مهامه داخل المجلس طبيعة النظام الانتخابي في البلد، حيث انه نظام فردي، فقال عندما نرشح أنفسنا - كأفراد للمجلس- لا نملك برنامج انتخابي، بل أفكار ورؤى، فمن الصعب وضع برنامج انتخابيا لأفراد خصوصا إذا كان عضوا به من خمسين عضوا في المجلس، وبالتالي من السهل عدم موافقة المجلس على مشروع قانون أو فكرة يطرحها العضو "الفرد"·
وأكد المليفي انه يجب أن يكون للديمقراطية جناحان حتى تستطيع أن تحلق، وهما حرية الصحافة والنظام الحزبي، فمهما كان الاختلاف أو التخوف من إباحتهما، فلابد منهما لنظام ديمقراطي متكامل، وتكمن فائدتهما في بناء مواطن يعرف التعامل مع الرأي الآخر دون إلغائه، ويعزز القدرة على فهم معنى الحرية·
وشدد المليفي على أن تطور العملية الديمقراطية يتم بوجود نظام حزبي، موضحا أن النظام الحزبي سيتيح للمراقب معرفة قياداته وتمويله، كذلك معاقبته إذا أخطئ كحزب كامل، على عكس ما يحصل الآن في التكتلات·
وبين المليفي أن ما يقوم به الأعضاء الآن هو تبرئة ذممهم بالمقترحات التي يقدمونها بحجة عدم موافقة المجلس عليها، كونهم قدموها كأفراد ليصبح الأمر براءة ذمة وليس بأداء مهمة·