· مجلة البيان ستشهد تحولات كبيرة في الطباعة والصياغة والمضمون
· القيود الاجتماعية تحد من حرية العمل الأدبي وتعيق المبدع
· نحن نعيش زمن الرواية ليس في الوطن العربي فحسب وإنما في أوروبا أيضا
· نسعى للحصول على مساعدات من القطاع الخاص، وتطوير أداء الرابطة
حاوره المحرر الثقافي:
في أول حديث له بعد حصول قائمته على ثقة الجمعية العمومية لأدباء وأديبات الكويت، وتوليه منصب الأمانة العامة أكد الأديب الروائي حمد عبدالمحسن الحمد أن الأسلوب الذي يتبعه مجلس الإدارة الجديد، هو الأخذ بالرأي الجماعي وعدم إهمال أو إغفال أحدا، طالما هو يأتي برأي يخدم الثقافة، ويصب في مصلحة الكتابة الإبداعية، وحول عملية الانتخابات والآلية التي سرت فيها والنتائج التي ترتبت عليها قال الحمد: كانت الانتخابات في السابق تقوم على الترشيح الفردي، ولكننا في هذه الدورة ارتأينا أن ننزل بقائمة منوعة تشمل جميع العناصر والفئات، لذلك نجد مجلس الإدارة الجديد مطعما بعناصر نسائية، وبعض الوجوه الشابة من الجيل الجديد، وفيما يتعلق بمجلة "البيان" الصادرة عن رابطة الأدباء أشار الحمد إلى أن هذه المجلة ستشهد تحولات كبيرة، سواء من حيث الطباعة والشكل أو المضمون، مما يتيح لها الفرصة كي تكون منافسا جيدا للمطبوعات، والمجلات الأدبية الأخرى·
يذكر أن الأديب الروائي الحمد قد أصدر أكثر من ثمانية مؤلفات، منها أعمال روائية قد حظيت بقبول كبير، مثل:(مساحات الصمت 1999)، و(زمن البوح 1997)، و(الأرجوحة 2002)، وهي الرواية التي تحولت إلى عمل درامي·
وحول سؤال عن العمل الروائي في الكويت ومنطقة الخليج وتقنياته المحدثة ألمح الحمد إلى أن الرواية تحتاج إلى الكثير من الحرية الأمر المفقود لدينا· فالمعوقات الاجتماعية والسياسية والقبلية التي تقف أمام المبدع تحد كثيرا من حريته، ولا تتيح له المساحة الكافية لكتابة حرة وصادقة·
· بعد الانتخابات الأخيرة وفوزكم بثقة أدباء وأديبات الكويت، هل من خطط وتصورات معينة لعمل ثقافي جديد ومختلف؟
- نشكر الجمعية العمومية التي منحتنا هذه الثقة، وفيما يتعلق بالعمل الثقافي، بكل تأكيد هناك الجديد، فقد وضعت القائمة الحائزة على الثقة برنامجا محددا حتى قبل الفوز، يتمثل هذا البرنامج في تفعيل دور الرابطة داخليا وخارجيا، وكذلك خلق نوع من التفاعل والتواصل بين الرابطة والمؤسسات الرسمية في الدولة، سواء كانت حكومية، أم أهلية، وأيضا هناك طرح جديد يتمثل في سعي الرابطة للحصول على مساهمات من القطاع الخاص، أو من الأفراد لدعم الثقافة، وهناك نظرة جديدة فيما يخص مجلة "البيان" الصادرة عن الرابطة فهذه المجلة لها تاريخ طويل وعريق، ومضى على وجودها أكثر من أربعة عقود، فنحن نهدف إلى تطوير وتحديث المجلة، بحيث تواكب التطور الحاصل في الإصدارات الثقافية، من حيث الطباعة والشكل والمواد الثقافية والأدبية التي تحويها، فهذه المجلة هي الوسيلة أو القناة لتقديم صورة جيدة عن الثقافة والتيارات الفكرية في الكويت، فنحن تركيزنا سيكون على الأدب الكويتي، ومن ثم الخليجي، وذلك لإعطاء صورة واضحة عن المجتمعات الخليجية فيما يخص العمل الثقافي، ومدى مساهمة الأفراد والجماعات·
ويهدف مجلس الإدارة الجديد كذلك إلى خلق نوع من جسور التعاون والترابط بين الكويت، واتحادات الأدباء الأخرى في الوطن العربي·
· رأينا مجلس الإدارة الجديد مطعما ببعض الوجوه الشابة، فما رؤيتكم لهذه المسألة؟
- في الانتخابات السابقة للرابطة كان النزول فرديا، كل شخص ينزل بمفرده، وكان هناك شبه غياب لفئتي النساء والشباب، في هذه المرة ارتأينا أن نتقدم للانتخابات بقائمة كاملة تحوي جميع الفئات، وكذلك الأعمار المختلفة، والحمدلله تحقق لنا النجاح بهذه القائمة التي رأيتموها تشمل جميع العناصر المشار إليها·
وبتفاعل هؤلاء الشباب وحماسهم نسعى إلى تقديم الجديد والمختلف، وقد بدأنا الإعداد الفعلي لتطوير مجلة "البيان"، وكذلك قمنا بتأسيس لجنة الإعلام والعلاقات العامة، وهي تهدف إلى تطوير الأداء الإعلامي مع الصحف اليومية، والقنوات الإعلامية الأخرى في الدولة، وذلك بهدف اطلاع المجتمع على الدور الفعلي للرابطة·
· وماذا عن "كتاب الرابطة" وهو الإصدار الدوري الذي دار حوله كثير من الاحتجاج، بدعوى أنه يحابي أشخاصا معينين من الرابطة على حساب آخرين، هل لديكم تصور معين لتجاوز هذه المسألة؟
- نحن نسعى في مجلس الإدارة المنتخب لخلق أسلوب جديد، يتبنى الرأي الجماعي، فيما يخص قضايا النشر، وخاصة كتاب الرابطة، فعندما نرى أمامنا كتابا جديدا مرشحا للنشر، سوف نناقشه من جميع الجوانب، لنرى ما إذا كان يستحق النشر أم لا، وما إذا كان هناك كتاب آخر هو أولى بالنشر، لأن هذا الإصدار في نهاية الأمر يحمل اسم الرابطة، ولابد أن يكون كتابا جيدا، وبالنسبة لمجلس الإدارة السابق، لا نستطيع أن ننكر جهدهم في هذا الجانب، ونحن نكمل الطريق الذي كانوا قد بدأوه، ولكن بأسلوب ربما يكون مختلفا· والرابطة ترحب بجميع الآراء، حتى وإن كانت منتقدة لنا، فهذه الظاهرة صحية، وتدفعنا دائما إلى تقديم الأفضل·
· ننتقل إلى الجانب الإبداعي، وباعتبارك أحد المبدعين الروائيين، ما رأيك في مستقبل الرواية المحلية والخليجية؟
- ما يبشر بالخير هو وجود أعمال روائية جادة، خاصة من فئة الشباب، ويكفي أن نشير إلى فوز الزميلة الكاتبة بثينة العيسى بجائزة الدولة التشجيعية، وهذه المبدعة الشابة على الرغم من أنها لم تخض غمار العمل الأدبي إلا منذ وقت قصير، إلا أنها حققت إنجازا كبيرا، سواء على المستوى المحلي أو الخارجي، وهي بحاجة إلى مزيد من الدعم الإعلامي، لإبراز صورتها المشرفة، داخل الكويت وخارجه، وهناك أعمال أخرى للإخوة الشباب، بحاجة إلى مزيد من التشجيع أيضا·
· هل نعيش الآن زمن الرواية؟
- نعم هذا صحيح، والدليل على ذلك أوروبا، وليس العالم العربي فقط، ففي المملكة المتحدة (بريطانيا) مثلا كتب الشعر محدودة، وقليل جدا من الناشرين يقبل بنشر كتاب للشعر، سمعت ذلك في مقابلة تلفزيونية لروائية عربية تعيش هناك، والسبب في ذلك في تصوري أن الرواية هي حياة كاملة، والكاتب يدخل فيها زوايا واتجاهات مختلفة، ويقدم من خلالها قضايا كثيرة تهم الناس جميعا، وليس شريحة واحدة، ومشكلة الشعر أن الشاعر يبين وجهة نظره الخاصة، كما أن هناك قضايا كثيرة من الصعب طرحها ضمن قصيدة محدودة، يضاف إلى ذلك أن اللغة التي تكتب بها القصيدة ربما تكون صعبة على المواطن العادي، وتحتاج إلى متلق متخصص وعلى درجة عالية من الثقافة، فنستطيع أن نقول في الوقت الراهن إن الشعر لم يعد ديوان العرب، بل الرواية هي ديوان العرب، ونستطيع أن نتأكد من ذلك إذا نظرنا حولنا إلى المملكة العربية السعودية، وكذلك الطفرة الروائية الحالية في الكون·
· بما أن الحديث قد تطرق إلى المملكة السعودية، فمن الملاحظ من حيث التقنية الروائية أن روائيين سعوديين كثر يستعينون بالبيئة السعودية، للحديث عن أحلام الإنسان السعودي البسيط، وأمنياته، ووكذلك عاداته، وتقاليده، ما رأيك في ذلك؟
- في اعتقادي أن الهدف من كتابة رواية ما هو تقديم قضية واقعية ومعاشه، وليس من الممكن أن يقدم الكاتب حياة مجتمع ما في اليابان مثلا وهو يعيش في السعودية أو الكويت، وليس هناك أحد يأخذها محمل الجد، فمن المفترض أن كل مبدع يقدم نفسه ومجتمعه، والرواية بذلك تمثل حالة محددة، وهي أداة للتواصل بين الشعوب، والأمم الأخرى تقرأ أدبنا لتعرف حالنا، وطريقة حياتنا، وكذلك أسلوب تفكيرنا، فعن طريق الرواية نتغلغل إلى داخل المجتمعات الأخرى، والعكس صحيح، فإذا أتيحت لي فرصة لقراءة رواية تونسية، فإني أجد أمامي وسيلة جيدة لاكتشاف المجتمع التونسي، حتى وإن لم أسافر إلى هناك· ومن الروايات الناجحة في هذا المجال، رواية عمارة يعقوبيان، لعلاء الأسواني، لأنها تقدم صورة صرحية لما يدور داخل المجتمع المصري·
· من خلال معايشتك للمجتمع الكويتي والخليجي، ما مدى الحرية المتاحة أمام المبدع، لتناول القضايا المهمة والحساسة·
- قضية حرية المبدع لا تخص المجتمع الكويتي أو الخليجي فقط، وإنما تتوسع لتشمل كل أقطار الوطن العربي، فمجتمعاتنا العربية في جملتها هي مجتمعات محافظة، والإبداع يحتاج إلى حرية مطلقة، تحددها القوانين، وليس العادات والتقاليد أو الأعراف الاجتماعية ولهذا نجد الرواية منتشرة في أوروبا أكثر من أي مكان آخر، وفي فرنسا وحدها تصدر في السنة الواحدة أكثر من سبعمئة رواية، ومشكلة المجتمعات الخليجية أنها مجتمعات محافظة، فبالإضافة إلى قوانين الحكومة المدونة والمعروفة، نجد قوانين اجتماعية غير مدونة، خاصة بالأسرة، أو القبيلة، أو الجماعات السياسية الموجودة في البلد، وهذه كلها عناصر تقيد حرية الإنسان، وتحد من حالة الإبداع لديه، لهذا نجد الأعمال الإبداعية التي تصدر في هذه المنطقة هي أقل من نظيراتها، سواء في العالم العربي أو المجتمعات الغربية، وما نجده أمامنا من أعمال هي المتاح الفعلي لواقع الكتابة فهذه الأعراف والقيود يفترض أن يتخلى عنها الإنسان، لصالح العمل الروائي، ولكن يبدو أننا لم نصل إلى هذه المرحلة بعد، أو ربما ليس هناك العدد الكافي من الروائيين الذين لديهم المقدرة لكسر هذه القيود وتجاوزها· وبالطبع هناك روائيون يحتالون على الرقيب في مجتمعاتهم من خلال نشر هذه الأعمال في مجتمعات أخرى أكثر مرونة من حيث الحرية الفنية·